أكد الكاتب الصحفي علي حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ، أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستُجرى في ظل ضمانات متعددة لنزاهتها وحتى تخرج نتائجها معبرة عن الإرادة الحقيقية لجموع للناخبين، مشيرا إلى أنه يتعين على أبناء الشعب المصري الحرص على المشاركة الإيجابية الفاعلة عبر التوجه إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.

جبالي يدعو المواطنين للنزول بكثافة للاقتراع في الانتخابات الرئاسية: عدد المرشحين تاريخي علي حسن: من المهم حث الطلاب على ممارسة حقهم في الانتخابات الرئاسية

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط، خلال مشاركته في ندوة "صوتك مستقبلك - انزل شارك" اليوم والتي نظمها مجمع إعلام الزقازيق التابع للهيئة العامة للاستعلامات بالتعاون مع كلية الحقوق جامعة الزقازيق، بحضور الدكتور ممدوح المسلمي عميد الكلية، والدكتور مدحت غنايم وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، ودسوقي عبد الله مدير عام الإدارة العامة لإعلام شرق الدلتا وعدد كبير من الطلاب والحضور.

 

وقال الكاتب الصحفي علي حسن: "لطالما كان المصريون يتمتعون بالوعي والمسئولية الوطنية، والاستحقاق المقبل للانتخابات الرئاسية سيُجرى وسط ظروف دولية وإقليمية بالغة الصعوبة، لا سيما إثر العدوان الإسرائيلي الغاشم على أبناء الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، ومن ثم يجب علينا جميعا الحرص على المشاركة لنقول للعالم من هو الرئيس الذي سنختاره ليقودنا ويحمي أمن وسلام واستقرار وتنمية الوطن".

 

وأشار إلى أن منصب رئيس الجمهورية هو الأهم في البلاد، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية ويرعى مصالح الشعب ويحافظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه، مشددا على أن مصر "دولة مؤسسات" وتقوم على احترام القواعد الدستورية والقانونية، وقد أناط الدستور بالهيئة الوطنية للانتخابات - وحدها ودون سواها - مسئولية الإشراف على الانتخابات التي ستُجرى تحت إشراف قضائي كامل، وتعاونها كافة سلطات الدولة ذات الصلة.

 

واستعرض الكاتب الصحفي علي حسن عددا من الضمانات التي تُحيط بالعملية الانتخابية المقبلة بما يحقق نزاهتها، وفي مقدمها وجود قاض على كل صندوق اقتراع، فضلا عن تواجد مندوبي كل مرشح داخل اللجنة، إلى جانب متابعة ممثلي منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية، والمتابعة الإعلامية من جانب الإعلام المحلي والعربي والدولي.

 

ولفت إلى أن هناك اهتماما دوليا كبيرا بالانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة ومجرياتها وأحداثها وما ستسفر عنه نتيجتها، نظرا لكون مصر دولة محورية ومؤثرة، ودائما ما تكون في الصدارة لإيجاد الحلول للمشكلات ونزع فتيل الأزمات الإقليمية والدولية، في ظل استقلال كامل للإرادة الوطنية المصرية.

 

وقال علي حسن: "مشاركة المواطنين في الانتخابات، حق كفله الدستور لكل مواطن بلغ من العمر 18 عاما، وهو ما يعكس حرية المواطن، وأسمى معانيها الحرية السياسية وأعظم مراحل هذه الحرية، هي اختيار رئيس الدولة، وهو حق وواجب علينا جميعا، وأنا أدعو جميع المواطنين إلى الحرص على الذهاب إلى المراكز الانتخابية، والإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع وانتخاب من يريدون أن يكون رئيسا للبلاد من أجل مصر ومستقبل أبنائها".

 

وأضاف: "لمسنا طوال السنوات الماضية، العديد من الإنجازات التي تتحقق على أرض مصر، ونتطلع إلى المزيد من أجل شعبنا، وعلينا اختيار الرئيس الذي لديه القدرة على مواصلة البناء، بالتوازي مع إيجاد حلول علمية للتحديات الاقتصادية التي تسببت فيها ظروف خارجية صعبة مثل جائحة كورونا، والحرب الروسية - الأوكرانية وأخيرا العدوان على غزة".

