كلام الناس
لم تكن أمسية ثقافية عادية تلك الذي نظمها منبر سوداناب الثقافي بسدني بالاشتراك مع الجمعية السودانية الأسترالية بليفربول لتدشين ديوان الشاعر ياسر الطيب عثمان يوم الأحد ١٩نوفمبر٢٠٢٣م بصالة ليفربول.
كانت أمسية محشودة بحب السودان الذي يعاني هذه الأيام من حرب عبثية استهدفته واستهدفت المواطنين الذين اسقطوا سلطة نظام الإنقاذ عبر الثورة الشعبية ويحلم سدنة الإنقاذ بامكانية استرداد سلطتهم في مواجهة الإرادة الشعبية الغلابة.
أعود بكم لاستعراض بعض ملامح هذه الأمسية التي افتتحها الأستاذ بكري جابر بالترحم على أرواح الشهداء الذين دفعوا أرواحهم مهرا لعرس السودان المنتظر وطلب من الحضور الوقوف دقيقة حدادا على أرواحهم وأرواح موتي الجالية السودانية بسدني في الأيام الماضية.
حيا بكري أصحاب الأرض الحقيقين في أستراليا وحيا الضيوف الذين شرفوا الأمسية بحضورهم وخص بالتحية الصحفي والكاتب العراقي سلام الخداري رئيس الجمعية السومرية العراقية والشاعر العراقي وديع شامخ من منتدي الاكاديمين العراقيين، بعدها قدم ايمن الحبوب ليتحدث انابة عن الجمعية السودانية الأسترالية بليفربول الذي تحدث عن الشاعر ياسر الطيب باعتباره من مؤسسي جمعية ليفربول وكان اول رئيس لها.
تحدث بكري عن ديوان(عمق المسافة) وقال إنه يحتوي على مجموعة شعرية تتميربالجمع بين الشعر العامي والشعر الفصيح يتنقل عبرها الشاعر في سلاسة ويسرللدرجة التي لاتشعر فيها بهذا الانتقال ثم طلب من الشاعر قراءة بعض القصائد التي قال إنها نقلتنا من أجواء الإحباط إلى رحاب الأمل والنصر الاتي.
قبل أن يبدأ ياسر الطيب في قراءة بعض قصائده قال أن بعضها كتبه بعد الحرب أذكر منها هنا بعض فقرات من قصيدة الوطن الكبير
رغم النوايب والاعادي
لن نهادن لن نبالي
بالجد بالاخلاص بالعمل
دون خوف أو تراخ أو وجل
...... إلى أن يقول
نعمل لكسر القيد
بالوحدة والتجديد
والما بعرف القيد
يجهل معاني الحل
العسكر للثكنات والجنجويد ينحل
عبرت المداخلات الحية عن فرحهم بهذا الديوان المحشود بالأمل واحتفلت أسرة الشاعر بكلمات طيبة قالتها ابنة شقيته ميادة عبدالمجيد إبان تقديم الهدية الرمزية(الكيكة الكتاب)مع كوبين يحملون صورته.
الجدير بالذكر أن مصمم غلاف الديوان الأستاذ هاشم راوي و زانت ابنته فاطمة القصائد المنشورة بلوحات معبرة، وكان اهداء الديوان ٠للمعلم الأكبر الشعب السوداني في محنته الراهن التي سيخرج منها أكثر تماسكا وصلابة.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«الملاح التائه».. علي محمود طه صاحب قصيدة «الجندول» لـ محمد عبد الوهاب
يعتبر الشاعر علي محمود طه، الذي تحل اليوم ذكرى وفاته، أول من ثار على وحدة القافية ووحدة البحر، مؤكداً على الوحدة النفسية للقصيدة، فقد كان يسعى إلى أن تكون القصيدة بمثابة فكرة أو صورة أو عاطفة يفيض بها القلب في صيغة متسقة من اللفظ تخاطب النفس وتصل إلى أعماقها من غير حاجة إلى كلفة ومشقة، وكان على محمود طه ينشد في شعره للإنسان ويسعى للسلم والحرية؛ رافعاً من قيمة الجمال كقيمة إنسانية عليا.
علي محمود طه، شاعر مصري، من وضح الرومانسية العربية لشعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي، ويعتبر من أعلام الشعر العربي المعاصر، لحِن وغنّى له الموسيقار محمد عبد الوهاب عددا من قصائده مثل الجندول، وكليوباتره، فلسطين، وتأثر طه بشعراء الرمزية أمثال بودلير، ألفريد دي فيني، شيللي، وجون مانسفيلد.
