هجرة الأيدي العاملة إلى ألمانيا .. قواعد جديدة وتسهيلات مغرية
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
ألمانيا بحاجة ماسة للأيدي العاملة الماهرة ولا سيما في مجال المعلوماتية والرعاية الصحية
هناك نقص كبير في الأيدي العاملة المتخصصة الماهرة في ألمانيا بمختلف القطاعات وعلى رأسها: المعلوماتية والرعاية الصحية (التمريض والعناية بالمسنين) والتقنية والشحن والحرف اليدوية المختلفة. والقانون الذي تم إصداره الصيف الماضي بشأن هجرة الأيدي العاملة المتخصصة، من المقرر أن يزيل العقبات التي تعيق هجرة الأيدي العاملة الماهرةمن خارج لاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا.
والقواعد الجديدة بشأن الهجرة ستدخل حيز التنفيذ على ثلاثة مراحل، لكي تتمكن الدوائر الرسمية المسؤولة من تطبيقها. وأولى التعديلات القانونية والقواعد الجديدة دخلت حيز التنفيذ في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
البطاقة الأوروبية الزرقاء
اعتبارا من الآن يمكن لحملة الشهادات الجامعية والمماثلة لها، الذين يحملون البطاقة الأوروبية الزرقاء، الهجرة إلى ألمانيا من دون مراجعة ما إذا كان هناك مواطن ألماني أو من دول الاتحاد الأوروبي يمكنه شغل الوظيفة، ومن دون تقديم أي إثبات بشأن مستوى إتقانه اللغة الألمانية. وبالنسبة للراتب السنوي فقد تم خفضه إلى 40 ألف يورو سنويا للمهن التي هناك نقص كبير فيها للأيدي العاملة و44 ألف يورو سنويا بالنسبة للمهن الأخرى.
أما القائمة الحالية للمهن التي فيها نقص كبير للأيدي العاملة، فتضم: الرياضيات والمعلوماتية والعلوم الطبيعية والهندسة والطب. وسيتم توسيع هذه القائمة لتضم مهنا أخرى من بينها: التربية والرعاية الصحية.
أما بالنسبة لقطاع المعلوماتية (تكنولوجيا المعلومات)، فإنه حتى بدون حيازة شهادة جامعية يمكن الحصول على البطاقة الأوروبية الزرقاء، إذا كانت لدى المتقدم للوظيفة خبرة عملية لا تقل عن ثلاث سنوات.
تم تسهيل هجرة العاملين في مجال الرعاية الصحية ومساعديهم إلى ألمانيا
مرونة أكبر في منح تصريح الإقامة
من يفي بشروط الأيدي العاملة المختصة مع تأهيل مهني أو جامعي، له الحق في الحصول على تصريح للإقامة في ألمانيا. حتى الآن كانت البعثات الدبلوماسية ودوائر شؤون الأجانب تتمتع بهامش من التقدير. وعلاوة على ذلك جرى رفع القيود المتعلقة بالعمل في المجال المهني، الذي تم تعلمه أو دراسته، فمثلا يمكن للميكانيكي أن يعمل في المجال اللوجستي. أم بالنسبة للمهن التي يتم تنظيمها وممارستها بقانون مثل الطب والقانون والتعليم، فتبقى القيود والقواعد المنظمة سارية المفعول.
أيضا بالنسبة لمهنة قيادة سيارات الشحن تم تسهيل شروط ممارستها من قبل الوكالة الاتحادية للعمل، إذ تم إلغاء شرط اللغة والأولوية لشغل الوظيفة.
تغيرات أخرى ستدخل حيز التنفيذ اعتبارات من الأول من مارس/ آذار 2024.
الهجرة مع خبرة مهنية
حتى الآن كانت معادلة الشهادة حاجزا بيروقراطيا كبيرا في ألمانيا، لكن يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للعمال المختصين ذوي الخبرة الذين لديهم تأهيل مهني. فمن يحمل تأهيلا مهنيا معترفا به في بلده ولديه خبرة عملية لا تقل عن سنتين، يمكنه الهجرة إلى ألمانيا، طبعا باستثناء المهن التي يتم تنظيمها وممارستها بموجب قانون محدد في ألمانيا. وبالنسبة للمختصين في مجال المعلوماتية فإنهم ليسوا بحاجة إلى شهادة.
تم تسهيل الهجرة إلى ألمانيا بغية البحث عن فرصة عمل أو تدريب مهني
الشراكة في الاعتراف
من كان بحاجة لمعادلة شهادته في ألمانيا لممارسة مهنة تعادل تأهيله المهني أو الأكاديمي، يمكنه أن يبقى في ألمانيا ثلاث سنوات من أجل ذلك. ويمكنه خلال ذلك العمل لمدة 20 ساعة أسبوعيا. كذلك بالنسبة لطلاب الجامعات والتأهيل المهني أيضا سيتم السماح لهم بالعمل لمدة أطول (ساعات أكثر) إلى جانب دراستهم وتعليمهم.
