تواطؤ بايدن أمام مأساة غزة يهدد الأمن القومي الأمريكي
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
يهدد دعم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن غير المشروط للرد الإسرائيلي على الهجوم الذي شنته حماس مؤخراً، مصالح الأمن القومي الأمريكي، لا مصالحها الاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط فحسب، بل أيضاً منافستها الاستراتيجية مع الصين ومناصرتها لاستقلال أوكرانيا، وفق تقى النصيرات، مديرة الاستراتيجية في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي في واشنطن.
سوف تتردد أصداء كلمات بايدن - وتقاعسه - في آذان العرب لعقود
في 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، قال بايدن للصحافيين إنه "لا إمكانية" لوقف إطلاق النار في غزة، فيما تصدرت التقارير عن الظروف الكارثية هناك عناوين الأخبار.
ووصف مسؤولون بالأمم المتحدة الهجوم الذي شنته القوات الإسرائيلية على القطاع المحاصر بأنه "أزمة إنسانية"، و"مقبرة للأطفال"، حيث قُتل أكثر من 13 ألف فلسطيني، وأصيب عشرات الآلاف، وشُرّد أكثر من 1.5 مليون آخرين، وتعرّض جزء كبير من البنية التحتية المتداعية بالفعل في غزة للضرر أو الدمار.
سيُلحق كل صاروخ أمريكي الصنع يتم إسقاطه على سكان غزة المحاصرين، إلى جانب الاستجابة الأمريكية الفاترة تجاه الحرب، ضرراً بمكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وفي مختلف أنحاء العالم لسنوات قادمة.
"Every U.S.-made missile dropped on Gaza’s besieged population along with America’s tepid response to the war will damage U.S. standing in the region and around the world for years to come." - @TuqaNusairat in @latimesopinion https://t.co/VZ764c4nL2
— Nafeesa Syeed (@NafeesaSyeed) November 20, 2023
وقالت الكاتبة في مقالها بصحيفة "لوس أنجليس تايمز": هناك كثيرون يروّعهم عجز الولايات المتحدة عن اتخاذ موقف حقيقي لصالح وقف فوري لإراقة الدماء، والحيلولة دون نشوب صراع إقليمي موسع، وحماية النظام القائم على القواعد. فالعالم يتطلع إلى الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل والراعي المالي والعسكري لها، لكي تتخذ موقفاً متسقاً أخلاقياً.
وفيما يواصل الملايين نزولهم إلى الشوارع احتجاجاً في عموم البلدان العربية والإسلامية، وفي جميع أنحاء العالم، يفيد دبلوماسيون أمريكيون بأن الموقف الأمريكي يُنظر إليه على أنه "مسؤولية مادية وأدبية عما يعتبرونه جرائم حرب محتملة".
ويحذر هؤلاء من أن الولايات المتحدة "بصدد خسارتنا نحن العرب لجيل كامل"، وهو شعور واضح لأي شخص يقرأ "الشارع العربي"، سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو على أرض الواقع".
"What Biden’s staunch support for Israel’s war in Gaza will cost America" - @latimes
Strong argument by @TuqaNusairat of @AtlanticCouncil claiming this approach "threatens U.S. national security interests" in MENA and worldwide. https://t.co/twCI7QYbpS
"...
ومن ناحية أخرى نجد أن الصين، التي دعت إلى وقف لإطلاق النار، لا تفوت أي فرصة لتصوير نفسها كداعم للفلسطينيين، وتقدم نفسها كنصير للفلسطينيين، وهو طرح يتردد صداه لدى الجماهير العربية على خلفية المحاولات الأمريكية الضعيفة لتخفيف المعاناة هناك.
وفي معرض انتقاده للقصف الإسرائيلي على غزة، صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي بقوله: "الظلم الواقع على فلسطين دام أكثر من نصف قرن. ويجب ألا تستمر هذه المعاناة التي ابتليت بها الأجيال". وفيما ينصبّ تركيز الولايات المتحدة على المنافسة مع الصين، بدأت تخسر أرضاً بشكل سريع بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفي العام الماضي، حدد بايدن المبادئ التي ترسم ملامح سياسته تجاه الشرق الأوسط، داعياً إلى نظام قائم على القواعد: "الولايات المتحدة وكل بلد من البلدان الجالسة على هذه الطاولة جزء أساسي من هذا النظام، لأننا نرفض استخدام القوة الغاشمة لتغيير الحدود". وقد يجد المرء صعوبة في العثور على عربي واحد لا يؤمن بأن إسرائيل تستخدم القوة الغاشمة لتغيير الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتستغل التصعيد الأخير لزيادة ترسيخ احتلالها لغزة.
ومضى بايدن ليؤكد أن الولايات المتحدة "لن تتسامح مع جهود أي دولة للسيطرة على دولة أخرى في المنطقة، من خلال التعزيزات العسكرية والتوغلات أو التهديدات".
