حرب أبريل التي أشعلها الإخوان المسلمون في السودان، كشفت زيف اليسار واليمين، بأن اصطفت قطاعات نخبوية يسارية مع الاخوان المسلمين في حربهم المعلنة تجاه قوات الدعم السريع – حماة الديمقراطية والدولة المدنية، وعرّت وقوفهم في خندق واحد مع من ظلوا يطلقون عليهم الألقاب والأوصاف التي لم يصف بها مالك الخمر، وسر هذه الهبّة اليسارية المتضامنة مع فلول النظام البائد هي الدوافع الجهوية والعرقية، فكثير من الناس يعلم تمام العلم أن من أطلق الرصاصة الأولى هي كتائب الاخوان المسلمين، المنضوية تحت ستار الجبهة الإسلامية ثم المؤتمر الوطني الحزب المحلول، ولكن في بلادنا تجد رابطة الدم والجهة والقبيلة تعلو على كل الروابط والوشائج الإنسانية الأخرى، الأمر الذي دفع رموز النظام البائد وعرّابيه لكي ينحوا منحى النزعات الجهوية في حربهم على (المتمردين القادمين من دول الغرب الأفريقي)، زعماً منهم وإمعاناً في صبغ ثوب المعركة بلون نوع كاذب ومخادع من ألوان الشرعية المزيفة، الحاثّة السودانيين لاستنهاض الهمم ودحر (الأجانب)، لِمَ لا وهذه المعزوفة الجهوية والعنصرية المشروخة قد خدمت الرئيس الأسبق جعفر النميري في دحر (المرتزقة)، وكذلك ساهمت ذات السيمفونية الضاربة في الضرب على وتر الجهة، حينما دخل الدكتور خليل إبراهيم أم درمان عاصمة بلاده الوطنية، ولكن هذه المرة لم تسلم جرة المعزوفة المغرضة، وذلك نسبة للوعي الشعبي الكبير بفسيفساء المجتمعات السودانية القاطنة لأجزاء عزيزة من أرض الوطن الحبيب.
الجهويون لا قيم دينية ولا مبادئ أيدلوجية تجمعهم، وقد شهدنا ذلك عند المفاصلة الشهيرة بين فصيلي الحزب الحاكم – الوطني والشعبي – قبل ربع قرن، حينما جاءت تبريرات المفصولين من أبناء كردفان ودارفور بأن المركب لم يعد يسع المكونين الاجتماعيين، وأن السفينة لم تعد تتسع لحمل الدكتور علي الحاج والدكتور بشير آدم رحمة وحبيب الطاهر حمدون والشفيع أحمد محمد وخليل إبراهيم والصافي نور الدين والدكتور حبيب مختوم من كردفان ودارفور، وعلي عثمان والدكتور عوض الجاز وأمين حسن عمر والدكتور نافع علي نافع والدكتور غازي صلاح الدين وعلي كرتي وغندور من وسط وشمال السودان، هذه هي الجهوية المقيتة في أبهى صورها وتجلياتها، نراها تنسف ما ظل يتداوله الصفويون من ترف فكري ووحدة (وطنية) زائفة لعقود من الزمان، ضاربين عرض الحائط بأمن وسلامة المجتمعات، غير مكترثين للأورام الناتئة بالصديد من جسد الوطن المريض بهوس الجهة والعرق، لقد أعاد كل من الدكتور محمد جلال هاشم والبروفسير عبد الله علي إبراهيم والدكتور الواثق كمير والدكتور أيمن فريد نفس السيناريو الفاصل بين الجهويين الاخوانيين، في جلباب جديد اتخذ من الحرب الدائرة عين المصطلحات القديمة المتجددة، والمستخدمة من قبل الإسلاميين الحائزين على السلطة بعد المفاصلة – متمردون، مرتزقة، أجانب، تشاديون، نيجريون – فطبخوا هذه المصطلحات كوجبات سريعة وجاهزة ليطعموا بها العامة من الناس.
الوحدة الوطنية ليست صك غفران يجود به زيد على عبيد، والابتزاز بها لا يغري جيل اليوم، فالفضاءات أصبحت مفتوحة، والوعي لم يكن حكراً على راديو (هنا أم درمان) أو تلفزيون (عمر الجزولي)، فشباب الساعة قد علموا أن أرض السودان واسعة، وأن رب الكون قد جعل لكل بقعة منها ثروة رأسمالية لا تقل أهمية من البقعة الأخرى، ولم تعد الدعاية المركزية جاذبة بعد أن تحطمت اسطورة المركز بيد الريفيين، وعلى العجزة والمسنين والكهول من فلول اليسار السوداني الجهوي، أن يبحثوا عن أرض منفى يقضوا فيها ما بقي من سقط المتاع، لأن الانقلاب الكوني قد كان، وأن الأرض لن تعود لسابق عهدها، خاصة بعد أن هوى اللات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى المنصوبة حول كعبة مقرن النيلين، ومهما شاء الخاسرون للمعركة لن تتقدم مشيئتهم على مشيئة الرب، ولا على طموح الشباب العازمين والحاسمين للمعركة، وإنّه لمن المعلوم من تاريخ اليساريين بالضرورة، أنهم ومن فرط أطماعهم البرجوازية والجهوية الفاضحة، لم يتمكنوا من التمدد شعبياً خارج حدود مركز البلاد، وخير دليل على ما نقول وقوفهم موقف المشاهد بعد أن احتدم الصراع بين شقي الحكم الانتقالي قبل الحرب، لقد انزووا بعيداً آملين في انجلاء غبار المعركة، ثم العودة محمولين على الأعناق لاستشراف المرحلة الثانية من مراحل الحكم الانتقالي المتعثر، ناسين أن المهر لتسيّد مشهد الحكم بعد الحرب هو القرابين من الدماء التي بذلها أبناؤنا الأشاوس لاستئصال سرطان الاخوان المسلمين.
إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
21نوفمبر2023
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إبراهيم عيسى: أحداث غزة تؤثر على مستقبل مصر السياسي والاقتصادي
كتب- حسن مرسي:
أكد الإعلامي إبراهيم عيسى أن التركيز الحالي على حياة المواطن المصري ومستوى معيشته ومستقبله السياسي والأوضاع العامة في مصر، يبدأ وينتهي بما يجري في غزة.
خلال برنامج "حديث القاهرة" المذاع على قناة "القاهرة والناس"، أضاف عيسى أن الأحداث الجارية في غزة وما سيحدث فيها خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، ستحدد وتؤثر بشكل كبير على لقمة عيش المصريين، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، كما ستؤثر على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر.
وقال: "أصبحت قصة غزة والأحداث في القطاع مؤثرًا مهمًا للغاية وشديد الوطأة على الحياة في مصر وعلى حياة المواطن المصري."
وتابع مقدم "حديث القاهرة" أن من الطبيعي والواجب أن تكون مصر متضامنة مع الحق الفلسطيني وتدعمه وتناصره، إلا أن هذه المبادئ الثابتة في السياسة المصرية تؤدي إلى نتائج سلبية بسبب وجود حماس والإخوان، مما يضع ضغوطًا شديدة على مصر وحياة المصريين.
وأكد الإعلامي إبراهيم عيسى أن مصر تدفع ثمن انتصارها للحق الفلسطيني من خلال اقتصادها ومستقبلها السياسي.
اقرأ أيضا:
الرئيس السيسي ونظيره القبرصي يشهدان توقيع اتفاق في مجال الطاقة بين مصر والسعودية
مواعيد التصفيات النهائية لمسابقة الأزهر 2025 لحفظ القرآن لجميع المحافظات
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
إبراهيم عيسى أحداث غزة مصر صفقة غزةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
إبراهيم عيسى: أحداث غزة تؤثر على مستقبل مصر السياسي والاقتصادي
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
23 14 الرطوبة: 28% الرياح: جنوب غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك