علي جمعة: المؤمن لا يدخل قلبه الوهن ولا الحزن بل يؤمن بالله ويرضى بقضائه
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
قال الدكتور علي جمهة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن ربنا سبحانه وتعالى يقول وهو يقرر أن هناك فرقاً بين الزمان وبين القضية ، وبين الأشخاص وبين القضية ، وبين المكان وبين القضية ، وبين الأحوال التي تتغير على الناس وبين القضية ، وأن القضية ثابتة لأنها دعوة إلى رب العالمين "لا إله إلا الله" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
ثانياً: أن هناك يوماً آخر، وأن الحياة الدنيا إنما هي معبر، نتائجها ليست نهائية، إنما النهاية عند ربنا بعد الحياة الدنيا والحساب والعقاب والثواب عند ربنا يوم القيامة، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }، يقول تعالى: {هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا} ... {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} جائز، {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} جائز.
فالقرآن حمل أوجه وكل ذلك جائز، يعني إن كنتم مؤمنين فلا تهنوا ولا تحزنوا، فالمؤمن الذي آمن بربه لا يدخل قلبه الوهن، ولا يدخل قلبه الحزن، بل هو يتسلى بربه، ويعلق قلبه بعرشه، ويؤمن به ويرضى بقضائه وقدره، ويثبت على الإيمان إلى أن يلقاه، أو {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فأنتم في علو… نعم المؤمن يعلو ولا ُيعلى عليه.
والنبي ﷺ يقول : (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ نعم، تتقلب الأيام والأحوال والقضية ثابتة: أنه لا إله إلا الله ، وأننا إليه راجعون، وأن الله لا يحب الظالمين، وأن الله مع المتقين، وأننا يجب علينا أن نتخذ ذلك دستوراً لنا حتى نحيا في هذه الحياة الدنيا على العزة والكرامة ثم ننقلب إلى ربنا فيدخلنا الجنة سبحانه وتعالى.
{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} ، {وَمَا مُحَمَّدٌ} ﷺ سيد الخلق، صخرة الكونين، خاتم الأنبياء والمرسلين، حبيب الرحمن، سيد الأكوان، { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} - أم أن القضية ثابتة عندكم – { أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} انظر إلى ختام الآية وإلى حكمتها، كأننا إذا فقدنا القائد الأعلى والحبيب الأتم الأكمل الإنسان الكامل ﷺ نُصاب بشيء من الحزن والاضطراب، ويُصاب بعضنا بشيء من الاعتراض، أما المؤمنون على حق فإنهم يقولون كما قال أبو بكر : "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" … لا إله إلا الله … " وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا " .. والله عزيز حكيم ؟! …بل {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، يعني ساعتها نقول : الحمد لله ونستمر في الجهاد.
إذا مات سيدنا محمدٌ ﷺ أو قتل، إنما ذلك بقضاء الله وقدره. {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ } مرة ثانية.
قد ينتصر الكفار - كما انتصروا في نهاية أحد - قد ينتصر الكفار ويرجعون فرحين إلى أهلهم ولكن، هم يريدون ثواب الدنيا وسيؤتيهم الله ثواب الدنيا ولكن الأمر معلق بالآخرة أيضاً، فالله تعالى لا يحب الظالمين المعتدين المحتلين الذين يريدون علواً في الأرض وبغياً، ولكنه سبحانه وتعالى يحب الصابرين المقاتلين الشهداء الذين تركوا هذه الحياة الدنيا بما فيها لمن فيها وذهبوا إلى ربهم سبحانه وتعالى مرفوعي الرأس في الدنيا على من لم يلحقوا بهم وفى الآخرة على العالمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحیاة الدنیا سبحانه وتعالى إ ن ک نت م م ؤ م ن ین
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الإيمان بالله أساس مشترك بين الأديان السماوية.. فيديو
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، على أهمية الإيمان بالله كأصل مشترك بين جميع الأديان السماوية.
وأضاف المفتي خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة صدى البلد، أن الرسالات السماوية تتفق في جوهرها على العديد من الأصول العقدية، في مقدمتها الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى.
وأوضح المفتي أن قضية الإيمان بالله كانت دائماً محور الرسالات السماوية بدءًا من النبي آدم وحتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن جميع الأنبياء كانوا يبدأون دعوتهم إلى قومهم بتوحيد الله، كما جاء على لسان العديد من الأنبياء مثل هود وصالح ولوط ونوح، الذين قالوا لقومهم: "اعبدوا الله ما لكم من إله غيره".
وأشار نظير عياد إلى أن هذه الدعوة للتوحيد موجودة في الكتب السماوية الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن الكريم ففي التوراة، نجد قول الله تعالى: "اسمع يا إسرائيل، أنا رب إلهك لا يكن لك إله غيري"، وفي الإنجيل وردت نفس الوصية على لسان سيدنا عيسى عليه السلام، حيث قال: "تحب الرب من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك، لا يكن لك إله غيري". أما في القرآن، فقد وردت العديد من الآيات التي تؤكد على وحدانية الله، مثل قوله تعالى: "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني".
وأكد المفتي أن هذه النصوص جميعها تشير إلى أن القاسم المشترك بين الأديان السماوية هو الإيمان بالله تعالى في ذاته وصفاته، موضحًا أن الكتب السماوية اتفقت على العديد من الصفات الإلهية، مثل الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤًا أحد، وكذلك وصف الله بالودود والغفور والمنتقم، وهي صفات تتكرر في القرآن الكريم.
وشدد الدكتور عياد على أن هذه الجوانب العقدية تشكل أساسًا قويًا ينبغي على المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب أن يبنوا عليها فهمهم للإله، وأن هذه الصفات تُعزز من إيمان الإنسان بالله وتجعله أكثر قدرة على التفاعل مع قضايا الحياة بشكل صحيح ومتوازن.