وإذا كانت هناك اتفاقية شراكة اعتراف بين رب العمل في ألمانيا والمتقدم للوظيفة من بلد ثالث (خارج الاتحاد الأوروبي) فيمكن للأيدي العاملة المتخصصة الهجرة إلى ألمانيا والعمل مباشرة، وذلك خلال فترة سير إجراءات الاعتراف بشهادتهم في ألمانيا. ويمكن تمديد إقامتهم حتى ثلاث سنوات، بشرط توفر تأهيل مهني لمدة عامين على الأقل ومعرفة باللغة الألمانية مستوى A2.
إلى جانب المختصين بالرعاية الصحية، يمكن مستقبلا للمساعدين الصحيين، الذين لديهم تأهيل مهني في التمريض أقل من ثلاث سنوات العمل في ألمانيا أيضا.
لم الشمل
لدى لم الشمل بالنسبة للزوج أو الزوجة والأطفال القصر، يجب على العامل المهاجر أن يثبت قدرته على إعالتهم، لكن دون الحاجة إلى إثبات توفر مساحة كافية للسكن، كما هو معمول به حتى الآن. وإضافة إلى ذلك يمكنهم لم شمل أبويهم أو الحمو أو الحماة أيضا إذا حصل هؤلاء العاملون على تصريح إقامتهم بداية من الأول من مارس/ آذار 2024.
تغييرات أخري ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من يونيو/ حزيران 2024.
اختبار التحدي لضمان مكان بالتدريب المهنيبطاقة الفرصة للباحثين عن عمل
اعتبار من الأول من يونيو/ حزيران، من المفترض أن يبدأ العمل ولأول مرة ببطاقة الفرصة مع نظام النقاط. حيث يمكن بموجبها للناس السفر إلى ألمانيا والإقامة لمدة عام بحثا عن فرصة عمل، بشرط تأمين معيشتهم خلال هذه الفترة. ومن يستطيع إثبات معادلة مؤهلاته المهنية الأجنبية، يعتبر عاملا ماهرا ويحصل على البطاقة دون شروط أخرى. أما ما عدا ذلك فيجب توفر شهادة جامعية أو شهادة تأهيل مهني لا تقل مدة الحصول عليها عن عامين، بالإضافة إلى إثبات معرفة باللغة الألمانية مستوى A1 أو اللغة الإنكليزية مستوى B2 على الأقل.
وبالإضافة إلى ذلك سيتم منح النقاط للأمور التالية: الخبرة المهنية، والاعتراف بالمؤهل في ألمانيا، والعمر والمستوى اللغوي للألمانية أو الإنكليزية والصلة بألمانيا وإمكانية هجرة شريك أو شريكة الحياة معا. ويسمح للعمال المهرة الذين يحملون بطاقة الفرصة، العمل حتى 20 ساعة أسبوعيا، ولو على سبيل الاختبار. ويمكن تمديد مدة البطاقة حتى عامين، إذا كان هناك عقد عمل للتوظيف المؤهل.
قاعدة غرب البلقان
هناك قاعدة أخرى تتعلق بمواطني دول البلقان، والتي تسمى قاعدة غرب البلقان لاستقدام العمال المهرة من ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو والجبل الأسود وشمال مقدونيا وصربيا، وهي سارية الآن ولمدة غير محددة. واعتبارا من الأول من يونيو/ حزيران 2024 ستتم مضاعفة حصة هذه البلدان لتصبح 50 ألف عامل سنويا.
أندريا غروناو/ عارف جابو/ص.ش
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الهجرة إلى ألمانيا أخبار ألمانيا الهجرة إلى ألمانيا أخبار ألمانيا الهجرة إلى ألمانیا الأیدی العاملة حیز التنفیذ من الأول من فی ألمانیا ثلاث سنوات
إقرأ أيضاً:
عندما اهتزت قواعد اللعبة.. تحول تاريخي في مسار الصراع
في تحول دراماتيكي غير مسبوق على مدى تاريخ الصراع الإسرائيلي العربي، تنجح قوى المقاومة في غزة ولبنان واليمن في تغيير قواعد اللعبة وفرض معادلات جديدة، كاسرة بذلك أسطورة التفوق العسكري الإسرائيلي المطلق التي سادت لعقود طويلة.
