إعداد: فرانس24 تابِع | إليزابيت آلان | جان لوك مونييه إعلان اقرأ المزيد

"إسرائيل-فلسطين: مأساة الأطفال"... هكذا اختارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن تعنون بيانها الذي نشرته الإثنين، لتسليط الضوء على معاناة الأطفال في الحرب الدائرة منذ أكثر من شهر بين حماس وإسرائيل. وتردد صدى هذه الكلمات بشكل خاص بمناسبة حلول اليوم العالمي للطفل.

منذ منتصف القرن العشرين، تحيي الأمم المتحدة هذا التاريخ في تقويم المجتمع الدولي بمناسبة حدثين رمزيين في العشرينات تزامنا مع شهر نوفمبر/تشرين الثاني: الأول هو اعتماد الجمعية العامة للمنظمة الدولية إعلان حقوق الطفل في 1959، والثاني هو اعتماد اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.

بينما يواجهون وضعاً رهيباً، سألنا أطفال #غزة عن أحلامهم.

الآن أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الأطفال إلى الحماية والالتزام بتحقيق وعد اتفاقية حقوق الطفل.
#اليوم_العالمي_للطفل pic.twitter.com/DMTqcrYP7O

— منظمة اليونيسف (@UNICEFinArabic) November 20, 2023

حظيت الاتفاقية الأخيرة بتوقيع 197 دولة ما يجعل من هذه المعاهدة المتعلقة بحقوق الإنسان الأكثر تصديقا في التاريخ. وهي تحدد بشكل خاص لائحة حقوق الطفل بما في ذلك "الحق في الحياة والصحة والتعليم والحق في اللعب، ناهيك عن الحق في الحياة الأسرية، والحماية من العنف والتمييز، وإسماع صوته".

لكن مع اندلاع الحرب الجديدة بين حماس وإسرائيل، فقد بات الأطفال معرضين بشكل خاص للخطر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. ومن بين حوالي 240 شخصا احتجزتهم حماس كرهائن، يوجد نحو 40 رضيعا وطفلا محتجزين في غزة، حسب السلطات الإسرائيلية التي دعت يوم الإثنين على منصة إكس إلى "إعادتهم إلى الوطن".

Look at each and every one of their faces.

These are the babies, toddlers and children being held hostage by Hamas terrorists in Gaza.

They should be with their families.

Not in a dark room somewhere in Gaza.

BRING THEM HOME!#WorldChildrensDay #ForEveryChild pic.twitter.com/ShA2s1TQP3

— Israel ישראל ???????? (@Israel) November 20, 2023

من جانبه، تحول القطاع الفلسطيني إلى "مقبرة لآلاف الأطفال" على حد تعبير المتحدث باسم اليونيسف جيمس إلدر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول. فقد أوقع القصف الإسرائيلي الكثيف على غزة ما لا يقل عن 13300 قتيل، منهم أكثر من 5500 طفل، حسب أحدث تقرير صادر عن حكومة حماس.

بالمناسبة، قال جوناثان كريكس، مدير الاتصالات في منظمة اليونيسف بفلسطين، في تصريحات لفرانس24، إن "4700 طفل فلسطيني قتلوا" و"7000 طفل أصيبوا". وأضاف: "هناك مأساة تحدث أمام أعيننا"، داعيا إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، دعوات تتكرر باستمرار من قبل اليونيسف ومنظمات إنسانية أخرى، منذ بداية الحرب.

فرانس24: نقل 28 طفلا خديجا من مستشفى الشفاء إلى مصر هو خبر جيد. لكن ماذا سيحدث لهم؟

جوناثان كريكس: هذه أخبار جيدة للغاية. نحن في اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وكافة الشركاء، سعداء للغاية لأننا تمكنا من المساعدة في إخراج هؤلاء الأطفال. إنهم أطفال خدج كانوا في وحدات الرعاية ويحتاجون إلى كهرباء بشكل مستمر للحفاظ على درجة حرارة أجسامهم. البعض منهم يتنفسون بواسطة أجهزة تحتاج إلى الكهرباء أيضا. وبما أن مستشفيات قطاع غزة تواجه مشكلة كبيرة في نقص الكهرباء، فقد كان من المهم جدا أن نتمكن من إخلائهم.

