قال الدكتور علي جمعة، ان المولى عز وجل يقول تعالى : {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} ظن أن لن يضيق الله عليه، لم يظن أن الله يعجز عن أن يأتي به إنما ظن أن الله سوف يفسح له الطريق على عادته معه عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من الإكرام وبحبوحة الأمر {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} نقدر أي نضيق عليه.

{فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ} وهو في أحلك المواقف وعلى قرب الهلاك ولا أمل ولم يحدث من قبل أن نجا مثل ما كان في حالته، شخص التقمه الحوت وهو الآن في بطنه لكنه لم ينس ربه، لا مع قرب الهلاك ولا مع بعد الهلاك، لا وهو يدعو الناس، ولا وهو يفر في السفينة، لا وهو في الظلمات ولا هو في ضوء الشمس والأنوار {أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} نبي مقرب يصف نفسه بالظلم في قبل ربه، فما بالك أيها العبد تتكبر على ربك وتعتقد أنك لم تعصه قط، وأنه والحمد لله أنت على الصراط المستقيم، ارجع إلى ربك وحاسب نفسك قبل أن تحاسب.

{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ و َكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} ليس وحده الذى سوف يستجيب الله له، بل هو برنامج عمل لكل مؤمن منا، والقرآن يخاطبك وهو كنز بين يديك، فتدبره كما أمرك الله أن تتدبره.

هذه هى أوامر ربنا - سبحانه وتعالى - لنا بالصبر، اصبر على عملك وأده كما ينبغي أن يكون فإن (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)، اصبر على ناسك فلا تكون إمعة تقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت ،وإن أساءوا أسأت، اصبر في دعائك فلا تقطعه أبداً ولا تستعجل الإجابة، اصبر على البلاء ولا تتزحزح عن عقيدتك ودينك ؛فإن الله - سبحانه وتعالى - يحشر الأنبياء يوم القيامة، فيحشر منهم نبياً ليس معه أحد، وهو الذى على الحق والناس كانت على الباطل, اصبر على العمل لله وعلى عمارة الدنيا وعلى تزكية النفس لا تتزحزح ولا يغرنك هذا الحال الذى لا يرضى الله ورسوله، اصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر يبين سبب حذف حرف النفي في قول الله: وعلى الذين يطيقونه

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، خلال درس التراويح اليوم الأحد بالجامع الأزهر، أن الشريعة الإسلامية بُنيت على التيسير، حتى قال علماؤنا: «الشريعة لا يفارقها التيسير»، مشيرًا إلى أن آيات الصيام تحمل في طياتها معالم بارزة لهذا التيسير الإلهي، حيث قال الله تعالى في وسط آيات الصيام: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.

وأوضح أن من مظاهر التيسير في تشريع الصيام أن الله تعالى بدأ بفرضه على الأمة كلها، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، ثم استثنى أصحاب الأعذار الطارئة، كالمريض والمسافر، فأباح لهما الفطر مع وجوب القضاء بعد انتهاء الشهر، فقال: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾. كما رخص الله تعالى لأصحاب الأعذار الدائمة، ككبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، فجعل لهم رخصة الإفطار مع دفع الفدية، فقال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.

وأشار إلى دقة التعبير القرآني في قوله: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ»، حيث لم يقل «لا يطيقونه»، وذلك تأدبًا مع الله، ولئلا يُشعر الإنسان بعجزه المطلق، فهو يريد الصيام لكنه لا يطيقه، فخفف الله عنه بهذه الصيغة الراقية، وهذا أدب قرآني راقٍ، يعلمنا كيف نخاطب الآخرين، ونتعامل بلطف مع كبار السن ومن لا يستطيع الصيام، فلا نقول لهم مباشرة: «أنت لا تطيق الصيام»، بل نخفف العبارة ونراعي مشاعرهم.

وبيَّن أن من معالم التيسير أيضًا، أن الله سبحانه وتعالى وصف أيام الصيام بأنها «أيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ»، واستخدام جمع القلة في كلمة «معدودات» يدل على قلة العدد، رحمةً من الله بهذه الأمة، كما أن الصيام فُرض في النهار دون الليل، حيث قال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ﴾، ثم قال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾. فبهذا أباح الأكل والشرب في الليل، مما يخفف عن الإنسان مشقة الامتناع التام لو كان الصيام ليلًا ونهارًا.

وبيَّن أن القرآن الكريم شبَّه النهار بالخيط الأبيض، والليل بالخيط الأسود، ليعلمنا أن أمور حياتنا ينبغي أن تُبنى على اليقين لا على الشك والتخمين، فالحياة التي تقوم على الشك حياة متزعزعة لا ثبات لها.

وضرب مثالًا آخر على التيسير في التشريع الإسلامي، وهو تخفيف الصلاة، حيث فرضها الله خمسين صلاة، ثم خففها إلى خمس في العدد، لكنها تبقى خمسين في الأجر والثواب. وكذلك الحج، فقد قال الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، ثم خفف على المحصر ومن لا يستطيع، فقال: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾.

وختم حديثه خلال درس التراويح بالجامع الأزهر في الليلة الثالثة من شهر رمضان المبارك بقول النبي ﷺ: «إنَّ هذا الدِّينَ متينٌ فأوغلوا فيه برِفق، فإنَّ المُنْبَتَّ لا أرضًا قطعَ ولا ظَهرًا أبقَى»، وقوله ﷺ: «إنَّ الدِّينَ يُسرٌ»، مؤكدًا أن التيسير سمة٥ أصيلة في التشريع الإسلامي، وأن الله سبحانه وتعالى أراد بهذه الأمة اليسر في كل أمورها، لا العسر والمشقة.

مقالات مشابهة

  • بسمة وهبة لـ عصام الحضري: محدش بيشكر نفسه إلا إبليس
  • أحمد عمر هاشم: النبي نهى عن تحقير الإنسان لنفسه وكتمان الحق .. فيديو
  • من هم يعملون يسيرًا.. ويُؤجرون كثيرًا؟
  • توقيع عقود البنية التحتية لمدينة جنوب سعد العبد الله الكويتية بقيمة 262 مليون دينار
  • علي جمعة يقدم بودكاست مع نور الدين عبر قناة الناس.. اشتباك فكري مع قضايا معاصرة
  • أعزَّك الله.. سيدنا عزيزَ الإسلام
  • رئيس جامعة الأزهر يبين سبب حذف حرف النفي في قول الله: وعلى الذين يطيقونه
  • شاهد.. أهالي المحلة يشيعون جثمان عجوز مسن مات صائما على أبواب مسجد الأربعين
  • أهالي خان يونس يشتكون من الغلاء وشح الأموال في أول يوم من رمضان
  • أيها الصائم معك أتكلم..