عربي21:
2024-11-14@21:53:30 GMT

بالدم.. غزة تعيد كتابة التاريخ

تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT

ظلت غزة عنوانا كبيرا للصمود والتحدي منذ فجر التاريخ حتى اليوم، ولم يعرف الصبر مكانا في العالم كما عرف أهل غزة، ولم يكتب التاريخ من قبل صورا للتضحية كتلك التي كتبها عن رجال غزة ونسائها وأطفالها..

واليوم غزة تزرع البارود والنار، والنفط يسقي زرعها بالدخان والخذلان.. وظل شاطئها مفعما بالغضب والعنفوان، وظل النفط يلوث موجها بالقار والعار.

. كانت غزة تتكئ على الرمال قبل أن يتاجر النفط بدمنا ويدفع فاتورة القتل الجماعي.. غزة لها بواك، وليس لها من أطنان الدراهم والريالات سيف يضرب على يد اللصوص، ولا قرنفلة تُركز على قبر شهيد.. غزة اليوم شهيدة بلا مشيعين، ودمار ولا مسعفين.. غزة تجوع وتعطش، والتخمة تنفخ الكروش لتحيل الذكور إلى حوامل في هزيعها الأخير من الولادة..

نحو 2.5 مليار عربي ومسلم لا يستطيعون إدخال قنينة ماء لطفل يكاد يموت عطشا قبل أن يموت بقذائف طائرة وسيمة صُنعت في بلاد العم سام خصيصا لقتلنا نحن العرب؛ لتبقى إسرائيل متربعة على عروش حكامنا تأمر وتنهى كما يحلو لها الأمر والنهي..

نعم لقد قُتل منا أعداد كبيرة وخسرنا من أطفالنا ونسائنا ورجالنا ما طاف عن 13 ألفا حتى اللحظة، وربما وصل العدد اليوم إلى أكثر من 14 ألفا بعد المجازر الجديدة.. نعم لقد دمروا المنازل والبنايات والمستشفيات والمدارس والبنية التحتية.. نعم لقد روّعوا أطفالنا، وقتلوا طفولتهم، ويتّموا من بقي منهم.. نعم لقد تعرضنا لمذبحة وحشية فاشية لا رحمة فيها ولا إنسانية.. نعم لقد جاع أهل غزة وعطشوا وتعروا وفقدوا ما يملكون من كل ما هو مادي، لكنهم ظلوا أقوياء محتسبين صابرين جلدين..

يواجه مقاتلو المقاومة الأشداء الموت بصدور مكشوفة وتحد لا مثيل له.. يواجهون الدبابات بهدوء وثقة بالنفس عالية، مع أن الكيان الصهيوني حشد لهم مئات الدبابات المحصنة. ولا شك بأن هدنة الأيام الخمسة التي سيتم فيها تبادل الأسرى، ستكون فرصة مهمة لهم ليستعيدوا التنسيق والإعداد للمواجهة من جديد، وهو ما أعتقد جازما بأنه سيكون كارثة على جيش الاحتلال..

نعم لقد كانت خسارتنا في أرواح المدنيين ومقدراتهم المادية كبيرة، لكن الكيان الصهيوني خسر الكثير، ويكفيه خسارة ما سقط من جنودهم بين قتيل وجريح من قوات النخبة التي يفخرون بها، والتي جعلتها المقاومة أضحوكة في عين العالم، ويكفي ما تتعرض له المدن والبلدات الإسرائيلية من دمار وقتل ورعب جراء صواريخ المقاومة التي حرقت تل أبيب وأشعلت النيران في العديد من مدنه، ناهيك عن المعارك الاجتماعية والسياسية بشأن الأسرى لدى المقاومة وبشأن الوضع الاقتصادي، والنزوح الداخلي والهجرة المعاكسة؛ فالكيان الصهيوني يتمزق من الداخل، وبعد انتهاء الحرب سيشتعل الكيان بمشكلات لها أول وليس لها آخر.