شروط (عملية النقل) صعبة بشكل خاص. نحن على علم بالصعوبات المتعلقة بالتنقل في قطاع غزة في ظل استمرار العمليات (العسكرية للجيش الإسرائيلي). يتطلب هذا الكثير من التنسيق.

اقرأ أيضااليوم العالمي لحقوق الطفل: "وجدت ساقي مقطوعة بجواري".. شهادات قاسية لأطفال بُترت أطرافهم بغزة

من المهم كذلك ضمان أن يتم الترحيب بهؤلاء الأطفال ومتابعتهم. البعض منهم لديه مرافق. بالنسبة للآخرين، لا نعلم من هم والديهم. تم وضع حيز التنفيذ نظام كامل للتعرف عليهم، وأن يكون لديهم وصي قانوني عند عبورهم إلى مصر، لكي نتمكن من استكمال رعايتهم بمجرد عبورهم الحدود.

لكن يبقى أن عمليات الإجلاء هذه هي رمزية فيما تقدّر اليونيسف أن "حياة مليون طفل هي مهددة"، وهو حوالي نصف سكان قطاع غزة (2.3 مليون نسمة في المجموع) فما هو وضعهم اليوم؟

واقعهم رهيب للغاية. لا أزال على تواصل مع إحدى الزميلات في غزة وهي أم لفتاتين صغيرتين يبلغ عمريهما 4 و7 سنوات. وقد أوضحت لي أنها لم تعد تستطيع أن توفر لهم الماء العادي كما هم معتادون. الماء الوحيد (المتاح) مالح بشكل عال جدا. وبالتالي فإن بنات زميلتي الصغيرات يعانين من مشاكل الإسهال المزمن والجفاف. إنهم يخوضون معركة يومية للحصول على قليل من الماء والخبز، وهو ما نراه أكثر فأكثر.

إلى جانب ذلك، هناك الرعاية الأساسية. ووفق التقارير التي وصلتنا، فقد أصيب أكثر من 7000 طفل، فيما لا تعمل ثلثي المستشفيات. هذا هو الوضع الذي هم مجبرون على مواجهته. كما توجد الكثير من مشاكل الصحة العقلية، ونقص الدعم النفسي والاجتماعي، والصدمات، والتي تضاف كما هو واضح إلى المشاكل المرتبطة بنقص المياه ونقص الغذاء.

في مواجهة هذا الوضع.. ما الذي تأملونه؟

وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية. هذا ما كنا نطالب به منذ البداية (الحرب بين حماس وإسرائيل). إضافة لذلك، ندعو إلى إنشاء ممر إنساني مع مزيد من المساعدات: الماء، الأغذية، الأدوية، معدات طبية، والوقود.

نحن ندعو أيضا، ومن المهم جدا التذكير بذلك، إلى إطلاق سراح غير مشروط للرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين، وبشكل خاص الأطفال.

اقرأ أيضاكيف ولـماذا تحول قطاع غزة إلى "مقبرة لآلاف الأطفال"؟

الأوضاع فظيعة للغاية. لقد قُتل أكثر من 4700 طفل فلسطيني. وينبغي أن نضيف إلى هذا، حسب التقارير التي وصلت إلينا، الأطفال الإسرائيليين الذين قتلوا في الهجمات الرهيبة التي وقعت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول وأولئك الذين ما زالوا محتجزين كرهائن في غزة. بالنسبة إلينا، الطفل هو الطفل، وندعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية، ووقف لإطلاق النار لدواع إنسانية، والإفراج عن الأطفال. هذا الأمر أساسي حتما بالنسبة لليونيسف.

يظهر آخر إحصاء صادر عن وزارة الصحة التابعة لحماس، بأن 13 ألف و300 فلسطيني قتلوا، منهم أكثر من 5500 طفل. بالنظر إلى هذه الحصيلة، ألا يدفع الأطفال ثمنا باهظا في هذه الحرب؟

وفقا للأرقام المتوفرة لدي حاليا، فقد قُتل أكثر من 4700 طفل فلسطيني. أرقام تفوق الخيال. بالطبع فحينما نتكلم عن هذه الأرقام، لا يمكن لنا تخيل المأساة التي تعيشها العائلات.

نشاهد أوضاعا لا يمكن تخيلها على الإطلاق، مع انتشال الأطفال من تحت الأنقاض. كما يوجد أيضا أطفال لا نعرف آباءهم، ولا نعرف حتى أسماءهم. تبلغ أعمارهم في بعض الأحيان 2 أو 3 أو 4 سنوات. وحين يكون بوسعهم الكلام، لا يمكنهم التحدث. فحين يكونون في سن التكلم، فهم مصابون بصدمة قوية لدرجة أنهم لا يستطيعون حتى ذكر أسمائهم. هذه كارثة، مأساة تحدث أمام أعيننا ويجب، وأكرر مجددا، أن تتوقف.

سألنا الأطفال في #غزة عن أمنياتهم في ظل التصعيد المستمر للأعمال العدائية.

في #يوم_الطفل_العالمي، يستحق جميع الأطفال فرصة للنمو دون خوف.
#لكل_طفل، السلام@UNICEFpalestine pic.twitter.com/ueZzOCGpCc

— منظمة اليونيسف (@UNICEFinArabic) November 20, 2023

للتنويه: أرقام الضحايا هي تلك المقدمة من وزارة الصحة في غزة والتي تقودها حماس.

يعمل مستشفى الشفاء في مدينة غزة، والأكبر في القطاع، بجمع البيانات من كافة مستشفيات غزة بشكل مركزي. يقول القائمون على هذا المجمع الصحي إنهم يحتفظون بسجل لكل مصاب يشغل سريرا ولكل جثة تصل إلى المشرحة. كما تقوم وزارة الصحة التابعة لحماس بجمع البيانات من مصادر أخرى، بما فيها الهلال الأحمر الفلسطيني. لا تذكر وزارة الصحة في غزة كيفية مقتل الفلسطينيين، سواء كان ذلك من جراء الغارات الجوية و/أو الهجمات الصاروخية الإسرائيلية أو عمليات إطلاق صاروخية فلسطينية فاشلة. وهي تصف كافة الضحايا بأنهم ضحايا "للعدوان الإسرائيلي"، وهي لا تميز في حصيلتها بين المدنيين والمقاتلين. خلال الأربع حروب وكذا الاشتباكات العديدة بين حماس وإسرائيل، كانت وكالات الأمم المتحدة تستشهد في تقاريرها بشكل دوري بأرقام وزارة الصحة. بدورها، تستخدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني هذه الأرقام. كما نشر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أرقام الضحايا استنادا إلى أبحاثه الخاصة في السجلات الطبية. تتفق الأرقام الأممية إلى حد كبير مع أرقام وزارة الصحة في غزة، لكن مع بعض الاختلافات.

للمزيد حول تقارير وزارة الصحة في قطاع غزة، اضغط هنا أو هنا.

