القدس المحتلة – في الوقت الذي تعززت الاحتمالات للتوصل إلى صفقة تبادل بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والإعلان عن هدنة مؤقتة في قطاع غزة، تتعالى في إسرائيل الأصوات الناقدة لتعامل الحكومة الإسرائيلية مع ملف المحتجزين، إذ اعتبر بعض الإسرائيليين الصفقة إنجازا لحماس.

واعتبرت التحليلات العسكرية والسياسية وتصريحات لعائلات المحتجزين أن الصفقة -التي تتكتم الحكومة الإسرائيلية على بنودها وتفاصيلها- تعكس حالة التراجع لمواقف المؤسسة الإسرائيلية، وعدم تحقيق الهدف المعلن من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشن معركة برية لتحرير الرهائن دون صفقة تبادل.

وبحسب ما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن النية هي أن تحرر حماس نحو 50 امرأة وطفلا من المحتجزين الإسرائيليين في المرحلة الأولى. وتجري مباحثات -بحسب صحيفة "هآرتس"- عن عشرات المحتجزين الآخرين الذين محتجزون لدى فصائل أخرى ولدى عشائر في غزة. في المقابل، من المفترض أن تحرر إسرائيل 150 إلى 300 أسير فلسطيني، من الأطفال والقاصرين والنساء.

ونقل المراسل السياسي للموقع الإلكتروني "واللا" باراك رافيد، عن مصدر مطلع على تفاصيل صفقة الرهائن، قوله "من المتوقع أن تعلن الحكومة القطرية اليوم الثلاثاء التوصل إلى اتفاق. وفي إطار الصفقة سيتم إطلاق سراح 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل رهينة إسرائيلية".

كما تقضي الصفقة وقف إطلاق النار لمدة 5 أيام، كما تطالب حماس بوقف الطيران فوق قطاع غزة خلال فترة وقف إطلاق النار، بحسب ما أفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان-11".


ضوء أخضر من الجيش

وأعطى جيش الاحتلال الإسرائيلي الضوء الأخضر إلى المستوى السياسي أنه على استعداد لوقف إطلاق النار لعدة أيام في إطار صفقة التبادل مع حركة حماس، حيث يرجح أن وقف إطلاق النار -في حال خرجت الصفقة حيز التنفيذ- سيتواصل حتى نهاية الأسبوع، بحسب ما نقلت صحيفة "يسرائيل" عن أحد أعضاء "كابينت الحرب" الذي أعطى الضوء الأخضر لصفقة التبادل.

لكن المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" طال ليف رام لا يستبعد تأجيل الصفقة لعدة أيام، مشيرا إلى أن تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتعزز بشأن تنفيذ الصفقة خلال أيام قليلة فقط، وليس فور الإعلان عنها.

وأوضح المحلل العسكري أن هذه التقديرات تأتي على الرغم من علامات التقدم في المفاوضات، إذ تقدر المؤسسة الأمنية أنه قد يستغرق الأمر عدة أيام أخرى، مضيفا أن "هذا التأخير ربما من وجهة نظر عملياتية، فضلا عن، أن التأخير المحتمل له أيضا فوائد للجيش الإسرائيلي".

وتباينت التحليلات للعسكريين بشأن احتمال أن تؤدي الصفقة المحتملة إلى وقف شامل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، ورجحت أن الصفقة على الأرجح ستكون على مراحل، وهو ما يعكس عدم تحقيق أهداف الحرب المعلنة سواء تقويض حكم حماس أو حتى تحرير الرهائن بدون صفقة تبادل.


انتقادات لحكومة نتنياهو

في سياق متصل، وجّه وفد أهالي المحتجزين انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية وتعاملها مع ملف الرهائن والأسرى، بينما قاطعت بعد العائلات الاجتماع الذي عقد -مساء أمس الاثنين- بمقر وزارة الأمن في تل أبيب، ورفضت لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مندوب إحدى العائلات قوله إن "نتنياهو ادعى أن القضاء على حماس وإعادة مختطفي السبت الأسود متساوون من ناحية الأهمية، هذا بمثابة خيبة أمل كبيرة، لا تقويض لقوة حماس ولا إعادة وتحرير لجميع الرهائن والمحتجزين في غزة".

يأتي ذلك، فيما تواصلت الانتقادات لتعامل نتنياهو مع ملف المحتجزين، في ظل المعلومات التي نشرت -اليوم الثلاثاء- بشأن التوصل إلى هدنة وصفقة تبادل قد تفضي إلى تحرير 50 إلى 100 من المحتجزين الإسرائيليين والأجانب.

