بابكر ود التهامي .. البيقود مية
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
يذخر تاريخ السودان بكثير من الشخصيات البارزة التي لعبت دوراً هاماً في تاريخ البلاد وحركتها السياسية والعسكرية. ومنهم أمراء المهدية الذين ذكرهم المؤرخ جي. أ. ريد وترجم النص د. بدر الدين الهاشمي. مثل عبد الرحمن النجومي و عثمان دقنه ومحمود ود أحمد وجاد الله بليلو ويونس ود الدكيم ويعقوب محمد والزاكي طمل و الحاج محمد أبو قرجة و محمد خالد زقل وموسى الحلو.
واحدة من هذه الشخصيات الفذة هو بابكر التهامي، القائد الميداني في جيوش المهدي، من الذين حرروا الخرطوم في القرن التاسع عشر من جيوش الغزاة. وكان من الفاتحين لمدينة الخرطوم حينما دخلوها من الناحية الغربية عن طريق أمدرمان.
ولد بابكر ود التهامي بمنطقة المحمية، شمال شندي بالسودان. واستطاع أن يكون قائدًا بارزًا في حركة المهدي، وكان يقود مئة من المقاتلين الأنصار، كما نشأت هذه الحركة من رفض وتمرد بعض السودانيين على القِمَع والاستعمار البريطاني. كان أسلوب الحكم الاستعماري البريطاني قاسيًا جدًا وقام بقمع السكان المحليين واستغلال موارد البلاد بشكل غير عادل. وبالتالي، فقد نشأت نضالات قوية ضد الاستعمار البريطاني.
في عام 1881م، أعلنت حركة المهدي بقيادة محمد أحمد الإمام المهدي، الذي ادعى أنه المهدي المنتظر في الإسلام والذي ايقن القدرة على تحرير السودان. وفي غضون سنوات قليلة، تمكن القائد المهدي وجيشه من السيطرة على مناطق واسعة من السودان، بما في ذلك العاصمة السودانية الخرطوم.
كان لبابكر ود التهامي ورفاقه دور كبير في نجاح حركة المهدي. لقد كان قائدا مقاتلاً شرساً يقود مئة من المقاتلين الأنصار. واستخدم تكتيكات حربية فعالة لهزيمة القوات البريطانية. نجح في التلاعب بالتضاريس والتحرك بشكل سريع ومفاجئ، مما يؤدي إلى هزيمة القوات البريطانية المستعمرة. تعاون بابكر ود التهامي أيضًا مع القبائل المحلية ونجح في جمع تحالفات قوية معها، مما زاد من قوته العسكرية وأدى إلى نجاح حركة المهدي. حظي جيش المهدي وحركته بتأييد كبير من جانب الشعب السوداني الذي عانى بفعل الظلم الاستعماري والاستغلال الاقتصادي. لقد رأوا فيه الأمل في تحقيق الحرية والعدالة واستعادة كرامتهم المسلوبة. واعتبره العديد منهم قائدا قويا ورمزا للمقاومة والتحرير.
إن ود التهامي يعتبر واحدًا من مئات الشخصيات التاريخية في تاريخ السودان. كان زعيمًا قويًا وشجاعًا، نجحوا في تحرير السودان من الاستعمار البريطاني واستعادة كرامة الشعب السوداني. يجب على الأجيال الحالية والمستقبلية أن تحافظ على ذكراهم وتقدر تضحياتهم وتعمل على متابعة مسيرتهم في تحقيق العدالة والحرية للشعب. أخيراً يجب تبيان أن هذه المعلومات استقت من السادة الأنصار بهيئة شؤون الأنصار بأمدرمان وبعض الأهل. الجدير بالذكر أن البريطانيين لديهم وثائق بقادة المهدية وأسمائهم ولكن لم يحن الوقت للذهاب والنظر إليها والتحقق منها.
د. سامر عوض حسين
21 نوفمبر 2023
samir.alawad@gmail.com
//////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
مقارنة بين العقد الاجتماعي للشعب السوداني وأفكار الإمام الراحل الصادق المهدي
في ظل التعقيد السياسي والأزمات التي يمر بها السودان، تبدو الحاجة ملحّة لصياغة رؤية وطنية شاملة تجمع بين تطلعات الشعب السوداني والتحديات الواقعية. من أبرز هذه الرؤى، ما يُعرف بالعقد الاجتماعي للشعب السوداني، الذي يعكس مساعي قوى جديدة لإعادة تشكيل ملامح الحكم والدولة، وأفكار الإمام الراحل الصادق المهدي، الذي كان رائدًا للفكر الإصلاحي والسياسي في السودان. في هذه المقارنة، نسعى لتسليط الضوء على نقاط الالتقاء والاختلاف بين هذه الطروحات، وخاصة في ظل بروز تيار الطريق الثالث كدعوة جديدة للتغيير.
العقد الاجتماعي للشعب السوداني
يرتكز العقد الاجتماعي للشعب السوداني على رؤية تقدمية تسعى إلى تحقيق مجتمع ديمقراطي ومتنوع يعكس التعددية الثقافية والعرقية في البلاد. أهم محاوره-
الديمقراطية المجتمعية: رفض الحكم العسكري والإسلام السياسي، مع تأكيد حق الشعب في حكم نفسه عبر مؤسسات منتخبة.
