أكد تقرير أصدرته مجموعة موانئ أبوظبي، قدرة مشغلي الموانئ الذين يقدمون خدمات أكثر تطوراً، تتعدى أنشطة مناولة البضائع والحاويات، على تجاوز التحديات الجيوسياسية، وتحقيق نمواً في الأعمال بغض النظر عن مدى صعوبة تلك التحديات.

وبحسب وكالة أنباء الإمارات الرسمية “وام"، يستعرض التقرير الذي جاء تحت عنوان "النقل في ظل التحولات الجيوسياسية- استراتيجيات الموانئ في عالم مضطرب"، دراسة حالة لقطاع الموانئ الذي يشهد نمواً متسارعاً في ظل عدم الاستقرار على المستوى العالمي، وذلك من خلال عمليات الاستحواذ الاستراتيجية والتنويع عبر الاستثمار الأمثل لرؤوس الأموال.

وتم إطلاق التقرير عقب اختتام مؤتمر الموانئ العالمي للاتحاد الدولي للموانئ والمرافئ 2023 الذي استضافته مجموعة موانئ أبوظبي في العاصمة أبوظبي لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويسلط التقرير الضوء على العامل الأساسي لتحقيق النجاح والتميز، المتمثل في تمكين الشركات من الفرص، بما فيها الطرق التجارية الجديدة المرنة التي تتطور تجاوباً مع التحديات، ويتناول أيضاً دور التنوع، وأهمية بناء علاقات قوية مع أصحاب العلاقة المعنيين في العالم، فضلاً عن دور الاقتصادات المحلية الداعمة لتلك الموانئ في تمكينها من مواصلة النمو والازدهار.

ويشير التقرير إلى أن مثل هذه الاستراتيجيات الريادية ليست مجرد إجراءات تفاعلية بقدر ما هي خطوات استباقية لصياغة مستقبل أكثر ترابطاً واستقراراً لقطاع التجارة العالمي.

وقال روس تومسون، الرئيس التنفيذي لمجموعة الاستراتيجية والنمو في مجموعة موانئ أبوظبي: "لطالما شكلت الجوانب الجيوسياسية جزءاً من التجارة منذ مئات السنين، وهي عامل أساسي في البيئة التشغيلية لقطاعنا، ويتمثل هدفنا في مجموعة موانئ أبوظبي في تمكين الشركة وأصولها من التعامل مع تلك التحديات والمتغيرات من خلال إنشاء طرق تجارية متعددة وتنويع الشركاء التجاريين وقطاعات المنتجات، وهذا التنوع في عملياتنا يتيح لأنشطتنا التأثر إيجابياً بالاضطرابات الجيوسياسية ما يعوض التأثير السلبي على قطاعات أخرى".

ويستعرض التقرير مسيرة مجموعة موانئ أبوظبي، ودورها في تقدم وازدهار واستدامة تطور عدد كبير من المجتمعات من خلال تحقيق العوائد الإيجابية للمساهمين، وجهودها في تعزيز التجارة البينية بين دول المنطقة والعالم، وأيضاً من خلال إبرام اتفاقيات جديدة مع الأسواق الناشئة والتعاون مع المنظمات التجارية متعددة الأطراف.

وفي هذا السياق، نجحت مجموعة موانئ أبوظبي في توقيع العديد من الاتفاقيات مؤخراً، أبرزها المشروع المشترك مع "إس إي جي" إحدى كبرى شركات النفط والغاز في أوزبكستان لتأسيس شركات للخدمات اللوجستية والشحن في هذه الدولة التي تقع في آسيا الوسطى، وتطوير مركز لتجارة المواد الغذائية في المنطقة المحيطة.

وقدمت مجموعة موانئ أبوظبي أيضاً طرق نقل جديدة تتماشى مع ديناميكيات التجارة العالمية وتعزز قدرتها على التكيف مع المتغيرات، وذلك من خلال شراكة مع مجموعة "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية المزودة للحلول اللوجستية البحرية والبرية والجوية، لإطلاق خدمة شحن بحري في منطقة جنوب شرق آسيا تربط سنغافورة وكولومبو وسريلانكا وتشيناي، والهند، وذلك إلى جانب مسارات جديدة أخرى تربط بين دولة الإمارات العربية المتحدة والصين عبر خدمات نقل تربط ميناء خليفة في أبوظبي بموانئ شنغهاي وتشينغداو ونينغبو الصينية، حيث يعكس ربط هذه الموانئ الاستراتيجية في كل من آسيا والإمارات العربية المتحدة الدور المحوري لمجموعة موانئ أبوظبي في استكشاف تدفقات تجارية غير مستغلة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أبوظبي الامارات موانئ أبوظبي مجموعة موانئ أبوظبي

إقرأ أيضاً:

توجهات إقليم كردستان في ظل متغيرات المنطقة الجيوسياسية

بقلم : د. محمد نعناع ..

هناك وعي بالشيء، وبموازاته ثمة وعي بالمصلحة الخاصة بدون وعي ذات الشيء، وهذه مشكلة معرفية كبيرة، وهي في الوقت نفسه معضلة أخلاقية تجعل من الهموم الشخصية كأنها أولويات حياتية، وقد يلتزم بها عدد من الناس على أنها عقيدة مجموعاتية، ويحدث ذلك في ظل إعلاء قيمة الرمزية والزعاماتية على حساب الواقع، أما في عالم السياسة فإنها ( أي وعي المصلحة الخاصة فقط والاهتمام بها دون الالتفات للجدوى المتحققة في الواقع) تنتج عدم نضوج سياسي مستدام، وهذا ما يحصل بين الحكومة العراقية الإتحادية وحكومة إقليم كردستان، وفي ظل هذا الوضع غير المفيد للجميع قد تنمو أزمات جديدة، خصوصاً بعد حدوث متغيرات كثيرة على المستوى الدولي والإقليمي، كما في الوضع في سوريا، وحل حزب العمال الكردستاني، والتصعيد الاحتجاجي في تركيا، وعودة تصدير نفط الإقليم. لقد استطاع الإقليم وبشكل اكثر دقة – استطاع الديمقراطي الكردستاني- ان يستمر في فرض هوية خاصة للإقليم بعيداً عن التأثيرات السياسية الداخلية والخارجية، وصمد أمام التحديات التي يعتبرها قادة الحزب تحديات وجودية، على حد قول زعيم الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، الذي كرر إشارته لرغبة أطراف كثيرة بتقويض الاستقرار في الإقليم، بل ذهب بعيداً الى حد التهديد بالانسحاب من العملية السياسية في أحد خطاباته؛ إذا استمر ما يسميه استهداف الإقليم عبر المحكمة الاتحادية وغيرها من القرارات السياسية. أن هذا المسار الجبهوي الذي يتفعل في الإقليم أثناء كل أزمة وافدة من الحكومة الإتحادية أو منبثقة من داخل الإقليم يعزز قوة الإقليم ذاتياً لكنه ايضاً يستنزف الحلول المركزية التي يجب ان يتم الحفاظ عليها حتى لا تتكرر سيناريوهات مدمرة كما حصل في صيف العام 2014. إن تصورات غير حقيقية تتبناها قوى استعدائية قد تُخرب العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، في الوقت الذي تعصف بالمنطقة متغيرات تتجاوز الحدود المحلية، وان اتفاقاً بين مظلوم عبدي رئيس قسد وأحمد الشرع رئيس النظام السوري من شأنه أن يُدخل أكراد العراق في حسابات معقدة مع شركاء لهم في الوطن، على اعتبار ان قسد يهيمن عليها المكون الكردي وتتشارك بهذا مع أكراد العراق، وهذا ما لا يروق لأطراف عراقية تعد أي تقوية لنظام الشرع في سوريا يأتي على حساب مصالحها الاستراتيجية. وتطورات من هذا القبيل تستدعي التنسيق بين القيادات الكردستانية وقادة الحكومة الاتحادية بناءً على برنامج عمل مؤسساتي يراعي المسائل التالية :
