مسؤول فلسطيني: الانتقام من الأسرى سيد الموقف بسجون الاحتلال
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
اتهم مسؤول فلسطيني بمنظمة التحرير الفلسطينية، إسرائيل بالتصرف كـ"عصابة" جراء ممارساتها التنكيلية والانتقامية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة للمنظمة قدورة فارس، قال في حوار مع الأناضول، إن إجراءات الاحتلال في التنكيل بالأسرى داخل السجون، لا دخل لها بحالة الحرب ولا علاقة لها بالأمن، هي فقط للانتقام الذي كان وما زال سيد الموقف.
وأشار إلى أن إسرائيل ومنذ معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تنتهج سياسة تجويع الأسرى، ومصادرة المقتنيات والأغطية والفرشات والوسائد.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يشن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة، اعتقل خلالها نحو 3 آلاف فلسطيني، يضافون إلى أكثر من 5 آلاف معتقل قبل ذلك التاريخ، بحسب مؤسسات تعنى بشؤون الأسرى.
ويتزامن ذلك مع الحرب المدمرة والمستمرة على قطاع غزة، والتي خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 شهيد، بينهم أكثر من 5600 طفل، و3550 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
ولفت فارس إلى أن "الأخطر" هو الاعتداء الجسدي على الأسرى، بحيث يتعرضون للضرب بالهراوات من قبل نحو 10 سجانين على كل أنحاء الجسد، غير آبهين بوضعهم الصحي أو أعمارهم.
وأضاف أن السجانين لديهم ضوء أخضر بالتنكيل بالأسرى، وإذا ما قتل أحدهم لن يتعرض أي سجان للمساءلة والتحقيق والمحاسبة.
وأردف "الحكومة الإسرائيلية أطلقت يد الوحدات الخاصة بالسجون الذين يدخلون الأقسام بسلاحهم الرشاش لأول مرة في تاريخ الحركة الأسيرة".
ولفت قدورة إلى أن الأسرى تولد لديهم شعور أنهم يستدرجون لمواجهة جماعية حتى يكون مسوغا لإطلاق النار وقتلهم.
وأشار إلى أن 6 أسرى قتلوا بسجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر، مؤكدا أن كل هذه الانتهاكات تدل على أنه يجب إسقاط صفة الدولة عن إسرائيل ومؤسساتها كونهم يتصرفون كمجموعة من العصابات.
سياسات عقابيةولفت فارس إلى أن غرف الأسرى تكتظ بالمعتقلين دون فرشات وأغطية، منهم من ينام على الأرض مع دخول فصل الشتاء.
وأوضح أن كل غرفة تضم نحو 10 أسرى بينما سعتها 6 أشخاص، يقدم لهم طعام يكاد لا يكفي اثنين فقط، مشيرا إلى أن غالبية الأسرى فقدوا 5 إلى 10 كيلوغرامات من أوزانهم منذ 7 أكتوبر، ويمنعون من حلاقة شعر رؤوسهم أو ذقونهم.
وذكر أن أي أسير يعترض على أمر ما يجري عزله والاعتداء عليه بالضرب المبرح، مضيفا "هناك أسرى أصيبوا بكسور وجروح ولم يقدم أي علاج لهم، بينهم من هو بحاجة إلى 15 غرزة لم يُعطَ مسكنا أو مطهر جروح".
ومن السياسات العقابية بحسب فارس، قيام مصلحة السجون بمصادرة كل مقتنيات الأسرى وكتبهم وصورهم وذكرياتهم وإلقائها في المزابل.
وتداولت صفحات التواصل الاجتماعي مرات عديدة مقاطع تظهر تعامل السلطات الإسرائيلية مع الأسرى بالضرب والإهانة وتجريدهم من الملابس، وعن ذلك يقول فارس "هذا توثيق الجنود أنفسهم، وكلها تم جمعها وتسليمها للجهات الدولية وسفراء وقناصل، من أجل فضح ممارسات إسرائيل ووقف تلك الانتهاكات".
صمت دوليوعن موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر قال المسؤول الفلسطيني إن "صمت اللجنة الدولية يزعجنا".
وأضاف "لقد قلنا لهم بما أن إسرائيل تمنعكم من القيام بدوركم عليكم التحدث وإصدار بيان يوضح من يمنعكم، أو أن تغادروا وتعلنوا أنه لا حاجة لوجودكم كون إسرائيل تمنعكم من القيام بمهمتكم".
