باريس ـ (أ ف ب) – منذ 2009، تنكبّ مجموعة من علماء الجيولوجيا على جمع أدلّة عن انتقال البشرية إلى عصر جيولوجي جديد ناجم عن التأثير البشري… وسيعلن هؤلاء الثلاثاء عن أحدث خلاصاتهم، وهو موقع انطلاق حقبة الأنثروبوسين التي بدأ عندها التأثير البشري الهائل على الكوكب. وسيتوّج الإعلان المتوقع الثلاثاء في الساعة السابعة مساء (17,00 ت غ) خلال مؤتمرين علميين في مدينة ليل الفرنسية والعاصمة الألمانية برلين، من دون خلاصات جازمة، مغامرة علمية أطلقها في عام 2002 بول كروتزن، الحائز جائزة نوبل في الكيمياء بفضل تحديده مصادر تدمير طبقة الأوزون، وهو أول من تحدث عن ظهور هذه الحقبة التي توصف بـ”عصر تأثير الإنسان”، في نظرية لم تحظ بموافقة رسمية من أعلى السلطات العلمية.

ويُقسَّم تاريخ الأرض الممتدّ على 4,6 مليارات سنة، بشكل منهجي إلى عصور وفترات وعهود وحقب جيولوجية، وهو تقسيم يتعلّمه الطلاب وتطوّره اللجنة الدولية لطبقات الأرض. وتعيش البشرية حالياً في فترة الحياة الحديثة، العصر الرباعي، الحقبة الهولوسينية (الحقبة الحديثة). وهذه اللجنة هي التي كلّفت مجموعة العمل المعنية بالأنثروبوسين (حقبة التأثير البشري) بمهمة الإجابة، بحكم الواقع، على ثلاثة أسئلة رئيسية. وبحسب هذه التساؤلات، إذا عمدت مجموعة كائنات فضائية خلال الأعوام المليون المقبلة إلى تفتيش طبقات الصخور والرواسب الموجودة على الأرض، فهل ستكتشف أثراً بشرياً مهمّاً بما يكفي لاستنتاج أنّ حدوداً جيولوجية جديدة قد جرى اجتيازها بوضوح؟ إذا كان الأمر كذلك، فمتى نجد أوضح دليل على ذلك؟ وأين؟ – صعوبة بالغة – بالنسبة للسؤال الأول، فإنّ إجابة مجموعة العمل لا لبس فيها، إذ يؤكدون أنّ البشر أخرجوا فعلاً الكوكب من حقبة الهولوسين التي بدأت قبل 11700 عام بعد دورات جليدية عدة، ونقلوه إلى “عالم جديد”. وآثار النشاط البشري، من اللدائن الدقيقة (ميكروبلاستيك) إلى الملوّثات الكيميائية الأبدية مروراً بالأنواع الغازية وغازات الدفيئة، موجودة في كلّ مكان، من قمم الجبال إلى قيعان المحيطات، والاضطرابات التي تسبّبها كثيرة، بما يشمل تغير المناخ، والتلوث، وفقدان التنوع البيولوجي، إلى حد كسر التوازن الطبيعي للكرة الأرضية. وبالنسبة لفريق العمل، فإن نقطة التحول هي منتصف القرن العشرين، عندما شهدت جميع مؤشرات وجود التأثير البشري في الرواسب ارتفاعاً هائلاً أطلق عليه العلماء اسم “التسارع العظيم”. ويبقى تحديد المكان الرمزي حيث يكون هذا التحول أكثر وضوحاً. وقد يكون ذلك في بحيرة، أو في شعاب مرجانية، أو كتلة جليدية… وقد وُضعت تسعة مواقع في الصين وكندا واليابان وأماكن أخرى في القائمة المختصرة للأماكن المحتملة في هذا الإطار. ولا يزال غموض كبير يكتنف هذا الموضوع، خصوصاً لناحية معرفة هل ستتم المصادقة على هذا العمل رسمياً من قبل أعضاء اللجنة الدولية لطبقات الأرض، ثم من الأوصياء في الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية، المعروف بتصلبه عندما يتعلق الأمر بتعديل الميثاق الدولي لتاريخ طبقات الأرض. والانطباع السائد يشير إلى صعوبة كبيرة في هذا الشأن. ويعتقد بعض الجيولوجيين المشهورين أنه لم يتم استيفاء المعايير التقنية المطلوبة لتوصيف الأنثروبوسين على أنه “حقبة” جديدة، رغم إقرارهم بحدوث تغييرات جذرية خلال القرن الماضي. – الأنثروبوسين “حقيقي” – لذلك يعتقد فيل غيبارد، وهو أمين اللجنة الدولية لطبقات الأرض، أنّ مصطلح “حدث جيولوجي” سيكون أكثر ملاءمة. وشدد غيبارد في عام 2022 على أنّ “الظروف التي تسببت في حدوث التجمعات الجليدية”، وهي سلسلة من عشرات الدورات الجليدية التي حدثت على مدى المليون سنة الماضية، “لم تتغير، لذلك يمكننا أن نتوقع أن الهولوسين لن يكون سوى حقبة جليدية بينية”. ولكن، بحسب مؤيدي تصنيف الأنثروبوسين كحقبة جليدية، فلأول مرة في تاريخ البشرية، لا يقتصر الأمر على تغيير نوع ما بشكل جذري لمورفولوجيا الأرض والتركيبة الكيميائية والبيولوجية فيها فحسب، بل يدرك هذا النوع أنه فعل ذلك. ومن شأن تسمية العصر أن تدفع بالبشرية على التركيز على التحديات المستقبلية، وهو ما أسماه بول كروتزن “نقلة نوعية في التفكير العلمي”. وقال مدير معهد بوتسدام للأبحاث حول آثار تغير المناخ يوهان روكستروم، معدّ دراسة تاريخية حول حدود الكواكب، لوكالة فرانس برس “علينا أن نعترف بوجود نقاط تحول”. وبالنسبة إلى رئيس مجموعة العمل يان زالاسيفيتش، فإنّ عدم التصديق على الانتقال إلى حقبة الأنثروبوسين سيترك الانطباع بأن ظروف الهولوسين، التي سمحت للحضارة الإنسانية بالازدهار، لا تزال موجودة. وقال لوكالة فرانس برس “من الواضح أنّ الأمر ليس كذلك”، مضيفاً “العلم يتعلق بالتمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير ذلك. والأنثروبوسين حقيقي”.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