العدالة الاجتماعية: ضمان توزيع الثروات بعدالة، ورفع مستوى معيشة الفئات المهمشة.
التنوع الثقافي: الاعتراف بالتعددية الثقافية والعرقية باعتبارها مصدر قوة، مع رفض أي محاولات للهيمنة العرقية أو الدينية.
الحكم الرشيد: تعزيز الشفافية، محاربة الفساد، وترسيخ دولة القانون.
السلام والاستقرار: التزام بتحقيق الوحدة الوطنية عبر الحوار الداخلي بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
أفكار الإمام الصادق المهدي
كان الإمام الصادق المهدي من أبرز دعاة الإصلاح السياسي والفكري، ورؤاه تتسم بالتوازن والاعتدال، ويمكن تلخيص أهم أفكاره كما يلي-
الديمقراطية التوافقية: إعطاء الأولوية لتوافق القوى السياسية والاجتماعية من خلال شراكة شاملة لا تستثني أحدًا.
العدالة الاجتماعية: السعي لتحقيق تنمية عادلة تشمل جميع الأقاليم والمجتمعات، مع ضمان حق الفئات الضعيفة.
الهوية الوطنية: تعزيز وحدة السودان من خلال احترام التنوع الثقافي واللغوي، والحفاظ على الهوية السودانية الجامعة.
الحكم الرشيد: تأكيد الشفافية، والمساءلة، والنزاهة في العمل الحكومي، مع محاربة الفساد كأولوية وطنية.
السلام والمصالحة: كان داعمًا للحوار والتفاوض كوسائل رئيسية لحل النزاعات السودانية الداخلية.
المقارنة بين العقد الاجتماعي وأفكار الصادق المهدي
البند العقد الاجتماعي أفكار الصادق المهدي
الديمقراطية رفض الهيمنة العسكرية والإسلام السياسي، وتأكيد الديمقراطية المجتمعية. ديمقراطية توافقية تضمن مشاركة الجميع في الحكم دون إقصاء.
العدالة الاجتماعية التركيز على التنمية المتوازنة وتحسين أوضاع المهمشين. توزيع عادل للثروات ورفع مستوى المعيشة في جميع أنحاء السودان.
التنوع والهوية الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي كمصدر قوة وطنية. الحفاظ على الهوية السودانية الجامعة مع احترام الخصوصيات الثقافية.
الحكم الرشيد الشفافية، المساءلة، وتفعيل آليات رقابية مستقلة. الحكم الرشيد القائم على النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد.
السلام الالتزام بالحوار الداخلي ورفض التدخلات الأجنبية لتحقيق الاستقرار الوطني. تعزيز المصالحة الوطنية عبر الحوار والتفاوض بين الأطراف المختلفة.
اختلافات رؤية الطريق الثالث وأفكار الصادق المهدي
التوجه الفكري
رؤية الطريق الثالث تتسم بنزعة حداثية متمردة على الموروثات السياسية التقليدية، حيث ترفض بشكل قاطع الإسلام السياسي.
الإمام الصادق المهدي اعتمد خطابًا أكثر مرونة، مع إبقاء مساحة للحوار مع تيارات الإسلام السياسي، خاصة في سياق المصالحة الوطنية.
التركيز الجغرافي والسياسي
الطريق الثالث يركز على تمثيل المناطق المهمشة كأولوية وطنية.
الصادق المهدي ركز على إيجاد صيغة توافقية تجمع المركز والهامش ضمن وحدة وطنية متكاملة.
آليات التنفيذ
الطريق الثالث يميل إلى تمكين القوى الشبابية والمجتمع المدني عبر سياسات ثورية حازمة.
الإمام الصادق المهدي تبنى نهجًا إصلاحيًا تدريجيًا، مستندًا إلى التقاليد السياسية السودانية.
اقتراحات لتحسين العقد الاجتماعي للطريق الثالث
تعزيز الحوار الوطني: دمج كافة القوى السياسية والاجتماعية ضمن عملية شاملة لصياغة العقد الاجتماعي.
التوجه التنموي: إطلاق خطط واضحة لمعالجة التفاوت الإقليمي وتعزيز البنى التحتية في المناطق النائية.
تفعيل العدالة الانتقالية: إنشاء آليات متفق عليها لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات الماضي، وتعزيز المصالحة.
*تشترك رؤية العقد الاجتماعي للشعب السوداني وأفكار الإمام الصادق المهدي في الدعوة إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد، مع تباين في الوسائل وآليات التطبيق. في حين أن الصادق المهدي اعتمد التوافقية كأسلوب لحل المشكلات، يتسم الطريق الثالث برؤية أكثر جرأة ورفضًا للتنازلات مع القوى التقليدية. يعكس هذا التباين تطورًا طبيعيًا في الفكر السياسي السوداني، حيث تسعى الأجيال الجديدة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بما يتماشى مع تطلعات المستقبل.
zuhair.osman@aol.com