1- المشاركة في الحلول الأمنية، وعدم الانفراد بالقرار الأمني، فضلاً عن إدارة الظهر لبعضهما في قضايا داخلية وخارجية.
2- تحييد التوجهات العدائية عبر بناء الشراكات السياسية الموثقة.
3- التفتيش عن حلول غير تقليدية للازمات المزمنة عبر مؤسسات الدولة وبناء الشراكات المؤكدة في سياق استراتيجي.
4- الاستفادة من نهج السوداني غير التصعيدي وتطبيق الاتفاقات السياسية في بيئة حكومية تضمن التطبيقات المتناظرة، وضمن برنامج طويل الأمد.
5- انهاء أزمة السليمانية وحقوقها الأساسية وخصوصاً في مسألة رواتب الموظفين على أسس تحترم خصوصيات الإقليم، أو اعتماد واقعية داخلية
تحفظ حقوق الجميع.
6- التعاون في تعزيز دور العراق الخارجي، والتأثير في الفواعل الإقليمية والدولية على أساس حماية الامن القومي العراقي وتوسيع المجال الحيوي له.
لقد أثبت إقليم كردستان وتحديداً الديمقراطي الكردستاني- بأنه يتقدم خطوة دائماً على بغداد في المسألة الخارجية، لقد اكدت ذلك الزيارات التي يقوم بها مسرور بارزاني للدول الكبرى والدول ذات الاهتمام الإقليمي، ومنها زيارته إلى الولايات المتحدة الامريكية التي سبقت زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الى واشنطن ولقاءه الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في الخامس عشر من نيسان 2024 ، فقد مهدت زيارة مسرور بارزاني الطريق للحديث الأمريكي الجاد مع السوداني حول دور ووضع الكرد في العملية السياسية، وهذا النمط من التفكير يُكسب الكرد فاعلية دبلوماسية تستثنيه من أي عواصف قد تعصف بالنظام السياسي في العراق في إطار الحملة على أذرع “محور المقاومة” المرتبطة بطهران. ومن المنطقي بهذا الصدد أن يتهيأ الإقليم لأي متغير في محيط العراق مستقبلاً ويتعامل معه في سياقات مستقلة، بل قد يأخذ زمام المبادرة ويسبق دائماً أي موقف اتحادي حول القضايا الخارجية كما حصل في بيان أربيل حول سقوط نظام بشار الأسد، فقد صدر بيان سياسي رسمي من حكومة إقليم كردستان في الثامن من ديسمبر 2024 ركز على الابعاد الاستراتيجية في المنطقة دون التنسيق مع بغداد، وعد الإقليم ما فعلته هيئة تحرير الشام ( الإدارة العسكرية بقيادة الشرع) ضمن إرادة الشعب السوري، وتعمد البيان الإشارة الواضحة إلى حقوق المكونات، ويبدو أن الإقليم وعى مسألة أن سقوط الأسد يحمل أيضاً في طياته تغييرات أخرى لها تأثير على القرار الحكومي العراقي كتضاؤل الدور والنفوذ الإيراني في العراق والمنطقة. وهذه محاكاة براغماتية ستمنح الكرد إمكانية لعب دور يتجاوز المشاركة السياسية إلى مسك مفاتيح اللعبة الإقليمية بمساعدة الحلفاء الدوليين والاقليميين. ويتحقق هذا الدور عن طريق تحقيق أربيل لثلاثة مكتسبات لا تمتلكها الحكومة الاتحادية والأطراف والقوى السياسية التي تتشارك معها في معادلة السلطة :
الأول: التمكن من إقناع الفاعليات السياسية في المنطقة بأن الإقليم له توجهات خاصة لا علاقة لها بالصراع الوكالاتي والأدواتي في المنطقة، وله فلسفة خاصة في مسألة حقوق المكونات.
الثاني: الاستقلالية الاقتصادية عبر عودة تصدير نفط إقليم كردستان، وهذا ما لوحت أليه إشارات خلال الأيام الماضية مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية وسط عدم ممانعة بغداد.
الثالث: الحصانة الأمنية وخصوصاً في مدياتها الحدودية، وسيتعزز هذا الأمر مع التطبيق الفعلي لقرار حل حزب العمال الكردستاني.
إن هذه المكتسبات ليست سهلة، وهي الان ليست كلها في متناول أربيل، ولكن الإقليم أيضاً يتقدم خطوة على طريق تحقيقها خلافاً لجهود الحكومة الاتحادية المكبلة بالنوازع الأيديولوجية التي تفرض نفسها على معادلة السلطة. تدرك جميع القوى السياسية العراقية بأن متغيرات المنطقة هي متغيرات جيوبوليتيكية لها تأثيرات على التوجهات العامة والتفصيلية في أكثر من دولة، ولقد حان الوقت الذي تنزع فيه كل مجموعة اجتماعية لتحصين نفسها من هذه التأثيرات، ولكن الأفضل من وجهة نظر اغلب المراقبين أن تتجه عمليات التحصين في سياق مؤسسات الدولة، وهنا كلما استطاعت بغداد صياغة الإدراكات السياسية على أساسات مستقلة وحيادية كلما تقاربت وجهتا نظر الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كردستان، وهذا المنظور سيركز قوة العراق في الفعل الإقليمي والدولي، وهو غير متحقق الأن رغم أن الذي يرسم السياسة الخارجية العراقية هو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي يتصف بالقرب من أربيل وبالتحديد قربه من مسعود بارزاني وبالتعامل الإيجابي مع القضايا الخلافية والحساسة، وينفذ هذه السياسة وزير كردي وهو وزير الخارجية فؤاد حسين، وسبب عدم تحقق التقارب الاستراتيجي والتنسيق التفصيلي بين بغداد واربيل لحد الأن يعود إلى عدم الثقة المتبادل بين أطراف سياسية في الإطار التنسيقي وبين القيادات الكردستانية، ولهذا المعوق تراكمات بعضها ناتج عن سوء إدارة الدولة بشكل عام من جهة، ومن جهة أخرى بسبب التصاق مصائر قوى سياسية بمعادلة إقليمية إذا انهارت فستنهار هذه القوى معها. سيبقى إقليم كردستان على تعهداته الخاصة بحماية مصالحه ومكتسباته ما دامت الأطراف الأخرى تحترم هذه المصالح والمكتسبات، وستبقى الحكومة الإتحادية تعاني من عدم التوصل إلى وصفة موحدة للتعامل مع الطبخات الإقليمية والدولية، ولكنها قد تحتفظ بمساحة من النأي بالنفس لتجنيب العراق الدخول في منعطفات لا يقوى على إدارة نفسه في أتونها، ولكن السيناريو الأفضل لكلا الطرفين هو التوصل إلى إتفاقات متقدمة تقطع الطريق على استغلال الخلافات الداخلية وتوظيفها في عملية إنجاح مشروع يتعارض مع المصالح العليا للعراقيين، أي إجبار العراق على لعب دور وظيفي لا يمنحه استقلاليته المطلوبة، ولهذا على العراقيين وعي الأشياء بذاتها وليس بما يقوله الاخرون عنها، فالمصلحة تكمن في تفسيرنا للأشياء وفقاً لحاجاتنا الحقيقية، وليس لحاجات الاخرين المغلفة بدوافع وهمية.

د. محمد نعناع

مقالات مشابهة

  • إغلاق ميناء الغردقة البحري واستمرار غلق ميناء نويبع لسوء الأحوال الجوية
  • وزارة الثقافة القطرية تشارك في معرض أبوظبي الدولي للكتاب
  • هيئة الأفلام تصدر تقرير شباك التذاكر لعام 2024: إيرادات تتجاوز 845 مليون ريال وبيع 17.5 مليون تذكرة خلال عام
  • بعثة الإمارات تصدر بياناً حول تقرير الأمم المتحدة النهائي بشأن السودان
  • بريكس تناقش ردا مشتركا على سياسات ترامب التجارية
  • مناقشة استراتيجيات التحصين.. التربية تشارك بورشة تدريبية في تونس
  • برلماني: تجارة الترانزيت قادرة على ضخ 20 مليار دولار سنويا لخزانة الدولة
  • الصين تهيمن اقتصاديا.. وأميركا تبحث عن مخرج صعب |تقرير
  • تقرير دولي: تداعيات غير مباشرة على ليبيا ودول المغرب العربي بسبب أزمة التجارة العالمية
  • توجهات إقليم كردستان في ظل متغيرات المنطقة الجيوسياسية