عن قذارة الحرب وتفاهة المتحاربين!!
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
abdullahaliabdullah1424@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
كل الحروب قطعا سيئة، ولكن ما يمنح حرب السودان صفة القذارة، انها تاسست علي انقاض نظام اجرامي تديره شرذمة من القتلة واللصوص. وهو ما سمح بتصدر مشهد الفظائع والدمار، اكثر منتجات ذلك النظام غدر وجبن وجهل وعمالة (البرهان وحميدتي). لذلك ليس مستغرب ان تصدر بواعث الحرب عن نفوس شريرة واطماع دنيئة ومشاعر خسيسة، لا تضع اعتبار لبقاء الدولة وسلامة شعبها.
والحال كذلك، من الطبيعي ان تفاخر مليشيا الدعم السريع باغتصاب النساء وقتل الابرياء وتهجير المواطنين من منازلهم ونهب كل ما تطاله ايديهم، وصولا للتصفية العرقية لقبيلة المساليت (لدرجة التمثيل بالجثث ودفن الشبان احياء). وان تصبح دمار البنية التحتية من قبل الجيش انجازات عسكرية، بعد ان عزَّ وجودها في المواجهات المباشرة! لتصبح القاعدة الذهبية في هذه الحرب العدمية، هي تحقيق الانتصار بكل الوسائل وغض النظر عن الكلفة! بل لا تمانع هذه القيادات التافهة بعد كل هذا الخراب، الحصول علي سلطة صورية كسلطة بشار الاسد الموظف لدي ايران وروسيا. فالبرهان (الهمبول) يسعده ان يكون خادم لمصر، وحميدتي (تاجر الحمير الجاهل) يتيه فخرا بكونه عميل للامارات!
لكل ذلك ما يجري من حرب احقاد واذلال واطماع وارتزاق علي ارض السودان هي اشبه باللعنة. فهي من جهة المكاسب لجنرالاتها فهي مكاسب كاذبة (هم مجرد ادوات)، ومن جهة العنف الذي يطال السكان والدمار الذي يشمل البلاد، فالخسائر يصعب احتمالها. ومن جهة ما ينتج عنها ويترتب عليها، فهو اشد هولا وبما لا يقاس. لانها في الاساس ليست حرب تحرير او محافظة علي مصالح البلاد وكرامة العباد او تصدي للاستبداد، ولكنها تعمل عكس ذلك تماما.
وهي حرب يقودها كبار الجنرالات ومن خلفهم مصالح الكيزان واطماع الامارارت. والحال ان المقصود منها ليس المصالح والاطماع العاجلة فحسب، ولكن لها ابعاد مستقبلية تستهدف تماسك الدولة ومطالب التغيير الديمقراطية.
وهي حرب علي المستوي العملياتي محيرة من جانب الجيش! فالجيش السوداني احتمال الجيش الوحيد علي مدار التاريخ الذي يتآمر عليه قادته برضاه! والجيش الوحيد الذي يدرب ويسلح مليشيا لتفوقة عدة وعتاد! والاعجب من ذلك يُمكِّنها من كل الاماكن الحيوية، ويتنازل لها طوعا عن مقراته! ويسمح لها بوراثة جزء كبير من ممتلكات المؤتمر الوطني وجهاز الامن بكل هيلمانه! ويسمح لها باختراقه من قمة راسه الي اخمص قدميه! والجيش الوحيد الذي انتصر في المعركة الوحيدة التي هاجم فيها (مطار مروي)، ورغم ذلك انتهج استراتجية دفاعية اثبتت لمدة نصف عام قمة فشلها وما زال يتمسك بها! اي باختصار الجيش الوحيد الذي لم ينتصر عليه عدوه، إلا لانه راغب في هزيمة نفسه! وكما هو معلوم ذلك يرجع الي ان الجيش ترك مهامه وتطوير قدراته القتالية وتحديث آلياته العسكرية وتلاعب بمعايير الانضباط والكفاءة، وانشغل بالسياسة والتجارة والاقتصاد والسلطة ورعاية الاستبداد، ومجمل القول، حماية مصالح نخب السلطة الفاسدة بعد فساد عقيدته. ومن هذه الوجهة تتجلي ابرز مظاهر قذارة الحرب، والمتمثلة في ترك الجيش المواطنين العُزل، تحت رحمة مليشيات همجية ليس لها صلة لا بقيم السماء ولا باعراف الارض! وكل ما قام به الجيش هو حماية مقراته! وهي نفسها لم تسلم من السقوط تباعا، لدرجة ان الجنود الهاربون من مقرات الجيش في دارفور الي تشاد، والتي استلمتها مليشيات الدعم السريع بسهولة وكانها تسليم وتسلم، شكو مر الشكوي من تخلي قيادات الجيش عنهم!!