وأعربت ديتزا أور والدة أفيناتان الذي اختطف من الحفل الموسيقي في "غلاف غزة"، خيبة أملها من الصفقة المقترحة كونها "لا تؤدي إلى تحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين".

وقالت في تصريحات للقناة 13 الإسرائيلية إن "من يوافق على الخطوة الأولى، أي صفقة جزئية، فهو يقتل ابني. ومن يبقى من الإسرائيليين في الأسرى في غزة، لن يرى النور مرة أخرى". مضيفة "لن تكون هناك صفقة ثانية".

ورجحت أنه لن تكون هناك استمرارية للمزيد من الصفقات، مشيرة إلى أن صفقة التبادل المتوقعة بمثابة إنجاز لحماس التي حصلت على ما تريد مقابل هذه الصفقة، وما زالت تحتجز المزيد من الإسرائيليين من المدنيين وكذلك العسكريين.

وأكدت أور أن "حماس ستحصل على كل ما تريده مقابل الصفقة، ولن يكون لدى الحكومة المزيد من أوراق المساومة ولا أي شيء تقدمه. يجب أن تواصل إسرائيل الضغط على حماس دون توقف، حتى تعيد جميع المختطفين دفعة واحدة".


مخاوف إضاعة الفرصة

وروى غلعاد كورونجولد، وهو أحد ممثلي أهالي المحتجزين الإسرائيليين، والذي شارك في الاجتماع الذي عقده "كابينت الحرب" لمناقشة الصفقة، قال "لقد حذرت نتنياهو من أن الوزراء في هذه الحكومة يقومون بعملية فظيعة ومروعة، وهجوم مروع ضد المختطفين، بطرح قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين".

وفي حديثه للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، أضاف غلعاد -11 من أفراد أسرته محتجزين لدى حماس- "كان هناك بعض الغضب بين العائلات، واحدة تريد إطلاق سراح هذا وواحدة تريد إطلاق سراح ذاك، كان الأفضل أن تكون صفقة شاملة يتحرر من خلالها جميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل الموافقة على طلبات حماس".

والوحيد الذي قال الحقيقة للإسرائيليين ولعائلات المحتجزين الإسرائيليين حتى الآن -بحسب غلعاد- "هو الوزير بيني غانتس الذي اعتراف أنه لا يمكن الإفراج عن جميع المحتجزين وتحريرهم ضمن صفقة واحدة، اعتراف غانتس يقلقنا، أعتقد أننا نضيع فرصة إعادتهم جميعا".


تراجع وتنازلات إسرائيلية

تعليقا على هذه الصفقة، يعتقد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن احتمالات التوصل إلى صفقة تعززت بفضل تغير المواقف في حماس، ولكن أيضا في إسرائيل التي قدمت تنازلات، ولك بعد أسبوع من التأخير والمماطلة.

وأشار المحلل العسكري إلى أن الأسبوع الماضي شهد سلسلة من المشاورات بشأن الصفقة على المستوى السياسي والأمني في إسرائيل، حيث طفت الخلافات والتباين بالمواقف الإسرائيلية على السطح، لكن الآن يبدو أن هناك تغييرا بالموقف الإسرائيلي. ويتعلق الأمر بالاستعداد الواضح لزعيم حماس في غزة يحيى السنوار، للتحرك نحو التوصل إلى صفقة تبادل.

لكن في الوقت نفسه، يقول هرئيل "حدث تغيير على الجانب الإسرائيلي أيضا، يبدو أن الأمر يكمن أساسا في فهم وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، من أن إسرائيل لن تكون قادرة على التركيز حصريا على المسار العسكري الهجومي في شمال قطاع غزة أو احتلال غزة".

ويعتقد المتحدث أن المؤسسة الأمنية التي تتحمل مسؤولية الإخفاق والفشل الاستخباراتي في التحذير ومنع "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تسعى إلى إصلاح إخفاقاتها من خلال العمليات العسكرية بغزة، لكن يؤكد أن هذه العمليات لا تكفي، وقبل كل شيء عليها بالمرحلة الأولى إعادة الأمهات والأطفال بين المحتجزين الإسرائيليين.

ولمح المحلل العسكري أن المؤسسة الإسرائيلية بالمستويين السياسي والعسكري، بات لديها قناعات أنه لا يمكن تحرير الرهائن من خلال القصف وشن الغارات والعمليات العسكرية في قطاع غزة، لافتا إلى أن الهدف المعلن من وراء الحرب لتحرير المختطفين الإسرائيليين بدون صفقة لم يتحقق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المحتجزین الإسرائیلیین وقف إطلاق النار المحلل العسکری التوصل إلى صفقة تبادل قطاع غزة فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

“فضح أسرار إسرائيلية حساسة”.. تقرير عبري عما يفعله مكتب نتنياهو “سرا” لمنع الصفقة مع “حماس”

#سواليف

ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلا عن مسؤول أمني إسرائيلي أن هناك مجموعة كاملة بمكتب #نتنياهو تعمل في الخفاء وتجند #عملاء داخل #الجيش وتزور #وثائق وتنشر أخبارا مضللة لإحباط #صفقة_التبادل.