 

وأشار رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى أن مصر نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الاستراتيجية، ومن بينها الأرز، وأنه في غضون عام إلى عامين سيتحقق الاكتفاء من القمح، بجانب جهود تشغيل المصانع المتعثرة ، وجذب الاستثمارات الخارجية للبلاد وزيادة التصدير، والنهوض بقطاع السياحة والذي أثمر عن اجتذاب نحو 15 مليون سائح حتى الآن، وخلال سنوات قلائل سنصل إلى 23 مليون سائح لرفع الدخل من السياحة.

 

وأكد أن هناك جهودا كبيرة تُبذل في مختلف المجالات للنهوض بمصر وتنميتها على كافة الأصعدة، مشددا على أن الهدف الرئيسي من كافة تلك الجهود، هو المواطن المصري والذي هو محور دور الدولة واهتمامها.

 

ولفت إلى أن مبادرة "حياة كريمة" جعلت المشروعات التنموية تغطي معظم القرى في كافة المحافظات، بعد أن كانت جهود التنمية في السابق قاصرة على القاهرة الكبرى وعواصم المحافظات، فضلا عن الجهد المُضني للقضاء على العشوائيات وتوفير مساكن بأسعار مناسبة للمواطنين محدودي الدخل، من أجل توفير حياة كريمة لكل مواطن على أرض مصر.

 

وتطرق رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدا أن موقف الدولة المصرية الذي عبر عنه بكل وضوح الرئيس عبد الفتاح السيسي، برفض كافة مخططات تصفية القضية الفلسطينية والتصدي لها بكل حسم، هو موقف وطني قوي ومُشرف وسيسجله له التاريخ.

 

وأوضح أن الرئيس السيسي أعلن رفض مصر القاطع أي مسعى لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين قسريا، وتأكيده أن الدولة المصرية لن تفرط في حبة رمل واحدة من أرض سيناء، مشيرا إلى أن شعب مصر بكافة فئاته خرج في مظاهرات حاشدة وأعلن تأييده للرئيس السيسي وتفويضه في ما يتخذه من قرارات للحفاظ على أمن مصر القومي.

 

وأشار إلى أن هناك جهدا ملموسا تابعناه جميعا وتابعه العالم أجمع، عبر الاتصالات والاجتماعات وسلسلة المواقف خلال استقبال الزعماء والوفود الرسمية من مختلف دول العالم، من أجل وقف الحرب وتطبيق هدنة وبدء مفاوضات جادة نحو حل الدولتين لإحلال السلام والاستقرار، لا سيما وأن مصر لها رؤية صائبة بأن السلام لن يتحقق دون إقامة الدولة الفلسطينية.

 

وثمّن الكاتب الصحفي علي حسن دور مصر الكبير في مساندة الشعب الفلسطيني خلال الأزمة الحالية، حيث أدخلت المساعدات عبر معبر رفح البري، واستقبلت الجرحى والمصابين لعلاجهم داخل أراضيها، وحشد جهود المجتمع الدولي لوقف الاقتتال فورا، مشيرا إلى أن تطور الأحداث أثبت صحة رؤية مصر من إمكانية اتساع رقعة الصراع، ومستشهدا على ذلك بما قامت به جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان.

 

وقال إنه لدى بدء الحرب على غزة، بادر الرؤساء وزعماء دول العالم بالتواصل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لثقتهم في حكمة مصر وقدرتها على التدخل والتأثير الإيجابي في الأحداث، لافتا إلى أن الرئيس السيسي في كل أنشطته يضع دائما في أجندته الأوضاع في الأراضي المحتلة ويدعو لحل الأزمة على أساس قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين.

