دمشق-سانا

مواجهة التطرف الفكري والغزو الثقافي عنوان الندوة التي أقامها المركز الثقافي في أبو رمانة، وشارك فيها عدد من الباحثين والأدباء والإعلامين وتضمنت رؤى وأفكاراً مختلفة كشفت الوسائل الجديدة الذي يستخدمها العدو في الغزو الثقافي ودعم التطرف والإرهاب.

الإعلامي والشاعر محمد خالد الخضر الذي أدار الندوة سلط الضوء على الوسائل الذي يتمسك بها الكيان الصهيوني ومن معه لدعم التطرف والتشدد والغزو الثقافي، ولاسيما في الآونة الأخيرة وعرف بالمشاركين وكتاباتهم ونزوعهم إلى دعم الهوية والانتماء.

وأوضح الدكتور أسامة حمود أن الثقافة مفهوم مركب يجمع الآداب والفنون ومختلف المعارف الإنسانية، وكذلك ما تنتجه القريحة الشعبية من أمثال وحكم وملاحم وأساطير وصور ذهنية وطقوس حياتية، والمثقف الحقيقي يفكر بطريقة علمية والعلم ينزع إلى النسبية والشك والمساءلة والتجدد وكلها قيم لا يتمتع بها المتشددون والمتطرفون.

والثقافة الحقيقية حسب الدكتور حمود تصنع التعددية ولا تنهل من معين واحد وترشف من عطاءات معرفية وإنسانية شتى، وتدعو إلى التنوع والتعددية ولا تتوافق مع أصحاب الخطاب الأحادي الذي لا يؤمن إلا بمسار واحد فلا بد من بناء مجتمعات ثقافية والمطالعة والاهتمام بثقافة الأطفال وتشجيع الفنون والآداب وكل ما يؤدي إلى مجتمع ثقافي.

مدير الإعلام الإلكتروني في وزارة الإعلام الدكتور منذر الأحمد بين أن الحديث عن أي مواجهة يتطلب امتلاك أدوات ومعدات ومقومات للمواجهة والتصدي، فامتلاك المحتوى الجيد والهادف غير كاف، فيجب أن نمتلك الأدوات القادرة على نشره وإيصاله لمختلف الشرائح، وهي من أساسيات مواجهة كل أنواع الغزو الثقافي ولعل أسوأ وأخطر سلاح يتم استخدامه في إستراتيجيات التضليل الإعلامي والغزو الثقافي الذي تتعرض له أمتنا هو سلاح الإعلام، وخاصة بعد تحول الإعلام التقليدي إلى شكل الإعلام الجديد.

وأضاف الأحمد: إن قدرة الإعلام في القضايا التي لا تهمه وجعلها بفضل تواتر عرضها وتكرارها مثار حديث وتركيز المجتمعات، في العصر الحالي وعبر استخدام وسائل الاعلام الجديد وتقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت وسائل الإعلام قادرة على التأثير في المتلقي والتلاعب بوعيه بما ينسجم مع أهداف وأيديولوجية القائم بالاتصال، وخير دليل ما يحصل في غزة حالياً من فرض لسياسات التقييد والحظر ومنع الانتشار للمحتوى المؤيد للقضية الفلسطينية.

بدوره رأى عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب الباحث الأرقم الزعبي أن أهم مقومات العنف الفكري والاجتماعي هو التطرف الذي يمنع الآخرين من حق تقرير مصيرهم وهذا ما تفعله أمريكا والكيان الصهيوني من خلال قتل الأطفال والنساء وحرق المشافي وتحويل غزة إلى رماد وفق ما يخدم تطلعات عصابات الكيان الصهيوني، إضافة إلى أن التطرف ينتج الإرهاب بكل أنواعه والأيدلوجية الخاطئة وهذا ما سعت إليه وسائل التواصل الاجتماعي.

ولفت الزعبي إلى أن مواجهة هذا النوع الخطير من التطرف تحتاج إلى امتلاك الأدوات والمعرفة التي تسهم في كشفه ورفضه من خلال البحث عن المعرفة وامتلاك المحتوى الثقافي وإيصاله للأفراد المقصودين والسعي لمواجهة تحول التواصل الاجتماعي إلى التخريب السياسي والوطني والأخلاقي، وهنا يلعب المثقف دوراً كبيراً إلى جانب الإعلام.

وفي تصريحه لـ سانا أكد رئيس المركز الثقافي عمار بقلة أهمية الأنشطة الثقافية التي تسلط الضوء على الغزو الثقافي والتطرف نظراً لأهمية التمسك بالهوية التي تعتبر من أهم ما يقصده ذلك الغزو نظراً لدوره في حماية الوطن والتراث.