وقال شخص مطلع على قضية تسريب #الوثائق_الحساسة في مكتب رئيس الوزراء بنيامن نتنياهو “الوثائق التي تم إخراجها من خزائن الدولة العسكرية والتي تحتوي على أسرار إسرائيل الأكثر حراسة يتم تداولها دون رادع في أماكن لا حصر لها. هناك من قام بتسريب أمن الدولة، ومن المدهش مدى الازدراء الذي يعاملون به أهم القضايا الأمنية لنا جميعا”.

ووفقا لشخص مطلع على سلوك مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فإن “الجهد الأسمى الذي يبذله مكتب نتنياهو ليس إطلاق سراح المختطفين وليس إنهاء الحرب، بل الحفاظ على الحكومة القائمة، ومحاولة لتحويل دفة الأمور أمام الرأي العام، وجعل أهوال 7 أكتوبر تختفي والابتعاد قدر الإمكان عن لجنة تحقيق حكومية، إلى جانب الحفاظ على الائتلاف وحملة ضد الذهاب إلى الانتخابات”.

مقالات ذات صلة السجن 3 سنوات لمحضر في وزارة بتهمة الرشوة 2024/11/03

ويقول مسؤول كبير في الاستخبارات العسكرية مطلع على تفاصيل قضية الوثائق السرية التي يتم فيها التحقيق، “تم اعتقال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، وهذا ما يعرفه: مجموعة تجلس في الخفاء، تتآمر، وتجند عملاء في الجيش الإسرائيلي، وتفشي الأسرار وتعرض الأساليب والمصادر للخطر، وتزور الوثائق وتزود وسائل الإعلام بمعلومات مضللة، وكل ذلك من أجل إفشال صفقة المختطفين”.

وأضاف المصدر: “كيف يعيش هؤلاء الناس بسلام؟ كيف يمكنهم النظر في المرآة؟ ماذا يقولون لأنفسهم في الصباح”، ويضيف مصدر آخر: “لم يخونوا المختطفين فقط، بل خانوا الجيش أيضا، وتجسسوا وعطلوا وكذبوا وارتكبوا جرائم جنائية لا تعد ولا تحصى، ولكن أيضا جرائم أخلاقية ومعنوية، وكل هذا يحدث في جو طبيعي، كل شيء مسموح، كل شخص صادق”.

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الجمعة، أنها طالبت محكمة الصلح في مدينة ريشون لتسيون برفع الحظر المفروض على ما توصف بأنها “القضية الأمنية الجديدة” التي “تعصف” بالمؤسستين السياسية والأمنية، كما طالب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، برفع الحظر عن نشر تفاصيلها.

وأوردت هيئة البث الإسرائيلية “كان 11” مساء، الجمعة، أنه “سمح بالنشر اعتقال عدد من المشتبه بهم في القضية، فيما أن الشبهات المنسوبة إليهم هي تسريب معلومات حساسة وتعريضها للخطر والإضرار بأهداف الحرب في غزة”.

ورد مكتب نتنياهو على ذلك بالقول “خلافا للتقارير الكاذبة التي تحاول وسائل الإعلام تصويرها، لم يتم التحقيق أو اعتقال أحد من موظفي مكتب رئيس الحكومة”.

مقالات مشابهة

  • الموساد: فرص تبادل الأسرى مع حماس تضعف وسط التصعيد في غزة
  • رئيس الموساد لعائلات أسرى الاحتلال: فرص التوصل لاتفاق تبادل ضئيلة
  • رئيس الموساد يُطلع عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة على مستجدات المفاوضات
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين تعارض اتفاقا جزئيا وتطالب بهم جميعا دفعة واحدة
  • اللواء سلطان العرادة يدعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر لاستكمال صفقة تبادل الأسرى والمختطفين على قاعدة الكل مقابل الكل
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: هدف التسريبات من مكتب نتنياهو هو نسف صفقة تبادل الرهائن
  • ماذا لو نجحت "صفقة الممر الآمن" وعادت غزة للسلطة الفلسطينية؟
  • “فضح أسرار إسرائيلية حساسة”.. تقرير عبري عما يفعله مكتب نتنياهو “سرا” لمنع الصفقة مع “حماس”
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: تسريبات مكتب نتنياهو هدفها إفشال صفقة المحتجزين
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين تدعو لسحب ملف التفاوض من نتنياهو