مجموعة السبع تدعو لإعطاء أمل السلام في غزة وإيصال المساعدات

دعت مجموعة السبع الكبرى، الجمعة، إلى استئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "من دون معوقات"، بعد توقفها منذ بداية آذار/ مارس الجاري بسبب الخلافات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس.

وجاء ذلك في ختام ثلاثة أيام من المباحثات التي جمعت بين وزراء خارجية الدول الأعضاء في كندا، حيث أكدت المجموعة على ضرورة وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، وشددت على أهمية إيجاد "أفق سياسي للشعب الفلسطيني" يضمن حقوقه المستقبلية.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن في الثاني من أذار/ مارس الحالي، عن توقّف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، على خلفية خلافات مع حركة حماس بشأن تمديد اتفاق الهدنة، ما دفع مجموعة السبع إلى الدعوة لاستئناف المساعدات بشكل عاجل، خاصة في ظل الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه السكان في القطاع.

إلى جانب ذلك، عبّرت مجموعة السبع عن دعمها لشعبي سوريا ولبنان، فيما أكّدت على ضرورة العمل نحو مستقبل سياسي سلمي ومستقر في البلدين، مع التأكيد على أهمية سيادة الدولتين وسلامة أراضيهما، وأدانت التصعيد الأخير للعنف في المناطق الساحلية السورية، داعية إلى حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الفظائع. وشددت على أهمية عملية سياسية شاملة بقيادة سورية.

أما فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، جدّدت المجموعة تأكيدها على دعم وحدة أراضي أوكرانيا، متوعدة روسيا بعقوبات جديدة إذا لم تدعم الهدنة، ومطالبة باتخاذ "إجراءات أمنية قوية" لتجنب أي "عدوان" جديد على كييف.

وفي ملف إيران، حذّرت مجموعة السبع من خطر تصاعد الاعتقال التعسفي ومحاولات اغتيال الشخصيات الأجنبية كأداة للإكراه، واعتبرت طهران مصدرًا رئيسيًا لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، داعية إلى العودة للدبلوماسية بشأن برنامجها النووي.


وبالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة، تضم مجموعة السبع بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، وفي ختام المباحثات، عبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عن تفاؤلها بشأن اتفاق البيان المشترك، لكنها حذرت من أن بعض النقاط لا تزال بحاجة إلى مزيد من الجهد للوصول إلى توافق نهائي.

وفي السياق نفسه، أشارت  كالاس، إلى: "الانقسام بين الدول الأعضاء بسبب النهج التصالحي للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجاه موسكو".

مقالات مشابهة

  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • العلماء يكتشفون طريقة جديدة للعثور على حياة خارج الأرض
  • العلماء العصر الجليدي يقترب.. هل نحن مستعدون لمواجهة البرد القارس؟
  • مجموعة السبع تدعو لإعطاء أمل السلام في غزة وإيصال المساعدات
  • "أ ف ب": مجموعة السبع تتوعد روسيا بعقوبات جديدة إذا لم تدعم الهدنة في أوكرانيا
  • العلماء يحددون موعد العصر الجليدي المقبل فكيف سنعيش وقتها؟
  • الدولار يتماسك واليورو يتراجع وسط ترقب لعاصفة تجارية عالمية
  • تحركات غامضة تحت الأرض تثير الرعب.. ماذا يحدث في اليمن؟
  • تحديد مصدر نبضات راديوية تصل إلى الأرض كل ساعتين
  • 1 من كل 4 مسنين في تركيا معرض لخطر الفقر