وشدد على أن إصدار بيان توضيحي من الصليب الأحمر قد يستجلب الرأي العام الدولي ويشكل ضغطا على إسرائيل، لكن اللجنة الدولية تبقى صامتة حتى الآن.
وعن أسرى قطاع غزة يقول فارس إن "إسرائيل تبقي الموضوع طي الكتمان فلا معلومات بشأنه، وهذا تصرف العصابة وقد تكون لديها نوايا مبيتة كأن يتعرض أسرى غزة إلى تحقيق قاس ثم قتلهم والادعاء أنهم قتلوا في ساحة المعركة وتحفظوا على جثامينهم".
وطالب المسؤول الفلسطيني المجتمع الدولي بالإلحاح لمعرفة مصير أسرى قطاع غزة.
وأشار إلى أن المعلومات التي رشحت لديه بشأن صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل ستشمل وقف إسرائيل لكل الانتهاكات بحق الأسرى.
وقال "من المفترض أن تفرج إسرائيل عن الأسرى الأطفال والأسيرات ووقف أشكال القمع التي يتعرض لها المعتقلون".
وكانت السلطات الإسرائيلية شددت ظروف اعتقال الفلسطينيين منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب انطلاق عملية "طوفان الأقصى" على مستوطنات غلاف غزة وشن إسرائيل حربا على القطاع دمرت خلالها أحياء فوق ساكنيها وخلّفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى المدنيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منذ 7 أکتوبر أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
أسرى الألم.. جرحى غزة محرومون من بهجة رمضان والعلاج
غزة- تجلس الطفلة الجريحة منة عقل على سرير في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، مثقلة بآلامها، والكثير من الذكريات التي بقيت لها، بعدما فقدت جميع أفراد أسرتها في غارة جوية إسرائيلية على منزلها في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع.
منة (8 أعوام) هي الناجية الوحيدة من هذه الغارة الغادرة التي هوت بالمنزل فوق رؤوس أسرتها (5 أفراد)، وخطفت أرواح والديها وإخوتها، فيما كانت هي الناجية الوحيدة مع جروح صعبة في ساقيها، تستدعي سفرها للعلاج في الخارج.
وقعت هذه الغارة ليلة 16 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بينما كانت هذه الأسرة الصغيرة نائمة، وتقول منة للجزيرة نت "استيقظت ووجدت نفسي في المستشفى وأعاني من ألم شديد في أنحاء جسدي وجروح وكسور في الساقين".
لم يتبق لهذه الطفلة سوى جدّيها، وقد تلقت خلال الحرب صدمات قاسية، جراء غارات أودت بحياة غالبية أفراد عائلتها من أعمامها وعماتها وأسرهم. وبكلمات مثقلة بالحزن تتحدث منة عن شعورها بالوحدة، واشتياقها لوالديها وإخوتها الشهداء.
ما ذكرياتك مع أسرتك في رمضان؟، سألتها الجزيرة نت، وببراءة طفولية تجيب وهي تمسك بفانونس صغير بين يديها "أكل ماما الزاكي، وبابا كان يشتري لي فانوس رمضان، وألعب به مع صديقاتي في الحارة، في ليلة رمضان كان أبي يذهب للسوق ويشتري لنا كل حاجة بنحبها، ويحضر زينة رمضان، وكنت أساعد ماما في تزيين البيت". وتساءلت بعد لحظة صمت "راح البيت وراحوا أهلي وبقيت لوحدي، ليش قصفونا وقتلوهم؟".
ومثل منة خلفت الحرب غير المسبوقة التي شنتها دولة الاحتلال على القطاع عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، آلاف الأطفال الأيتام ممن فقدوا والديهم أو أحدهما، وبينهم ناجون وحيدون من غارات مسحت أسرهم كليا من السجل المدني.
إعلانوتقول جدة منة، عفاف السلول، للجزيرة نت "لم يتبق لها سوانا.. أنا وجدها المريض، وقد استشهدت أسرتها، وعدد كبير من أعمامها وعماتها وأسرهم في الغارة نفسها وفي غارات أخرى خلال الحرب".
خضعت منة لعدة عمليات جراحية من أجل إنقاذها وإبقائها على قيد الحياة، واضطر الأطباء لقص واستئصال جزء من عظام الساقين. وبحسب الجدة عفاف (60 عاما)، فإنها بحاجة ماسة للسفر والعلاج بالخارج، والخضوع لعمليات زراعة عظم، لتتمكن من السير على قدميها والعودة التدريجية لحياتها.