شذى حمود

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

أفكار عامة حول دعوات جلب قوات لفرض سلام في السودان

في تقديري، يجب التعامل مع دعوات إدخال قوات فرض سلام للسودان برفض جاد وحاسم!
أولاً لا يوجد سلام في السودان بعد، لتتدخل قوات لحفظه، بل هناك حرب لم تنهض إرادة حقيقية لوقفها أو إنهائها، وبالتالي دعوات إدخال قوات ستكون لفرض سلام وليس لحفظ السلام ( المصطلح المستخدم في الأمم المتحدة هو قوات حفظ السلام)، وسأتعامل فيما يلي مجازاً مع المصطلح المعتمد، مع التنبيه إلى أنه ليس المتوقع حصوله حتى اللحظة!
وبعيداً عن الصعوبات القانونية والاشتراطات الموضوعية غير المتوفرة حالياً لإدخال قوات حفظ سلام للسودان، فإن مبدأ مناقشة هذا الأمر إن كان تحت الطاولات أو فوقها، يجب أن يثير قلق العالمين بمآلاته، والوطنيين المشفقين على بلادهم!
كما والأوجب قلق جميع الأطراف المتحاربة وقيادتها من مثل هذه الدعوات.
هناك من سيقول لك: وصلنا الحد ياخ! وهؤلاء يعتقدون أن دخول مثل هذه القوات قد يحلّ مشكلتهم! هذا غير صحيح، فإدخال قوات أجنبية هو مشكلة جديدة في الوضع الحالي لبلادنا، وهو حلّ البصيرة أم حمد، فلا ثوراً سيبقى ولا جرّة ستُصان.
هناك عدة طرق لحدوث مثل هذا النوع من التدخل، وكلها لن تؤدي لسلام أو استقرار حقيقي، وفق تجربتنا الوطنية أو بعض التجارب من حولنا، وإحدى هذه الطرق- وهي الراجحة راهناً- هي محاولة إنفاذه بشكل أحادي أو عبر تحالف دولي محدود! أي خارج نطاق الأمم المتحدة، وهذه هي أسوأ وسائل إنفاذه!
أكثر الجهات التي تعلم مدى فشل هذه التجربة في بلادنا هي الحركات المسلحة التي حاربت الإنقاذ، بالإضافة إلى حكومة المؤتمر الوطني البائدة( طبعاً هؤلاء استفادوا منها برغم علمهم مسبقاً بعدم جدواها) وبعض السياسيين المخضرمين. وأكثر من لا علم لهم بخطرها، أو لديهم علم قشري بهذا الخطر من الوطنيين، هم من ينادون باستخدام هذه الآلية مجدداً الآن.
* قوات حفظ السلام وفق القوانين الدولية تستجلب في حال وجود اتفاق سلام دائم أو اتفاق سلام مؤقت، وكجزء من مطلوبات إنفاذ هذا الاتفاق، وهذا ما لم يحدث بعد في الحالة السودانية، وبالتالي فالحديث في حقيقته هو عن قوات فرض سلام.
- قوات حفظ السلام ذاتها، تحافظ على سلامها هي أولاً، وبذلك هي غير أمينة على سلام الشعوب الأخرى (الأجنبية) بأكثر من سلامها هي، ولن تسمح دولة تحترم جيشها وشعبها، بأن تغامر بجنودها فتدخلهم في أتون حربٍ لم ينجّلِ غبارها بعد.
* الميزانيات التي تصرف على قوات حفظ السلام أولى بها من تشرّدوا ونزحوا ولجأوا وفقدوا ذويهم وممتلكاتهم، كجزء من التعويض الخاص أو التعويض العام، بعد وقف الحرب أو إنهاءها تفاوضياً.
* ⁠القوى المدنية بتشرذمها الحاصل الآن، وفي حال استمرار الحرب، لن تكون قادرة على أي فعل جدي مؤثر في هذا الشأن، لا دعماً ولا منعاً، وحين تقع الواقعة، لن تنفع بيانات الشجب والاستنكار، أو هرجلة الدعم والاستنفار!
