تتزايد الشكوك يومًا بعد يوم بأن إسرائيل لم تعد مهتمة بتحرير الرهائن الذين اختطفتهم منظمة حماس في السابع من أكتوبر الماضي، والمتابع لما تم نشره عن اقتراب اتمام صفقة تبادل الأسرى برعاية مصرية قطرية، سوف يرصد التراخي الإسرائيلي نحو إتمامها، وسوف يعرف أن ملف الإسرائيليين المحتجزين في غزة لم يعد أولوية أولى عند إسرائيل، ونفهم من ذلك أن الحرب تحولت إلى حرب انتقامية خارج كل القوانين وعكس كل قواعد الاشتباك المتعارف عليها دوليا، الأطفال والنساء والعجائز في غزة هم أهداف واضحة للدبابات الإسرائيلية بما يعني أننا أمام حرب إبادة وتطهير عرقي لتصل إسرائيل إلى هدفها العسكري الذي أعلنته منذ البداية وهو هدف الأرض المحروقة وقطع دابر منظمة حماس.
وإذا كانت الأرض المحروقة هي الهدف الواضح في المعركة الحربية إلا أن الهدف الغامض في المعركة السياسية لم يعد غامضا وهو تهجير سكان غزة إلى مختلف بقاع الأرض وغلق ملف القضية الفلسطينية على حساب الآخرين.
مصر في قلب المعركة بدفاعها عن حدودها وتأمين جبهتها الشرقية من أجل إحباط مخطط إسرائيل في معركتها التي لم تعد خافية على أحد وهي معركة التوسع وفرض الأمر الواقع وتركيع المنطقة برعاية البوارج الأمريكية.
تتواصل الحرب التي طالت، وتتواصل الدعوات الخافتة لوقف إطلاق النار، أو الدعوة في أضعف الإيمان إلى هدنة مؤقتة من أجل دفن الشهداء أو تسهيل خروج المصابين للعلاج أو لدخول المساعدات التي باتت ضرورة من أجل استمرار حياة المدنيين هناك.
حتى هذه الدعوات لم تعد ملفتة لانتباه إسرائيل وصرخات الأمم المتحدة تذهب إلى الفراغ.
العدوان الإسرائيلي يمشي في إتجاه تحقيق أهدافه التي يمكن القول أنها فشلت في تحقيقها حتى الآن، وكلما تأخر الوقت انتقلت الحرب إلى موجات أعلى من الثأر والانتقام ويدفع المدنيون الثمن دائما.
الدمار الذي لم نشهد مثيلا له في الحروب السابقة يجعلنا نعتقد أن هذه الحرب هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، لن ترفع حماس الراية البيضاء وهو ما يطعن الغرور الإسرائيلي ويحطم كبرياء الجيش الإسرائيلي، ولذلك يتواصل الدفع بكتائب تلو الكتائب نحو وسط غزة، لا يبحثون عن رهائن كما زعموا ولا يستمعون إلى صفقات تبادل كما تفرض الحروب ولكنهم يهاجمون بضراوة وكأنه تخريب من أجل التخريب.
كارثة مكتملة الأركان تتم أمام أعين العالم تكشف زيف المجتمع الدولي، تهتف الشعوب في الميادين شرقا وغربا مطالبة بوقف الحرب بينما الحكام يفتحون الخطوط الساخنة مع نتنياهو وعصابته لدعمه فيما هو سائر إليه.
نافذة التفاوض كانت مفتوحة ولكن إسرائيل أغلقتها، ومع التباطؤ الإسرائيلي في الرد على ما تم طرحه اضطرت حماس مؤخرا أن تعلن أنها فقدت الاتصال مع مجموعاتها المكلفة بحراسة المحتجزين، وهو ما يعني استمرار الألم بل وزيادة جرعاته اليومية، حرب مجنونة ليست كبقية الحروب، وستظل صورة النازحين من شمال غزة إلى جنوبها من خلال شارع صلاح الدين صورة خالدة في الضمير العالمي، صورة أيقونية تحكي عن طعم المر ورائحة الضياع.
انعقد مؤتمر حاشد للقمة العربية والإسلامية وما زالت الخطة الإسرائيلية الجهنمية مستمرة، وفي ظل التصاعد المخيف لعداد الشهداء لابد من البحث عن مبادرة خلاقة لابد من التفكير خارج الصندوق.. لابد من انتهاء الحرب وفق قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
مسؤول أمني سابق للاحتلال: إنهاء حرب لبنان سيكون دافعا للتوقف في غزة
بالتزامن مع التقدم الواضح في مفاوضات وقف العدوان الاسرائيلي في لبنان، بما يتضمن إنهاءه ، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشروط أقل ملائمة، صدرت أصوات إسرائيلية تطالب الحكومة بالموافقة المماثلة على إنهاء الحرب في غزة من أجل إطلاق سراح الأسرى، في ضوء ما تم تحقيقه من أهداف عملياتية.
