سودان ما بعد الحرب صور متقابلة
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
خالد فضل
استمعت لكلمة أستاذنا الحاج ورّاق في مفتتح اجتماع للقوى الديمقراطية المدنية عقدته في العاصمة الإثيوبية نهاية أكتوبر المنصرم , كانت كلمته محفّزة للآمال , طموحة ومتفائلة , وهي تعبّر عن السودان الذي في الوجدان السليم أكثر منها عن السودان السقيم , والذي ورث العلل جيلا إثر جيل , عهدا وراء عهد , حربا في قعر حرب .
فقد شهد المركز هذه المرّة وقائع حية لما كان يدور هناك , شهد العاصميون _من غير الذين نزحوا إليها أصلا نتيجة ما عاشوه هناك _ شهدوا بما جرى في 4آلاف قرية في دارفور أحرقتها القوات العسكرية نفسها المتصارعة اليوم في كبري شمبات وبيت المال واركويت , إنّ غنماية تملكها كلتوماية تعدل أثاث صالة أنيق نُهب من قيلا أريج !! وعلى ذلك قس قساوة الحرب وفظاعتها في كل إقليم . فكيف تبدو صورة السودان بعد هذا العراك الطويل .
لقد صحب الحرب خطاب كراهية وفعل كراهية وممارسة أسوأ ما في الإنسان من نواقص , لقد كان الدعم السريع مثلا لعشر سنوات خلون هو (حمايتي) , كان زغرودة الوزيرة , وقائده ممن تنحني له رقاب الجنرالات في القيادة العامة في قلب الخرطوم , يتودد إليه المتوددون , ويقذف بالإمام الصادق المهدي يرحمه الله إلى غيهب السجن لإنتقاد طفيف , الآن ومنذ 8شهور هو الشيطان الرجيم , وتسجيلات قائده المرحوم نسج ذكاء اصطناعي , وهو النهاب للبيوت المغتصب للحرائر المدمر للكباري والجسور ,أمّا الجيش فهو الفلول , الله نحنا هل جنينا أم هل عقولنا نُصاح !! ورحم الله المغني والشاعر , ونتيجة خطاب الكراهية مزيد من الكراهية بين الأنحاء والجهات بين العادات والثقافات بين الألوان والسحنات واللهجات , ونتيجة خطاب الكراهية والحرب وعدم الاستقرار ضياع المدارس والأطفال والجامعات والشباب , واللجوء إلى دول الجوار والفرار إلى ما وراء البحار , وعندما يتم جرد الحساب ستكون المحصلة , فقدان لما كان يسمى السودان , أرضا وخريطة ومعنى ؛ وعندي الأخير هو ما لا يمكن جبر كسره بيسر , أمّا المبنى فيمكن تعويضه على أي حال . لفد ظل صاحب هذا القلم ضمن آخرين/ات كثر يدعو منذ صباح 15أبريل 2023م ذاك الصباح القاتم اللعين , لوقف الحرب في مهدها , لجم النار في حيّز ضيق , لم الجرح قبل استفحال النزيف , دعا لذلك للأمانة بعض الجيران الأفارقة على وجه الخصوص , ودعت له دولة كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية , ولكن ضاع صوت الحكمة والعقل وغاب الرشد عن المتعاركين العابثين ومن ساندهم من كتائب المستنفرين وبالغياب تغيب شمس السودان مع الأسف الأسيف , اللهم إلا بمعجزة في زمن شح المعجزات , والله يكضب الشينة , وإن شاء الله يا أستاذنا وراق تصادف دعواتك ورؤياك أبواب سماء مشرعة يردد الملائكة خلفك آميين . الوسومخالد فضل
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: خالد فضل
إقرأ أيضاً:
حملة دولية لمنع تهريب وبيع الآثار السودانية
يتكشف كل يوم حجم الجرائم التي تم ارتكابها في الحرب الملعونة التي تدور في السودان لما يقرب من عامين. فمن القتل والاغتصاب والسرقة والنهب، إلى التصفيات القائمة على أساس إثني وعرقي وجهوي، إلى تدمير البنيات الأساسية، وأخيراً تدمير ونهب آثار السودان وتاريخه.
فبمجرد دخول قوات الجيش وخروج، أو إخراج، قوات الدعم السريع من وسط الخرطوم، بدأت الصور والفيديوهات تتوالى من هذه المنطقة الحيوية التي تضم معظم المقار الرئيسية للدولة، ومباني الشركات والمؤسسات الكبرى، والسوق التجارية، وتظهر كلها حجم الدمار الذي حدث نتيجة تبادل النيران والقصف المدفعي وقصف الطيران، إلى جانب عمليات التخريب المتعمد من جانب قوات الدعم السريع وهي تنسحب من الخرطوم بعد ما تعرضت له من هزائم.
