هل يتجه الاحتلال لشن حرب على الضفة الغربية؟
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
سرايا - جاءت معركة «طوفان الأقصى» ردا على عدوان مستمر منذ 75 عاما، تداعياته الإجرامية راسخة في ذاكرة الشعب الفلسطيني منذ العام 1948 ومستجداته لا تكاد تنتهي أبدا، خصوصا الاعتداءات والاقتحامات الإجرامية للمسجد الأقصى وللكنائس المسيحية في القدس وأماكن مختلفة في الضفة الغربية.
الزائر للقدس يلاحظ بوضوح حجم الإجراءات العسكرية الإسرائيلية التي تحظر دخول المسجد الأقصى المبارك، حيث باتت الحركة في المدينة المقدسة محفوفة بالمخاطر، بالإضافة إلى منع آلاف المصلين من الوصول للأقصى، كما ظهر جليا خلال صلاة الجمعة الماضية حيث لم يتجاوز عددهم ألف مصل، علما أن ما لا يقل عن 50 ألفا من المصلين كانوا يؤدون الصلاة أسبوعيا في الأقصى.
ويبدو أن الاحتلال يستكمل مسوغات شن حرب على الضفة في موازاة العدوان على غزة، أو بعد الانتهاء منه، ويجب التنويه هنا أنه منذ السابع من تشرين الأول قامت سلطات الاحتلال بقتل 215 فلسطينيا وجرحت أكثر من 3 آلاف مواطن واعتقلت حوالي 2800 في الضفة، بالإضافة إلى قصف مناطق بأسلحة هجومية لم يستخدمها الاحتلال خصوصا في نابلس وجنين.
من جانبه، نبّه منسق الحملة الدولية للدفاع عن القدس الخبير في الشأن الفلسطيني الدكتور جودت مناع إلى «استمرار تسليح المستوطنين (800 ألف مستوطن) في الضفة، حيث تجاوز عدد ما أعلنت عنه سلطات الاحتلال أكثر من 30 ألف مستوطن، لافتا إلى التحريض العلني المستمر على الفلسطينيين بعبارات ذات دلالات إجرامية، كمحو البلدات وحرقها، وطرد مواطنين فلسطينيين من ممتلكاتهم وحقولهم الزراعية من قبل مستوطنين إرهابيين مسلحين بدعم من جيش الاحتلال وبمشاركته الفعلية لوجستيا وأمنيا».
وأضاف: إن «التعطيل المتعمد من قبل وزير المالية اليميني المتطرف لإيداع مستحقات مالية للسلطة الفلسطينية مترتبة على الاحتلال، واتخاذه قرارات بعدم تحويل مخصصات الشهداء والأسرى وتلك التي تقدمها السلطة لقطاع غزة بما في ذلك دعوته لاقتطاع قيمة (تعويضات) عن خسائر لحقت بجهات إسرائيلية خلال هجمات فلسطينية دفاعية في مواجهة إرهاب المستوطنين، يجب أن يعطي الضوء الأحمر، ليس للسلطة فحسب وإنما للأردن الذي يشارك فلسطين في حدود برية ومائية طويلة ولمصر أيضا، حيث تستمر حرب الإبادة والطرد الجماعي للفلسطينيين، والعدوان على الضفة وارد وفقا لخطط إسرائيلية معلنة».
وأشار إلى بروز تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تلمح للقيام بخطة عسكرية في الضفة تستند لمرجعيات دينية يهودية تحرض على شن حرب على أهل الضفة لـ «تحرير ما يسمى يهودا والسامرة» لإقامة كيان خاص للمستوطنين اليمنيين عليها، وهو ما يتطلب وفقا لكل من سموتريش وبن غفير طرد المواطنين الفلسطينيين وإبادتهم إن هم قاوموا هذه الخطة، ويمكن أن تكون الاقتحامات الإسرائيلية المعادية للشعب الفلسطيني يوميا والتي تتسع جغرافيا مع مرور الوقت، مؤشرا على ذلك.
وأوضح مناع أن كل الوقائع تتزامن مع إعلان الولايات المتحدة عزمها اتخاذ إجراءات عقابية ضد المستوطنين، ليس على الأرض الفلسطينية بل تتعلق بحظر دخولهم إلى أميركا، وهو ما صرح به الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل أيام، لافتا إلى تصريحات بايدن، التي حض بها حكومة الاحتلال لاتخاذ إجراءات قانونية ضد المستوطنين اليهود في الضفة، والتي تأتي في سياق المخاوف من تطور العدوان الإسرائيلي ضد الضفة خصوصا مع تزايد المحرضين الإسرائيليين لخوض حرب في الضفة تنهي الوجود الفلسطيني فيها توطئة لإقامة ما يسمى «إسرائيل الكبرى» وفقا لرؤية صهيونية ليست جديدة.
