سجون الجنوب الأميركي تغدو جحيما بفعل الحَرّ
تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT
في هذه المؤسسات ذات الجدران المشيدة من الخرسانة والطوب والفولاذ، يدخل الهواء بواسطة مراوح كبيرة، من دون أي مكيّفات في أكثر الأحيان، وعندما تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، يمكن أن يكون الحرّ أقوى في الداخل.
الوضع بائس لدرجة أن بعض السجناء يتعمدون سدّ المراحيض لكي تفيض فيتمكنوا من النوم على الأرض المبللة طلباً لبعض الانتعاش، بحسب سجناء حاليين وسابقين وأقارب لهم.
وفي الرابع من يوليو/تموز، وبينما كانت الولايات المتحدة تحتفل بعيد استقلالها بإطلاق المفرقعات في مختلف أنحاء البلاد، فقد جوزف مارتاير الوعي داخل زنزانته في تكساس إثر تعرّضه لوعكة صحية جراء القيظ الذي يحوّل السجون إلى ما يشبه "الجحيم".
وقد أصيب جوزف مارتاير (35 عاماً) بأربعة أمراض مرتبطة بالحرارة في أسابيع قليلة، وقال لعائلته التي اتصل بها عبر الهاتف من سجن إستل في هانتسفيل بولاية تكساس حيث يقبع منذ 16 عاما: "لقد فقدتُ الوعي، لكن لم يأت أحد لإنقاذي". واتصل أقاربه بإدارة السجن لطلب المساعدة.
وبحسب مارتاير، فإنه في حال حدوث مشكلة، يعتمد السجناء على تضامن السجناء الآخرين الذين يصرخون لجذب انتباه الحراس، لأن السجن يعاني نقصا في العاملين.
ثم نُقل مارتاير إلى منطقة إدارية في السجن فيها مكيفات هواء، يسميها السجناء ركن "الراحة"، وهو يحاول البقاء في هذه النقطة أطول مدة ممكنة، فقد قال لعائلته "لدي مشكلات صحية بسبب الحرارة، ولا أريد أن أضيف المزيد إليها".
وتقول أميته دومينيك رئيسة "منظمة الدفاع عن سجناء تكساس" إن "ما يختبره هؤلاء السجناء أشبه بالاحتجاز داخل مقصورة سيارة في حرارة 40 درجة مئوية، ومحاولة تخفيف وطأة الحر من خلال فتح النافذة قليلا أو استخدام مجفف الشعر للحصول على القليل من الهواء".
وبحسب صحيفة "تكساس تريبيون"، فقد توفي ما لا يقل عن تسعة أشخاص في حزيران/يونيو في سجون هذه الولاية، بسبب نوبات قلبية أو لأسباب غير معروفة قد تكون مرتبطة بالحرارة.
وتؤكد الناطقة باسم إدارة سجون تكساس أماندا هيرنانديز أن آخر حالة وفاة ناجمة عن الحرارة تعود إلى عام 2012. ومع ذلك، فهي تؤكد أن سبع وعكات صحية في يونيو/حزيران تطلبت تدخلا طبيا، فضلا عن الإسعافات الأولية.
وتدير هذه الإدارة سجونا يُحتجز فيها 126 ألف شخص. وبحسب بياناتها، فإن 32 سجينا توفوا في يونيو/حزيران لأسباب لا علاقة لها بالطقس.
لكن أميته دومينيك تعترض على هذه الرواية، وتقول إن "الطبيب الشرعي يسجل الوفيات عموماً على أنها ناجمة عن سكتة قلبية"، وهي من الأعراض المرتبطة -وفق قولها- بضربة الشمس.
الموت أو الجنون
وتلفت دومينيك إلى أن السجون "لا تتمتع بتهوية جيدة"، و"إذا نجا السجناء من الموت، فإنهم سيُصابون حتماً بالجنون".
ويبدو أن الوضع ليس في طريقه إلى التحسن. فقد توقع تقرير نشرته منظمة "كلايمت سنترال" المناخية غير الحكومية عام 2022، أنه بسبب تغير المناخ، ستسجل تكساس في عام 2050 ما معدله 115 يوماً من الحر "الخطير أو الخطير جداً"، مع حرارة تصل أو تتجاوز 39.4 درجة مئوية (103 درجات فهرنهايت)، مقارنة بنحو 60 يوماً حالياً.
شون آدامز (36 عاما) أمضى محكوميته في سجن آخر بتكساس، هو سجن كليمنس الذي يُشبّه بـ"الجحيم".
ففي هذه المنشأة ذات "الطوب الأحمر المستخدم في الأفران"، وفق آدامز، عندما تكون الحرارة الخارجية 38 درجة مئوية، فهذا يعني أنها ستكون أعلى بعشر درجات في الداخل.
وتؤكد إدارة السجون أن الزنازين فيها ثلج وماء، وأن السجناء يمكن أن يستريحوا في أماكن مكيّفة.
وتقول سامانثا -وهي والدة سجينة تبلغ 25 عاما تفضل عدم كشف اسمها- إن موجة الحرّ في يونيو/حزيران أودت بثلاث نساء في سجن لين موراي، حيث تقبع ابنتها، وتصف الوضع في السجن بأنه "غير إنساني".
وتوضح ميشيل ليفلي، وهي خطيبة شون ماكماهون (49 عاما) المسجون في سجن واين، إن "بعض (السجناء) يُحاكَمون على جرائم بسيطة مثل المخدرات، لكنهم في الواقع محكومون بالإعدام، لأنهم لا يتحملون الحرارة".