جان لوك مونييه/ إليزابيت آلان

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج أطفال حقوق الطفل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة نازحون اليونيسف للمزيد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة فلسطين النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا بین حماس وإسرائیل وزارة الصحة فی حقوق الطفل بشکل خاص قطاع غزة أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

صدمة «DeepSeek».. خبراء يتحدثون لـ«الأسبوع» عن مفاجأة الذكاء الاصطناعي ونتائجه

- زياد عبد التواب: يكسر احتكار الذكاء الاصطناعي ويشعل المنافسة بين القوى الكبرى

- أشرف مفيد: التطبيق الجديد منخفض التكلفة وكفاءة عالية وسيغير الهيمنة الأمريكية

- الدكتور محمود منصور: بكين نجحت في توفير النموذج المثالي، نسبيًا بشكل مجاني

أحدثت نماذج متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، طرحتها شركة «DeepSeek» الصينية، صدمة كبيرة للشركات الأمريكية والأوروبية وكيانات آسيوية مرتبطة بها، وفق تأكيدات خبراء ومختصين تحدثوا لـ«الأسبوع»، من بينهم خبير صناعة المعلومات، الدكتور محمود منصور، حيث تعتمد هذه النماذج على تقنيات تحاكي الذكاء البشري عبر معالجة بيانات ضخمة.

يوضح، منصور، أنه بـفضل هذه النماذج، أصبح بإمكان الأنظمة التفاعل بذكاء مع البشر، وحل المشكلات الرياضية والرد على الأسئلة المنطقية، إلا أن هذه النماذج، التي تعتمد على طاقة حسابية هائلة، تكلف الشركات مبالغ ضخمة من الأموال لتشغيلها، ما يجعل بعض النماذج مثل، شات جي بي تي، باهظة التكلفة مقارنة بالنموذج الصيني منخفض التكاليف.

الدكتور محمود منصور

وقال إن نماذج الذكاء الاصطناعي تتعامل مع قواعد بيانات كبيرة جدًا فكرية، أدبية، فنية، وعلمية، وتقوم بتحليل المعلومات بناءً على المعطيات الممنوحة لكل نموذج، وجميعها مبنية على ما يُسمى: واجهة الذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي، جيمناي، كوبيلت، ثم النموذج الصيني، ديب سيك.

أشار منصور إلى أن نموذج الذكاء الاصطناعي مثل ديب سيك يتعلم ويخزن البيانات، ثم تأتي مرحلة التعلم العميق التي تعتمد على خوارزميات تحاكي الخلايا العصبية للإنسان، والمنافسة بين هذه النماذج تعتمد على قدرتها في محاكاة النموذج العصبي في دماغ الإنسان، لكي تبدأ في التفاعل مع المستهلكين، وتقديم الحلول المنطقية المطلوبة للإجابة عن الأسئلة المنطقية.

ويشير إلى أن جميع النماذج، باستثناء الصيني، ديب سيك، تستهلك طاقة كبيرة، بأموال كثيرة، لتشغيل الأجهزة ومراكز البيانات الضخمة، لذا، فإن الاشتراكات الخاصة بالمستهلكين تكون كبيرة نسبيًا، ولا أقصد هنا النماذج المجانية، بقدراتها المحدودة جدًا، والمعرضة للهلوثة عند تقديم الإجابات، عبر إعطاء معلومات غير منطقية.

ونبّه الدكتور منصور إلى أن الصين نجحت في توفير النموذج المثالي، نسبيًا، بشكل مجاني، مع قدرته على معالجة 14 تريليون بارامتر، وهي قدرة حاسوبية قوية جدًا، بتكلفة بسيطة، وجعلوه مفتوح المصدر، ومتاحًا لكل من يرغب في تطوير النموذج وتحسينه، على عكس النماذج الأمريكية المغلقة والمدفوعة.

يعدد منصور المكاسب التي ستعود على الناس من الذكاء الاصطناعي، حيث يشير إلى أن هناك وظائف من المتوقع أنها ستختفي، في مجالات المحاماة وأنواع الطب، ومن يمكنهم الاستمرار هم من يستطيعون توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة أعمالهم، مثل المبرمجين، الذين سيستفيدون من تحسين وتسريع أعمالهم بطرق غير مسبوقة.

