وجه المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، لمناسبة عيد الاستقلال الثمانين، النشرة التوجيهية الى عسكريي الامن العام. وفيها:

"أيها العسكريون،
ثمانون عاما، ونحن نحتفل بعيد الاستقلال الذي صنعه اجدادنا، ليبنوا لنا دولة يحكمها نظام  ديموقراطي يضمن تكوين سلطات دستورية وقضائية تؤمن العدالة في المجتمع، وتصون حق الشعب في ممارسة حقوقه وواجباته بحرية تامة.

دولة يدافع عنها ويحمي حدودها جيش وطني ويحافظ على امنها واستقرارها وسلامة مواطنيها مع قوى الامن الداخلي والامن العام.
 
في هذا اليوم الوطني، اوجه بإسمكم تحية الى الأباء المؤسسين، والى الابطال الميامين الذين عمدوا الاستقلال بالتضحية والدم حتى الشهادة، وصنعوا لنا مجدا، فأورثونا وطنا كبيرا بإنسانه، وكيانا مميزا بجغرافيته وموقعه، يجدر بنا ان نبذل الغالي والنفيس من اجل المحافظة عليه بكل ما أوتينا من عزم وقوة وارادة، ليبقى لنا الاستقلال. 
 
أيها العسكريون،
في هذه المناسبة، تغمر قلوبنا غصة كبيرة نتيجة ما تعرض ويتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر يقوم بها العدو الاسرائيلي في حق المدنيين والاطفال والرضع، حتى انه لم يستثن اطفال لبنان عندما استهدفت صواريخه يوم الخامس من تشرين الثاني سيارة مدنية في الجنوب، مما ادى الى استشهاد ثلاث فتيات مع جدتهن، ولا تزال والدتهن تقبع في المستشفى مثقلة بجراحها. وكل ذلك هو نتيجة الرفض الاسرائيلي للسلام العادل والشامل في المنطقة، ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ارضهم.
 
أمام هذا الواقع، يحتم عليكم الواجب ان تثابروا على ما تقومون به من دور طليعي في خدمة اللبنانيين والمقيمين، والمساهمة في ضمان الامن والاستقرار الداخلي، سيما وان هذه المهمات التي تدخل في صلب صلاحيات الامن العام، تتطلب مقاربة لكل الملفات بعناية لنصل بها الى خواتيمها الصحيحة، وبما يخدم مصلحة لبنان العليا. 
 
ومن ابرز هذه القضايا ملف النزوح السوري والعمل على ايجاد حل سريع له، يشكل مرتكزا اساسيا في تحصين بنيان الدولة ونزع كل الاوراق التي قد تستخدم لاحقا في فرض وقائع ديموغرافية لا طاقة للبنان على تحملها، لا جغرافيا ولا سياسيا ولا اقتصاديا ولا امنيا والاخطر كيانيا. 
 
وبالتالي، فإن الفرصة المناسبة للبحث في ملف النزوح هي في هذا الوقت بالذات، حيث المشاريع الخطيرة على مستوى المنطقة، والتي يخشى ان يكون لبنان ساحة تصفية لها.

ايها العسكريون،
ان تفانيكم بعملكم، على المستويين الخدماتي والاداري اضافة الى المهمات الامنية، يشكل عاملا ايجابيا في اطار تمتين وحدة الموقف حيال الثوابت الوطنية، وفائض دعم في تحصين الامن والامان، وتأمين مساحة من الاستقرار ليتمكن المعنيون من مواجهة الاستحقاقات الخارجية والداخلية على انواعها وفي مقدمها تطورات الوضع في غزة، انتخاب رئيس للبلاد، معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية، لاسيما المعيشية منها التي ستبقى شغلنا الشاغل لتأمين الدعم الدائم لكم عن طريق ترشيد الادارة، واستدامة التقديمات الاجتماعية والتعليمية والصحية. 
 