 

وكان الدكتور خالد الدرندلي رئيس جامعة الزقازيق قد استقبل الكاتب الصحفي علي حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، حيث أكدا ثقتهما في وعي ووطنية المواطنين المصريين وحرص جموع أبناء مصر على الاصطفاف لمواجهة الأزمات والتحديات والوقوف على قلب رجل واحد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رئيس مجلس إدارة رئيس تحرير وكالة انباء الشرق الاوسط الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمانات متعددة الارادة الحقيقية وکالة أنباء الشرق الأوسط الکاتب الصحفی علی حسن الانتخابات الرئاسیة فی الانتخابات إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

معالم في طريق استقرار الحكم في السودان

أ / محمد علي طه الملك
خبير قانوني وقاض سابق بالمحاكم السودانية

سلسلة مقالات من (1 إلى 10)
إن تجاوز أزمة الحكم ومعضلاته في السودان مقدور عليه لو صدقت النوايا، فهنالك العديد من النظريات في العلوم السياسية ، وتطبيقات الحوكمة ، ونظم الدولة يمكن بها حل إشكالات الدولة المركزية في السودان ، ولكن لم يعد سرا عند كافة السودانيين أن لا استقرار ولا نجاح ولا استدامة لنظام حكم في السودان ، ديمقراطيا كان أو دكتاتوريا ، فدراليا كان أو مركزيا ، ما لم تحل جذريا مشكلات هوامشه ويعاد النظر في بنيات الدولة ومؤسساتها الموروثة من الاستعمار ، ومثلما هي واضحة مشكلات تلك الهوامش فإنها أيضا متباينة من حيث مسبباتها ودرجات تعقيداتها ، فإن كانت أبعادها في الشرق والي حد كبير في الشمال القصي
تعود لما هو ثقافي وتنموي ، فإنها تعود في الغرب والنيل الازرق لما هو إثني وتنموي وثقافي وبيئي ، ولعل العقدة الكأداء التي تحول دون العبور الآمن للحلول بوجه أكثر خصوصية في هذه الآقاليم ، أن الحلول يجب أن تأتي بتوافقات من مكوناتهم الاجتماعية قبل أي جهة سياسية أو رسمية أخرى ، وهنا تكمن العلة ، لآن ذلك يعني أن الكيانات المتساكنة في أقاليم الصراعات يقع عليها العبء الآكبر، نحو تسكين وترويض قناعات مكوناتهم نفسها في قبول الآخر والتعايش مع حقائق البيئة التي تفرض ذاتها على الآزمة لحين تجاوزها بالتنمية المدروسة ، بمعنى أن الرغبة في التعايش وقبول الآخر المختلف اثنيا أو ثقافيا ، يجب أن تنبع منهم فيما بينهم قبل غيرهم ولن يكون ذلك ممكنا مالم تتولي نخبهم الاجتماعية بنفسها عملية التنوير، ورأب التصدعات فيما بينهم وصولا لتقصير ظل المعضلات ، حتى تصبح محصورة فيما هو تنموي أو تمثيل سلطوي ولكن في ظل التباغض الاجتماعي ، والفرز الإثني والثقافي الحاد ، والتنازع الهويوي الذي يحول التنافس على الموارد المحدودة الي حروب طاحنة، لن تنجح معها الخطط التنموية ولا التعايش السلمي المنشود، حتى لو عولجت معضلة تولى السلطة ، وما يثير الغرابة ويدفع المرء للظن بأن بلادنا محسودة ، أن مناطق النزاعات هي الآكثر ثراء من حيث تنوع مواردها ، والآكثر نفرا من حيث قواه العاملة ، والآكبر رقما من حيث اعداد الاثرياء فيه ، مع ذلك فلمكون الاجتماعي غير قادر على تقبل الآخر والتعامل معه بندية صحيح هنالك أخطاء استراتيجية ارتكبتها السلطات الحاكمة بمختلف سياقاتها وزمانها ولكن ليس صعبا الوصول لعلاجات ناجعة لمسائل الصراع حول السلطة كما نوهت في المقدمة ، غير أن الآهم التعويل على دور المكونات الاجتماعية المحلية ، وما يمكن أن تضطلع به من حيث تسكين ثقافة القبول بالآخر ، والاعتراف بالتنوع كميزة تعضد الثراء الاجتماعي وتصحح اختلالات الجينات الوراثية.