أيضًا، في مجال البحث العلمي، أثبت النموذج الصيني كفاءته الكبيرة في هذا المجال، حيث إنه قادر على البحث عن المصادر العلمية ودقتها، وهي ميزة غير متوفرة في باقي النماذج التي لا تقدم هذه الخدمة. بالإضافة إلى ذلك، يوفر النموذج الصيني إمكانيات للتدقيق اللغوي والبحث على الإنترنت بشكل مجاني، ومن ثم يجب تعلم الذكاء الاصطناعي بشكل عام، ثم التركيز على التفاصيل التي تتعلق بمجال عمل كل شخص.

خيارات ومكاسب

من جانبه، يرى الخبير في الذكاء الاصطناعي، أشرف مفيد، أن التطور الكبير في الذكاء الاصطناعي، كما يظهر في تطبيقات مثل «DeepSeek» الصينية، يعد تحولًا جوهريًا في مسار التكنولوجيا العالمية، يعكس صراعًا تكنولوجيًا بين الصين والولايات المتحدة، حيث قدمت الصين نموذجًا قادرًا على منافسة العملاقة التقنية الأمريكية بتكلفة منخفضة وكفاءة عالية.

الخبير في الذكاء الاصطناعي، أشرف مفيد

أشار، مفيد، إلى أن هذا الصراع سيعيد تشكيل استراتيجيات الاستثمار في هذا القطاع، وسيسهم في تقديم خيارات متعددة للمستهلكين بأسعار منخفضة، مما يعزز تجربة المستخدم ويغير شكل التطبيقات التكنولوجية في الحياة اليومية، وكنت وما زلت على قناعة تامة بأن المنافسة في الذكاء الاصطناعي لا تعترف بالحدود.

وحول تقييمه لما يحدث وتأثيره اقتصاديًا وتكنولوجيًا، قال: أن الابتكار لا يحتاج دائمًا إلى استثمارات ضخمة بقدر ما يحتاج إلى رؤية واضحة وإرادة حقيقية، وما نشهده اليوم مع تطبيق «DeepSeek» يمثل تحولًا نوعيًا في مسار التكنولوجيا، إذ أثبت أن بإمكان النماذج البديلة أن تنافس بقوة، بل وتهدد عمالقة الصناعة الذين اعتبروا أنفسهم في مأمن من التغيير.

من الناحية الاقتصادية، هذا التطور سيؤثر بشدة على استراتيجيات الاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح واضحًا أن القدرة على تقليل التكلفة مع تحقيق نتائج مماثلة، إن لم تكن أفضل، ستجبر الشركات الكبرى على إعادة التفكير في نماذج أعمالها، أما تكنولوجيًا، فإننا أمام مرحلة جديدة من الابتكار، حيث لم يعد التفوق مقصورًا على شركات بعينها، بل أصبح مرهونًا بالقدرة على تحقيق أقصى استفادة من الإمكانات المتاحة بأقل تكلفة وأعلى كفاءة.

وعن الاستفادة التي ستعود على مستهلكي التكنولوجيا، أوضح مفيد، أن المستهلك هو المستفيد الأول والأخير من هذه المنافسة المحتدمة، حيث تعني زيادة الابتكار مزيدًا من الخيارات، وأسعارًا أقل، وتجربة استخدام أكثر تطورًا. نحن أمام مشهد يعكس بوضوح أن التكنولوجيا لم تعد حكراً على مجموعة محددة من الدول أو الشركات، بل أصبحت ساحة مفتوحة لمن يملك الجرأة والرؤية.

وأوضح، مفيد، أنه مع شدة المنافسة، ستتحسن جودة الخدمات المقدمة للمستهلكين، كما سيؤدي الضغط المستمر إلى إطلاق منتجات أكثر تقدمًا بقدرات غير مسبوقة، مما يعزز تجربة المستخدم ويفتح آفاقًا جديدة أمام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية. وحول استفادة قطاع الإعلام من هذه التطورات، أوضح مفيد، أنه توقف طويلًا أمام هذا السؤال، ويرى أن ما يحدث اليوم ليس مجرد تطور تقني، بل هو إعادة تشكيل لأساليب إنتاج المحتوى الإعلامي.

