هل يغيّر صاروخ بركان مسار الحرب؟
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
ما وعد به الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في آخر طّلة له منذ اندلاع الحرب على غزة قد أصبح واقعًا على أرض المعركة. فالطائرات المسيّرة الانقضاضية، وكذلك صواريخ "بركان" دخلت في موازين قوى الردع في المناوشات المتصاعدة، التي تحصل على الحدود الجنوبية بين عناصر "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، والتي تنذر بإدخال لبنان، ولو غصبًا عنه، في حرب يُقال عنها بأنها ستكون شاملة، وقد تتخطّى الحدود التقليدية لتصل شظاياها إلى الداخل اللبناني كما إلى الداخل الإسرائيلي، وذلك بالتوازي مع ما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة غير مسبوقة.
وما إدخال "حزب الله" هذين السلاحين الجديدين في معركة المساندة سوى للايحاء للعدو بأن لديه الكثير من المفاجآت، التي من شأنها أن تبقيه في حيرة من أمره، خصوصًا لجهة عدم تيقنّه من جدّية احتمال دخول "الحزب" في حرب شاملة أو عدم جدّيته. وفي هذه السياسة، التي يتبعها "الحزب" بعض من عناصر القوة، كما يقول المقرّبون منه.
فهل هذه السياسة الجديدة التي يعتمدها "حزب الله" هي نوع من التحرّر التدريجي من "قواعد الاشتباك" وانخراط فعلي في أي تطّور عسكري لن يكون، كما تؤكده المعطيات الميدانية، إلاّ متناغمًا مع تطوّر المعركة الغزاوية؟
عن هذا السؤال لا أحد يستطيع الإجابة في شكل دقيق ومحدّد، لأن "حزب الله" لا يفصح عادة عن مخططاته مسبقًا، ولا يكشف عمّا يسعى إليه، وذلك حفاظًا أولًا على قوة عامل المفاجآت، وثانيًا لإبقاء العدو في حال مستدامة من الترّقب وانتظار ما هو آتٍ، الذي قد يكون مفاجئًا للجميع، من حيث توقيته أو فاعليته، خصوصًا إذا شعر بأن حركة "حماس" قد أصبحت في وضع صعب وحرج. وعند هذا الحدّ سيكون الوضع مغايرًا عمّا كان عليه طيلة الأيام السبعة والأربعين الماضية، وسيجد "الحزب" نفسه مضطّرًا إلى التعامل مع هذا الواقع الجديد بكثير من الحزم، ولكن مع حرصه الشديد على عدم اقحام لبنان في مواجهة قد تكون نتائجها كارثية كما هي الحال في قطاع غزة، الذي أصبح أرضًا محروقة وغير مؤهل للسكن.
ما هو مؤكد حتى الآن، وفق ما يُنقل عن مسؤولي "حزب الله" أن المواجهة في الجبهة الشمالية لإسرائيل، وإن كانت آخذة إلى التصعيد، ستبقى تحت سقف التقيد بقواعد الاشتباك التي تتعرض لخروق من حين لآخر، لكنها تبقى تحت السيطرة إلى حدود معينة بحسب التطور الميداني في غزة، ومدى قدرة إسرائيل على تغيير ما هو مرسوم في دوائر القرار الدولي بالنسبة إلى إعادة رسم جديد لخارطة المنطقة، ومن ضمنها لبنان كونه الحلقة الأضعف.
فالمواجهة في الجنوب اللبناني، وإن كانت تأتي في سياق ما يعتبره "حزب الله" إشغالًا لإسرائيل إلى حدود كبيرة، للتخفيف من ضغطها على حركة "حماس" في قطاع غزة، لا تزال محكومة بما يهدف إليه "الحزب" لجهة استنزاف الجيش الإسرائيلي تحت سقف الاحتكام إلى معادلة توازن الرعب، من دون أن يلوح في الأفق السياسي ما يفتح الباب أمام اتساع رقعة الحرب الدائرة في غزة لتشمل الجبهة الشمالية، خصوصاً أن إيران ليست في وارد الانجرار إلى توسعة الحرب، وإلا لكانت قد بادرت إلى التدخل في الوقت المناسب، بدلاً من أن تنتظر طويلاً، ما سمح لإسرائيل بالمضي في استباحة غزة وأهلها بكل الوسائل غير الإنسانية والمحرّمة دوليًا.