لذلك عندما اتجه الرأي نحو الاعتراف بالعدالة الانتقالية كآلية ، فلكونها الاقرب للمزاج الشعبي من حيث تمليك سلطة الحل للإرادة الشعبية ، عن طريق تحييد سلطة مؤسسات الدولة الرسمية ، ووضعها في حجر المتضررين واليائسين من عدالتها ، كثيرون ينظرون للعدالة الانتقالية وكأنها آلية هدفها محاكمة من ارتكبوا الجرائم في حق مجتمعاتهم فحسب ، بينما هي في حقيقتها آلية ذات فضاء يتجاوز مجرد محاكمة الجناة وجبر أضرار المتضررين ، إلي تقويم الوعي الاجتماعي ، عن طريق تسمية المشكلات ، اجتماعية كانت أو ثقافية أو سياسية أو بيئية أو تنموية ، وربط ذلك بما تطلبه من اعادة النظر في بنية الدولة نفسها ومؤسساتها ، ومدى تناسقها مع إرادة من تحكمهم ، لقد أوجدت هذه الآلية لكي تعالج مشكلات الدول مؤسساتها وتشريعاتها ومجتمعاتها المأزومة ، بغية إعادة الصياغة والبناء وصولا للاستقرار والسلم الاجتماعي اللذان يشكلان كلمة السر في نجاح مشروعات التنمية والنهوض بالدولة وإنسانها.
تجارب الحكم اللامركزي
كثيرون في ظنهم أن تجربة الحكم الفيدرالي في السودان تجربة حديثة على مكوناته السكانية ، غير أنها في الواقع ممارسة غائرة في تاريخ نظم الحكم في السودان ، ولعل الباحث في نظم الممالك والسلطنات القديمة ، يتلمس بجلاء صيغ الفيدرالية التي سادت ونظمت مرافق الدولة في أزمانهم ، فلو نظرنا لشكل ونظم الحكم التي سادت أوان العصر المروي ، نجد أن شكل الدولة مؤسس على الفيدرالية علي أكمل وأقوم أشراطها ، وكذا الحال في المالك المسيحية التي سادت في القرون الوسطى ، وقد تأست السلطنة الزرقاء بسابقاتها وتبنت بدورها النظام الفيدرالي.
السودانيون إذن كانوا الآسبق في تجارب الحكم الفيدرالي ، و لم يألفوا نظام الدولة المركزية إلا بعد غزو حاكم مصر محمد علي باشا للسودان عام 1821م ، وتأسيس حكمدارية تتبع الباب العالي حسبما تفيد المصادر، من بعدهم مضت الدولة مركزية في ظل كل العهود التالية ، استعمارية كانت أم وطنية ، وعلى الرغم من مركزية الحكم التي سادت ، لم تخلو فترات الحكم من إتباع أنماط من النظم الإدارية اللامركزية ، بغية تقصير الظل الإداري ( نظام المأموريات والمديريات الإدارية) اضطروا إليها لاتساع الرقعة الجغرافية في البلاد فضلاً عن تكوينه الاجتماعي وتعدده البيئي وتنوعه الثقافي.
مع بدايات العهد المايوي 1969م ، نحت الدولة نحو اللامركزية الإدارية ، وشرعت قانون الحكم الشعبي المحلي ، كان من ابرز سماته جعل المديرية وحدة حكم بشخصية اعتبارية ، لها موازنة وهيئة حاكمة هي المجلس الشعبي التنفيذي ، هذا المجلس له سلطة إنشاء مجالس شعبية تحتية ، مثل مجالس المناطق ، المدن والآرياف ، ومجالس ا آحياء والقرى والفرقان ، والمناطق الصناعية ، لهدفين هما تحقيق قدر من اللامركزية ، وتفعيل مبدأ المشاركة الشعبية في تقديم الخدمات العامة ، و في قمة المجلس الشعبي التنفيذي محافظ يعين بواسطة رئيس الجمهورية.