ويعاني الكيان المحتل اليوم من تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتوقف عدد كبير من المصانع والمزارع؛ فقد تم تسريح نحو 120 ألف عامل وموظف، يضاف لهم يوميا نحو 5000 جدد.. وقد وصل التضخم لأول مرة منذ سنوات طويلة إلى 5 في المئة بعد أن كان قبل الحرب 3.3 في المئة، وبات أداء البورصة الأسوأ في العالم.

ومع أن الشعوب تجتمع في الحروب ولا تتفرق؛ إلا أن المجتمع الصهيوني يعاني من تمرد وانشقاقات وغضب استثنائي سيكون كارثة عمياء تحل على رأس نتنياهو وحكومته، في ظل الخسارات الكبرى على كل صعيد وليس سمعة دولة الاحتلال في العالم أقلها؛ فقد تنبه العالم إلى إجرام حكومة الاحتلال وجيشها بشكل سافر لا لبس فيه ولا مجال للخداع الذي اعتاد عليه إعلامهم العسكري والمدني طوال الأعوام السابقة.

ويجتمع اليوم على الكيان المحتل ضغطان كبيران، أولهما الضغط الدولي المتزايد يوميا، ناهيك عن الضغط الشعبي في كل الاتجاهات من الكرة الأرضية، والثاني: عدم القدرة على تحقيق نوع من الانتصار على حركات المقاومة، اللهم باستثناء الانتصار على دم الأطفال والأجنة، وهو ما سيفضي بالضرورة إلى محاسبة الكيان دوليا، فهو لن يفلت هذه المرة من العقاب، وسيكون مردود ذلك سلبيا جدا على سمعته التي تلونت بدم الأطفال والنساء حين عجز عن هزيمة الرجال، وما هذا القصف العشوائي المدمر وقتل المدنيين إلا مؤشرا على هزيمة قاسية، ووشاية على الهستيريا التي أصابتهم في مقتل جراء طوفان الأقصى، فهم يبحثون عن نصر زائف، ولا يجدونه إلا في دم الأبرياء من أبناء شعبنا الصامد.

يجتمع اليوم على الكيان المحتل ضغطان كبيران، أولهما الضغط الدولي المتزايد يوميا، ناهيك عن الضغط الشعبي في كل الاتجاهات من الكرة الأرضية، والثاني: عدم القدرة على تحقيق نوع من الانتصار على حركات المقاومة، اللهم باستثناء الانتصار على دم الأطفال والأجنة، وهو ما سيفضي بالضرورة إلى محاسبة الكيان دوليا
وفي الوقت نفسه، لا بد لنا من تأمل المشهد بأكمله؛ لنحس بأن عمر الكيان الصهيوني يوشك على النفاد، فمن استطاع أن يدخل غلاف غزة ويقتل ويأسر ويدمر ويخرج بلا أدنى خسارة؛ فهو قادر -في السنوات القليلة القادمة- على الوصول إلى القدس ويافا وحيفا؛ بوعي جديد وتخطيط محكم وإعداد عسكري وتنسيق مع جبهات أخرى، وهو ما نراه بقلوبنا وعقولنا وبدورة التاريخ ونبوءاتهم هم، وقناعاتنا نحن.

لقد آن لشعوبنا العربية الأبية التي لم تتوان عن الوقوف إلى جانب إخوتها في غزة، وتبرعت بأموال طائلة للقطاع وأهله، وهو ما عرفناه من أشخاص يعملون في جمع التبرعات في الأردن على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك في قطر والكويت وغيرهما.. لقد آن أن تنتفض الشعوب على الظلم والكبت والمواقف الجبانة لحكامها وخصوصا في مصر وبعض دول الخليج، وآن لأهل غزة أن يحسوا بأنهم ليسوا وحدهم، وهو ما يعزز من قوتهم وصمودهم واستمرار مقاومتهم.