وبقدر ما نعرف حجم الصعوبات والتحديات، بقدر ما نكون واثقين ومؤمنين بأننا نملك القدرة على مواجهتها متى توافرت النية والارادة، والمساهمة في تخطي هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا. ومهما بدت الظروف الراهنة صعبة وحرجة، فإن الامكانيات التي يملكها لبنان في مختلف المجالات، تجعلني أرى المستقبل مضيئا ومشرقا.
 
فاللبنانيون المقيمون فيه قيمة، والمغتربون منه في بلاد الانتشار ذخيرة، وما بينهما وطن، كطائر الفينيق، سيخرج من بين الصعاب والازمات أكثر قوة وقدرة على النمو والازدهار والتقدم.

اخيرا، وفي هذه المناسبة، اتوجه اليكم، ضباطا ومفتشين ومأمورين، بخالص التقدير على الجهد الكبير الذي تقومون به، كما انحني إجلالا وإكبارا على أرواح شهداء الوطن المدنيين والعسكريين".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ما بعد الفيتو الروسي 

 

ما بعد الفيتو الروسي 

ياسر عرمان 

 

أُشبع الفيتو الروسي تحليلاً وتخميناً بمعلومات صحيحة من مظانها الحقيقية وأخرى خاطئة عن قصد أو دونه من مختصين ومطلعين وأخرين قافزين بالزانة أو بالشباك، ليس لدي ما أضيفه ونحن نتعامل مع العلاقات الإقليمية والدولية في أخطر فترة يواجهها المجتمع والدولة السودانية الحديثة منذ نشأتها.

يجب ان نكون حذرين وصبورين في التعامل مع جيراننا الاقربين وفضائنا الحيوي وامتداداتنا في الجغرافيا السياسية والمصالح المتقاطعة سيما في البحر الاحمر والقرن الأفريقي وحزام الساحل الذي تشهد بعض بلدانه انهيار الدولة الوطنية مثلنا والاطماع في الموارد وغياب النواة الصلبة التي توحد التنوع وضبابية الرؤية وعدم وحدة القيادة.

الوطنيون حقاً يخشون على بلادنا من ثلاثة مصاير أولها اطالة امد الحرب وثانيها تقسيم شعبنا وارضنا وثالثهم الشيطان عودة النظام القديم في دولة هشة، وبحكم مشاركتي في قضايا الحرب والسلام وامتداداتها في العلاقات الاقليمية والدولية كتبت أكثر من عشرة مقالات في هذه القضية منذ بداية الحرب في محاولة للمساهمة في الحوار الهام بين قوى الثورة والتغيير حول كيفية الوصول إلى اطار متكامل وحزمة منسجمة لوقف وانهاء الحرب تضع الإغاثة قبل السياسية والحقوق الطبيعية قبل السياسية وتجعل من مخاطبة الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين مدخلاً للعملية السياسية التي يجب ان تقوم في فضاء مفتوح قائم على حماية المدنيين ومشاركتهم وان تكون ذات مصداقية لا ان تقوم على الحلول التجارية السريعة القائمة على الربح والخسارة وغير المستندة على المبادئ والمؤقتة والهشة.

شهد الشهر الأخير بداية جديدة وصحيحة في أوساط القوى المدنية في التركيز على قضية حماية المدنيين ومخاطبة الكارثة الانسانية قبل الدخل في اي عملية سياسية لا توفر الامن والطعام والسكن والعلاج واتساع الفضاء المدني قبل الدخول في حوار يرقص على ساق قسمة السلطة.

 

ما بعد الفيتو الروسي

 

أصدر مجلس الأمن قرارين حول السودان ورغم انقسام المجلس فان الخمسة الكبار سمحوا بتمرير القرارين في شهري مارس ويونيو (٢٧٢٤- ٢٧٣٦)، عجز القرارين ناجم عن عدم توفر الآليات لتطبيقهم وعدم وجود بعثة سلام للفصل بين القوات والتحقق وصدروهما خارج الفصل السابع، ورغم ان الكارثة الإنسانية والنزوح واللجوء وجرائم الحرب في بلادنا هي الأكبر على مستوى العالم لكن يتهرب المجتمعين الاقليمي والدولي من التزاماتهم في ظل انقسامات حادة وقضايا أخرى تستأثر باهتماهم سيما أوكرانيا وغزة.

