صدى البلد:
2025-03-07@02:11:43 GMT

حكم حلق اللحية في الإسلام.. اعرف آراء الفقهاء

تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم إطلاق اللحية؟ وهل هذا الأمر يُعدُّ فرضًا؛ فيأثم حالقها، أو سنة ولا يأثم حالقها؟ وما الدليل؟.

وقالت دار الإفتاء، إنه من المقرر شرعًا أن إعفاء اللحية وعدم حلقها مأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة، وقد كان يعتني بتنظيفها بغسلها بالماء وتخليلها وتمشيطها، وقد تابع الصحابة رضوان الله عليهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما كان يفعله وما يختاره.

ووردت أحاديث نبوية شريفة ترغب في الإبقاء على اللحية والعناية بنظافتها، ومنها ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ؛ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى».

ورَوى مسلم أيضًا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ -أي: الاستنجاء-»، قال مصعب -أحد رواة الحديث-: "ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة".

حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة

وعن حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة، أوردت دار الإفتاء آراء الفقهاء في حكم إطلاق اللحية للرجال والذين اختلفوا في حكمها قديمًا وحديثًا؛ بناءً على اختلافهم في المراد من الأمر النبوي في هذه الأحاديث:

فذهب فقهاء الحنفية والمالكية وهو قول متأخري الحنابلة: إلى حمل الأمرِ في هذه الأحاديث على الوجوب، وعليه يكون حلقها حرامًا؛ وذلك بناءً على أن الأصل في الأمر الوجوب، ولأن الأمر معلَّل بمخالفة المشركين، والتشبه بهم حرام؛ لما رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، وذلك على اختلافٍ بينهم في تفصيل ذلك.

بينما ذهب الفريق الآخر إلى أنَّ الأمر الوارد في الأحاديث ليس للوجوب، وعليه يكون إعفاء اللحية سنة يُثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها.

وهذا هو قول الشافعية في معتمد مذهبهم، ووافقهم جمع كبير من العلماء والمحققين؛ حيث قالوا بأن اللحية من سنن العادات وليست من الأمور التعبدية، وأن الأمر الوارد فيها أمر ندبٍ وإرشاد.

وهذا هو رأي القاضي عياض من المالكية؛ حيث يقول في "إكمال المعلم" (2/ 63، ط. دار الوفاء): [ويكره حلقها وقصها] اهـ. أي: اللحية.

أدلة جواز حلق اللحية

ويدعم هذا القول ويُقوّيه ما تقرّر من أن الأمر إذا تعلَّق بالعادات أو الآداب صُرف عن الوجوب بتلك القرينة؛ يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 523، ط. دار المعرفة) عند شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن سلمة بالأكل بيمينه: [وقال القرطبي: هذا الأمر على جهة الندب؛ لأنه من باب تشريف اليمين على الشمال؛ لأنها أقوى في الغالب، وأسبق للأعمال، وأمكن في الأشغال، وهي مشتقة من اليمن.

وقد شرف الله أصحاب الجنة إذ نسبهم إلى اليمين، وعكسه في أصحاب الشمال. قال: وعلى الجملة فاليمين وما نسب إليها وما اشتق منها محمود لغةً وشرعًا ودينًا، والشمال على نقيض ذلك، وإذا تقرَّر ذلك فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق، والسيرة الحسنة عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة، والأحوال النظيفة. وقال أيضًا: كل هذه الأوامر من المحاسن المكملة والمكارم المستحسنة، والأصل فيما كان من هذا الترغيب والندب] اهـ.

وممَّا يُؤيد أنَّ الأمر بإعفاء اللحية للإرشاد والندب لا للوجوب: أنه ليس أمرًا مطلقًا، بل هو مُعَلَّلٌ بمخالفة المشركين، والبعد عن مشابهتهم، وهذا التعليل مقتضٍ للقول بعدم الوجوب من حيث إن مخالفة الكفار ليست واجبة إلا في خصوص ما يتعلق بعقائدهم وخصوصياتهم الدينية، والأمر في الأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كما يكون للوجوب يكون لمجرد الإرشاد إلى الأفضل.

ويؤيد ذلك أيضًا: أنه جاء في سياق الأمر بخصال الفطرة، وكلها أمورٌ مستحبة، كما نص على ذلك الكثير من العلماء؛ لتَعَلُّق الأمر فيها بالعادات، وتحسين الهيئات، والجمال والنظافة، ومصلحة البدن، ونفي الأوساخ عنه؛ حيث لم يجعلها الشرع على الوجوب؛ اكتفاءً فيها بداعية الطبع عن إيجاب الشرع، ونص العلماء على أنّ تعلق الأمر بواحد من هذه الأغراض هو قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الندب أو الإرشاد:

وعلى ذلك؛ فقد ذهب أصحاب هذا الرأي إلى القول بأنَّ الأوامر المتعلقة بالعادات والأكل والشرب واللبس والجلوس والهيئة وغيرها، فإنها تُحمل على الندب لقرينة تعلقها بهذه الجهات.