أكثر الفيديوهات والصور إثارة للحزن والأسى، والتي نقلها بعض الإعلاميين، كانت لمتحف السودان القومي في منطقة المقرن، والذي يضم تماثيل ومقتنيات وقطعاً أثرية لا تقدر بثمن، وتجسِّد حقباً مهمة من تاريخ السودان القديم وممالكه التاريخية. بدا المتحف وكأنه تعرض لزلزال، كل واجهات العرض محطمة ومنهوبة، والدمار ينتشر في كل مكان، في حين يقف تمثال الجد الأكبر للسودانيين، الملك تهراقا، شاهداً صامتاً على ما حدث، فهو وحده، مع تماثيل أخرى، ظل في مكانه بسبب حجمه الضخم الذي يُصعب من أي محاولة لنقله وتحريكه.
هناك حاجة ملحة لقيام خبراء متخصصين في الآثار والمتاحف بتسجيل زيارة ميدانية وتقدير حجم الخسائر والمسروقات، وإعداد تقرير وافٍ بذلك. من دون هذا الأمر لا يمكن القيام بأي تحركات إقليمية ودولية لحماية الآثار السودانية وإعادة المنهوب منها.
سبق في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي أن أثيرت معلومات حول عرض بعض الآثار السودانية المنهوبة من المتحف القومي في بعض مواقع المزادات التاريخية، وقامت حملة إعلامية كبيرة تتحدث عن عرض تاريخ السودان للبيع. حدثت اتصالات متعددة بين خبراء ومسؤولين سابقين عملوا في مواقع تتبع لها هيئة الآثار والمتاحف، وخبراء هيئة اليونيسكو لمحاولة إيقاف عمليات البيع، إن صحت. كان رأي عدد من الخبراء أن الآثار المعروضة في الصور ليست سودانية، وخفَّف هذا الأمر من المخاوف، لكنه لم ينفها تماماً، فقد تكون الواقعة صحيحة لكن الصور غير دقيقة. في كل الأحوال فإن تلك الأخبار قد دقت جرس الخطر ونبهت الناس إلى إمكانية حدوث الأمر، ما دامت المتاحف السودانية ضمن مناطق الحرب، وليست ثمة رقابة محلية أو دولية عليها، كما أن القدر الأعظم من جنود الجهة التي تسيطر على منطقة المتحف، وكانوا في تلك الفترة من قوات الدعم السريع، ليس لديهم التقدير الكافي لقيمة هذه الآثار وأهميتها. هذا يعني بالتالي أن احتمالية تعرض مقتنيات المتحف للسرقة والنهب والتخريب واردة وممكنة. وقد سبق في شهور الحرب الأولى أن تم عرض فيديوهات لبعض هؤلاء الجنود وهم يعبثون ببعض المومياوات المحفوظة في مخازن المتحف.
ويضم المتحف القومي السوداني، والذي تم افتتاحه عام 1971، مقتنيات لا تقدر بثمن من آثار العصور القديمة والممالك السودانية النوبية القديمة، كرمة ومروي، ثم ممالك العصر المسيحي نبتة وعلوة والمقرة وصولاً للممالك الإسلامية. وتمت إعادة بناء المعابد التي نقلت من منطقة بحيرة السد العالي، إلى جانب وجود عدد من التماثيل التي تجسد مراحل تاريخ السودان القديم، ومنها تمثال الملك السوداني العظيم تهراقا.
المهم الآن أن تبدأ حملة عالمية لحماية الآثار السودانية وإعادة المنهوب منها. ويمكن في هذا المجال الاستفادة من قرارات وقوانين «اليونيسكو» وبعض السوابق الدولية التي جرَّمت نقل وتهريب وبيع الآثار، ومن ضمن هذه المراجع اتفاقية «اليونيسكو» لعام 1970 لمنع الاتجار غير المشروع في الآثار والمقتنيات المسروقة. كما يمكن الرجوع إلى سابقة دولية مهمة متعلقة بالعراق وسوريا، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2199 لعام 2015 بمنع الاتجار في آثار هذين البلدين اللذين تعرضا لنهب وسرقة المتاحف بعد احتلال العراق واندلاع الحرب الأهلية في سوريا. وقد تجاوبت دول كثيرة مع القرار وأوقفت عمليات بيع كبيرة وصادرت المقتنيات وأعادتها للدول المعنية. ويمكن مخاطبة «اليونيسكو» والمجتمع الدولي لاتخاذ قرارات مماثلة، وهذا عمل وطني لا يستوجب أن يكون للشخص المخاطب منصب أو وظيفة معينة.
فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط