في عصر يوم 26 فبراير/شباط 2021، كانت سفينة الشحن "هِليوس راي" تتحرَّك في مياه الخليج العربي في طريقها إلى سنغافورة، حاملة على متنها العشرات من السيارات. عَبَرت السفينة بسلام مضيق هُرمُز وبدأت تدخل إلى خليج عُمان بعد ساعات بالتزامن مع حلول منتصف الليل. وقُبالة السواحل العُمانية، دون سابق إنذار، داهمها انفجار ألحق بها أضرارا اضطرت معها إلى تخفيض سرعتها، وعادت أدراجها إلى أقرب ميناء حيث تواجدت، ثم رَسَت من أجل الإصلاحات في ميناء دبي بالإمارات العربية المتحدة.

لم يُصَب أيٌّ من طاقم السفينة بسوء، وسرعان ما عادت السفينة إلى متابعة رحلتها بعد إصلاحها بأيام. غير أن أصابع الاتهام اتَّجهَت إلى إيران في ذلك الوقت، لا إلى احتمالية وقوع أعطال فنية (1). فرغم أن السفينة تُبحِر تحت عَلم دولة بَهاماس، مثلها مثل سُفن شحن كثيرة تتحرَّك بأعلام دول صغيرة من أميركا الوسطى، فإن مالكها لم يكُن سوى رجل الأعمال الإسرائيلي "أبراهام أونغَر" (Abraham Ungar)، الشهير بـ"رامي"، وشركة الشحن خاصته "راي للشحن" (Ray Shipping).

كشفت صور السفينة التي نُشِرَت فيما بعد من أكثر من مصدر عن طبيعة الانفجار، الذي بدا قادما من داخل السفينة في بعض الصور، حيث ظهرت أجزاء داخلية بارزة نحو الخارج، في حين قال وزير إسرائيلي إنه على الأرجح نتيجة لَغَم وُضِع على سطح السفينة الخارجي، فيما يبدو أنها عملية نفَّذتها القوات الخاصة البحرية الإيرانية أثناء الليلة السابقة، على حد وصفه (1). بيد أن الحكومة الإيرانية نفت الاتهامات فورا، بل ونشر الحساب التابع لقناة الميادين المُقرَّبة من طهران تغريدة على موقع "تويتر" (إكس حاليا) يوم 7 مارس/آذار 2021 يحوي تسجيلا مُصوَّرا التقطته طائرة مُسيَّرة إيرانية حلَّقت فوق السفينة وأظهرت أن هيكلها الخارجي لم يُمَس بسوء، في إشارة واضحة إلى أن الانفجار لم يكن من الخارج، ومن ثمَّ أن إيران لا يَد لها فيما جرى للسفينة.

مشاهد التقطتها طائرات إيرانية مسيرة للسفينة الإسرائيلية في بحر #عمان، تؤكد أن الثقوب الموجودة فيها لم تنجم عن هجوم خارجي، وأن عناصر في داخلها تسببت بالانفجار.
ومسؤول إيراني طلب عدم نشر اسمه يؤكد للميادين عدم وجود سبب للقيام بعملية ضد سفينة شحن إسرائيلية. pic.twitter.com/RZfxespDu4

— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 7, 2021

لم يمضِ أكثر من شهرين حتى وقعت سفينة أخرى من سُفن أونغَر وشركاته تحت نيران يُعتقد أنها إيرانية، وفي هذه المرة لم تنكر طهران تورطها ولم تؤكده والتزمت الصمت، لا سيَّما بعد أن جاء الاستهداف هذه المرة من خارج السفينة، وبعد يومين فقط على وقوع انفجار في موقع نووي داخل إيران اتَّهمت طهران دولة الاحتلال الإسرائيلي بتدبيره، ومن ثمَّ اعتُقِد على نطاق واسع بأن استهداف السفينة جاء بمنزلة ثأر إيراني. ففي يوم 13 أبريل/نيسان، انطلقت صواريخ من زوارق يُعتقد أنها إيرانية صوب سفينة الشحن "هايبِريون راي" حين كانت تُبحِر في الخليج العربي حينئذ أيضا تحت علم دولة بَهاماس، لكن دون أن تصيبها بأضرار جسيمة (2).

أما الحدث الذي جرى مؤخرا، في مساء الأحد 19 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، كانت الضربة من نصيب قوات الحوثي في اليمن، التي قرَّرت اصطفافها العسكري مع قطاع غزة بتصعيد يتجاوز إطلاق الصواريخ والمُسيَّرات التي وصل بعضها من شمال اليمن إلى جنوب دولة الاحتلال. لقد احتجز الحوثيون سفينة شحن جُملة واحدة وهي في طريقها من تركيا إلى الهند، ولم يكتفوا باستهدافها من بعيد على غرار عمليات سابقة. وقد تبنَّى الحوثيون العملية رسميا، حيث قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي "يحيى سريع" عبر قناة الجماعة على تطبيق "تلغرام" إن "الجماعة ستستهدف جميع السفن التي تملكها أو تديرها شركات إسرائيلية"، ودعا الدول الأخرى إلى الامتناع عن إرسال موظفيها للعمل على متن تلك السفن.

ورغم إنكار دولة الاحتلال علاقتها الرسمية بالسفينة، حيث صرَّحت بأنها ليست مملوكة لها ولا يعمل أيٌّ من مواطنيها على متنِها؛ فإن السفينة التي تُبحِر تحت علم بَهاماس تبيَّن أنها مملوكة لشركة بريطانية مُشهَرة باسم "راي" في جزيرة "مَن" (Isle of Man) الواقعة تحت سيادة المملكة المُتحدة. مُجددا، ولسوء حظه، كانت العملية من نصيب أونغَر، حيث أتى الدور على سفينة شحن أخرى من أسطوله هي "غالاكسي ليدر"، رغم إشارة بعض المصادر الصحافية الأميركية إلى أنه لم يعد مالكا رسميا لها (3).

أبراهام أونغَر.. رجل الليكود والرشى

تقودنا هذه الأحداث المتتابعة لمحاولة استكشاف شخصية أونغَر نفسه وحقيقة الدور الذي يلعبه. وُلِد أبراهام أونغَر عام 1946 لعائلة يهودية ثرية في تل أبيب (يافا)، ثم أوفدته عائلته إلى بريطانيا كي يلتحق بمدرسة خاصة، قبل أن يعود إلى دولة الاحتلال ويدرس القانون في جامعة تل أبيب. وبعد تخرُّجه عام 1971، خَدَم أبراهام في جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث شارك في وحدة استخباراتية. لم ينتظر أبراهام طويلا كي يدخل عالم التجارة والأعمال، ففي نهاية الستينيات وقبل أن يُكمل دراسته الجامعية، بدأ في تأسيس شركة لاستيراد أنظمة المُكيِّفات، ثم دخل سوق استيراد السيارات في السبعينيات (4).

في تلك الفترة تعرَّف أونغَر إلى "عيزر وايزمان"، الجنرال الإسرائيلي والعضو بحزب الليكود، الذي أصبح وزيرا للدفاع عام 1977 ولاحقا رئيسا لدولة الاحتلال بين عامي 1993-2000. وبدأت من تلك اللحظة صِلات لم تنقطع بعالم الليكود ساعدت أبراهام في توسيع نشاطاته الاقتصادية والسياسية. فقد تعرَّف أبراهام عن طريق وايزمان إلى "ديفيد كوليتز"، الذي عمل مستشارا بوزارة الدفاع الإسرائيلية، وامتلك شركة "ألول" صاحبة النشاطات التجارية مع إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. بفضل تلك الصِّلات، نجح أبراهام في تدشين نشاط تصدير المُكيِّفات إلى إيران حتى توقَّف بسبب الثورة الإيرانية عام 1979 (5).

"عيزر وايزمان" رئيس دولة الاحتلال بين عامي 1993-2000. (رويترز)

في الثمانينيات توطَّدت الشراكة التجارية بين أونغَر ووايزمان، ودخل الرجل سوق العقارات وشركات النقل البحري إلى جانب توسيع تجارة استيراد السيارات. وفي الوقت نفسه، أسس وايزمان حزب "ياحَد"، وتولَّى أونغَر شؤونه المالية، بالتوازي مع امتلاكه شركة "راي" للشحن. وقد ظهرت إلى السطح أولى فضائح أونغَر عام 2000، حين اتُّهِم بدفع 27 ألف دولار على دفعات صغيرة إلى وايزمان حين شغل منصبا وزاريا في منتصف الثمانينيات، وهي قصة ساهمت في استقالة وايزمان من الرئاسة في العام نفسه، رغم أن فترته الرئاسية الثانية كانت لتمتَد إلى عام 2003 (6).

خلال تلك الفترة، وفي خضم التزايد المُطرد في استخدام النقل البحري عالميا، حقَّق أونغَر نقلة كبرى بات معها من أهم رجال الأعمال في إسرائيل، وفي الفترة نفسها بات من أكبر مُستورِدي السيارات في السوق الإسرائيلي (7). غير أن اسم أونغَر عاد ليثير الجدل من جديد عام 2008، حين حصلت شركته على حقوق استيراد سيارات "كيا" الكورية إلى دولة الاحتلال على حساب مُستوردها السابق "مايكل ليفي"، وقد بدأت معركة قانونية بين الرجليْن تدخَّل فيها "يوسِّي كوهين"، مدير الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، لصالح أونغَر عام 2013. وقيل وقتها إن تسوية ملف "كيا" لصالح الأخير شملت تبرُّعه بنحو 340 ألف دولار من أجل المعبد اليهودي الذي امتلكه كوهين أمام منزله، ما اعتبره البعض رشوة لمدير الموساد (8).

لم يتوقَّف ذِكر أونغَر بين الحين والآخر طيلة العقد الماضي. فقد ظهر اسمه في قضية رئيس الوزراء السابق "إيهود أولمرت" الشهيرة أثناء محاكمته، حيث كشفت التحقيقات أن أبراهام تعهَّد بدفع عشرة آلاف دولار شهريا لصالح "شولا زاكِن"، الموظفة السابقة في مكتب أولمرت، شريطة ألا تُقدِّم التسجيلات الصوتية التي في حوزتها للمحكمة. وكانت محاكمات قضية "هولي لاند" من أكبر قضايا الفساد التي هزَّت الرأي العام الإسرائيلي، وأُدين فيها ثمانية مسؤولين ورجال أعمال عام 2014، في مقدمتهم أولمرت نفسه (9).

رجل الأعمال الإسرائيلي "أبراهام أونغَر"، الشهير بـ"رامي"، ومالك شركة "راي للشحن" (مواقع التواصل)

ظهر اسم أبراهام من جديد عام 2017 أثناء محاكمة رجل الأعمال "نوخي دانكِنمان" بتُهمة التلاعب المالي واستمالة أصدقائه لشراء أسهم في شركة يملكها كي يزداد تقييمها وتُنتَشَل من خسائر بلغت ملايين الدولارات (10). وفي فبراير/شباط 2019، أتى ذِكر أبراهام هذه المرة عن طريق أخته "سارة أونغَر"، التي ساهمت في تمويل تأسيس حزب "حوسين ليسرائيل" الذي أسسه "بيني غانتس"، وزير الدفاع بين عامي 2020-2021 وعضو الحكومة الحالية. ويمتلك أبراهام صِلات واسعة حاليا بمعظم أقطاب اليمين وحزب الليكود، على رأسهم "يوآف غالانت"، وزير الدفاع الحالي، الذي اشترى له أبراهام تذاكر لحضور نهائيات كأس العالم المُقامة في روسيا عام 2018 (11). وأخيرا، أتى ذكر أونغَر في تسريبات وثائق "باراديس" التي كشفت عن قوائم بمُلَّاك وشركات تعمل في ملاذات ضريبية، حيث ثبتت صلة أبراهام بالعشرات من الكيانات التجارية المُقامة في ملاذات ضريبية (12).

رغم ارتباطه الوثيق باليمين الإسرائيلي المتطرف طيلة السنوات الماضية، وفضائح الرشى التي طالت اسمه بين الحين والآخر، فإن أبراهام يعرف فيما يبدو كيف يُروِّج لنشاطاته التجارية جيدا، وكيف يستخدمها لتلميع سُمعة إسرائيل في بلدان صغيرة نسبيا أو بعيدة عن بؤرة الضوء. فقد حصل عام 2013 على جائزة من الحكومة الكورية على دوره في تعزيز تجارة السيارات بين كوريا الجنوبية ودولة الاحتلال، وأهدته وزارة التجارة والصناعة والطاقة الكورية "ميدالية الخدمة الصناعية". وقد تحدَّث أبراهام أثناء تكريمه في سيول قائلا: "لقد أتتني الجائزة بعد عشرين عاما على تدشين تجارتي هنا. أنا متأثر وسعيد وأتشرف بأن أحصل عليها في هذه السن. لطالما شعرت أن كوريا شبيهة ببلدي، فقد تطوَّرت إلى بلد صناعي من شعب مزقته الحرب. لقد وجدت هُنا شيئا لم أجده في الصين واليابان وشعرت أننا شركاء. لقد كان الجزء الأصعب هو كسب ثقة الحكومة الكورية ومواطنيها في أن إسرائيل ليست بلدا خطيرا" (13).

علاوة على ذلك، يملك أونغَر علاقة مميزة مع أكاديمية "نيقولا فابْتْسَاروف" البحرية في مدينة فارنا البلغارية، حيث توظِّف شركة "راي" للنقل البحري أكثر من ألف قبطان ومهندس بلغاري معظمهم من خريجيها. وطبقا لسيرة ذاتية قصيرة للرجل على الموقع الإلكتروني للأكاديمية، فإنه ساهم في تطوير التعليم البحري في بلغاريا، وقدَّم الدعم من أجل تدريب الرُبَّان وتوظيفهم وتطوير المنشآت البحرية التابعة للأكاديمية على مدار الأعوام العشرين الماضية. وقد حصل أبراهام على الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية عام 2014 نتيجة جهوده تلك (14).

_____________________________________________________

المصادر

Sanya Burgess. Limpet Mines and Drone Attacks: Tracking Israel’s Maritime War with Iran. Ship owned by Israeli firm attacked off UAE coast. Yemen’s Houthis Hijacked a Ship in the Red Sea. سيرة قصيرة لأبراهام أونغَر على موقع أكاديمية "نيقولا فابْتْسَاروف" البحرية في بلغاريا. Rami Unger: The Business Mogul of Israel. The Top 30 Richest People in 2019 Israel, and Where They Get Their Money. "G Magazine": Rami Ungar owns shipping business worth $500m. AG ends probe into ex-Mossad chief over $20,000 gift from Australian billionaire. Olmert associates behind loan guarantees for Gantz Knesset run. Israeli Businessman Nochi Dankner Convicted of Securities Fraud. The Top 30 Richest People in 2019 Israel. Ungar – Abraham. Israeli awarded for boosting car trade. سيرة قصيرة لأبراهام أونغَر على موقع أكاديمية "نيقولا فابْتْسَاروف" البحرية في بلغاريا Rami Ungar – Board Member. Ray Car Carriers ship reported hijacked in Red Sea.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دولة الاحتلال

إقرأ أيضاً:

تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.

 

وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.

 

وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.

 

وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".

 

وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.

 

وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.

 

دولة، وليس قطاعاً غير حكومي

 

وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.

 

وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.

 

"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.

 

وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".

 

ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.

 

وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.

 

إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور

 

أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.

 

وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.

 

وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.

 

بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.

 

وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.

 

يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".

 

ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.

 

وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.

 

وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.

 


مقالات مشابهة

  • أستاذ إعلام بجامعة أردنية: الدول العربية فضحت جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • نتنياهو: الحوثيون سيتعلمون الدرس الذي تعلمته حماس وحزب الله
  • أردوغان يستقبل جنبلاط في أنقرة.. ما الحديث الذي دار بينهما؟
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • صحيفة عبرية: الحوثيون خلقوا مخاوف كبيرة في النظام الاقتصادي الإسرائيلي (ترجمة خاصة)
  • صحيفة عبرية: “الحوثيون” ليسوا “دولة داخل الدولة” 
  • خبير علاقات دولية: الاحتلال الإسرائيلي ينتهك سيادة الدول وشأنها الداخلي
  • تقرير: «الأسد» احتجز الصحفي الأمريكي كرهينة «خوفا على نفسه»!
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • الحوثيون: استهدفنا بمسيرات موقعين عسكريين لجيش الاحتلال