وبين أن هذه التصريحات تذكّر بأخرى لرئيس وزراء سلطة الاحتلال نتنياهو، الذي حذر من اعتراض الدول العربية لخطته في غزة، عندما قال: «سوف نضرب بقوة أية منطقة في الشرق الأوسط لتحقيق أهداف عمليتنا على غزة»، وبلغت هذه التصريحات ذروتها التحريضية عندما دعا وزير إسرائيلي لإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.
ودعا مناع للانتباه إلى أن هذه المخاوف تمتد لجبهات أخرى هي المناطق الفلسطينية المحتلة العام 1948 حيث الإجراءات العسكرية الإسرائيلية الصارمة التي حدت من حرية المواطنين الفلسطينيين فيها، وفي الجولان المحتل أيضا، أما لبنان فهو ليس بمعزل عما يجري خلال معركة «طوفان القدس».
وللإجابة على السؤال الشعبي على امتداد العالم العربي والإسلامي وهو كيف يمكن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة ومنع وصوله إلى نقطة اللاعودة في استقرار منطقة الشرق الأوسط.؟ أجاب مناع أن ذلك ممكن من خلال ثلاث جهات (السلطة، والأردن، ومصر) والتي تربطها علاقات تختلف عن غيرها من الدول العربية والإسلامية نظرا لتماس الحدود المباشر بفلسطين.
وأشار إلى أن «على الرئيس الفلسطيني اتخاذ قرارات شجاعة تعزز صمود الجبهة الداخلية وإسناد المقاومة، أما الأردن ومصر اللتان تدعمان مبادرات إنسانية صحية وغذائية للمنكوبين في غزة، فلا بد لهما من اتخاذ تدابير لمنع تهجير الشعب الفلسطيني نظرا لتماس حدودهما مع فلسطين»، وبالنظر للعلاقات الدولية والموازين العسكرية فإن أي تطور لإيصال المساعدات الإنسانية إلى ما يقارب 2.5 مليون فلسطيني في غزة يتطلب قرارا عربيا وإسلاميا ومن دول أجنبية تقف إلى جانب الفلسطينيين بوسائل أخرى، وذلك يتطلب دعما عربيا في نواح عديدة أبرزها مالي ودبلوماسي وأمني.
الرأي
إقرأ أيضاً : فيديوهات القسام .. بطولات بالصوت والصورة في أوج حرب الإبادةإقرأ أيضاً : 20 شهيدا بقصف الاحتلال مخيم النصيراتإقرأ أيضاً : انقطاع الاتصالات في مدينة غزة وشمال القطاع بعد استهداف عدد من الأبراج
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الشعب القدس المدينة الاحتلال الاحتلال الاحتلال نابلس القدس الاحتلال الاحتلال غزة فلسطين دينية الرئيس الاحتلال الاحتلال لبنان العالم غزة الرئيس الأردن الشعب غزة العالم فلسطين الأردن المدينة لبنان مدينة دينية نابلس الرأي بايدن القدس غزة الاحتلال الشعب الرئيس القطاع فی الضفة
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجومه الدموي على الشعب الفلسطيني قطاع غزة، يستمر المستوطنون في استهدافه بالضفة الغربية، وسط دعم الاحتلال وإسناد جيشه، الذي يغضّ طرفه عن آلاف الشهادات التي يقدمها فلسطينيون تعرضوا لعمليات عنف المستوطنين بشكل مباشر، ورغم توثيقها، وفتح آلاف ملفات التحقيق لدى الشرطة، لكنها كلها ذهبت هباءً وسط قرار من الحكومة برمّتها.
واستندا زئيف ستاهل٬ ونوعا كوهين٬ العاملان في منظمة "يش دين" الحقوقية، وهي منظمة إسرائيلية بمعنى "هناك قانون"٬ إلى قاعدة بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، المصدر الأكثر شمولاً للمعلومات حول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وإساءة معاملتهم، حيث تم توثيق 6 آلاف و285 اعتداء وقعت بين 2016-2023 في الضفة الغربية فقط، دون إحصاء عنفهم في القدس المحتلة التي بلغ عددها ألف و704 اعتداء، كأداة في خدمة الاستيطان في أحياء سلوان والشيخ جراح، وهناك ألف و613 اقتحام قام به مستوطنون لأراضي الفلسطينيين بزعم أنها جولات سياحية".
إحراق الأراضي وسرقة الممتلكات
وأضافا في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" إن "هذه الجولات والنزهات اسم احتيالي للممارسة الفاحشة والبلطجية المتمثلة باقتحام المستوطنين للقرى والبلدات الفلسطينية، وأراضيهم الزراعية الخاصة، بهدف مضايقتهم، وإيذائهم، وإتلاف الممتلكات والمحاصيل الزراعية، وإزالة أصحابها الشرعيين منها، وإقامة بؤر استيطانية فيها، أو إحداث دمار عام، وهذا نشاط مبادر ومنظم يعبر عن الشعور بالسيادة والتفوق اليهودي الذي يميز "فتيان التلال"، وهم من عتاة المستوطنين".
وضربا على ذلك العديد من الأمثلة، لكن أخطرها ما "شهده عام 2022، حين أجرى أبراهام شيمش، المرافق لمجموعة من "فتيان التلال" جولة في أرض عائلة حرب من قرية إسكاكا، وصلوا مزودين بالأدوات بهدف إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية ضمن فعاليات "أسبوع إقامة المستوطنات" التي تنظمها حركة "نحلة"، حيث هرع أهالي القرية للمكان، وطالبوا المستوطنين بمغادرة المكان، إلا أنهم تجاهلوهم، وواصلوا التقدم داخل الأراضي الخاصة، ورغم أن سكان القرية لم يكونوا مسلحين، إلا أن "شيمش" اقترب من علي حرب البالغ من العمر 27 عاماً، وطعنه بقوة في قلبه، حيث انهار على الفور، وتوفي".
وواصلا أن "شيمش أخفى السكين، وعاد لمنزله، دون اعتقاله من الشرطة المتواجدين في المكان، ولم يتم القبض عليه إلا في اليوم التالي، وبعد أن أنكر في البداية، اعترف لاحقا بالطعن، لكن ملف التحقيق تم إغلاقه بزعم عدم وجود أدلة كافية، وأنه تصرّف "دفاعا عن النفس"، وبالتالي فإن كل هذه الرحلات والجولات التي يقوم بها المستوطنون تنتهي بشكل مأساوي".
تواطؤ الجيش والشرطة
وأوضحا أن "هناك 2039 حادثة من عنف المستوطنين تتضمن الاعتداء أو إتلاف الممتلكات دون إصابة جسدية، لا يتم إدراجها في الإحصائيات بزعم أنها لم تسفر عن أذى جسدي، وكأن إشعال النار في المنازل، وحرق المحلات التجارية والسيارات، وتحطيم وسحق وكسر الممتلكات، وتخريب المباني، وسرقة الحيوانات، وإلحاق الضرر بأشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية، كلها لا تعتبر عنفاً استيطانياً، مع أننا أمام جرائم ينفذها المستوطنون بدوافع أيديولوجية كامنة وراءها بهدف إرهاب الفلسطينيين، ومنعهم من وصول أراضيهم ، سواء بسبب حظر عسكري، أو خوفًا من الجيش، وفي النهاية يتم طردهم من منازلهم".
وأشارا أن "جرائم المستوطنين وعدم متابعة الجهات الأمنية والقانونية لها ينطلق من فرضية عنصرية مفادها أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية، وليس لديهم الوسائل أو القدرة للدفاع عن أنفسهم، فليس لديهم مجموعات حراسة مسلحة، أو جنودا يحرسون المستوطنات ضد "الغزاة" غير المدعوين، ولا يُسمح لهم بحمل الأسلحة، أو إبعاد "المخربين" بأي وسيلة أخرى، لأن الفلسطيني الذي يحاول الدفاع عن نفسه أو عائلته أو ممتلكاته سيتم اعتقاله، واتهامه بالإرهاب في أفضل الأحوال، أو "العثور عليه ميتاً" في أسوأ الأحوال، وبالتالي يقفون عاجزين أمام حكومة والمستوطنين المسلحين والجيش".
تمهيد للضم
وأكدا أن "العديد من جرائم المستوطنين تنتهي بإتلاف ممتلكات الفلسطينيين، لأنهم يغزون قرية طواعية ، ويلحقون الضرر بممتلكاتهم، تنتهي بتدخل عنيف من جانب الجيش لصالحهم، وحتى قتل أو إصابة الفلسطينيين الذين سعوا لحمايتها، وهذا يعني أن بعض الحالات التي يتعرض فيها الفلسطينيون للإصابة بنيران الجنود ترتبط بعنف المستوطنين، التي بلغت وفق الإحصائيات اليومية بين كانون الثاني/ يناير 2016 ونيسان/أبريل 2023، قرابة ألف 104 اعتداءً عنيفاً على الفلسطينيين، شملت: الاعتداء والضرب وإطلاق النار وإلقاء الحجارة والتهديد، فضلاً عن الحرق العمد والسرقة وإتلاف المحاصيل الزراعية، وتدمير أنواع مختلفة من الممتلكات".
وكشفا أننا "التقينا بالعديد من الضحايا الفلسطينيين لجرائم المستوطنين، وجمعنا شهاداتهم حول ما حدث لهم، وساعدنا بتقديم الشكاوى للشرطة، لكن عددا كبيرا منهم، بنسبة 66%، تخلوا عن شكاواهم، لأن غالبيتهم العظمى لا تثق في الجهات القانونية، مما يسفر في النهاية عن استغلال الحكومة الإسرائيلية لجرائم المستوطنين في السيطرة على المزيد والمزيد من أراضي الفلسطينيين، وإفراغها بأكملها من وجودهم، وبناء البؤر الاستيطانية على طول وعرض الضفة الغربية لضمان السيطرة الأبدية والضم".