عام على الاستضافة.. مونديال قطر إرث مستدام ونجاحات تخطت المستطيل الأخضر
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
الدوحةـ مع الذكرى الأولى لاستضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، لاتزال تلك البطولة محطة نجاح مهمة في قطر والمنطقة بأسرها، ليس لكونها البطولة الأهم كرويا في العالم، بل بالإيجابيات الثقافية والسياسية والرياضية التي حققتها تلك الاستضافة عالميا، والإرث المستدام الذي تركته أيضا تلك البطولة.
مونديال قطر الذي أقيم للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، قدم نسخة استثنائية وغير مسبوقة من نوعها، في تاريخ البطولة الأعظم كرويا، سواء داخل الملاعب أو خارجها، ونال الإشادة على كافة الاصعدة والمستويات الإقليمية والعالمية.
إرث المونديال لم يكن رياضيا فقط، كونه لعب دورا مهما في ترسيخ مكانة قطر ودورها بصفتها وجهة رائدة لإقامة البطولات الرياضية الكبرى والفعاليات الثقافية رفيعة المستوى، وإنما تركت البطولة إرثا بشريا وضحت بصمته الكبيرة على تصدير الثقافة القطرية والعربية والإسلامية واندماجها بثقافات العالم.
ملاعب المونديال عبرت عن الثقافة القطرية والعربية (الصحافة القطرية)واعتبر المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للمشاريع والإرث سابقا، خالد النعمة أن مفهموم الإرث كان متجذرا في البذرات الأولى من مونديال قطر، لذلك سميت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، معتبرا أن دولة قطر باتت في طور الاستفادة الحقيقية من هذا الإرث، وخير دليل على ذلك الاستخدامات المتعددة لمنشآت البطولة في الفعاليات الرياضية وغير الرياضية.
وقال النعمة في حديث للجزيرة نت، إن إرث المونديال ظهر بصورة واضحة في قدرة قطر على التنظيم السريع غير المجدول لكأس آسيا 2023 بعد اعتذار الصين، معتبرا أن الإرث الأكبر في هذا الصدد هو الإرث البشري المتمثل في الطاقات القطرية والعربية التي عملت في تنظيم البطولة، وأصحبت ذخيرة من الخبرات والطاقات المصقولة التي تسهم ليس فقط في القطاع الرياضي، ولكن في تنظيم الفعاليات الكبرى في مختلف القطاعات بدولة قطر.
مونديال قطر أسهم في تقارب الثقافات والحضارات المختلفة (الصحافة القطرية) الإرث الثقافيورأى أن الإرث الثقافي لمونديال قطر أعاد صياغة الوطن العربي والشرق الأوسط في ذهنية جماهير الكرة حول العالم، حيث كانت المرة الأولى التي يملك فيها الوطن العربي حرية سرد روايته من منظوره، "لذلك شاهدنا فرض القضية الفلسطينية وتعريف العالم بها وارتداء نجم المنتخب الأرجنتيني ليونيل ميسي للبشت العربي، ومثل هذه المشاهدة التي أسهمت بشكل كبير في إعادة الصياغة الثقافية لمنطقة الشرق والغرب.
وأسهم مونديال قطر في تعريف العالم بالثقافة العربية وسماحة الدين الإسلامي طوال فترة البطولة، وهو ما ظهر جليا في الكثير من المبادرات سواء الفردية أو العامة، فضلا عن البرامج التعريفية للجماهير حول الملاعب وفي مناطق المشجعين.
كان هناك عمل دؤوب مع كافة الشركاء في دولة قطر للتعريف بسماحة الإسلام، وإبراز الثقافة والهوية القطرية والعربية والإسلامية على أفضل وجه، حيث تمتعت المشجعات بأجواء آمنة في المدرجات، وتم منع المشروبات الكحولية في المنشآت الرياضية.
كما أن حفل افتتاح المونديال عبر بشكل واضح عن الهوية الإسلامية، بالإضافة إلى اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في أزقة "فيفا" والذي جاء نتاج تنظيم قطر للمونديال، وكذلك الأغاني التي شكلت ألبوم المونديال وعبرت عن الموسيقية العربية والقطرية على وجه التحديد، وفقا للنعمة.
وشدد النعمة على أن قطر أصبحت خيارا تلقائيا لكل من يريد أن ينظم بطولة ناجحة سواء في كرة القدم أو غيرها، حيث يتم اللجوء إليها لتنظيم بطولات قد تعتذر عنها دول أخرى، فالقدرات البشرية والخبرات المتراكمة وعلاوة على البنية التحتية المتميزة والنموذج المتفرد الذي دأبت قطر على تقديمه بنجاح، يجعلها في مصاف الدول القادرة على تنظيم ليس فقط الأحداث الرياضية وإنما الأحداث والفعاليات الكبرى.
