شبكات قادرة على الحياة.. لماذا يصعب تفكيك الإمبراطورية المالية لحماس؟
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
بينما تواصل إسرائيل التأكيد على هدفها المعلن في غزة بالقضاء على حركة حماس بشكل نهائي، يشير تحليل لمجلة "الإيكونوميست" إلى أن تحقيق ذلك "إلى الأبد" لا يقتصر على العمليات العسكرية على الأرض فحسب، بل يتطلب "تفكيك القاعدة المالية للحركة"، وهي التي تشكل ركيزة لنشاطها في داخل القطاع وخارجه.
لدى حماس ثلاثة مصادر للقوة، وفق المجلة الأميركية: قوتها المادية داخل غزة، ومدى وصول أفكارها ودخلها، وتوضح أن "الإمبراطورية المالية لحماس المجهزة بغاسلي الأمول وشركات التعدين وأشياء كثيرة أخرى تدر أكثر من مليار دولار سنويا".
وبعد أن تمت رسم وصياغة هذه الإمبراطورية "بشق الأنفس" لتجنب العقوبات الغربية قد يكون الأمر بعيد المنال بالنسبة لإسرائيل وحلفائها، ووجدت "الإيكونوميست" أن "تزايد ثراء حماس على الرغم من الحرب سيكون بمثابة كارثة لإسرائيل".
وتركز إسرائيل منذ أكثر من شهر في قطاع غزة على قدرة حماس العسكرية وحجم الضرر الذي استهدف نشاطها في أعقاب الحرب، دون أن تعلن عن أي استراتيجية تفكيك تتعلق بأصول وشبكات الحركة المالية، والتي لطالما سلطت تقارير غربية الضوء عليها.
ويشير تحليل المجلة إلى أن "إمبراطورية حماس" تتركز قواعدها في البلدان الصديقة بالخارج، وأنها "تغطي دخل الحركة من كل شيء وجانب، بدءا من رواتب المعلمين ووصولا إلى الصواريخ".
"تبدو حماس محصنة بالرصاص ماليا"، كما تقول المجلة الأميركية، وحتى الآن لم تلحق إسرائيل ضررا يذكر بدخلها أو مدخراتها.
كيف تحصل على الموارد؟كانت الحركة تحصل على نحو 360 مليون دولار سنويا من ضرائب الاستيراد على البضائع التي يتم جلبها إلى غزة من الضفة الغربية أو مصر، لكن هذا المسار كان الأسهل على إسرائيل عندما كانت تريد مراقبته أو خنقه.
وبعد انسحابها من القطاع في عام 2005، فرضت إسرائيل قيودا صارمة على حركة البضائع والأشخاص عبر الحدود، وفي الوقت الحالي تمنع معظم الضروريات الأساسية من الدخول إلى القطاع المحاصر.
ومع ذلك، يأتي مصدر دخل أكبر بكثير من الخارج، كما تشير "الإيكونوميست"، ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه يصل إلى حوالي 750 مليون دولار سنويا، مما يجعله المصدر الرئيسي لتمويل مخزون حماس الحالي من الأسلحة والوقود.
البعض من المخزون يأتي من حكومات صديقة، وأكبرها إيران، وتعتقد أميركا أن طهران 100 مليون دولار للجماعات الإسلامية الفلسطينية، على شكل مساعدات عسكرية بشكل رئيسي.
وتتلخص مهمة ممولي حماس في نقل هذه الأموال من دون الوقوع فريسة للعقوبات الأميركية، ولاسيما أن الشهر الماضي وحده شهد فرض ثلاث جولات من القيود على أشخاص وشركات، بسبب ضلوعها في عمليات التمويل.
ويتطلب التهرب من العقوبات الأميركية "بعض البراعة"، وهو ما تقوم به الحركة عن طريق الشبكة المالية التي لا تتركز في دولة دون غيرها، بل تمتد لعدة دول في الشرق الأوسط، وتختلف أساليب الحصول على الموارد فيها أيضا.
توصلت "الإيكونوميست" إلى أن الدولارات تتدفق إلى حماس من خلال أسواق العملات المشفرة، ومن خلال جمعيات خيرية وشركات واستثمارات قسم منها في تركيا وآخر في إيران، وفي دول الخليج أيضا.
وجاء في تقريرها أن النظام المصرفي التركي يساعد الحركة على تفادي العقوبات الأميركية من خلال إجراء معاملات معقدة في جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي نفته أنقرة في أوقات سابقة.
ومع ذلك اتهمت إسرائيل وأميركا العديد من أكبر البنوك التركية، بما في ذلك البنك "كويت تورك" بتخزين أموال حماس عن عمد، وفي عام 2021، وضعت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية وهي هيئة رقابية تابعة لمجموعة السبع تركيا على "القائمة الرمادية" للدول التي لا تفعل الكثير لتجميد أصول الإرهابيين.
"قابلة للحياة"وتوضح غاليا ليندنشتراوس وهي باحثة في معهد "دراسات الأمن القومي" بجامعة تل أبيب أنه بالإضافة إلى "الضرائب" في قطاع غزة والتمويل الذي تحصل عليه حماس من إيران "هناك مخططات مستمرة لغسل الأموال".
وعندما يكون هناك أيضا تحويل مادي للأموال (إما نقدا أو عن طريق المنتجات المدفوعة مسبقا) فيتم ذلك عدة مرات عبر لبنان وتركيا، كما تقول ليندنشتراوس لموقع "الحرة".