بعد اتفاقية اديس اببا 1972م ، صدر قانون الحكم الذاتي للمديريات الجنوبية ، وحمل نصا في الفصل الثاني منه ، قضى بأن تصبح المديريات الجنوبية للسودان إقليماً يتمتع بالحكم الذاتي الإقليمي ، في نطاق جمهورية السودان الديمقراطية ، يعرف بإقليم جنوب السودان. ُكونت له سلطة تنفيذية للحكم ، جلس على قمته رئيس المجلس التنفيذي العالي ، الحاكم المسؤول عن حسن إدارة الإقليم ، وهيئة تشريعية ُعرفت بمجلس الشعب الإقليمي لجنوب السودان ، كان معنيا بصنع السياسات العامة في الإقليم ، بهذه الصيغة أصبحت البلاد تدار بنمطين من الحكم ، حكم لامركزي في الشمال ، يدار تحت قبضة مركزية من العاصمة بجانب حكم إقليمي في الجنوب ، وبدا الآمر مربكا من حيث التكييف الإداري الدستوري لشكل الدولة ونظام الحكم ، فلا هو نمط فيدرالي كامل الشروط ، ولا هو لامركزية إدارية بحتة ، الآمر الذي حدا بفقهاء الإدارة إلى القول أن مثل هذا الهيكل في دولة موحدة ، يعتبر أمراً لا نظير له في العالم ، ولكي ينم تجاوز هذه الازدواجية المربكة ، فضلاً عن أسباب سياسية أخرى ، أعاد النظام هيكلة إدارة الحكم في الشمال تحت قانون الحكم الإقليمي 1980 بموجبه أصبح للحكم ثلاث مستويات ، تمثلت في الحكومة المركزية ، حكومات الآقاليم ومجالس المناطق، و أعيد توزيع السلطات والموارد بين المركز والآقاليم ، وبين الإقليم والمجالس المناطقية التابعة له ، كان هذا الانتقال لنمط الحكم الإقليمي ، مرانا تطبيقيا ساعد إلى حد كبير ومهد الطريق لتبني النمط الفيدرالي بعد وصول الإنقاذ لسدة الحكم بانقلاب عسكري 1989م ، اصدر في العام 1991م المرسوم الدستور ، الذي تأسس بموجبه أولى بوادر الحكم الفيدرالي ، حيث أخذت الدولة نمط الشكل الفيدرالي ، وأستمر الحال حتى صدور الدستور الانتقالي عقب اتفاق السلام عام 2005م ، وهو الدستور الذي أضفى قدرا من الشرعية الدستورية للدولة ونظام الحكم ، غير أن واقع الممارسة التطبيقية للنظام الفيدرالي حتى يومنا هذا ، بث في روع المواطنين مفهوما مشوها للفيدرالية ، أسهمت فيه الدولة بطبيعة تنظيمها السياسي الشمولي ، وتوجهاته الاقصائية التي رهنت المشاركة في إدارة الدولة ، بضرورة الولاء لتنظيمها السياسي والإذعان لسياسته بالتبعية ، ولو أنها ركنت بجدية وأذعنت في تطبيقاتها لشروط الفدرالية بحيادية وتجرد وطني ، لجنبت نفسها والبلاد الكثير من المشاكل والمزا لق السياسية ، فالنظم الفدرالية وجدت أصلاً لمعالجة إشكاليات الدولة المركبة من عدة قوميات ، حتى تجد منفذاً قانونياً تستطيع تلك القوميات من خلاله التعبير عن ذاتيتها ، وتحافظ على هويتها الثقافية ، وتنمي مواردها وإنسانها بقدراتها وإرادتها، وذاك عين ما استقر عليه التعريف القانوني للفيدرالية من حيث النظرية :
Federalism is a system of government in which the same
territory is controlled by two levels of government. Generally, an overarching national government governs issues that affect the entire country, and smaller subdivisions govern issues of local concern. Both the national government and the smaller political subdivisions have the power to make laws and both have a certain level of autonomy from each other. The United States has a federal system of governance consisting of the national or federal government, and the government of the individual states.