وتراهن الجدة على الزمن من أجل تعافي ذاكرة حفيدتها التي لا تستوعب حتى اللحظة أنها ستواجه العالم وحيدة لبقية حياتها بعد استشهاد جميع أفراد أسرتها، وتقول إن حلول شهر رمضان لأول مرة عليها بدونهم ضاعف من حزنها ومن آلام جروحها وكسورها.
وتخشى السلول على مصير منة بعدما استنفد الأطباء في غزة كل ما في وسعهم، ولم يعد بالإمكان استكمال علاجها في المستشفيات المحلية التي تعاني ضعفا شديدا في الإمكانيات البشرية والمادية، جراء ما تعرضت له من استهداف ممنهج طوال الحرب، وقيود إسرائيلية مشددة على دخول الوفود الطبية المتخصصة، والأجهزة والأدوية والمعدات الطبية.
هذه الطفلة واحدة من بين زهاء 16 ألف جريح ومريض على قوائم الانتظار، يترقبون بلهفة فرصتهم للسفر من خلال معبر رفح البري مع مصر بغية العلاج بالخارج.
ويقول مسؤول ملف إجلاء المرضى في وزارة الصحة الدكتور محمد أبو سلمية -للجزيرة نت- إن الاحتلال يتلاعب بمصير جرحى ومرضى غزة، ويخرق ما تم التوافق عليه في البروتوكول الإنساني ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفقا للمسؤول الطبي، فإن الاحتلال لم يلتزم بالاتفاق سواء من حيث أعداد المرضى والجرحى والمحدد بـ150 يوميا يسمح لهم بالسفر، ولم يسمح بأفضل الأحوال بسفر أكثر من 50، أو من حيث أولوية السفر بناء على خطورة الحالة، حيث يتعمد التلاعب بالاحتياجات والأولويات.
من بين هؤلاء الذين يتعلق مصيرهم بالسفر عبر معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد للغزيين على العالم الخارجي من خلال الأراضي المصرية، الجريح أيمن داوود الذي يقبع في مجمع ناصر الطبي "أسيرا" لجروحه وآلامه، وبدا حزينا لعدم تمكنه من السفر للعلاج، ويخشى أن تطول فترة الألم والانتظار، وينهار الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، الذي انتهت مرحلته الأولى منتصف ليلة الثاني من مارس/آذار الجاري.
إعلانللشهر الخامس وأيمن (22 عاما) يرقد في سرير بالمستشفى، منذ أن تسببت له غارة جوية إسرائيلية بشلل نصفي، استدعت خضوعه لعدة عمليات جراحية.
ويفتح شهر رمضان بابا من الذكريات المؤلمة عليه، حيث لم تكن إصابته بالعمود الفقري وشلله كل ما ناله من الحرب الإسرائيلية التي حرمته من والده شهيدا، وكان منزل أسرته من بين غالبية منازل مدينة رفح جنوبي القطاع، التي تعرضت لدمار تقدره بلديتها بأكثر من 80% خلال العملية العسكرية الإسرائيلية والاجتياح البري لها في 6 مايو/أيار الماضي.
ناظرًا إلى ساقيه بحزن وألم، يقول داوود "الحرب أخذت مني الكثير، أبي ومنزلنا، لا أريد أن أقضي بقية حياتي مشلولا وليس لي أمنية أو حلم الآن سوى بالسفر والعلاج".
ويتساءل وقد بدت الكلمات تخرج منه بصعوبة "لمتى سأبقى أسير المستشفى ولا أستطيع الحركة عن هذا السرير؟، جاء رمضان وحرمتني الإصابة من الصوم وصلاة التراويح. أنا لا أشعر برمضان ولا ألمس بهجته، وأفتقد كل شيء اعتدته في هذا الشهر الجميل منذ الطفولة".
وتقدم داوود بطلب للحصول على تحويلة طبية للعلاج بالخارج بعد نحو أسبوعين من إصابته، ولم يتلق أي اتصال حتى اللحظة. وبعيون يملؤها الرجاء وبلسان يرتجف يقول هذا الشاب الجريح "أتمنى أن يأتي الرد وأسافر وأتعالج قبل فوات الأوان".