ويشتكي الموظفون، وهم بأعداد غير كافية في السجن، من تدهور ظروف العمل بسبب موجات الحرّ هذه، متحدثين عن قيامهم بجولات وسط حرارة تتخطى 43 درجة مئوية، يُضطرون خلالها إلى ارتداء سترات واقية من الرصاص، في مواجهة السجناء الغاضبين من الحرارة.
وبحسب أميته دومينيك، فقد قُدمت مشاريع قوانين لجعل تكييف الهواء إلزامياً في السجون، لكن الأغلبية المحافظة في مجلس شيوخ ولاية تكساس رفضت ذلك باستمرار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: درجة مئویة
إقرأ أيضاً:
21 أسيرة فلسطينية بينهن طفلتان يتعرضن لجرائم منظمة في سجون الاحتلال
الجديد برس|
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 21 أسيرة فلسطينية، بعد دفعات صفقات التبادل التي أنجزتها المقاومة الفلسطينية ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.
وشكّلت سياسة اعتقال النّساء الفلسطينيات، إحدى أبرز السّياسات الممنهجة التي استخدمها الاحتلال تاريخيا بحقّهن، ولم يستثن منهن القاصرات.
وتواجه الأسيرات في سجون الاحتلال ومراكز التحقيق، جرائم ممنهجة ومنظمة تصاعدت بمستواها منذ تاريخ حرب الإبادة، التي شكلت المرحلة الأكثر دموية في تاريخ شعبنا.
سلطت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، في تقرير مشترك لمناسبة يوم المرأة العالمي، على أبرز القضايا المتعلقة بالظروف الاعتقالية للأسيرات في سجون الاحتلال، والتي تندرج جميعها وبمستويات مختلفة تحت جرائم التّعذيب، والتّجويع، والجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسيّة بمستوياتها المختلفة.
كما أشارت إلى عمليات القمع والاقتحامات المتكررة لزنازين الأسيرات، وعمليات السّلب والحرمان الممنهجة، وأساليب التّعذيب النفسيّ التي برزت بحقّهن منذ لحظة اعتقالهن.
وأضافت الهيئة والنادي، أن ما شهدناه خلال حرب الإبادة، وما نشهده حتى اليوم من استهداف للنساء، وأحد أوجها عمليات الاعتقال، لا تشكل مرحلة استثنائية، إلا أنّ المتغير هو مستوى الجرائم التي مورست وتمارس بحقهن.
وأوضحتا أنه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وثقت المؤسسات المختصة (490) حالة اعتقال بين صفوف النساء، شكّلت عمليات الاعتقال للنساء ومنهنّ القاصرات، أبرز السّياسات التي انتهجها الاحتلال وبشكل غير مسبوق.
وذكرت الهيئة والنادي أن هذا المعطى يتضمن النّساء اللواتي تعرضن للاعتقال في الضفة بما فيها القدس المحتلة، وكذلك النساء من أراضي عام 1948، فيما لا يوجد تقدير واضح لأعداد النّساء اللواتي اعتقلنّ من غزة.
وأشار التقرير الحقوقي للمؤسستين إلى أن عدد الأسيرات 21 أسيرة، 17 منهن ما زلن موقوفات، بينهنّ أسيرة من غزة، وهي الأسيرة سهام أبو سالم، ومن بين الأسيرات، طفلتان بينهما طفلة تبلغ من العمر (12 عاما)، و12 أمّاً، وأسيرة حبلى في شهرها الثالث، ومعتقلتين إداريتين.
ومن بين المعتقلات أيضاً 6 معلمات، وصحفية وهي طالبة إعلام، وأسيرة مصابة بالسّرطان، وأسيرتين معتقلتين منذ ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 يرفض الاحتلال حتى الآن أن تشملهن صفقات التبادل.
ولا تبدأ رحلة الاعتقال لدى النساء الفلسطينيات ومواجهة ظروف الاعتقال القاسية عند لحظة الاعتقال، وفقاً للتقرير، فجزء من الأسيرات، هن من عائلات واجهت عمليات الاعتقال المتكررة، والاقتحامات المتواصلة لمنزل العائلة، واستهداف أفراد آخرين من العائلة عبر الاحتجاز، أو الاعتقال، أو القتل.
أضاف الهيئة والنادي أنه وعلى مدار الشهور التي تلت حرب الإبادة، برزت قضية اعتقال النساء كرهائن، والتي طالت العشرات من النساء، بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة المستهدفين من قبل الاحتلال لتسليم نفسه، وشملت زوجات أسرى، وشهداء، وأمهات منهنّ مسنّات تجاوزنّ السبعين عاما.
وأشارتا إلى أنّ هذه السّياسة طالت فئات أخرى، وليس فقط النّساء، إذ رافق عمليات احتجازهن كرهائنّ عمليات تنكيل وتهديدات وصلت إلى حد التّهديد بقتل نجلها المستهدف أو زوجها، هذا عدا عن الاعتداءات التي تعرض لها خلال عملية الاعتقال، إضافة إلى عمليات التّخريب التي طالت منازلهنّ، وترويع أطفالهنّ، وأبنائهنّ، ومصادرة أموالهنّ ومصاغ ذهب.
أوضح التقرير أن غالبية الأسيرات اللواتي جرى اعتقالهن، تعرضن لعمليات ضرب وتنكيل وتعذيب، وهناك العديد من شهادات الأسيرات التي عكست مستوى التوحش الذي مورس بحقهن، مؤكدا التقرير أن كل هذه الإجراءات لم تكن استثنائية إلا أنها غير مسبوقة من حيث المستوى.