إلاّ أن إدخال "حزب الله" عناصر جديدة وموجعة في مواجهته للاعتداءات الإسرائيلية الاستفزازية، ومن ضمن هذه العناصر استهداف مواقع إسرائيلية عسكرية استخدام صواريخ "بركان"، التي أوقعت خسائر كبيرة في ثكنة "برانيت"، قد يعيد عقارب الساعة إلى مواقيت غير مقيدّة بما يسمى "قواعد الاشتباك"، الأمر الذي من شأنه أن يطرح على بساط البحث مسألة توسعة الحرب انطلاقًا من الانتقال من مرحلة "وحدة الساحات" إلى مبدأ جديد يعتمد على خيار "تكامل الساحات"، وذلك بالتنسيق القائم بين قيادتي "حماس" و"حزب الله" وبإشراف طهران، التي لا تزال تمسك العصا من وسطها، على رغم ما شهدته منطقة البحر الأحمر من تطورات نوعية في الساعات الماضية، وما تواجهه القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة من هجومات منظّمة تحمل بصمات إيرانية واضحة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
هل تنزلق أوروبا إلى الحرب؟
فلنبتعد قليلًا عن ضجيج ما حدث للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، لنستعيد ونحلل حادثة سبقتها بأيام كان بطلها أيضًا جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي.
في ميونخ، على منصة القاعة الكبرى في فندق بايرشه هوف، وقف جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي ترامب، وألقى خطابًا مطولًا ومتعاليًا.
تحدث إلى الأوروبيين كمُعلّم وعاب ديمقراطيتهم التي "تكمّم الأفواه وتواجه احتمال انهيارها من الداخل". لم يذهب الناخبون في بلدانكم إلى صناديق الاقتراع، قال فانس، لمنحكم تفويضًا كي تفتحوا بوابة الفيضان Flood Gates وتغرقوا القارة باللاجئين. ستفعل أميركا النقيض من ذلك تمامًا، بحسب كلمات الرجل.
وحتى يبلغهم، بما لا يدع مجالًا للشك، أن سياسة أميركا تجاه أوروبا ذاهبة في اتجاه لم يألفوه فقد استخدم تعبيرًا من أصول الثقافة الأميركية:
"هناك شريفٌ جديد في المدينة".
يعود التعبير إلى ما قبل القرن التاسع عشر، ويراد به القول إن البلدة – في الغالب سيئة السمعة- مقبلة على تغيير جوهري في السياسة، وثمّة قسوة وشيكة استحقتها.
أغلب الأميركيين يتذكرون التعبير الأثير من الفيلم الكلاسيكي Blazing Saddles، أو السروج المشتعلة، من أفلام السبعينيات. إذ ترسل السلطات شريفًا جديدًا أسود اللون – أي مخالفًا للقواعد والتوقعات- إلى بلدة سيئة السمعة. سيعيد الشريف، في سياق كوميدي، للسلطة هيبتها، وسيؤدب المذنبين من كل صنف ونوع.
إعلانتنفّس الأوروبيون قليلًا من الهواء حين أعقبه وزير دفاع ألمانيا على المنصة نفسها، وقال بوضوح إن خطاب نائب الرئيس الأميركي "غير مقبول".
في اليوم التالي صعد المستشار أولاف شولتس، وقال: "لن نقبل أن يتدخل الغرباء في ديمقراطيتنا، أو في انتخاباتنا، أو في تشكيل الرأي الديمقراطي لصالح ذلك الحزب. إن الشأن السياسي الألماني يحدده الألمان لا سواهم".
أحال شولتس، كعادة كل سياسي ألماني، إلى الدرس الذي تعلمته البلاد من تاريخها الخاص، وإلى العقيدة الفاشية التي لا يزال "ذلك الحزب" (البديل من أجل ألمانيا)، يحملها في جيناته السياسية.