وقال إن الصحافة، بوصفها مهنة البحث عن الحقيقة، تجد نفسها أمام فرصة تاريخية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، ورصد الاتجاهات، وإنشاء محتوى أكثر دقة وعمقًا. أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة ستمنح الصحفيين القدرة على الوصول إلى المعلومات بسرعة غير مسبوقة، وستساعدهم في تقديم محتوى تفاعلي غني قادر على جذب الجمهور وإبقائه على تواصل دائم مع الأخبار.

وفيما أكد، مفيد، أنه في عالم أصبح فيه السرعة والدقة عنصرين حاسمين، فإن تبني هذه الأدوات لن يكون رفاهية، بل ضرورة لضمان استمرار الصحافة في لعب دورها المحوري في تشكيل الوعي العام، فقد أشار إلى تأثير الصراع التكنولوجي في المشهد الدولي، وأن الصين لم تعد مجرد منافس في مجال التكنولوجيا، بل أصبحت قوة قادرة على إحداث تغيير جذري في المعادلة الدولية.

وبين أنه لم يعد الذكاء الاصطناعي حكرًا على الشركات الأمريكية الكبرى، بل دخلت الصين بقوة وأثبتت أنها قادرة على تقديم بدائل ذات كفاءة عالية وتكلفة أقل. هذا سيؤدي إلى تصعيد المنافسة بين القوى الكبرى، وسيدفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى إعادة النظر في استراتيجياتهما لضمان استمرار تفوقهما التكنولوجي.

وقال، مفيد: في تقديري، نحن أمام مرحلة جديدة من الصراع التكنولوجي، حيث لم يعد الأمر مجرد سباق على تطوير أفضل النماذج، بل أصبح معركة على النفوذ والسيطرة في عالم يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي في كل جوانب الحياة. قد نكون على أعتاب تحول جذري في ميزان القوى، حيث ستفرض الصين نفسها لاعبًا أساسيًا، ولن يكون بالإمكان تجاهل تأثيرها في مستقبل التكنولوجيا العالمية.

المسكوت عنه

يشير خبير التحول الرقمي وأمن المعلومات، المهندس زياد عبد التواب، عضو لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن تطورات "DeepSeek" في مجال الذكاء الاصطناعي فتحت المجال أمام الشركات الصغيرة والدول ذات الموارد المحدودة لدخول هذا المجال بثقل، نتيجة تكلفته المنخفضة وإمكاناته الكبيرة.

المهندس زياد عبد التواب

وقال عبد التواب: أصبح بإمكان هذه الشركات المنافسة في صناعة الذكاء الاصطناعي دون الحواجز التي كانت تضعها الشركات الكبرى في السابق. هذا التحول يمثل ثورة تقنية ستكون لها آثار كبيرة على اقتصاديات العالم، خصوصًا في الصراع التكنولوجي بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، ما يعزز التنافس على النفوذ في المستقبل.

ونبه إلى أن هذه التطورات في عالم الذكاء الاصطناعي غير مسبوقة تقنيًا، فتكلفة التطبيق الجديد لا تزيد عن 5% من التكلفة التي تصرح بها الولايات المتحدة الأمريكية لمثل هذه التطبيقات. كما أن الشركة القائمة بإصدار هذا التطبيق هي شركة ناشئة جديدة صغيرة تم إنشاؤها في عام 2023. تأثير هذا في المستقبل سيكون كبيرًا ببساطة لأن هذا يفتح المجال أمام الدول والشركات الصغيرة الدخول في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي بقوة وكثافة.

وأشار إلى أن الإنجاز الصيني بدد العوائق أو الحواجز التي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إبرازها للعالم بأن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى مراكز بيانات كبيرة ويستهلك كمية كبيرة جدًا من الطاقة، ولكن هذا الإصدار الجديد بهذه التكلفة المنخفضة وبهذه الإمكانيات البسيطة في إطار التجهيزات الفنية يفتح الباب على مصراعيه أمام الجميع لدخول بقوة في عالم الذكاء الاصطناعي.

