قبل قرابة 109 أعوام دخل الاحتلال الإنجليزي على مصر في صدام عنيف مع الخديوي عباس حلمي الثاني حاكم مصر حينها والخاضع لسلطة الدولة العثمانية، بعد انحياز الجيش المصري للجانب الألماني ضد الإنجليز تأييدًا لـ«العثمانيين»؛ فكان قرار «لندن»، بأن يتم عزل «الخديوي»، واستقلال مصر بشكل كامل عن الأتراك، مع تكليف أكبر أبناء أسرة محمد علي باشا لحكم مصر.

حفيد محمد علي باشا

بدأت التحركات البريطانية، بالتواصل مع الخديوي عباس حلمي الثاني، وطلب البقاء خارج مصر، إذ كان في «الاستانة»، مع تكليف «البرنس حسين كامل»، عم الخديوي، وأكبر أعضاء أسرة محمد علي باشا سنًا وحفيده لإدارة مصر، لكنه أبى أن يجلس في مكان ابن شقيقه، قبل أن يتراجع ويقبل بشروط عدة خوفًا من خروج حكم مصر خارج العائلة، ومن بينها أن يتم إلغاء لقب خديوي، وأن يتم تسميته بـ«السلطان»، وهو ما تم الاتفاق عليه، ليعمل على خدمة الوطن لمدة تزيد قليلا عن عامين، قبل أن يتوفى، ويتولى حكم مصر الملك فاروق الأول.

افتتاح قناة السويس

وتمر اليوم الذكرى الـ170 على ميلاد السلطان حسين كامل، وهو من مواليد القاهرة في يوم 21 نوفمبر 1853.

وبحسب موقع رئاسة الجمهورية المصري، تلقى السلطان حسين كامل تعليمه في مصر ثم فرنسا، وعاد ليستكمل حياته في مصر تزامنًا مع افتتاح قناة السويس، ليُكلف باصطحاب الإمبراطورة أوجيني، إمبراطورة فرنسا حينها خلال الافتتاح، فضلا عن استقبال الملك إدوارد السابع، ولي عهد بريطانيا، والقيصر نيكولا الثاني، ولي عهد روسيا.

وزارة المالية ومجلس الشيوخ

وواصل السلطان حسين كامل، مسيرته، حين تولى منصب مفتش عام أقاليم الوجهين البحري والقبلي، ثم نظارة الأشغال العمومية، ثم نظارة المالية، أي بمثابة منصب وزير المالية في عهدنا الحالي، ثم رئاسة مجلس شورى القوانين، بمثابة رئيس مجلس الشيوخ حاليًا.

وفي أعقاب الرغبة البريطانية في الإطاحة بالخديوي عباس حلمي الثاني، تم تكليفه بمنصب «سلطان مصر»، ليعمل على إنشاء خط سكة حديد يربط بين القاهرة وحلوان، ويعمل على تطوير التعليم في مصر، ودعم الفلاح والمزارع المصري، حتى سُمي بـ«صديق الفلاح»، فضلا عن تدعيم جسور مصر لحمايتها من فيضان النيل.

ويُعتبر السلطان حسين كامل، هو أول حاكم مصري للبلاد، يتم كتابة اسمه على النقود في مصر، بعد زوال السيادة العثمانية على الدولة المصرية.

امتيازات مصرية من الاحتلال البريطاني

ونجح السلطان حسين كامل، بحسب خطاب تكليفه من الامبراطورية البريطانية في  الحصول على موافقة بريطانية، بإزالة القيود على تعداد الجيش المصري، بعدما كانت الدولة العثمانية تُقيده، فضلا عن تأكيد الجانب البريطاني باحترام العقائد الدينية، لكن الإنجليز ظلوا في مناصب مؤثرة في البلاد، واستأثروا بأنفسهم بتمثيل مصر خارج البلاد، وقيدوا صلاحيات السلطان المصري، فيما أرادوا التدخل به.