تلقت ألمانيا نصيبًا خاصًا من خطاب نائب الرئيس الأميركي الذي استمرّ لما يزيد عن نصف ساعة. بدت سخريته من "جدار النار Firewall" مزعجة لأحزاب الوسط الألمانية التي تحاول عزل "ذلك الحزب"، من خلال جدار ناري يجرّم التقارب معه. على هامش المؤتمر ذهب فانس للقاء أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، وتجنّب مستشار ألمانيا.
لم يتأخر "الشريف الأميركي" كثيرًا، إذ أعلن من واشنطن تزكيته المطلقة لما ورد في خطاب نائبه في ميونخ.
المستوى الثقافي في ألمانيا، على مختلف الميديا المحلية، رأى فيما يجري صدعًا لم يعد ممكنًا إصلاحه. نصف ساعة من الاستماع إلى ملخص الصحافة على راديو ألمانيا، السابعة صباحًا، تكفي لرؤية الصدع الغربي، وحتى للتنبؤ بمآلاته.
تخوض الديمقراطية الألمانية نزالًا صعبًا مع الراديكالية اليمينية، حيث يحل حزب البديل في كل استطلاعات الرأي ثانيًا. وبحسب دراسة لبيو سنتر، 2024، فإن 26% من "رجال" ألمانيا أصبحوا راضين عن الحزب.
تحاول أحزاب الوسط إخراج الوحش من اللعبة، وسبق لفريدريش ميرتس، مستشار ألمانيا المنتظر، أن وعد ناخبيه بأن يدفع حزب البديل إلى هامش الحياة السياسية، إلى "حيث ينبغي له أن يكون"، بحسب كلماته.
إعلانلحظة التقارب- ربما غير المقصودة، التي حدثت مؤخرًا بين الحزب المسيحي الديمقراطي وحزب البديل المتطرّف، أثناء التصويت على مشروع "ميرتس" المتعلق باللجوء- أثارت موجة من الغبار في كل الفضاء الألماني.
حتى إن الكنيسة، التي تنأى بنفسها عن الصراع السياسي، التحقت بالنقاش، واحتجت بكلمات حازمة على ما جرى. فاينبيرغ، المعمّر اليهودي- الألماني والناجي من الهولوكوست – أعاد إلى الرئاسة الألمانية وسام الشرف الذي منحته إياه تقديرًا لجهوده في التعليم. على منصات كثيرة قال الرجل الذي يبلغ من العمر 99 عامًا إن اقتراب حزب من أحزاب الوسط، المسيحي الديمقراطي، من حزب البديل أعاده إلى الأيام الأولى من العام 1933.
لم توفر الدولة الألمانية شيئًا في المواجهة مع اليمين المتطرّف. في عدد من الولايات الألمانية وضع الحزب، بأكمله، تحت رقابة جهاز حماية الدستور (أمن الدولة)، كما صُنف جناح "شباب البديل" التابع للحزب بوصفه كيانًا متطرفًا.
وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي حظرت وزارة الداخلية، مجلة Compact المعروفة بخطابها المتطرف. سابقة غير مألوفة في الديمقراطية الألمانية الحديثة نسبيًا، وقفت أمامها المحكمة الإدارية الاتحادية، أغسطس/ آب 2024، حائرة.
علّقت المحكمة قرار وزارة الداخلية وجاء في بيانها "هناك أدلة على أن محتوى المجلة ينتهك كرامة الإنسان، لكن الحفاظ على حرية الصحافة له الأولوية"، كما نقلت رويترز في حينه.
أجواء الصراع هذه تعدّ في نظر فانس ونجوم الماغا (اجعل أميركا عظيمة مجددًا) انتهاكًا لحرية التعبير، يرفضه دافع الضرائب الأميركي.
الأميركي مواطن ديمقراطي لا يقبل أن يذهب جنوده لحماية نظام ينتهك الحريات ويقوض القيم المشتركة، كما ألمح فانس بعد عودته من ميونخ. فانس نفسه، كما سخر كتاب أميركيون عديدون، يرفض الاعتراف بنتائج انتخابات 2020، ولا يرى في اقتحام مؤيدي ترامب مبنى الكابيتول في واشنطن، 2021، خطرًا على الديمقراطية.