بين شواطئ غزة وجبال لبنان ومياه البحر الأحمر، برزت قدرات عسكرية متطورة أذهلت المراقبين وأربكت حسابات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. في غزة، استطاعت المقاومة الفلسطينية تطوير ترسانة صاروخية محلية الصنع بقدرات غير مسبوقة، متحدية بذلك كل إجراءات الحصار المفروض منذ سنوات. وفي مشهد لم يكن متوقعا، أظهرت المقاومة قدرات قتالية عالية في مواجهة واحد من أقوى جيوش المنطقة وأظهرت قدرة في حرب العصابات أصابت الاحتلال بسعار الإبادة الجماعية لشعب فلسطين وغزة خاصة.
في شمال فلسطين المحتلة، حيث تمتد جبال لبنان الشامخة، نجح حزب الله في بناء قوة ردع حقيقية، مستندا إلى ترسانة صاروخية ضخمة وقدرات عسكرية متطورة. وأثبتت المواجهات الأخيرة أن المقاومة اللبنانية باتت تمتلك قدرة على التصدي للطائرات المسيرة الإسرائيلية وتنفيذ عمليات نوعية دقيقة.
للمرة الأولى منذ عقود، بدأت الرواية الفلسطينية تجد آذانا صاغية في الإعلام الغربي وتراجعت الرواية أو سردية الاحتلال
أما في البحر الأحمر، فقد فاجأ الحوثيون العالم بقدراتهم البحرية المتطورة، مستهدفين السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، في عملية أثرت بشكل كبير على حركة الملاحة البحرية وأربكت الحسابات الاقتصادية العالمية، واستطاعوا، رغم سنوات الحرب والحصار، تطوير منظومة صاروخية وطائرات مسيرة ذات قدرات متقدمة.
وفي الجانب الاقتصادي، تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة. فوفقا لتقارير اقتصادية حديثة، تراجع قطاع السياحة بشكل حاد، كما تأثر قطاع الطيران تأثرا كبير حيث انخفض عدد الرحلات القادمة للأراضي المحتلة عبر مطار بن غوريون، وانخفضت الاستثمارات الأجنبية، وارتفعت تكاليف التأمين البحري بشكل غير مسبوق. كما تضاعف الإنفاق العسكري الإسرائيلي بشكل كبير، مما شكل ضغطا إضافيا على الموازنة العامة.
وعلى الصعيد السياسي، شهد العالم تحولا ملحوظا في المواقف الدولية. فقد خرجت مظاهرات حاشدة في عواصم العالم تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وتصاعدت الأصوات المنتقدة للممارسات الإسرائيلية. وللمرة الأولى منذ عقود، بدأت الرواية الفلسطينية تجد آذانا صاغية في الإعلام الغربي وتراجعت الرواية أو سردية الاحتلال.
وعلى صعيد المجتمع الإسرائيلي وفي تطور لافت، بدأت تظهر انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، حيث تصاعدت الأصوات المطالبة بمراجعة السياسات المتبعة. وأظهرت استطلاعات الرأي تراجعا في ثقة الإسرائيليين بقدرة مؤسستهم العسكرية على توفير الأمن المطلق.
أثبتت الأحداث الأخيرة أن إرادة الشعوب وقدرتها على الابتكار والتطور يمكن أن تغير موازين القوى
وعلى الاتجاه الإقليمي، أدت هذه التطورات إلى تجميد مسارات التطبيع بعد نجاح عراب التطبيع الإمارات في جذب البحرين والمغرب إلى وحل التطبيع، وأفشل الطوفان في جذب السعودية ودول أخرى إلى مستنقع التطبيع، وأدى هذا إلى تعزيز التنسيق بين قوى المقاومة. وبات واضحا أن موازين القوى في المنطقة تشهد تحولا جذريا، مما يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع.
وفي ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن نظرية الأمن الإسرائيلي التقليدية تواجه تحديا غير مسبوق. فقد أثبتت المقاومة قدرتها على تطوير أساليب قتالية مبتكرة وتكتيكات عسكرية متقدمة، متجاوزة بذلك كل الحواجز التكنولوجية والعسكرية ويدل على هذا العمليات النوعية على جبهة غزة التي أوجعت الاحتلال بالعمليات النوعية، وهذا يظهر أيضا على جبهة لبنان التي أوجعت العدو بضربات في العمق المحتل حتى وصلت إلى بيت نتنياهو في قيسارية، وكذلك حرب المسيّرات ذات التصنيع المحلي مثل الزواري وأخواتها في سلاح الجو المقاوم على جبهاته.
وفي الختام، يبدو جليا أن المنطقة تشهد تحولا استراتيجيا عميقا، حيث نجحت المقاومة في فرض معادلات جديدة وتوازنات مختلفة. ورغم التفوق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي، أثبتت الأحداث الأخيرة أن إرادة الشعوب وقدرتها على الابتكار والتطور يمكن أن تغير موازين القوى وتؤسس لواقع جديد.