آيال خولتا الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، زعم أن "ما يبرر الذهاب الى اتفاق لوقف العدوان في غزة أن الاحتلال تمكن بعد تعافيه من نكسة السابع من أكتوبر، من تحقيق نتائج عملياتية غير مسبوقة، كالقضاء على قادة وخطوط قيادة حماس وحزب الله، وتدمير البنية التحتية التي تهدد المستوطنات القريبة من السياج، وإلحاق أضرار جسيمة بآلاف المسلحين، ومخزونات الذخيرة، والهجوم ضدهم، حتى أن النتيجة التراكمية بعد عام من القتال لم يسبق لها مثيل مقارنة بالعقود الماضية، رغم الأسف الإسرائيلي على الاضطرار للمرور في ذلك اليوم الصعب".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أنه "بجانب التقدم الكبير الذي تحقق في المجال العسكري الميداني، لكن الاحتلال يواجه عددا من القضايا والمعضلات التي تحتاج لإجابة في أسرع وقت ممكن، أولها وقبل كل شيء، وجود 101 مختطف في غزة، على قيد الحياة، وبصحة جيدة، يشتعل الخلاف السياسي الداخلي بشأنهم، لأن العديد من الإسرائيليين مستعدون للتخلي عن عودتهم مقابل استمرار الحرب، رغم أنه إذا أصرت الحكومة على عودتهم، فلابد أن تجد حلاً، وهو في المتناول".
وأوضح أنه "عندما تنتهي الحرب في غزة، سيبدأ "اليوم التالي"، والمطلوب هو ردّ عملي وسياسي لمنع تهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة، وإدارة الحياة المدنية فيها، وضبط النظام العام، والبدء بعملية إعادة الإعمار".
وأشار أنه "طالما أن الحديث عن وقف حرب لبنان، فهذا يعني أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرى إنجازاً كافياً في الأضرار الجسيمة التي لحقت بحزب الله حتى الآن، وإذا رأى نفسه مستعدا في ضوء الإنجازات التي تحققت، للتوصل لاتفاق، فيجب تشجيعه على ذلك، لكن من أجل إعادة المستوطنين للشمال في نهاية الحرب، فمن الضروري إعادة الشعور بالأمن إليهم، وهو شعور يعتمد على ثقتهم بأن الإنجاز العملياتي سيتم الحفاظ عليه مع مرور الوقت، وأن الحزب لن ينجح بإعادة تأهيل مستودع صواريخه وبنيته التحتية قرب السياج".
وأكد أنه "لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على روسيا أو سوريا، أو انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، أو قوات اليونيفيل أو أي كيان أجنبي آخر، ولذلك أعتقد وآمل أن يكون رئيس الحكومة قد حصل على تفاهمات من الرئيسين الأميركيين المنتهية ولايته، والقادم، حول هذا الأمر".
واستدرك بالقول أن "الاحتلال ألحق أضرارا بحماس أكثر بكثير مما لحق بحزب، وبدلا من الاتفاقيات مع سوريا وروسيا وإسرائيل بشأن لبنان، يمكن التوصل إلى اتفاقيات بشأن غزة مع الولايات المتحدة ومصر ودول المنطقة، رغم أنه كان ينبغي الاتفاق منذ زمن طويل مع الولايات المتحدة ومصر على بناء حاجز تحت الأرض على الحدود بين غزة وسيناء، لأنه منذ بناء الجدار الحدودي بين غزة وإسرائيل، لم يتم حفر نفق واحد عبرت الحدود مع إسرائيل، ويمكن أن يحدث نفس الشيء على حدود سيناء، بجانب الإشراف الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي، وحرية عمل كاملة للجيش بمواجهة أي انتهاك للاتفاقية".
وزعم أن "كل هذا من شأنه أن يحدّ بشكل كبير من تسليح حماس، مع توفير قدر أكبر من الأمن، ورغم أننا لن نمنع استمرار حكم حزب الله في لبنان، فإن الاحتلال يعمل من وراء الكواليس على إيجاد حلول من شأنها أن تبعد حماس عن إدارة الحياة المدنية في غزة، حيث يعمل رئيس الوزراء بقوة على الترويج لهذه الخطة، رغم مواجهته صعوبات سياسية مع العناصر المتطرفة في حكومته الساعية لتطبيق الحكم العسكري في غزة، وإعادة بناء مستوطنات نتساريم وغوش قطيف، رغم أن هذه ليست أهداف الحرب، ولا يجوز إصدار تعليمات للجيش بالبقاء في القطاع لمثل هذا الجنون".
وأكد أن "موضوع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل المختطفين، فيبدو أن هناك تفاهمات بشأنه، بما فيها إمكانية ترحيل كبار مسؤولي حماس خارج القطاع، مما يستدعي التوصل لاتفاق، ورغم تصريح نتنياهو اليوم بأنه غير مستعد لإنهاء حرب غزة، فإن موافقته على إنهاء حرب لبنان، وانسحاب الجيش بشروط أقل ملائمة، تدفعه لأن يوافق على إنهاء حرب غزة بشروط أفضل، وهي تحرير المختطفين، الأمر الذي يدفعنا لمخاطبته بالقول إن الوقت ينفد، والمختطفون الذين ما زالوا على قيد الحياة معرّضون لخطر الموت، والجمهور ينتظر الجميع، أحياءً وأمواتاً، للعودة لمنازلهم".