النعمة يعتبر أن مونديال قطر أسهم في تعريف العالم بالثقافة العربية والدين الإسلامي (الجزيرة) وجهة سياحيةوخلق المونديال من قطر وجهة سياحية مميزة ومفضلة لدى الجميع، حيث إن الكثيرين من جماهير المونديال عادوا إلى الدوحة من جديد في ظل توافر المناطق السياحية والوجهات المختلفة، فضلا عن الإرث البشري في ظل تفجر الطاقات البشرية سواء من القطريين أو المقيمين في قطر مما تسفيد منه الدولة في كافة المجالات.
بدوره، أكد مدير الإعلام المحلي والإقليمي في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، محمد الخنجي أن مكتسبات مونديال قطر كثيرة جدا، خاصة أن البطولة جعلت من قطر إحدى الوجهات السياحية والرياضية التي يثق المجتمع الدولي فيها بشكل كبير في استضافة مختلف الأحداث الرياضية.
وقال الخنجي في حديث للجزيرة نت إن الإرث الرياضي يتمثل في المنشآت الرياضية وملاعب المونديال بهويتها العربية والقطرية التي ستسهم في تنظيم العديد من البطولات مستقبلا، وعلى رأسها بطولة الأمم الآسيوية المقررة في يناير/كانون الثاني المقبل.
الخنجي: النجاح التنظيمي للمونديال أسهم في تثبيت مكانة قطر دوليا (غيتي إيميجز)وأضاف أن المونديال أسهم في تسريع وتيرة إنجاز رؤية قطر 2030، حيث تم اختصار الكثير من مشاريع هذه الرؤية لتكون جاهزة قبل البطولة، ومنها البنية التحتية التي شهدتها الدولة في الفترة الأخيرة، ووسائل النقل والمواصلات التي تشكلت وتنوعت خلال المونديال وأصبحت الآن إرثا مستداما يستخدمه كل من يأتي أو يعيش في دولة قطر، وكذلك للأجيال المقبلة.
وأوضح أن من إرث المونديال أيضا تعريف العالم بالصورة الحقيقية للثقافة العربية والقطرية وسماحة الدين الإسلام، في ظل اهتمام الكثير من الجماهير بالتعرف على هذه الثقافة والتفاعل معها سواء في الملاعب أو مناطق الجماهير.
واعتبر الخنجي أن ثقة المجتمع الدولي في استضافة قطر للأحداث الرياضية الكبرى هي ثقة قائمة منذ زمن، وتولدت بعد استضافة العديد من الأحداث الرياضية الكبرى، مثل أسياد 2006، ومونديال اليد، ومونديال ألعاب القوى، وغيرها من الأحداث، وذلك في ظل توفر المنشآت الرياضية، ولكنه شدد على أن النجاح التنظيمي أسهم في تثبيت مكانة قطر دوليا، وهو ما ظهر في فوزها باستضافة كأس العالم لكرة السلة 2027، وأسياد 2030.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: موندیال قطر دولة قطر أسهم فی
إقرأ أيضاً:
الأنشطة غير النفطية نمو مستدام يرسم ملامح المستقبل
تلعب الأنشطة غير النفطية دورًا حيويًا في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان، ما يسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط. ووفقًا للبيانات، بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال النصف الأول من عام 2024 حوالي 72.2%، وارتفع إجمالي مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي بالأسعار الجارية من 13.7 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من 2023م إلى 14.4 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من 2024م بنسبة نمو بلغت 5 %، وسجلت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نسبة 68.7%. كما ارتفعت القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية بمعدل 4.2% بالأسعار الثابتة بنهاية الربع الثالث من عام 2024 ليصل إلى 20.5 مليار ريال عماني، وأشارت الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، إلى أن أغلب القطاعات في الأنشطة غير النفطية سجلت ارتفاعا بمعدل نمو للأنشطة الصناعية 5.6 بالمائة، وتشمل هذه الأنشطة التعدين والصناعات التحويلية والإنشاءات وإمدادات الكهرباء والمياه وأنشطة الصرف الصحي، فيما ارتفع معدل نمو أنشطة الزراعة والحراجة وصيد الأسماك إلى 5.3%، والأنشطة الخدمية إلى 3.5%، وتتضمن هذه الأنشطة قطاعات تجارة الجملة والتجزئة، والسياحة، والنقل والتخزين، والمعلومات والاتصالات، والأنشطة العقارية، والأنشطة المالية والتأمين، والأنشطة المهنية والعلمية، والإدارة العامة والدفاع، والتعليم، والصحة.
