صدى البلد:
2024-12-26@06:49:10 GMT

حكم حلق اللحية في الإسلام.. اعرف آراء الفقهاء

تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم إطلاق اللحية؟ وهل هذا الأمر يُعدُّ فرضًا؛ فيأثم حالقها، أو سنة ولا يأثم حالقها؟ وما الدليل؟.

وقالت دار الإفتاء، إنه من المقرر شرعًا أن إعفاء اللحية وعدم حلقها مأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة، وقد كان يعتني بتنظيفها بغسلها بالماء وتخليلها وتمشيطها، وقد تابع الصحابة رضوان الله عليهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما كان يفعله وما يختاره.

ووردت أحاديث نبوية شريفة ترغب في الإبقاء على اللحية والعناية بنظافتها، ومنها ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ؛ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى».

ورَوى مسلم أيضًا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ -أي: الاستنجاء-»، قال مصعب -أحد رواة الحديث-: "ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة".

حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة

وعن حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة، أوردت دار الإفتاء آراء الفقهاء في حكم إطلاق اللحية للرجال والذين اختلفوا في حكمها قديمًا وحديثًا؛ بناءً على اختلافهم في المراد من الأمر النبوي في هذه الأحاديث:

فذهب فقهاء الحنفية والمالكية وهو قول متأخري الحنابلة: إلى حمل الأمرِ في هذه الأحاديث على الوجوب، وعليه يكون حلقها حرامًا؛ وذلك بناءً على أن الأصل في الأمر الوجوب، ولأن الأمر معلَّل بمخالفة المشركين، والتشبه بهم حرام؛ لما رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، وذلك على اختلافٍ بينهم في تفصيل ذلك.

بينما ذهب الفريق الآخر إلى أنَّ الأمر الوارد في الأحاديث ليس للوجوب، وعليه يكون إعفاء اللحية سنة يُثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها.

وهذا هو قول الشافعية في معتمد مذهبهم، ووافقهم جمع كبير من العلماء والمحققين؛ حيث قالوا بأن اللحية من سنن العادات وليست من الأمور التعبدية، وأن الأمر الوارد فيها أمر ندبٍ وإرشاد.

وهذا هو رأي القاضي عياض من المالكية؛ حيث يقول في "إكمال المعلم" (2/ 63، ط. دار الوفاء): [ويكره حلقها وقصها] اهـ. أي: اللحية.

أدلة جواز حلق اللحية

ويدعم هذا القول ويُقوّيه ما تقرّر من أن الأمر إذا تعلَّق بالعادات أو الآداب صُرف عن الوجوب بتلك القرينة؛ يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 523، ط. دار المعرفة) عند شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن سلمة بالأكل بيمينه: [وقال القرطبي: هذا الأمر على جهة الندب؛ لأنه من باب تشريف اليمين على الشمال؛ لأنها أقوى في الغالب، وأسبق للأعمال، وأمكن في الأشغال، وهي مشتقة من اليمن.

وقد شرف الله أصحاب الجنة إذ نسبهم إلى اليمين، وعكسه في أصحاب الشمال. قال: وعلى الجملة فاليمين وما نسب إليها وما اشتق منها محمود لغةً وشرعًا ودينًا، والشمال على نقيض ذلك، وإذا تقرَّر ذلك فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق، والسيرة الحسنة عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة، والأحوال النظيفة. وقال أيضًا: كل هذه الأوامر من المحاسن المكملة والمكارم المستحسنة، والأصل فيما كان من هذا الترغيب والندب] اهـ.

وممَّا يُؤيد أنَّ الأمر بإعفاء اللحية للإرشاد والندب لا للوجوب: أنه ليس أمرًا مطلقًا، بل هو مُعَلَّلٌ بمخالفة المشركين، والبعد عن مشابهتهم، وهذا التعليل مقتضٍ للقول بعدم الوجوب من حيث إن مخالفة الكفار ليست واجبة إلا في خصوص ما يتعلق بعقائدهم وخصوصياتهم الدينية، والأمر في الأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كما يكون للوجوب يكون لمجرد الإرشاد إلى الأفضل.