ورغم أن التهريب عبر الأنفاق انخفض من مصر منذ عام 2013 لم يتم القضاء على ذلك بشكل كامل.
وتضيف الباحثة أن إسرائيل تعرف وتعي حجم الإمبراطورية المالية لحماس، ولذلك "هي جزء من الصراع العالمي في غسيل الأموال، وفي المقابل تحاول حرمان نجاح الحركة من عمليات التهريب المختلفة".
من جهته يوضح كبير الخبراء في "المجلس الأطلسي"، ريتش أوتزن، أنه "كلما تمكنت إسرائيل وحلفاؤها من تعطيل الشبكات المالية لحماس قلت القدرة على التجديد.. ومع ذلك لن تتعطل بشكل كامل أو دائم".
ويقول أوتزن لموقع "الحرة": "سيكون القضاء على الموارد المالية أصعب من القضاء على الموارد العسكرية على الأرض. شبكات حماس المالية ليست مقاومة للرصاص، ولكنها قابلة للحياة".
"طالما أن هناك شبابا على استعداد للقتال بالإضافة إلى الموارد المالية ودعم الدول الأجنبية فإن حماس سوف تتمكن من تجديد قدرتها القتالية، لكن لا يعرف بالضبط كم سيستغرق الأمر من الوقت.
"محفظة استثمارية"ويقدر مسؤولون أميركيون وفق تقرير سابق لصحيفة "واشنطن بوست"، أن حماس تمتلك محفظة استثمارية ضخمة "قيمتها أكثر من 500 مليون دولار، وربما تصل إلى مليار دولار، مع أصول في السودان وتركيا والمملكة العربية السعودية والجزائر والإمارات العربية المتحدة، من بين دول أخرى".
بالإضافة إلى ذلك، تتلقى ما يصل إلى 450 مليون دولار سنويا من رسوم التهريب في السوق السوداء، كما قال دانيال روث مدير في منظمة "متحدون ضد إيران النووية".
وتشير إلى هذه الأرقام "الإيكونوميست"، وتوضح من جانب آخر أن شركات البناء تحتل مكانة كبيرة في محفظة حماس، وأنها "تبتلع بهدوء مبالغ ضخمة من النقد، وتحصل بانتظام على قروض كبيرة".
وأشار تقرير المجلة إلى اسم شركة "تريند جيو"، وهي شركة مدرجة في إسطنبول، وفرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب تحويلها أموالا إلى حماس، بينما كانت قد فازت بعقد رسمي لبناء جامعة إسطنبول التجارية.
لكن "تريند جيو" كانت قد ردت على العقوبات، وقالت إنها لا تقدم دعما ماليا لأي منظمة، وإنها "تأسست برأس مال أجنبي، وتهدف للربح وتخضع لمراجعة منتظمة من مجلس أسواق رأس المال التركي الذي يعمل وفقا لمبدأ الشفافية".
يفضل سياسيو حماس، الدوحة، عاصمة قطر، وتتوزع شركات الحركة من الجزائر والسودان إلى الإمارات العربية المتحدة، فيما تقول "الإيكونوميست" إن "مموليها يعيشون في إسطنبول"، ومن بينهم زاهر جبارين، الذي تتهمة إسرائيل بإدارة الشؤون المالية للحركة، وهو ما ينفيه.
وتعتبر تعتبر الجماعات الإرهابية ذات الوجود الدولي والرعاة الأجانب أهدافا صعبة للغاية من الناحية المالية، كما يقول كبير الخبراء في "المجلس الأطلسي"، أوتزن.
ويوضح حديثه بأنهم (الجماعات، الأفراد) "قادرون على استخدام الشركات الوهمية والشبكات غير الرسمية واقتصادات الدولة شبه المغلقة للتهرب من العقوبات والمصادرات".
وفي ضوء علاقات حماس الوثيقة مع إيران، يتابع الباحث الأميركي أن "إيران ربما تكون صاحبة النهج الأطول والأكثر تطورا في تحمل العقوبات ومقاومتها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: دولار سنویا على الموارد ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
قيادي في حماس: الحركة لن توافق على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة
أعلن قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين لن يتم إلا وفقًا للاتفاق المرحلي المتفق عليه سابقًا
وأكد القيادي أن الحركة ترفض تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرًا إلى أن الاحتلال يسعى فقط لاستعادة أسراه مع إمكانية استئناف العدوان على القطاع.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، إن الحركة ترفض تمديد المرحلة الأولى لعدم تضمنها إنهاء الحرب والانسحاب من غزة، مؤكدًا أن الاحتلال يسعى فقط لاستعادة أسراه مع إمكانية استئناف العدوان على القطاع.
وكانت إسرائيل قد طلبت تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن حماس رفضت ذلك، معتبرة أن التمديد بالصيغة التي يطرحها الاحتلال مرفوض بالنسبة لها.
يُذكر أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار تضمنت تبادلًا محدودًا للأسرى والرهائن بين الجانبين، فيما لم تبدأ بعد المفاوضات بشأن المرحلة الثانية التي تشمل إطلاق سراح مزيد من الرهائن وانسحابًا إسرائيليًا كاملًا من قطاع غزة.
وفي ظل هذا الموقف، يبقى مصير الرهائن المتبقين معلقًا بانتظار التوصل إلى اتفاق يُرضي الطرفين، وسط دعوات دولية للتهدئة واستمرار المفاوضات لتحقيق حل شامل للأزمة.