اما المأساة الملهاة في مهزلة هذه الحرب اللعينة، ان الجيش لم يكن علي علم بها، شأنه شأن غالبية المواطنين! وهذا ما ضاعف من خسائره وحرمه فرصة المبادرة وهي نصف الحرب. وغض النظر عن جدلية من بدأ الحرب، إلا ان المؤكد ان مليشيا الدعم السريع كانت جاهزة لها وتعد لها عدتها منذ ازاحة البشير (واحتمال قبل ذلك)! وساعدها في ذلك غفلة البرهان وانشغاله بالكيد للثورة والتضييق علي المدنيين. اما ما هو اكثر سوء من كل الاشياء السيئة السالفة الذكر، ان المشفقين علي البلاد وقبلهم الثوار والنشطاء (اي المدنيون الذين ليس لهم حس امني يفترض توافره في الاجهزة الامنية والعسكرية!)، جف حلقهم من التذكير والتنبيه لخطورة وجود مليشيا الدعم السريع علي سلامة الدولة وامن المواطنين وليس السلطة فقط! ولكن لا حياة لمن تنادي حتي وقعت الواقعة، التي لن يدفع ثمنها الجيش والشعب حاضرا فقط، ولكن الثمن الباهظ مؤجل مستقبلا علي بقاء الدولة ومصير شعبها. وبالطبع لا يعني التنبيه والتذكير التخلص من هكذا قوات ضربة لازب كما اشتهي البعض بخفة مراهقة، لان وجودها اصبح امر واقع (معادل لوجود الجيش)، ولكن المقصود اخذ الحيطة والحذر والتعامل بحكمة حتي التمكن من معالجة اشكال وجودها بطريقة سلمية. وللغرابة الاتفاق الاطاري بكل ما يُشنع عليه كان احد المعالجات السلمية والعملية المطروحة من جانب المدنيين (مع مراعاة توازن القوي)، بعد ان ادي التفريط العسكري في وجودها وعملقتها، ومن ثمَّ خطورتها علي بقاء الدولة. اي المفارقة عندما كان هنالك امكان لمعالجة مشكلة مليشيا الدعم السريع حتي ولو عسكريا، لم تقم المؤسسة العسكرية بذلك الواجب! ولكن عندما استحال معالجة مشكلة مليشيا الدعم السريع عسكريا، تم اللجوء للحل العسكري!!