ويؤيد ذلك أيضًا: أنه جاء في سياق الأمر بخصال الفطرة، وكلها أمورٌ مستحبة، كما نص على ذلك الكثير من العلماء؛ لتَعَلُّق الأمر فيها بالعادات، وتحسين الهيئات، والجمال والنظافة، ومصلحة البدن، ونفي الأوساخ عنه؛ حيث لم يجعلها الشرع على الوجوب؛ اكتفاءً فيها بداعية الطبع عن إيجاب الشرع، ونص العلماء على أنّ تعلق الأمر بواحد من هذه الأغراض هو قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الندب أو الإرشاد:

وعلى ذلك؛ فقد ذهب أصحاب هذا الرأي إلى القول بأنَّ الأوامر المتعلقة بالعادات والأكل والشرب واللبس والجلوس والهيئة وغيرها، فإنها تُحمل على الندب لقرينة تعلقها بهذه الجهات.

وقد ذهب إلى القول بذلك بعض العلماء المتأخرين؛ حيث نَصَّ الشيخ محمود شلتوت في كتابه: "الفتاوى" (ص: 229، ط. دار الشروق) على ذلك فقال: [والحَقُّ أن أمر اللباس والهيئات الشخصية -ومنها حلق اللحية- من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة؛ فمن درجت بيئته على استحسان شيء منها كان عليه أن يساير بيئته، وكان خروجه عما أَلِف الناس فيها شذوذًا عن البيئة] اهـ.

وعلى هذا جرى الأغلب من علماء الأزهر الشريف المعاصرين قولًا وعملًا وهم أئمة الهدى.

وبناءً على ما سبق: فاللحية من الفروع الفقهية التي وقع فيها الخلاف بين الفقهاء، والقاعدة في ذلك: أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، وإنما الإنكار في المجمع على حرمته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تعرف على مكانته في الإسلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لقد تحدث القرآن عن السيد المسيح عليه السلام في 38 آية توصف مولده ومعجزاته وصفاته.  

قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران:45-46].

وقال تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا. ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} [مريم:30-34].

ولقد احتفى سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بأخيه المسيح عليه السلام  بذكر عدد من الأحاديث التي تدل على مكانته ومقامه  ،،،،

فقال صلى الله عليه وسلم: " (أنا دعوة أبي إبراهيم، وبُشرى أخي عيسى) رواه ابن حبان فى صحيحه.  

ويصف لنا أخاه المسيح، فيقول: “رِبعة ( يعنى لا طويل ولا قصير )  أحمر كأنما خرج من ديماس”. أيْ حَمّام، وفي ذلك إشارة إلى جماله ونقائه ووضاءته وإشراق وجهه،،،
رواه مسلم.

ومِن شدَّة محبته له، يصفه مرة أخرى، فيقول: “بينما أنا جالس عند الكعبة، فرأيتُ في أجمل ما يرى الرائي؛ رأيتُ رجلًا أدم سبط الشعر يُهادَى بين رجُليْن، وكأنَّ رأسه يقطر ماءً، فقلتُ مَن هذا؟ قالوا: هذا أخوك ابن مريم”. صحيح ابن حبان.

ويدافع عن المسيح عليه السلام ويقول: أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة؛ فليس بيني وبينه نبيّ”. صحيح مسلم.  

ويفتخر بأخيه المسيح، قائلًا: (كيف تهلك أُمّةٌ أنا في أولها وأخي عيسى في آخرها). رواه الحاكم.

وفي مناسباتٍ كثيرة، يُشبِّه (نبيّ الرحمة) بعض أصحابه بالمسيح في عطفه، وشفقته، ورحمته، فمثلًا: يقول لأبى ذر: مثلكَ يا أبا ذر في أصحابي كمثل المسيح بن مريم بين الناس”

وعلى هذا فالاحتفاء بميلاد السيد المسيح ليس حرامًا  كما يدّعى أهل الغلو والجفاء ! 
بل هو سلام كما ذكر القرآن  " والسلام عليّ يوم ولدت".

مقالات مشابهة

  • بيان فضل إماطة الأذى عن الطريق
  • الإفتاء: من المستحب زيارة الأقارب والأرحام والأصدقاء
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح
  • آراء الفقهاء في حلق شعر المولودة الأنثى
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • الضوابط المطلوبة في المؤذن للصلاة .. تعرف عليها
  • في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تعرف على مكانته في الإسلام
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم.. الإفتاء توضح