توقع صندوق النقد الدولي
كما أوضح توقع صندوق النقد الدولي بأن يواصل اقتصاد سلطنة عمان النمو ليصل إلى 3.1% خلال العام الجاري 2025، حيث سجل خلال عامي 2021 و2022 نموا متتاليا بمعدل 3.1% و4.1% على التوالي، ويستمد النمو الحالي من قوة أداء الأنشطة غير النفطية، فالصناعات التحويلية التي تقود قاطرة نشاط الأنشطة غير النفطية، سجلت ارتفاعا بالأسعار الثابتة بنهاية النصف الأول من عام 2024م بنسبة 10.1% ليصل إلى مليار و868 مليون ريال عُماني مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023م. وتشير الإحصائيات إلى أن إنتاج الصناعات الكيميائية الأساسية توسعت بنسبة 17.8% ليبلغ 659 مليون ريال عُماني، وهو ما يمثل 35% من ناتج قطاع الصناعات التحويلية. كما ارتفع الطلب على منتجات المعادن والغذاء والدواء بنسبة 4.7% ليبلغ مليارا و71 مليون ريال عُماني، مشكّلة ما نسبته 57 بالمائة من ناتج الصناعات التحويلية مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023م. فيما بلغ معدل نمو الصناعات التحويلية ضمن الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) نحو 7.5% بالأسعار الثابتة.
تعزيز التنويع الاقتصادي
وتعول سلطنة عمان في خطتها التنموية لتعزيز التنويع الاقتصادي على مساهمة الأنشطة غير النفطية، لتؤدي دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، مع تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية المحدودة. وتتمثل أهمية هذه الأنشطة في دورها في إيجاد فرص العمل، وتعزيز التنافسية الاقتصادية، وزيادة القيمة المضافة من خلال الاستثمار في قطاعات متنوعة تشمل الصناعة، والزراعة، والسياحة، والخدمات. كما تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال تقليل تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد الوطني، ما يعزز مناعته في مواجهة الأزمات العالمية، وحسب خطة الميزانية العامة لدولة يتوقع بأن تساهم الإيرادات غير النفطية بـ 3.573 مليار ريال عماني، وبنسبه تصل 32% من جملة الإيرادات العامة.
من جانبها رفعت وكالة «ستاندرد اند بورز» التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان مع نظرة مستقبلية مستقرة، نتيجة تحسن الأداء المالي للدولة، ما يشير إلى بيئة استثمارية آمنة، واسترجعت سلطنة عمان مكانتها كبيئة استثمارية جاذبة نتيجة لعدة عوامل منها استمرار إجراءات تحسين المالية العامة عبر المبادرات والإجراءات التطويرية في الجوانب المالية والاقتصادية، وإجراءات إعادة الهيكلة الحكومية التي أسهمت في إعادة التوازن المالي بين الإيرادات والإنفاق العام كما هو مخطط له في الخطة المالية متوسطة المدى، وبدء تحقيق فوائض مالية، إلى جانب التزام الحكومة بخفض الدين العام للدولة، وحوكمة الشركات الحكومية وخفض مديونيتها.
بيئة استثمار آمنة
وتعد البيئة الاستثمارية الآمنة في سلطنة عمان أولى درجات مؤشر الجدارة الاستثمارية عند تقييم التصنيف الائتماني لدى وكالة ستاندرد آند بور، وعادت سلطنة عمان لهذه الفئة من التصنيف بعد انخفاض دام نحو 7 سنوات (منذ عام 2017م)، نتيجة رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الثاقبة في الإسهام لتحسين الوضع المالي لسلطنة عمان، وتحقيق الاستدامة المالية وتقليل العجز في الموازنة العامة، مع تركيز على البرامج التي تساهم في تنويع الإيرادات غير النفطية.
ويعد التصنيف الائتماني المستقر لسلطنة عمان أداة استراتيجية تُسهم في تعزيز الأنشطة غير النفطية من خلال توفير بيئة اقتصادية مستدامة ومستقرة، مع زيادة القدرة على تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في دعم التنمية الشاملة. كما توجد استثمارات أكبر وأوسع في القطاعات الصناعية، والسياحية، واللوجستيات، والتكنولوجيا. كما يُظهر التصنيف الجيد نجاح سلطنة عمان في تقليل الاعتماد على النفط وتطوير مصادر دخل متنوعة، وهو ما يدعم بشكل مباشر الأنشطة غير النفطية، مع الحصول على تمويل دولي ومحلي بأسعار بفائدة منخفضة.