وعن دلالة هذه الخطوة، قال عبد التواب: من المعروف أن أكبر لاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم هما الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول والصين في المركز الثاني. وهذا الإصدار وإصداره في هذا التوقيت بالذات له دلالة اقتصادية وسياسية كبيرة. فالصراع يقترب من المواجهة الكبيرة في ظل الحرب الغربية على تطبيق "تيك توك" الصيني وما أحدثه في العالم كله من حالة هلع ورعب من التطبيق بزعم أنه يقوم بالاستيلاء على البيانات الشخصية الموجودة على الهواتف المحمولة.

المفاجأة، بحسب عبد التواب، كانت أنه بعد ذلك بعد أشهر ظهرت دعاوى لقيام إحدى شركات التكنولوجيا الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بشراء هذا التطبيق. إذاً فالأمر ليس تكنولوجيا بحتًا ولكنه جزء من الصراع السياسي والصراع الاقتصادي بين الدولتين الكبيرتين.

وعن مستقبل الصراع، قال عبد التواب: أتصور أنه مشابه للتأثير دخول الصين في مجال تصنيع الأجهزة التقنية الخاصة بشبكات المعلومات والهواتف المحمولة. فقبل ظهورها في الأسواق كانت الغلبة للغرب وكان يستطيع أن يضع الأسعار التي يريدها ويقوم بالسيطرة على هذه الشبكات عبر العالم كله. ولكن بعد ظهور شركة هواوي انقلبت الآية، فخفضت الولايات المتحدة الأمريكية من أسعار تلك المنتجات لتستمر في المنافسة مع شركة هواوي وغيرها من الشركات الصينية المتقدمة في صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وقال: ربما إطلاق هذا التطبيق وبعده أيضًا بيومين جاءتنا الأخبار عن إطلاق شركة علي بابا الصينية لتطبيق آخر للذكاء الاصطناعي. إذاً فالأمر في المستقبل القريب سوف يتغير كثيرًا. لن تكون السيطرة لدولة واحدة، ولكن هذا التنوع والاختلاف في الدقة وفي التكلفة المطلوبة وتجهيزات الفنية المطلوبة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي سيعيد ضبط كافة الصراع وتوازنها مرة أخرى. وربما يسمح بدخول لاعبين جدد إلى الساحة ويشجعهم على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتطوير أنظمة فنية خاصة بهم.

اقرأ أيضاًوكيل النواب يحذر من التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي «فيديو»

أبو الغيط يفتتح دائرة الحوار العربية حول الذكاء الاصطناعي في العالم العربي:

معرض الكتاب يناقش «تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام» لـ رباب عبد الرحمن

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة يكشف عن قصة علاج الطفل الفلسطيني أحمد في مصر.. فقد ساقيه وذراعه في قصف إسرائيلي
  • من الفاتيكان.. وزير الصحة يتحدث عن معاناة أطفال غزة
  • صدمة «DeepSeek».. خبراء يتحدثون لـ«الأسبوع» عن مفاجأة الذكاء الاصطناعي ونتائجه
  • بسام راضي يستقبل الدكتور خالد عبد الغفار فى روما لحضور القمة العالمية حول حقوق الطفل.
  • تعارض أهداف حماس وإسرائيل مشكلة لدى ترامب
  • عين على الأسرة.. الخلافات العائلية توتر يهدّد أجيالا بأكملها
  • معرض الكتاب يستقبل أطفال الخيالة ضمن برنامج قصور الثقافة للمناطق الآمنة
  • انطلاق رابع عملية تبادل بين حماس وإسرائيل اليوم
  • بدء الاستعدادات للإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى بين حماس وإسرائيل
  • اليوم.. تبادل الدفعة الرابعة من الأسرى والرهائن بين حماس وإسرائيل