 

الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين مدخل لوحدة قوى الثورة والعملية السياسية:

 

الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين تشكلان الحد الادني لوحدة قوى الثورة وأساس الحقوق الطبيعية في الحياة والإقامة، وفي نفس الوقت تشكلان المدخل الصحيح للعملية السياسية القائمة على حق الشعب في حقوقه الطبيعية قبل السياسية وهي تحرج المجتمعين الأقليمي والدولي وتذكرهما بالتزاماتهم المنصوص عليها في المواثيق الاقليمية والدولية والقانون الإنساني والدولي.

 

مجلسي الامن الأفريقي والدولي يوفران الإجماع:

 

في ظل الانقسام الذي يشهده مجلس الامن الدولي علينا العمل مع اعضاء مجلس الامن الأفريقي وتصعيد خطابنا حول الكارثة الانسانية وحماية المدنيين في ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ حتى يخرج مجلس الأمن والسلم الأفريقي بخارطة طريق ستجد القبول والإجماع في مجلس الامن الدولي كما جرت العادة في ظل الانقسام الحالي، بل يجب الدعوة لاجتماع في مقر الاتحاد الأفريقي بين مجلسي الامن الأفريقي والدولي كما تم من قبل وبعد اتفاق نيفاشا وقد عقد مجلس الامن الدولي اجتماع في نيروبي قبل الاتفاق وزيارة للخرطوم بعد الاتفاق ومن الضروري مشاركة الجامعة العربية في هذا الاجتماع.

 

المناطق الأمنة ام نزع السلاح؟ تقليص الفضاء المدني أم العسكري؟

 

مفهوم المناطق الامنة للمدنيين علينا طرحه في اطار توسيع الفضاء المدني وتقليص الفضاء العسكري وحق المدنيين في نزع السلاح من اماكن تواجدهم لا عبر تحديد مناطق معزولة تقلص الفضاء المدني وتوسع الفضاء العسكري ويجب ان يتم ذلك بتطبيق القانون الإنساني الدولي الذي يعطي المدنيين حرية الحركة ويطالب العسكريين بالخروج من المناطق المدنية حتى تكون آمنة، الأمن يعني انسحاب العسكريين وحصر تواجدهم وليس العكس، وفي اي ترتيبات مقبلة لوقف العدائيات او اطلاق النار سيطالب العسكريين بالرجوع لأماكنهم قبل الحرب برقابة وتحقق من بعثة السلام وهذا لن يتوفر إلا باتفاق الطرفين أو تطبيق الفصل السابع وفي الوضع الدولي الحالي وعدم الاهتمام بالسودان الحل هو في تصعيد الضغوط الداخلية والاقليمية والدولية معاً.

ولنا عودة.

الحقوق الطبيعية قبل السياسية

الإغاثة قبل السياسية

الثورة أبقى من الحرب

والنصر للجماهير

 

٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤

الوسومالفيتو روسيا مجلس الأمن الدولي ياسر عرمان

مقالات مشابهة

  • أستراليا تقترح قانوناً يحظر وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاماً.. ما الدول التي تدرس تدابير مماثلة؟
  • أوكرانيا تخسر 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في مقاطعة كورسك الروسية
  • إعلام إسرائيلي: الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق مع لبنان حتى الخميس المقبل 
  • المالية: نعمل على توفير بيئة عمل مناسبة وحوافز للعاملين بالضرائب
  • السفير غملوش في عيد الاستقلال: لبنان يتعرض إلى تدمير ممنهج لكل مقومات الحياة
  • قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها في كورسك
  • حزب الاستقلال يعقد اجتماع مجلسه الوطني في 7 دجنبر لاستكمال هياكله
  • ما بعد المأساة
  • بذكرى الاستقلال... كرامي وضع اكليلا من الزهر على ضريح الرئيس عبد الحميد كرامي
  • ما بعد الفيتو الروسي