إذاً وكما قيل ـ فإن مقصد ( الوحدة في التنوع ) ، يتحقق في نظام الحكم الفيدرالي الذي يبسط السلطة أفقياً بخلق وحدات جغرافية ، ذات صلاحيات دستورية واسعة في اتخاذ القرارات ، في ذات الوقت يضمن تماسك الدولة واستقامة أمرها داخل منظومتها الاتحادية فالنمط الفيدرالي أسلوب حكم ومنهج إدارة ، يتم بموجبه نقل كامل لسلطات الحكومة ، من حاضرة البلاد إلى وحدات جغرافية ، تأوي داخل حدودها مجموعة من السكان ، بينهم تجانس عرقي أو ثقافي ومصالح مشتركة ، لها ارتباط وجداني بذلك الحيز الجغرافي ماضياً وحاضراً ومصيراً ، تبعاً لهذا فالفيدرالية نوع من اللامركزية السياسية أو التخويلية ، لكونها وضع دستوري يقوم على توزيع الوظائف الحكومية المختلفة ، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، بين الحكومة المستقرة في العاصمة وحكومات أخرى في الوحدات الجغرافية المكونة للدولة .
أخلص للقول ـ أن قصور التجربة في الاستحواذ على رضا السودانيين بالعموم ، يعود لعيب تطبيقاتها المشوهة ، في ظل شمولية التنظيم السياسي المهيمن على الدولة ، عمل خلال ثلاثة عقود بعناد وجرأة في الاستحواذ على السلطة في المركز والولايات ، محتالا علي الإرادة الحرة لخيارات الجماهير، لكي تبقى السلطة والثروة رهينتين بأيديهم ، يمنحوها و يمنعوها كيف شاؤا، الآمر الذي أطاح بثقة المحكومين في الحاكمين ، ودفعت بعض بؤر الهامش لاتخاذ المقاومة المسلحة منهجا لاقتضاء الحقوق ، وفي ظل اليأس وتوهان الآمل في صلاح الحال ، وانهيار الثقة وكدر الآنفس وضياع الآرواح ، ذهبت بعض أصوات الهامش إلى حد الكفر بوحدة الدولة ، والمطالبة بإقرار مبدأ الوحدة الطوعية ، تماثلا بما أقرته نيفاشا من تقرير مصير وهو المطلب الذي شرع النظام الفدرالي في الآساس لتفاديه عن طريق ردم الهوة وتجسير المثالب الداعية إليه بين المركز وهوامشه .
من النقاط الهامة التي تجدر الإشارة إليها ، أن تطبيق الفيدرالية على وجهها السليم ، يمنح المجالس التشريعية في الوحدات الجغرافية إقليمية كانت أم ولائية ، كامل الحق في تشريع القوانين التي تعبر عن إرادة جماهيرها وخصوصيتهم الثقافية ، الآمر الذي يحول دون فرض الدولة الاتحادية لإيديولوجية ما بصورة شاملة .
على ضوء ما استعرضته عليكم بعالية انتقل بكم لرؤيتي حول معالم الطريق نحو الدولة الفيدرالية وهياكلها .
يتبع >>>>>>>> (2)

medali51@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • تبادلا الأوسمة والهدايا.. رئيس الدولة يحضر مأدبة عشاء أقامها الرئيس الإيطالي تكريماً لسموه
  • تبادلا الأوسمة والهدايا..رئيس الدولة يحضر مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس الإيطالي تكريماً لسموه
  • رئيس مجلس النواب الليبي: الانتخابات هي الحل الوحيد والأطراف الرافضة تعرقل مسار الدولة
  • وزيرة البيئة: الدستور أكد ضرورة الحفاظ على موارد وثروات الدولة للأجيال القادمة
  • رئيس الكونغو يعتزم تشكيل حكومة وحدة وطنية
  • رئيس الكونغو الديمقراطية يقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية
  • معالم في طريق استقرار الحكم في السودان
  • الشباب والرياضة تطلق اللقاءات الحوارية لتعزيز المشاركة السياسية
  • الرئيس السيسي يغادر الرياض بعد المشاركة في اجتماع غير رسمي حول القضية الفلسطينية
  • الرئيس عون عرض والوزير مكي لخطة العمل التي سيعتمدها في وزارته