إعلانالغرام المفاجئ بين حزب البديل الراديكالي وإدارة ترامب لا يعكّره برنامج الحزب المنادي بطرد القوات الأميركية من الأراضي الألمانية وجعل البلاد خالية من السلاح النووي الأميركي المهدد للسلام، كما يقول برنامج الحزب 2024.
يؤكد حزب البديل على هذا المطلب منذ العام 2016، وتقع فكرة إبعاد ألمانيا عن الهيمنة الأميركية في صلب خطابه القومي.
كما لا تؤثر عليه وعود ترامب بفرض تعريفات جمركية على الصادرات الأوروبية قد تضر على نحو عميق بالاقتصاد الأوروبي. شكل من الغرام المتطرف يصعب تخيله خارج أجواء الشك والكراهية وانعدام الثقة بالنظام الديمقراطي.
لا يمثل حزب البديل كيانًا متجانسًا بالمعنى الفلسفي والثقافي. هو أقرب إلى حشد من الغاضبين يعيش أغلبهم في شرق البلاد. في المجمل فإن 54% من الناخبين الألمان لا يثقون بالأحزاب السياسية، كما كشف استطلاع لمؤسسة فورسا الألمانية في العام الماضي. تداني هذه النسبة نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد الدراسات السياسية في باريس، شمل ناخبين من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولندا، حيث قالت النتائج إن 60% من المشاركين لا يثقون بالمؤسسات السياسية. النسبة نفسها، ستون في المائة، رأت في الديمقراطية نظامًا منخفض الكفاءة.
ثمّة بيانات كثيرة تقول إن اليمين الراديكالي يعتمد، في الأساس، على "أيديولوجيا خوفٍ" لا تعنى بالحقائق، بل بالمشاعر والمزاج العام.
تقدم الشعبوية الحقائق البديلة، أي الأوهام. ولأن الليبرالية السياسية توزع الوعود، والليبرالية الاقتصادية توزع اللامساواة، فإن فضاء واسعًا ينشأ بين السياسة والاقتصاد.
في داخل ذلك الفضاء تستثمر الشعبوية في أيديولوجيا الخوف، وفي إنتاج الحقائق البديلة. فقد كشفت دراسة أجريت على عينة من 1000 شاب ألماني تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عامًا أن مستويات القلق كانت أعلى بين الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في خانة اليمين المتطرف، بخلاف من قالوا إنهم ينتمون إلى الوسط الديمقراطي.
إعلانتنزلق أوروبا إلى حرب ثقافية داخلية، ومن نتائج تلك الحرب أن أحزاب الوسط أصبحت أكثر راديكالية أملًا في استجلاب رضا الناخبين، وتجنبًا للخروج من الحلْبة.
في غمرة الصراع الوجودي، كما يراه رجال الوسط السياسي، نجح حزب البديل المتطرف في القفز على جدار النار. وإن كان جدار النار السياسي لا يزال قائمًا، وإن بصورة أقل صلابة من قبل، فإن حضور الحزب في الحياة العامة صار حدثًا طبيعيًا يستهوي واحدًا من كل أربعة ألمان.
كيف يمكن لمؤسسة ديمقراطية أن تجرّم حزبًا يمثّل ربع السكان؟ تقف أحزاب الوسط أمام هذه الحقيقة الجديدة ولم يعد في متناول يدها الكثير لتفعله. ثمة إشارات خطرة قادمة من الماضي.
فقد منحت انتخابات برلمان ولاية تورنغن في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1930 الحزب النازي (NSDAP) الفرصة للمشاركة في حكومة إقليمية لأوّل مرّة في تاريخه. انتخابات الصيف الماضي التي جرت في الولاية نفسها أعطت حزب البديل الراديكالي أعلى نسبة من الأصوات.
على هدي المؤتمرات الترامبية الحمراء، التقى قادة يمينيون متطرفون في مدريد، قبل أيام، وعقدوا مؤتمرهم تحت لافتة "لنجعل أوروبا عظيمة مجدّدًا MEGA". مرّة أخرى، يردد اليمين الأوروبي: هناك تهديد ثقافي محدق بأوروبا، وعلى القارة أن تتداعى للحفاظ على هويتها الثقافية. ولكن أيضًا عليها أن تقيم الحواجز بين دولها، وأن تتدبر كل دولة أمن حدودها. أي أن تصبح أوروبا عظيمة ونقية ومنقسمة في آن واحد.