وقد ذهب إلى القول بذلك بعض العلماء المتأخرين؛ حيث نَصَّ الشيخ محمود شلتوت في كتابه: "الفتاوى" (ص: 229، ط. دار الشروق) على ذلك فقال: [والحَقُّ أن أمر اللباس والهيئات الشخصية -ومنها حلق اللحية- من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة؛ فمن درجت بيئته على استحسان شيء منها كان عليه أن يساير بيئته، وكان خروجه عما أَلِف الناس فيها شذوذًا عن البيئة] اهـ.

وعلى هذا جرى الأغلب من علماء الأزهر الشريف المعاصرين قولًا وعملًا وهم أئمة الهدى.

وبناءً على ما سبق: فاللحية من الفروع الفقهية التي وقع فيها الخلاف بين الفقهاء، والقاعدة في ذلك: أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، وإنما الإنكار في المجمع على حرمته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

نظير عياد: الوفاء والاعتراف بفضل الآخرين أبرز صفات النبي

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، موضحًا أن الوفاء والاعتراف بفضل الآخرين كانا من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما ظهر جليًّا في حديثه المتكرر عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- بعد وفاتها، حيث كان يذكر فضلها ومواقفها الداعمة له، حتى أثار ذلك غيرة السيدة عائشة، فقالت له: «يا رسول الله، قد أبدلك الله خيرًا منها»، فرد عليها بقوله: «والله ما أبدلني الله خيرًا منها»، مستذكرًا تضحياتها ودعمها له في أصعب المواقف.

وأوضح المفتي، خلال لقائه اليومي ببرنامج "اسأل المفتي" الذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق على "صدى البلد"، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يكتفي بالحديث عن فضائل السيدة خديجة، بل كان يكرم صديقاتها وأهلها حتى بعد وفاتها؛ مما يعكس عمق الوفاء النبوي، وهي قيمة نفتقدها كثيرًا في مجتمعاتنا اليوم، حيث أصبحت المصالح تطغى على معاني الإخلاص والاعتراف بالجميل.

مفتي الجمهورية: المشكلات الأسرية سببها غياب الاقتداء بالنموذج النبويعلي جمعة: الادعاء بأن الكون بلا إله ينافي العقلشيخ الأزهر يشرح معنى اسم الله «الودود» في القرآنعلي جمعة يحذر من تصديق العرافين: الجن قد يتدخل

وأضاف فضيلة المفتي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان نموذجًا فريدًا في مراعاة مشاعر الآخرين، سواء داخل بيته أو في تعامله مع الصحابة والناس عامة، حيث كان يتجنب التصريح بما قد يحرج الآخرين، مستشهدًا بموقفه عندما كان مجتمعًا مع الصحابة وأحدث أحدهم بإخراج الريح، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أكل لحم جزور فليتوضأ»، ليجنِّبه الشعور بالإحراج أمام الناس.

وضرب فضيلة المفتي مثلًا آخر بموقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بال أحد الأعراب في المسجد، فأراد الصحابة نهره بشدة، لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بعدم مقاطعته، ثم قام بتوجيهه بالحسنى وتعريفه بحرمة المسجد؛ مما جعل الأعرابي يقول: «اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا»، فانظر كيف حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الموقف من الغضب إلى درس تعليمي راقٍ دون تجريح أو إساءة.

مقالات مشابهة

  • حكم تأخير غسل الجنابة في رمضان وهل الملائكة تعلن الجُنب؟ اعرف آراء الفقهاء
  • شخصيات إسلامية.. طلحة بن عبيد الله
  • شخصيات إسلامية.. أم المؤمنين السيدة حفصة بنت الفاروق
  • نظير عياد: الوفاء والاعتراف بفضل الآخرين أبرز صفات النبي
  • مفتي الجمهورية: المشكلات الأسرية سببها غياب الاقتداء بالنموذج النبوي
  • مفتي الجمهورية: السيرة النبوية تقدم نموذجًا متكاملًا للعلاقة الزوجية
  • شخصيات إسلامية: عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودِ.. أول من جهر بالقرآن
  • 8 أم 20 ركعة؟.. طريقة صلاة التراويح في المنزل
  • بث مباشر .. شعائر صلاتي العشاء والتراويح من الحرمين الشريفين
  • أذان المغرب اليوم 4 رمضان.. اعرف موعد إفطارك وأقاربك بالمحافظات