رغم الجراح والدم والدمار؛ فلن تسقط غزة، ولن تستسلم بإذن الله، "والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون" صدق الله العظيم

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال صمود تضحيات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی الانتصار على وهو ما

إقرأ أيضاً:

الكاتبة فاطمة العامري لـ24: كتابة القصة تختزل لحظات الحياة بذكاء الفنان

أكدت الكاتبة والفنانة فاطمة العامري أنها اختارت كتابة القصص القصيرة، لأنها تحب هذا الفن المكثّف، الذي يختزل لحظات من الحياة، ويعيد تقديمها بذكاء الفنان.

وأضافت في حوار لـ24: "تخصصي الدراسي في بكالوريوس العمارة الداخلية والتصميم من كلية الفنون الجميلة، ثم دراستي ماجستير اللغة العربية وآدابها، كان لهما دوراً كبيراً في تطوير ذائقتي الأدبية والفنية.

ويذكر أن الكاتبة والفنانة فاطمة العامري خريجة كلية الفنون الجميلة والتصميم، وباحثة ماجستير بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة، لها ما يزيد عن 6 مؤلفات في مجال القصة القصيرة للكبار والأطفال، وحائزة على عدد من الجوائز، منها جائزة غانم غباش للقصة القصيرة للعام الحالي، وجائزة فاطمة بنت مبارك للتميز الثقافي والفني والإعلامي، وجائزة الشيخ راشد بن حمد الشرقي للإبداع، وترشحت وصولاً الى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد - فئة أدب الأطفال.
وتالياً نص الحوار مع ابنة الإمارت فاطمة العامري:  
 _متى بدأت كتابة القصة القصيرة ولماذا اخترت هذا المجال؟
بدأت الكتابة من عمر مبكّر جداً في فترة المدرسة، وحصلت على عدد من الجوائز، لكن خيار النشر جاء متأخراً إلى ما بعد التخرج من الجامعة، واخترتُ مجال القصة القصيرة لأنني أحب هذا الفن المكثّف، الذي يختزل لحظات من الحياة ويعيد تقديمها بذكاء الفنان.
_ما أهم المجموعات القصصية التي تأثرت بها عبر رحلتك مع القراءة؟
قرأت وما زلت أقرأ قصصاً للعديد من الكتّاب، مثل تشيخوف- موباسان- باتريك زوسكيند- يوسف إدريس- زكريا تامر - بورخيس - رافييل نوبوا، وغيرهم.
_فزت بجائزة غانم غباش للقصة القصيرة للعام الحالي.. ما عنوان القصة وكم استغرقت وقتاً في كتابتها؟
القصة بعنوان "الصوت في رأسي يقول" ظلت الفكرة في ذهني حوالي عام كامل، ولم أكتبها الا للمشاركة في جائزة غانم غباش، واستغرقت حوالي شهر للتحرير والكتابة والمراجعة.
_وماذا مثل لك الفوز بجائزة غانم غباش للقصة القصيرة؟
أشعر بالفخر، كوني الفائزة الأولى مع عودة الجائزة بعد انقطاع دام 15 عاماً تقريباً، كما أشعر بالمسؤولية تجاه هذا التكريم، لأنه خطوة للعمل بإصرار وجدية أكثر على تجربتي الأدبية.

_هل تفكرين بكتابة رواية مستقبلاً وما عملك الأدبي القادم؟
لا أميل لكتابة الرواية، أنا مخلصة لفن القصة القصيرة، وأحاول العمل على مجموعة قصصية جديدة بمواضيع لم أتناولها من قبل.
_كخريجة فنون جميلة، وباحثة ماجستير آداب كيف أثرّ تخصصك الدراسي على كتاباتك الأدبية؟
تخصصي في بكالوريوس العمارة الداخلية والتصميم من كلية الفنون الجميلة ثم دراستي ماجستير اللغة العربية وآدابها، كان لهما دور كبير في تطوير ذائقتي الأدبية والفنية.
أصبحت أهتم بالتفاصيل الفنية، وبناء المشاهد والصور وشخصياتي القصصية، لأنه لا يمكن لأدب أن يتشكل دون تقنيّات فنية، والعكس صحيح.
كما أن رسالة الماجستير الخاصة بي جمعت ما بين الفنون والأدب، بدراسة العلاقة ما بين فن التصميم وبناء القصة القصيرة الموجهة للكبار والأطفال.