ترك علي محمود طه، أثرا كبيرا على الشعراء الذين جاؤوا بعده فقد كتب في جميع الأغراض التي شكلت ميداناً لغيره من الشعراء، كالغزل والرثاء والمدح والفلسفة والحكمة والتأمل، وتنوعت قوافيه وفنونه، لكن أكثر ما يشد القارئ هي تلك اللغة والصور الحسية التي يرسمها الشاعر في قصائده ناهيك عن تلك النزعة الرومانسية التي بدت غامرة في ديوانه الملاح التائه والذي كان صدى لرغبات له واهتماماتهم.
رأى الدكتور سمير سرحان، والدكتور محمد عناني، أن «المفتاح لشعر هذا الشاعر علي طه، هو فكرة الفردية الرومانسية والحرية التي لا تتأتى بطبيعة الحال إلا بتوافر الموارد المادية التي تحرر الفرد من الحاجة ولا تشعره بضغوطها، بحيث لم يستطع أن يرى سوى الجمال وأن يخصص قراءاته في الآداب الأوروبية للمشكلات الشعرية التي شغلت الرومانسية عن الإنسان والوجود والفن، وما يرتبط بذلك كله من إعمال للخيال الذي هو سلاح الرومانسية الماضي».
وُلد ونشأ الشاعر علي محمود طه، في مدينة المنصورة، محافظة الدقهلية، في مصر عام 1901، والتحق بمدرسة الفنون التطبيقية في القاهرة ودرس فيها هندسة المباني وتخرج منها عام 1924م، تم تعيينه آخر الأمر وكيلا لدار الكتب ليتفرغ للشعر والإبداع وتوفي عام 1949م، و كان الأدب يستهويه على الرغم من ضعفه به في اللغة العربية استطاع أن يتلافاه بالحفظ والمتابعة والدراسة المتانية لقواعد اللغة العربية بمدة قياسية بسبب نباهته، وكان من طبقة متوسطة فعاش حياة لينة وسهلة، كان يحب السفر والزيارت كثيرًا فزار عددًا من الدول الأوروبية والتي كان لها أثر كبير عليه وعلى شعره فيما بعد فتفتحت آفاقه الشعرية حيث جمال الطبيعة والحضارة الأوروبية.
صدر أول ديوان له بعنوان «الملّاح التائه» في عام 1934، وهو من أعظم أعماله التي تدل على مهارته في استخدام الألفاظ الشعرية، ونشر بعدها عدد من الدواوين الشعرية والقصائد والكتب، كما صدرت عدة دراسات حول شعره وكتاباته مما يدل على أهمية هذا الشاعر العظيم، وكانت الكتب التي صدرت عنه هي: كتاب أنور المعادي «علي محمود طه: الشاعر والإنسان»، وكتاب للسيد تقي الدين «علي محمود طه، حياته وشعره»، وكتاب محمد رضوان «الملاح التائه علي طه».
شارك الشاعرعلي محمود طه في تأسيس مدرسة أبولو الشعرية والتي رسَّخت قواعد الرومانسية لذلك تميز شعره بفكرة الفردية الرومانسية والحرية التي تفترض توفر الموارد المادية لتحررالإنسان من الضغوط النفسية الناجمة عن الحرمان المادي، واستطاع من خلال أشعاره أن يتفرغ للتأمل في ذاته وفي الوجود ويرى كل شيئ جميل، فهو يعد أن أساس الرومانسية هو الخيال، فحتى يتسنى للإنسان التخيل لا بد من أن يبتعد بفكره عن المادة، فكان الشاعر يتحسس دائماً مواقع الجمال ويتغنى بها مما جعل البعض ينتقد شعره مثل الدكتور سمير سرحان والدكتور محمد عناني.
قدم مجموعة من أجمل القصائد بالعصر الحديث، ولكن مع ذلك هناك الطابع الكلاسيكي الموجود في بعض قصائده مثل قصائد الرثاء، أي أنه كان ينوع بين الشعر الرومانسي والكلاسيكي، لكن غلب على شعره الطابع الرومانسي، ولقد تعرف عليه معظم الجمهور من قصيدته «الجندول» التي غناها المطرب محمد عبد الوهاب في ذلك الوقت، وبعد ذلك غنى المطرب محمد عبد الوهاب قصيدة «فلسطين».