والمهم، هنالك جانب يتعلق بطبيعة السلطة التي يستولي عليها العسكر بقوة السلاح، وطبيعي لا يسمح بالتخلي عنها إلا بقوة السلاح. اي السلطة غير المساءلة ولا حدود لتسلطها ولا تقبل التداول! اي هي سلطة اما تبقي بكامل طاقة تسلطها، او تزاح مفسحة المجال لسلطة اكثر قوة وتسلط. وللاسف هذا ما ظل يحكم تاريخنا، ويقودنا للحرب المسلحة الراهنة من اجل السلطة (كما تدين تدان). وهي ذات البيئة الاستبداية السائدة التي حكمت علي الحياة السياسية بالجمود وعلي الدولة بالتكلس وعلي حياة المواطنين بالبؤس المقيم. اما الوصول لعقد اجتماعي وسلطة متوافق عليها تعبر عن المجتمعات المتساكنة في الرقعة الجغرافية المسمي السودان، فهذا الجهد الغائب هو مسؤولية الاحزاب والنخب السياسية والمجتمعية، او مدار نضالها الذي لم يستوفَ. واذا جاز التعبير كان هنالك شغل من جانبها علي البنية الفوقية (اهتمام بقضايا ومتطلبات السلطة) واهمال للبنية التحتية (اهمال لحاجات وتنوير المجتمع). وعموما كل هذا اصبح بكاء علي اللبن المسكوب بعد ان وصلنا مرحلة نكون او لا نكون، وليس لدينا قدرة علي التحكم في مصيرنا (اصبحنا رهائن القوة المسلحة ومن يتحكم فيها). ويا لها من نتيجة بائسة تحكي بلسان فصيح عن قذارة الحرب وتفاهة المتحاربين، الذين يوظفون موارد ومدخرات الدولة، في القضاء علي البنية التحتية للدولة، وقتل وتشريد اهلها!!
لكل ذلك تصبح علة العلل ليس الحكم العسكري فحسب، وانما ثقافة العسكرة والتي تنحل في ارادة للتسلط والاحتكار والتميُّز، وهو ما افرز من جهة اغراء حمل السلاح للحصول علي المكاسب وجني الغنائم لكل مغامر. وهذا بدوره لم يجعل مطلب جيش واحد بعيد المنال، ولكنه حكم علي تاريخنا بسلسلة من منتجات الحركات المسلحة والحروب الاهلية، التي لا يُستخدم فيها السلاح فقط، ولكن قبله سردية المظلوميات المستثمرة في المشاعر والمثمرة علي مستوي التحشيد، وبالتاكيد دون التساؤل او الاحساس بانعكاس ذلك علي البيئات المحلية او وضع اعتبار للخسائر البشرية (اي نوع من مصادرة القرار والمصير بحجة النضال والثورية)؟! ومن جهة مقابلة، تغييب ثقافة الحقوق والمشاركة والندية، ومن ثمَّ حرمان المجتمع من الحرية والحيوية والقدرة. والمحصلة الحصول علي مجتمع عاجز عن التنمية والانجاز والاعتماد علي الذات، وتاليا يصبح عالة علي الانظمة الاستبدية التي تمُن عليه بما تجود به نفسها الشحيحة، قبل ان يقع فريسة للديون المتراكمة، وتحت رحمة المساعدات الخارجية.
وعموما السلطة غير الشرعية (كالانقلابات)، تشرعن كل الممارسات غير الشرعية، كالانتهاكات والنهب والفساد. ولكن الابعد من ذلك وبسبب هاجس حماية السلطة، تستنفر كل اجهزة الدولة وتهدر كل مواردها لتهدئة مخاوفها، وهذا يقودها من خطأ الي مكابرة الي تفريط في امن البلاد، كنتيجة للافراط في توفير الامان للنظام غير الآمن. واحتمال لا يصدق ذلك علي كل الانظمة غير الشرعية، ولكنه يصدق بصورة مضاعفة علي نظام الانقاذ، لانه يجمع بين هوس وعناد الاسلامويين وعنف وغرور العسكريين! وقبل ذلك تقف خلف النظام جماعة منبتة، مجردة من السويَّة الانسانية، ومتعالية علي التقاليد والاعراف المجتمعية. لذلك تمارس نهبها وانتهاكاتها وخيانتها للبلاد واهلها بضمير مرتاح.
وكل ما سبق يقول حقيقة واحدة، ان هذه الحرب القذرة ليس لها غير افق واحد، السيطرة علي البلاد، سواء بطريقة موحدة او مقسمة. وبكلام آخر، السبب في الصراع هو حماية مصالح تم مراكمتها منذ استيلاء الاسلامويين انقلابيا علي السلطة. وكذلك الحصانة من فظائع تم اقترافها خلال ذات الفترة. وبكلام اكثر وضوح، ما يمنح هذه الحرب قذارتها وتفاهة قادتها، ان المتقاتلين (كيزان ودعم سريع) في الاصل وجهان لعملة واحدة، عنوانها البحث عن السيادة والسيطرة بكافة الوسائل بوهم التفوق والاحقية. اي هم يؤمنون بحقهم في السلطة والتسلط واحتكار كافة الامتيازات، اكثر من ايمانهم بالوطن وحقوق شعبه. وما دون ذلك مجرد تفاصيل وشعارات كاذبة وتبريرات واهية.
وخطورة هذه الحرب التي يقودها كبار الجنرالات ومن يقف خلفهم من كيزان ودولة الامارات، انها حرب جنونية تتغيا الانتصار بكافة الوسائل ورغما عن كل الخسائر (بما فيها خسائر الجنود من الطرفين)! وهذا ما جعل كل جهود ايقافها تذهب ادراج الرياح. ولكن هذا لا يمنع بذل اقصي الجهود من اجل ايقاف هذه المقتلة، حتي ولو كانت جهود غير مجدية.
واخيرا
هذه الدولة/القارة السودانية التي تحوي شعوب متعددة، هي دولة تكونت من خلف ظهر شعوبها، ولخدمة اهداف تخص دول الاحتلال. ويبدو انها اكبر من طاقة هذه الشعوب علي التعايش، وامكانات نخبها علي حكمها، وقدرة جيشها علي المحافظة عليها، وان ما ينتظرها للاسف مصيرها المحتوم (والله يجيب العواقب سليمة). ودمتم في رعاية الله.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع هذه الحرب من جهة
إقرأ أيضاً:
مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
كمبالا: أحمد يونس: الشرق الأوسط: قبل معارك منطقة «جبل موية» بولاية سنار جنوب شرقي السودان خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تكن «قوات الدعم السريع» قد خسرت معركة كبيرة منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023.
لكن خسائرها توالت بعد استعادة الجيش تلك المنطقة الاستراتيجية، وتراجعت مناطق سيطرتها تدريجياً في وسط وشرق البلاد، كما أصبح وجودها في العاصمة الخرطوم مهدداً. فهل تعني انتصارات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وتراجعات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن حرب «الجنرالَين» على وشك الانتهاء؟
يؤكد الجيش أنه حقق انتصارات كبيرة وألحق هزائم فادحة بـ«قوات الدعم السريع»، متوعداً باستمرار الحرب حتى القضاء عليها تماماً. من جانبها، تنفي «قوات الدعم السريع» تعرضها لهزائم، وتؤكد أنها انسحبت من المناطق التي دخلها الجيش من دون معارك، وذلك بسبب «تكتيكات قتالية جديدة»، مشيرة إلى عدم استطاعة الجيش توثيق الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد التي يتحدث عنها.
ولُحظ أن «قوات الدعم السريع» المنسحبة تتوجه إلى إقليمي دارفور وكردفان حيث الحاضنة الاجتماعية لتلك القوات، فيما يقول متحدثون باسمها إن «المناطق التي انسحبنا منها، انتزعناها من الجيش انتزاعاً في الأشهر الأولى من الحرب. احتفظنا بها لأكثر من عام ونصف العام، ثم تركناها برغبتنا، ونستطيع انتزاعها مرة أخرى متى ما أردنا ذلك». لكن مؤيدي الجيش يرون أن المعركة أوشكت على النهاية، بينما يؤكد مراقبون مستقلون أن «نهاية الحرب لا تزال بعيدة».
استراتيجية جديدة
ويقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن تقدم الجيش ليس سوى «جولة من جولات الحرب التي لا تبدو لها نهاية قريبة»، موضحاً أنه «من المتوقع أن تتخذ الحرب طابعاً أكثر عنفاً ودموية، لكن ليس في المناطق التي استردها الجيش، بل في مناطق رخوة في خاصرة الحاضنة الشعبية للجيش».