* ⁠القوات المتحاربة لو قبلت بهذه الدعوات أو أذعنت لها تكون قد أثبتت ليس فشلها في الحسم العسكري، بل عجزها عن هذا الحسم، والفرق كبير بين الفشل والعجز؛ الفشل في الحسم العسكري قد يؤدي إلى طاولات التفاوض، فالنجاح لا تُعرف قيمته الحقيقية في الأغلب الأعم، إلا بالمرور عبر تجربة فشل والتعلم منها، وهذا في الغالب لن يلحق وصمة وطنية تاريخية دائمة بهذه القوى وقادتها وأفرادها؛ أما العجز عن هذا الحسم العسكري فيعني هزيمة جميع الأطراف وإذعانهم لخيارات ليست خياراتهم، ويعني رسوخ وصمة أن عجزهم هذا أدّى للاستعانة بآخرين، ليس عسكرياً فحسب، بل سياسياً وإدارياً، فهذه كلها حزمة واحدة، وبذلك وبالطبع فإن العجز، وليس الفشل، هو آخر محاولات الوصول للنجاح( استطالة أمد الحرب هو أحد العوامل الحاسمة هنا). وما يمكن اللحاق به اليوم قد لا يتيسّر غداً!
* ⁠المطلوب في وضعنا الراهن هو إنفاذ إرادة سياسية وليس إرادة عسكرية، فإنفاذ الإرادة السياسية يحافظ على درجة من القدرة العسكرية لمواجهة أخطار أكبر وآلام أوجع لم تأتِ بعد، ولكنها في الطريق، كما ويحافظ على وحدة البلاد أو حتى تقسيمها بإرادة أهلها( أبغض الحلول)؛ أما محاولة إنفاذ إرادة عسكرية فهو نقيض للاستقرار، ولن يحقق سيطرة كاملة، ولن يحسم أمر احتمال العودة لحرب مجدداً حتى بين المتحالفين عسكرياً حالياً أو من سيتحالفون عسكرياً مستقبلاً، وهو أيضاً بداية الطريق لتقسيم البلاد بغير رغبة أو مصلحة أهلها!
* ⁠لازال أفضل الحلول متاحاً، وهو الحل المتفاوض عليه والذي يحافظ على "الدولة" من الانهيار التام- ليس بالمفهوم السطحي التحشيدي الرائج حالياً- ويحفظ سيادتها وما تبقّى من قوتها البشرية والعسكرية، ويحافظ على مقدراتها ومواردها من التفرّق بين جيوب أصحاب المصالح الإقليمية والدولية، والشعب السوداني هو أول الخاسرين حينها.
* ⁠الحل المتفاوض عليه يفسح الطريق أمام عدم الإفلات من العقاب وأمام المحاسبات التاريخية السياسية والجنائية لكل من أجرم في حق الشعوب السودانية، وأمام الحقيقة والمصالحة، وأمام تحقق العدالة والسلام المستدام، وليس سلام الخناجر المخفية بين الجُنُوب.
* ⁠دعوتي- ضمن دعوات أخريات وآخرين- لحملة واسعة يقودها وينخرط فيها وطنيون حادبون لمواجهة هذا الخطر، كبداية لتشكيل جبهة عريضة حقيقية وراسخة وذات أسس واضحة، لإيقاف أو إنهاء الحرب، عبر حوار السودانيين وتوافقهم، وفق ما يحقق المصالح العليا للشعوب السودانية، ووفق وضوح ومكاشفات تستصحب التجربة السابقة ومآلاتها كافة.
* ⁠ما كتبته أعلاه هو محاولة متواضعة لطرح فكرة عامة أوّلية، لا ادّعي فيها التمحيص الكامل أو إعمال أدوات بحث علمي محقق، أو الدقة أو العمق الكافي، أو غياب الشوائب والهنّات بين ثناياه، بل هو محاولة فقط لفتح مناقشات أوسع، ومع الجميع وبالأخص مع من هم أكثر دربة ودراية ومعرفة وخبرة حول هذا الأمر.
وهذا موقفي حتى الآن
#ضد_التدخل_الدولي
#حرب_السودان  

مقالات مشابهة

  • الآلاف يتظاهرون في المجر للمطالبة بمواجهة "الآلة الدعائية" التي تعتمدها الحكومة
  • أفكار عامة حول دعوات جلب قوات لفرض سلام في السودان
  • منها الدينية والنفسية.. 3 أزمات تزيد من فرص تورط الشباب في أفكار متطرفة
  • لجنة الإعلام بالقومي للمرأة تنظم ندوة نحو الاستخدام الآمن لتكنولوجيا الإتصال
  • بعد الهجوم الإيراني، ما هي سبل رد إسرائيل، وما هي الخطوات التي ستتخذها طهران؟
  • إعفاء الدارسين بالمركز الثقافي الإسلامي في شمال سيناء من المصروفات
  • هل أورثنا الغزو التركي المصري داء العنصرية؟
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • يموت القادة وتنتصر القضية.. عن الفكري والتاريخي والسياسي في مصير المقاومة