بعد مرور 5 أسابيع على حربها على قطاع غزة، تبدو إسرائيل متشبثة بسياسة الأرض المحروقة، في حين يعِد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بتحدي العالم إذا لزم الأمر.

 

بهذه العبارة استهلت الباحثة بالمجلس الأطلسي بواشنطن، علياء براهيمي، مقالها في مجلة نيوزويك الأميركية، منوهة إلى حجم المعاناة التي يعيشها سكان القطاع.

 

تقول براهيمي -المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- إنه بخلاف التهديد الخطير والمتواصل من القصف الإسرائيلي على غزة، لم يعد بمقدور الآباء الآن العثور على الحليب لأطفالهم الصغار، وتضطر الأمهات إلى سحب أطفالهن إلى بر الأمان بدون الحصول على مياه نظيفة، بينما تأكل الكلاب جثث الشهداء.

 

وفي ظل الأزمة الإنسانية التي تتبدى أمام ناظرينا -تضيف الباحثة في مقالها- فإن بعض المخاطر لا تقتصر على سكان غزة أو على فلسطين.

 

وتعتقد براهيمي أن من غير المرجح أن يساهم الدمار الذي تلحقه إسرائيل بغزة، في توفير الأمان الحقيقي للإسرائيليين واليهود.

 

ثم هناك اليهود غير الإسرائيليين في أرجاء العالم الذين لا يريدون أن تكون لهم علاقة بما اصطلح البعض على تسميته بـ"الإبادة الجماعية"، ومع ذلك يتعين عليهم التعامل مع رؤية القيادة الإسرائيلية التي تعتبر إسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي".

 

دورات العنف لن تتوقف

 

أما الإسرائيليون أنفسهم، فسيضطرون قريبا إلى مواجهة موجات جديدة من فلسطينيين يتبنون موقفا أكثر تشددا تجاه إسرائيل والاحتلال، باعتباره نتيجة حتمية للأعداد المذهلة للأطفال الذين قُتلوا "عمدا" في الغارات الإسرائيلية المتكررة، طبقا لمقال نيوزويك.

 

ويتعين على الإسرائيليين أيضا كمجتمع -والحديث ما يزال لبراهيمي- التعامل مع الضرر الأخلاقي الناجم عن حملة حكومتهم في غزة، وخاصة العنصرية العلنية والتجرد من الإنسانية المصاحبة لها وتبعات ذلك على المدى البعيد.

 

وبالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم أن يتعاملوا مع عزلة إسرائيل الشاملة عن العديد من الشعوب والحكومات العربية التي تتقاسم معها المنطقة، وفق الكاتبة.

 

المنطقة تواجه التهديد

 

وتحذر براهيمي من أن هذا العنف يدفع المنطقة نفسها نحو حافة منحدر سحيق، وأن الجروح التي لم تندمل جراء "النفاق والاحتلال والإهانات وقتل المدنيين"، سواء في زمن الحرب أو السلم، تشكل حجر الزاوية لأغلب -إن لم يكن لكل- الأيديولوجيات والحركات الإسلامية "المتطرفة".

 

وانتقدت الكاتبة المقارنة بين "حماس" وتنظيم الدولة الإسلامية، قائلة إن حماس هي في نهاية المطاف مجموعة عرقية قومية قائمة على أساس إقليمي نشأت من أضلاع حركة الاستقلال، وشاركت في الانتخابات ولا ترفض التفاوض، وهذا يعني أن الطريق إلى نزع سلاح حماس واقتلاعها أمر سياسي في جوهره ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال شراكة مع الشعب الفلسطيني.

 

وقالت إن أكثر من خطايا الاعتداء الإسرائيلي، قد يتم تذكر صمت وتواطؤ قادة الديمقراطيات الرئيسية كنقطة انعطاف رئيسية في أزمة الديمقراطية العالمية.

 

ولفتت الانتباه إلى تشبيه الرئيس الأميركي جو بايدن الإسرائيليين بالأوكرانيين، وإلى تشويه التعاطف العام مع المدنيين المحاصرين، وإلى الكراهية العنصرية من قبل وزيرة الداخلية البريطانية المعزولة، مشيرة إلى أن حرب غزة طرحت على الحكومات الديمقراطية، وبإلحاح، أسئلة حول اتساق وقوة القيم الغربية.

 

بريق الليبرالية يتلاشى

 

وتمضي الكاتبة إلى القول إن انتهاك القانون الدولي الإنساني والكرامة الإنسانية والآداب الأساسية في غزة تحط من "قدرنا" جميعا. وكذلك الحال مع عدم الأمانة في محاولات إخفاء حقيقة الاحتلال باعتباره السياق الإستراتيجي والمحرك النهائي لكل هذه الدماء.

 

وتعرب الباحثة عن اعتقادها أنه من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، والتفاوض من أجل الإفراج عن الأسرى "اليائسين"، ومن ثم رعاية عملية سياسية بنية حسنة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فإن القادة الغربيين سيحمون إسرائيل، والفلسطينيين، وحقوق جميع المدنيين المحاصرين في حروب المستقبل، ويصونون النظام الليبرالي العالمي الذي يتلاشى بريقه.


المصدر: الموقع بوست

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن يدين الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر

أعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم العميق إزاء تصاعد العنف في السودان، خاصة في مدينة الفاشر ومحيطها بولاية شمال دارفور. وأدان المجلس بشدة الهجمات المستمرة والمتزايدة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر خلال الأيام الأخيرة.
كما استنكر الأعضاء الهجوم الذي استهدف المستشفى السعودي التعليمي للأمومة في الفاشر في 24 يناير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 70 مريضًا كانوا يتلقون رعاية حرجة وإصابة العشرات.
وطالب الأعضاء قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر، ودعوا إلى وقف فوري للقتال والتهدئة في المنطقة. وأكدوا على القرار 2736 (2024). وشدد المجلس على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وفقًا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وحثّ المجلس جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي قد يؤدي إلى تأجيج الصراع وزعزعة الاستقرار، ودعاها إلى دعم جهود تحقيق سلام دائم. ذكّر الأعضاء جميع الأطراف والدول الأعضاء بضرورة الامتثال لحظر الأسلحة المفروض وفقًا للفقرتين 7 و8 من القرار 1556 (2004) والمعاد تأكيده في القرار 2750.

صحيفة السوداني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • فرانشيكا ألبانيز: الأوضاع في غزة كارثية بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل
  • بالفيديو.. أستاذ علاقات دولية: نتنياهو يريد من ترامب ضمانات لضم الضفة الغربية
  • أستاذ علاقات دولية: زيارة نتنياهو للبيت الأبيض بمثابة حماية دولية من أمريكا
  • الخارجية : تفجيرات إسرائيل في جنين وحشية وتعكس دمار غزة
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • جدل واسع في إسرائيل بعد مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين
  • النفاتي: تعيين تيتيه قد يعكس تفاهمات دولية حول ليبيا وخطتها ستركز على حفظ مصالح كافة الأطراف
  • مجلس الأمن يدين الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر
  • أعلنت إسرائيل اغتياله.. قيادي بحماس يسلم المحتجزين الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر
  • ماليزيا وجنوب أفريقيا تقودان مجموعة دولية لمنع إسرائيل من تحدي القانون الدولي