وفيما كان بايدن يشير بأصابع الاتهام إلى إيران، تشعر أغلبية ساحقة من العالم العربي بتهديد من إسرائيل أكثر مما تشعر به من تهديد من الجمهورية الإسلامية. والواقع أن الولايات المتحدة لم تفعل الكثير مع انتخاب الحكومة اليمينية الحالية في إسرائيل، الأمر الذي جرّأ المستوطنين المتطرفين على شن هجمات على الفلسطينيين والتحريض بانتظام على العنف ضدهم.
علاوة على ذلك، لم تتردد إدارة بايدن في إعطاء الأولوية للاتفاقات الإبراهيمية كمجهود لتحقيق "التكامل الإقليمي"، مع فشلها في الوقت نفسه في معالجة الأسباب الجذرية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفي سبتمبر (أيلول ) 2022، أعلن بايدن أن "الولايات المتحدة ستعمل دائماً على تعزيز حقوق الإنسان والقيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة". ومن واقع التقييمات التي أجرتها الغالبية العظمى من منظمات حقوق الإنسان الكبرى والهيئات الدولية، فإن إسرائيل تنتهك باستمرار الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة ومواطنيها العرب.
ومنذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، انخرط كلا الطرفين في أعمال ستخضع للتحقيق كجرائم حرب، لكن هناك طرفاً واحداً فقط حليفاً للولايات المتحدة يحظى بالتمويل والدعم السياسي والمالي والعسكري من الولايات المتحدة.
ازدواجية المعايير الأمريكية
وأشارت الكاتبة إلى أنه في جميع أنحاء العالم العربي وبلدان جنوب الكرة الأرضية، يقارن الناس بين التصريحات الأمريكية حول احترام حقوق الإنسان وقوانين الحرب في سياق الحرب الروسية الأوكرانية وبين المواقف الأمريكية المؤيدة بشدة لإسرائيل، عندما يتعلق الأمر بالحرب على غزة. وقد أجبرت هذه الحرب حتى الحلفاء المقربين للولايات المتحدة على التنديد بازدواجية المعايير الأمريكية.
وفي خطاب ألقاه في القاهرة في أواخر أكتوبر، وصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كيف يقرأ العرب الاستجابة الغربية: "حياتنا أقل أهمية من حياة الآخرين. وتطبيق القانون الدولي انتقائي، وحقوق الإنسان لها محددات، فهي تتوقف عند الحدود، وتتوقف باختلاف الأعراق، وتتوقف باختلاف الأديان".
واختتمت الكاتبة مقالها بالقول: "سوف تتردد أصداء كلمات بايدن - وتقاعسه - في آذان العرب لعقود قادمة، حيث سيرسم التواطؤ الأمريكي في غزة ملامح علاقة المنطقة مع الولايات المتحدة في المستقبل المنظور".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
عون لمستشار الأمن القومي الأمريكي: ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من النقاط المتبقية في لبنان
لبنان – أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون امس الأربعاء لمستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز، ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من النقاط المتبقية في لبنان.
وفي التفاصيل، تلقى جوزيف عون اتصالا هاتفيا من مايكل، الذي أكد له متابعة الإدارة الأمريكية للتطورات في الجنوب، بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية واستمرار احتلالها لعدد من النقاط الحدودية، وفق ما جاء في بيان للرئاسة اللبنانية.
وحسب البيان، أشاد والتز بالدور الذي لعبه الجيش اللبناني في الانتشار في المواقع التي أخلاها الإسرائيليون، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة تجاه لبنان بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار، وحل المسائل العالقة ديبلوماسيا.
كما شدد مستشار الأمن القومي على أهمية الشراكة اللبنانية – الأمريكية وضرورة تعزيزها في المجالات كافة.
من جهته، شكر الرئيس عون، والتز، مشددا على الموقف اللبناني بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من النقاط المتبقية واستكمال تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر 2024 لضمان تعزيز الاستقرار في الجنوب وتطبيق القرار 1701، وعلى الإسراع في إعادة الأسرى اللبنانيين المعتقلين في إسرائيل.
وفي سياق متصل، أكد وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى خلال استقباله السفيرة الأمريكية لدى بيروت ليزا جونسون على جاهزية الجيش لتنفيذ مهامه على كامل الأراضي اللبنانية.
هذا وأعلن الجيش اللبناني أمس الثلاثاء، أن قواته انتشرت في البلدات الحدودية كافة التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الخماسية وقوات “اليونيفيل” الدولية.
في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي أنه سيبقي على أعداد من قواته في 5 مواقع في جنوب لبنان بعد 18 فبراير، موعد انتهاء مفاعيل اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين.
والنقاط الخمس التي ستبقى فيها القوات الإسرائيلية هي: العزية، العويضة، جبل بلاط، اللبونة والحمامص.
يذكر أن البيت الأبيض أعلن في 27 يناير المنصرم، تمديد ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حتى 18 فبراير (أمس الثلاثاء)، وبدء محادثات بوساطة أمريكية بشأن إعادة الأسرى اللبنانيين المحتجزين بعد 7 أكتوبر 2023.
المصدر: RT