وفي أول إجراء عقب تكليفه بتولي حكم مصر، خاطب السلطان حسين كامل، حسين رشدي باشا، رئيس وزراء مصر في عهده، قائلا: «بالنظر إلى المركز الدقيق الذي صارت إليه البلاد بسبب الحوادث الحالية، قد رأينا مع ذلك أنه يتحتم علينا القيام بهذا العبء الجسيم، وأن نستمر على خطتنا الماضية؛ فنجعل كل ما فينا من حول وقوة وقفًا على خدمة الوطن العزيز».

وطالب «السلطان» رئيس الوزراء بالعمل على مواصلة الإصلاحات، و«تعميم العلم» في البلاد، وتنظيم القضاء، وإشاعة الأمن العام، وترقية الشئون الاقتصادية في البلاد.

إلغاء وزارة الخارجية في عهده

وبقى جميع وزراء الخديوي عباس حلمي الثاني في مناصبهم، عقب تشكيل أول حكومة في عهد السلطان المصري عدا وزير الأوقاف، فضلا عن إلغاء «نظارة الخارجية» أو وزارة الخارجية بمفاهيم العصر الحديث، لاستئثار الاحتلال البريطاني بتلك المهمة وقتها.

حوار من القلب

وشدد السلطان حسين كامل، في حوار مع جريدة «النيويورك هرلد» الأمريكية، والذي نشرته جريدة الأهرام في 27 فبراير عام 1916، أن ترف قصر عابدين «لا قيمة له عنده»، وأنه لم يكن ذو مطامع شخصية، قائلا إنه كان سعيدًا أكثر حينما كان أميرًا، متسائلا: «أكان في مقدوري أنا أحد أمراء بيت محمد علي، أن أتنحى عن الواجب الذي يحول دون هدم العمل المجيد الذي بدأ به جدي الخالد الذكر لرفاه المصريين وإسعادهم؟!».

وشهد عصر السلطان حسين كامل رغم آماله وتطلعاته لخدمة المصريين، وعمله على تحقيق ذلك، توسع نفوذ الإنجليز في مصر، بعد نهاية التواجد التركي بالكامل، حتى قيل إن السلطان يحصل على أوامره من المندوب السامي البريطاني في مصر، وذلك بعد فرض الحماية البريطانية على «القاهرة».

عامان و9 أشهر و17 يومًا قضاها السلطان حسين كامل في إدارة الدولة المصرية، قبل أن يتوفى إثر أزمة صحية ألمت به في يوم 4 أكتوبر 1917، ليُدفن في مسجد الرفاعي في القاهرة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أزمة صحية افتتاح قناة السويس التعليم في مصر الجيش المصري الدولة العثمانية الدولة المصرية السلطان حسين كامل محمد علی فضلا عن فی مصر

إقرأ أيضاً:

بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟

البلاد – جدة
يعقد الاتحاد الأوروبي النسخة التاسعة من مؤتمر بروكسل حول سوريا، غدا (الاثنين)، تحت عنوان “الوقوف مع سوريا: تلبية الاحتياجات من أجل انتقال ناجح”، في العاصمة البلجيكية، وتثير هذه المناسبة تساؤلات حول ما يريده الاتحاد الأوروبي من سوريا، وماذا يتوقع السوريون من الاتحاد الأوروبي، وحجم الدعم المتوقع خلال المرحلة المقبلة.
يهدف المؤتمر إلى توفير منصة لحشد الدعم الدولي لمستقبل سوريا، إذ سيركز على تلبية الاحتياجات الإنسانية والتنموية، وضمان استمرارية المساعدات للسوريين داخل البلاد وفي المجتمعات المضيفة في الأردن ولبنان وتركيا ومصر والعراق.
ويحمل استقرار سوريا أهمية إستراتيجية للاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى موقع سوريا في منطقة اشتباك لقوى إقليمية ودولية، والجوار الجغرافي جعل القارة العجوز وجهة لأكثر من مليون سوري، وتنتظر أوروبا استقرار الأوضاع لعودتهم إلى مناطق آمنة في بلادهم، كما تسعى لإنهاء الوجود الروسي في سوريا أو تقييده وتحجيمه على أقل تقدير.
لذا.. يرى الاتحاد الأوروبي في سوريا دولة شريكة يمكنها العودة إلى المسار السياسي والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بعد سنوات من النزاع، لكنه بالتوازي يعمل على دفع الإدارة السورية الجديدة نحو تبني إصلاحات سياسية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتحسين مناخ الاستثمار والتنمية، والدخول في حوار سياسي حقيقي يضمن مشاركة كافة الأطراف في مستقبل سوريا، مما يعيد الثقة للمجتمع الدولي في دعم المشاريع التنموية التي تساهم في إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير فرص عمل للمواطنين.
على الجانب الآخر، يتوقع السوريون من الاتحاد الأوروبي أن يكون الدعم ليس فقط سياسيًا وإنما إنسانيًا واقتصاديًا ملموسًا، ويعكس هذا التوقع الرسمي والشعبي رغبة المواطن في تجاوز معاناة الحرب من خلال تلقي مساعدات عاجلة لتحسين الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية، إلى جانب دعم برامج الإعمار وإعادة التأهيل الاقتصادي، حيث يُنظر إلى الاتحاد الأوروبي كشريك يتمتع بالقدرة المالية والخبرة الفنية الضرورية لتطبيق إصلاحات جذرية تخرج البلاد من دائرة الفقر والبطالة وتدهور المرافق والخدمات العامة.
وقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية وإنسانية للسوريين خلال السنوات الماضية تجاوزت قيمتها 3.6 مليار يورو، شملت دعمًا للاجئين والرعاية الصحية والبرامج التعليمية، وهناك خططًا لدعم مبدئي خلال المؤتمر بقيمة 500 مليون يورو لدعم مشروعات إعادة الإعمار وتحفيز النمو الاقتصادي، ما يُظهر حضور المؤتمر كمنصة لتنسيق الجهود وتحديد أولويات الدعم الجديد.
ويعقد المؤتمر سنويًا منذ عام 2017، وستشهد نسخته الحالية مشاركة الحكومة السورية لأول مرة، بوفد متوقع أن يترأسه وزير الخارجية أسعد الشيباني، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والدول المجاورة لسوريا وشركاء إقليميين آخرين.
وداخل سوريا، شهدت ساحة الأمويين في دمشق وساحات رئيسية في مدن بالمحافظات، أمس السبت، احتفالات بالذكرى الـ 14 للاحتجاجات التي كُللت بإسقاط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، وولادة مرحلة جديدة في البلاد.
وفي منتصف مارس 2011، خرجت أولى الهتافات مطالبة بالحرية والكرامة، لتتحول إلى انتفاضة شعبية ثم إلى صراع طويل مع نظام الأسد، دفع فيه السوريون أثمانًا باهظة، قتلًا ودمارًا وتهجيرًا. وبعد كل تلك السنوات، يحتفل السوريون ببدء عهد جديد، ولأول مرة، داخل مدنهم وبلداتهم التي عاد إليها كثير منهم بعد تهجيرهم.

مقالات مشابهة

  • حددها القانون.. ماذا تعرف عن أنواع تأمينات الممتلكات والمسئوليات؟
  • قوم يا مصري وأنا المصري.. كيف أصبحت موسيقى سيد درويش رمزا للهوية الوطنية
  • الفنان سامح حسين يهدي برنامجه «قطايف» للتليفزيون المصري
  • فين القطايف؟.. ماذا دار بين الرئيس السيسي والفنان سامح حسين | فيديو
  • الفنان سامح حسين يهدي برنامجه قطايف للتليفزيون المصري
  • تعرف على موعد مباراة المصري وزد بكأس مصر
  • مخرج “كامل العدد” يرد على انتقادات دينا الشربيني.. ماذا قال؟
  • سلطان بن حمدان يشهد اليوم الثاني لسباق الهجن في الوثبة
  • استمرار تعطل الكهرباء في كوبا لليوم الثاني
  • بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