_ماذا عن نتاجك في الفنون الجميلة؟ 
أرسم الكتب الموجهة للكبار، وقصص الأطفال وأشرفت على تدريب عدد من الرسامين في مجال صناعة كتب الأطفال، ضمن برنامج دبي الدولي للكتابة، التابع لمؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، كما شاركت في عدد من المعارض الدولية مثل معرض بولونيا - إيطاليا للكتاب ومعرض سالونيك للكتاب في اليونان ومعرض جوادالاهارا في المكسيك وذلك عبر رسوماتي الموجهة للأطفال وقصصهم.
من أجواء قصة "الصوت في رأسي يقول" للكاتبة فاطمة العامري الفائزة بجائزة غانم غباش مؤخراً.
"أنتِ تكتبين هذا النص دون إرادةٍ منكِ. تكتبينه لأنني أمليه عليكِ كلمةً كلمة، جُملةً فجُملة، ولو أنني صمَتُّ الآن. لو أنني خرستُ الآن وتوقفت، لتوقفتِ أيضاً. تماماً كنقطةٍ في نهاية السطر.               
لكنني لن أتوقف، لأنني في هذه اللحظة أريد أن أفرغ هذه السطور المحتشدة بداخلي فيكِ، أنفضها مني. لا لشيء سوى أن الصمت مدةً طويلة لا يروقُ لنا نحنُ الكتّاب الأموات، حتى بعد انتقالنا إلى الحياة الأخرى.  ولأننا لا نملكُ الجسد الفيزيائي، النابض، الحيّ الذي تملكونه أنتم الكُتّاب الأحياء. نزوركم بين الحين والآخر لنُملي عليكم حكاياتٍ، أو نفضفض قصصاً، أو نتخلّص من ثقل الأوزان الشعرية، أو نمنحَ أنفسنا متعة أن تُنشر لنا نصوص من خلالكم. لا يفوتنا أن نسمع آراءَ النُّقاد، لاسيما عندما يُبدون رأياً في نص ما؛ فيقولون:
"تأثر في هذه القصة، أو في تلك الرواية بأسلوب فلان –رحمه الله-"، أو يلمّحون إلى أنكم لا يُمكن أن تكونوا بهذا القدر من الموهبة، ولا هذا المستوى من النضج الأدبي ما لم تقرؤوا نصاً نثرياً أو شعرياً كتبه ميتٌ في عامٍ من الأعوام! "

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يقود الكيان الصهيوني نحو نهايته: غروره ووحشيته يثمران قوة المقاومة
  • الكيان الصهيوني يعتقل شابين شمال سلفيت مساء اليوم
  • الخارجية : سورية تؤكد على أن إمعان هذا الكيان الغاصب بالاستهتار المنقطع النظير بالقوانين الدولية، وعدم اكتراثه بكل المطالبات الدولية لوقف عدوانه وانتهاكاته، يأتي جراء عدم اتخاذ مجلس الأمن لموقف حازم وحقيقي لردعه عن جرائمه، التي شملت أيضاً الاعتداء على قوا
  • وزارة الخارجية : سورية تدين الجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني والتي سقط ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين
  • تأهيل عدد من كوادر مؤسسة الشهيد زيد مصلح في كتابة قصص الأطفال
  • عمليات نوعية للمقاومة في غزة والعراق ضد الاحتلال وحماس تدعو الشعوب الحرة لحصار سفارات الكيان
  • الكاتبة فاطمة العامري لـ24: كتابة القصة تختزل لحظات الحياة بذكاء الفنان
  • بعد توقفه لعطل تقني.. اليابان تعيد تشغيل مفاعل نووي اليوم
  • في اليوم الـ51 لمعركة “أولي البأس”.. المقاومة تُحكم الطوق على العدو.. تصعيد نوعي يضاعف خسائر الكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني يقتحم بورين جنوب نابلس مساء اليوم