وأشار الفاضل إلى التصريح الأخير من قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الذي طالب فيه قواته بعدم التأثر بفقدان بعض المناطق مؤخراً، وأنه ينبغي عليهم التركيز على مناطق جديدة سيسيطرون عليها. وأضاف الفاضل: «يبدو أن (قوات الدعم السريع) ستتبع استراتيجية جديدة، تتخلى فيها عن تكتيك الانتشار الواسع في البلاد. كما أن هجمات المسيّرات خلال الفترة السابقة تشير إلى مناطق المعارك المرتقبة، فبينما تتراجع في الخرطوم، نشهد تقدمها في مناطق أخرى غرب البلاد بالاشتراك مع (قوات عبد العزيز الحلو)».
وتوقع عدد من المحللين أن تنتقل الحرب من العاصمة إلى أقاليم غرب البلاد، وأن «تتخذ شكلاً أعنف إذا تم تشكيل حكومة موازية في تلك المناطق، وإدخال أسلحة نوعية وإضافة إمكانات حربية جديدة، مما سيغير من خريطة الحرب على الأرض».
معارك العاصمة
ميدانياً، تدور معارك «كسر عظم» في مدن العاصمة المثلثة - الخرطوم وأم درمان وبحري - حيث يحقق الجيش تقدماً لافتاً، ففي منطقة شرق النيل بمدينة بحري، يقترب الجيش وحلفاؤه من جسر «المنشية» الرابط بين شرق النيل ووسط مدينة الخرطوم، بعد أن استعاد معظم منطقة «الحاج يوسف»؛ وهي من أهم معاقل «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب.
غير أن حدة المواجهات انخفضت في الخرطوم وأم درمان مع بداية شهر رمضان المبارك، فقد تراجعت العمليات في معظم خطوط التماس بين الطرفين المتحاربين، وبقيت مناطق السيطرة كما هي دون تغيرات كبيرة. ويقول شهود إن الجيش ما زال يسيطر على أحياء في جنوب غربي الخرطوم حتى جسر «الحرية» والمنطقة الصناعية، بينما لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على أحياء أخرى في جنوب الخرطوم؛ بما فيها القصر الرئاسي ومنطقة «جنوب الحزام»، ومقر القيادة الاستراتيجية التابعة للجيش و«مطار الخرطوم»، والجزء الشرقي من مقر القيادة العامة للجيش.
وفي أم درمان، وسع الجيش من مناطق سيطرته لتشمل بعض الأحياء الجنوبية والغربية من المدينة، خصوصاً منطقتَي أم بدة والفتيحاب، لكن المعارك على حدود المنطقتين تحوّلت إلى كر وفر، من دون تقدم لمصلحة أحدهما.
معارك الغرب
أما في شمال إقليم كردفان بوسط غربي البلاد، فقد حقق الجيش انتصارات باستعادة السيطرة على مدينتَي أم روابة والرهد، وتمكن من الوصول إلى أطراف مدينة الأُبيّض؛ كبرى مدن الإقليم، وفتح الطريق البرية الرابطة بينها وبين وسط البلاد. إلا إن الجيش مُني بهزيمة كبيرة حين حاول التقدم شرقاً باتجاه مدينة بارا، وأعلنت «قوات الدعم السريع» أنها «دحرت القوات المهاجمة وألحقت بها هزائم كبيرة في الأرواح والعتاد»، ولم يصدر تعليق من جانب الجيش.
وتأثرت العمليات العسكرية في ولاية النيل الأزرق بالتحالف الذي نشأ بين «قوات الدعم السريع» وقوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو»، فقد استطاعت القوتان معاً السيطرة على عدد من مناطق الولاية المتاخمة لجمهورية جنوب السودان، وأصبحت القوات المشتركة بينهما تهدد حاضرة الولاية؛ مدينة الدمازين.
ووقّعت قوى سياسية وحركات مسلحة، على رأسها «حركة عبد العزيز الحلو»، مع «قوات الدعم السريع» في 22 فبراير (شباط) بالعاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً سياسياً يهدف إلى توحيد العمل السياسي والعسكري ضد الجيش وحلفائه من أنصار النظام السابق، بالإضافة إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»؛ لمنافسة الحكومة التي يقودها الجيش وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.