يستلهم اليمين الألماني الحكاية الترامبية وبات يرى كل شيء ممكنًا. في مهرجان انتخابي بولاية ساكسن أنهالت، قبل وقت قصير، استضاف حزب "البديل من أجل ألمانيا" إيلون ماسك عبر شاشة كبيرة. تحدث ماسك إلى مضيفيه قائلًا إنهم أمل ألمانيا الوحيد، كما يفعل عبر حسابه على منصة إكس. أخذته نشوة اللحظة إلى دعوة "الألمان" إلى تجاوز "عقدة الحرب العالمية الثانية". فهمت نصيحته – التي حصدت تصفيقًا منقطع النظير- بحسبانها استهدافًا مباشرًا للهولوكوست، حرم السياسة الألمانية المقدس. تمنح زمرة الماغا أحزاب اليمين الأوروبية شهادة حسن سيرة وسلوك، وذلك هو التهديد الحقيقي الذي تراه أحزاب الوسط، لا ادعاءات فانس.
إعلانعلى المستويات الدنيا داخل جمهور حزب البديل ثمة "تطرف يميني، تلاعب بالتاريخ، وانعدام ثقة في النظام الديمقراطي"، كما لاحظت الصحفية جيسكا بيركا وهي تعدّ تقريرًا ميدانيًا لصالح "بي بي سي" عن شباب الحزب. إنكار المحرقة، مديح هتلر، وكراهية "أولئك الذين في الأعلى" هي المادة اليومية التي يتناولها شباب الحزب.
وبحسب فحص أجرته صحيفة دي تسايت الألمانية فإن أكثر من 80% من أعضاء الحزب الراديكالي لا يملكون شهادة ثانوية عامة. ثمة شعور واسع بالاستياء والخوف واللايقين، وبالنتيجة يندفع قطاع ممن فقدوا ثقتهم بالمؤسسة الديمقراطية وبكفاءة الدولة الليبرالية إلى الجماعة التي تنجح في استثمار استيائهم.
يدعي ساسة ألمانيا أن بلادهم تمثل آخر "مرج أخضر" للديمقراطية في العالم، وأن مؤسساتهم الديمقراطية محميّة بالعبرة التي تعلموها من التاريخ.
وهو اعتقادٌ لا يشاركهم فيه ترامب وماسك وفانس وبقية زمرة الماغا، ولا حتى القوى غير الليبرالية التي تجتاح القارة التائهة. وفيما يبدو فإن "زمرة الماغا" تحاول فرض نظام جديد على كل أوروبا يستهدف تفكيكها من الداخل، كقوة موحدة، من خلال سياسة "فرّق تسُد"، كما يذهب ستيف والت، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة هارفارد في مقال على مجلة فورن بوليسي.
من المحتمل أن تفتح التجربة الترامبية الباب على حقبة أميركية ممتدة من التطرف والانعزالية و"الرجولة" السياسية. يدرك الأوروبيون واقع هذا الاحتمال وخطورته، وأنه بات عليهم ألا يفكروا بما سيفعلونه كي يكسبوا رضا ترامب، بل بما عليهم أن يفعلوه ليتدبروا شأن قارتهم.
تحديات خطرة، خطورتها حقيقة على كل الأصعدة. ومن المثير أن الشعوب الأوروبية، أمام صدمة ترامب، قلّبت أوراقها ولم تجد من حيلة سوى حيلة الشرق الأوسط، التي لطالما كانت مثار سخرية: مقاطعة البضائع الأميركية. فقد قال استطلاع رأي في الأيام الماضية إن 60٪ من الألمان يرفضون شراء سيارات تسلا، التي يصنعها إيلون ماسك، وإن 60٪ من البريطانيين قالوا إنهم سيشترون سيارات كهربائية صينية. بنسبة أعلى من الأوروبيين، قال الكنديون إنهم لن يشتروا البضاعة الأميركية.
إعلانالأشياء تتداعى في العالم الغربي الذي لم يكف يومًا عن الزعم أن نموذجه في السياسة والثقافة يمثّل نهاية الكمال البشري.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline