إسرائيل صارت عبئا مكلفا على أمريكا والغرب!
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
إسرائيل صارت عبئا مكلفا على أمريكا والغرب!
تصاعد الغضب الشعبي وفقدان الأمل وتعاطف وتضامن شعوب العرب والغرب والشرق والضغط لوقف شلالات الدم بمظاهرات عارمة وغاضبة ومنددة.
انفضح الفشل العسكري والأمني والاستخباراتي وترويج أكاذيب وفشل الاستخبارات الإسرائيلية باغتيال وأسر واعتقال قيادات الصف الأول لكتائب القسام.
تباين وخلافات بين أمريكا وإسرائيل حول ماذا تريد إسرائيل وما سيناريو اليوم التالي بعد السيطرة على غزة وهزيمة حماس؟ وحول الترتيبات ومن سيدير قطاع غزة؟
رغم ضغط أعضاء كونغرس والجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي على إدارة بايدن ما يشكل إحراجاً له، يتمسك بالاصطفاف وتبني سردية إسرائيل ويرفض وقف الحرب.
* * *
تتصاعد حصاد مجازر وجرائم حرب إسرائيل على غزة ودخول الحرب أسبوعها السابع، وارتفاع عدد الشهداء والمفقودين والمصابين لحوالي 45 ألفاً يعادل 2 بالمئة من سكان غزة، ثلثهم أطفال ونساء، وعرض الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي لمشاهد مؤلمة وصادمة عن هول جرائم الحرب والضحايا والجثث والأشلاء.
ومن الطبيعي تصاعد حالة الغضب الشعبي وفقدان الأمل وتعاطف وتضامن الشعوب العربية والشعوب في الغرب والشرق والضغط لوقف شلالات الدم بمظاهرات عارمة وغاضبة ومنددة.
وبرغم ضغط الكونغرس المتواصل على إدارة بايدن، ومن الجناح التقدمي في حزبه الديمقراطي ما يشكل إحراجاً له، يتمسك بالاصطفاف وتبني سردية إسرائيل ويرفض وقف الحرب.
فضح الفشل العسكري والأمني والاستخباراتي وترويج أكاذيب وفشل الاستخبارات الإسرائيلية باغتيال وأسر واعتقال قيادات الصف الأول لكتائب عزالدين القسام. وفشلت المنظومة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية الوصول إلى يحيى السنوار ومحمد ضيف القائد العسكري لكتائب القسام كما توعد وزير الدفاع، ولأبي عبيدة الناطق العسكري لكتائب القسام- الذي تحول لرمز ملهم للمقاومة والشباب.
ويشكل الفشل العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي بترويج تقييم خاطئ بوجود مخابئ ومركز قيادة وتحكم رئيسي لحماس تحت مبنى مجمع الشفاء الطبي- كبرى مستشفيات غزة ضربة موجعة وفشل استخباراتي، يُضاف لفشل توقع أكبر عملية عسكرية ضد كيان الاحتلال منذ حرب أكتوبر 1973.
خاصة وأن تبرير قصف واقتحام وإخلاء مجمع الشفاء كما روجت آلة إعلام الاحتلال بوجود مركز قيادة لحماس وربما محتجزين إسرائيليين تخفيهم حماس، لتفشل إسرائيل مجدداً برغم المسرحية المكشوفة بزرع أسلحة ومعدات عسكرية بطريقة مفضوحة.
ما تسبب بإحراج بالغ للحليف الأمريكي الذي تبنى الرواية الإسرائيلية بمن فيهم الرئيس بايدن ووزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني الأمريكي والناطق باسم مجلس الأمن الوطني، وكذب تقييم الاستخبارات الأمريكية بأن لدى حماس مركز قيادة وتحكم في أنفاق حفرت تحت مجمع الشفاء! لتكذب الدلائل ادعاءاتهم وتفضح فشلهم وتحرجهم لتبنيهم رواية الصهاينة!
كشفت شبكة أن بي سي الإخبارية الأمريكية في الأسبوع الماضي: مع تصاعد عدد ضحايا حرب إسرائيل على غزة واستمرار إسرائيل بتطبيق القبضة الحديدية ورفض الهدن الإنسانية ورفض نتنياهو إدخال وقود ودواء وماء وغذاء إلى غزة، وعدم اتخاذ الإجراءات المطلوبة لحماية المدنيين الفلسطينيين، وكررت إدارة بايدن طلبه تحت ضغط الغضب الشعبي الأمريكي ومن الجناح التقدمي في حزب بايدن الديمقراطي في الكونغرس ومن مسؤولين داخل إدارة ترامب بدأت أصواتهم ترتفع وتتساءل متى نوقف منح إسرائيل الضوء الأخضر لارتكاب المجازر وجرائم الحرب ضد المدنيين في غزة.
كما يبرز التباين بين إدارة الرئيس بايدن وإسرائيل حول النافذة التي منحتها إدارة بايدن لإسرائيل لإنهاء عملياتها العسكرية؟ وكان وزير الخارجية الإسرائيلي أشار إلى نافذة «أسبوعين» وبعد أن وبخه نتنياهو تراجع عنها!
لكن برز التباين واضحاً من تنبيه القادة العسكريين لنتنياهو وحكومة الحرب من حرب المدن المكلفة وقدم قادة عسكريون أمريكيون لإسرائيل نصائح بناء على تجارب القوات الأمريكية في حرب المدن في معركتي الفلوجة والموصل.
وهناك تباين وخلاف حول سيناريوهات بعد هزيمة حماس (وهذا مستبعد لم يسبق لجيش نظامي أن انتصر في حرب غير متناظرة كما هو الحال بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل وبين إسرائيل وحزب الله، وبين القوات الأمريكية وطالبان والقاعدة وداعش)!
كما يبرز التباين والخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول ماذا تريد إسرائيل وما هو سيناريو اليوم التالي بعد السيطرة على غزة ونهاية الحرب؟ وحول ترتيبات من سيدير قطاع غزة؟ خاصة بوجود تناقضات وتخبط من تصريحات نتنياهو حول البقاء في غزة لفترة لملء الفراغ، كما يلمح نتنياهو والرئيس الإسرائيلي في إعادة لاحتلال غزة.
أو في أضعف الأحوال استنساخ وتطبيق إسرائيل نموذج الضفة الغربية على غزة باقتحامات واعتقالات واغتيالات أودت بحياة أكثر من 206 فلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء الحرب على غزة وقبلها 250 منذ مطلع العام، ويقترب عدد المعتقلين من 3000 ليرتفع عدد المعتقلين في سجون الاحتلال في الضفة الغربية لتسعة آلاف. وهذا يزيد حالة الغضب التي تقترب من تفجر انتفاضة ثالثة!
يضاف لذلك بلطجية وعنف المستوطنين الذين قتلوا وأصابوا 44 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ مطلع العام. وقد حذرت الخارجية الأمريكية والرئيس الفرنسي ماكرون من ارتفاع وتيرة ودوامة عنف المستوطنين بزيادة الاعتداءات والقتل ومصادرة الأراضي والتعدي على المزارع وحقول الزيتون وتدمير المنازل ومصادرتها، بحماية الشرطة والجيش!
وهناك الخطاب العنصري الفج والوقح والمستفز من مسؤولين ووزراء ونواب صهاينة. مثل اقتراح وزير التراث الذي اقترح إلقاء قنبلة نووية على غزة. ووصف وزير الدفاع غالاني الفلسطينيين بـ«الحيوانات» وأدعى مسؤول آخر لا يوجد أبرياء في غزة!! وقال نائب رئيس الكنيست (مجلس النواب) بكل عنصرية… «نحن إنسانيون أكثر من اللازم.. أحرقوا غزة الآن.. لا أقل من ذلك»!
بات واضحاً تحول الرئيس بايدن وإدارته لرهائن ابتزاز نتنياهو المحاصر والمنهارة شعبيته مع اليمين المتطرف الحاكم. وصار عبئاً مكلفاً على بايدن وإدارته وإرثه لأنه يقف في الجانب الخطأ من التاريخ. وأن رهان بايدن على نتنياهو هو رهان خاسر، خاصة أن أيام نتنياهو باتت معدودة.
وستشكل لجنة تحقيق تدين تقصير القيادتين السياسية والعسكرية وتقصيهما. وهناك فرصة إدانة نتنياهو في محاكمات جنائية بتهم فساد والتكسب غير المشروع. لكن قبل ذلك سينزف بايدن وإدارته وربما يدفعون الفاتورة الأكبر كلفة بخسارة الانتخابات الرئاسية العام المقبل!
*د. عبد الله خليفة الشايجي استاذ العلوم السياسية جامعة الكويت
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل الغرب ماكرون بايدن محمد ضيف يحيى السنوار عنف المستوطنين الخطاب العنصري قنبلة نووية الضفة الغربیة إدارة بایدن على غزة
إقرأ أيضاً:
خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
إدارة جو بايدن الرّاحلة قريباً في «حيص بيص» من أمرها، فبعد تبنّي سياسة تقديم كلّ الدعم اللازم، شاركت دولة الاحتلال أهداف حربها وتحمّلت ما حمّلته للولايات المتحدة من أعباء، وخسائر وفشل وعزلة، تحاول أن تستثمر ما تبقّى لها من وقتٍ للفوز بادّعاء أنّها صاحبة الفضل في إتمام صفقة تبادل الأسرى، ووقف الحرب.
لا بدّ أنّها رفعت في وجه بنيامين نتنياهو بطاقة خطيرة لم تخطر على بال الأخير، الذي كان يفضّل الاستمرار في الحرب العدوانية على قطاع إلى ما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.
وتزداد أزمة نتنياهو مع اتفاق بايدن وترامب، على ضرورة إتمام الصفقة، ووقف الحرب، والتي وضع لها ترامب سقفاً زمنياً لا يتجاوز العشرين من كانون الثاني القادم.
تذكّرنا الورقة التي رفعها بايدن في وجه نتنياهو بما فعله الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما حين امتنع مندوب أميركا في مجلس الأمن عن التصويت على قرار عدم شرعية وضرورة وقف الاستيطان، ما سمح بتمرير القرار في سابقة غير معهودة.
بايدن يرفع ورقة تمرير الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن ربّما بالطريقة ذاتها، إذ ثبت أنّ نتنياهو المسؤول عن تعطيل التوصّل إلى صفقة التبادل.
أيّام قليلة صعبة تواجه نتنياهو، الذي قد يقع في مصيدة بايدن وربّما إنّ تجاوزها، فقد لا يتمكن من تجاوز مصيره ترامب.
كلّ المصادر بما في ذلك الإسرائيلية تتحدّث عن أن حركة «حماس» أبدت مرونة كبيرة، وأنّها باتت مستعدّة بشهادة الوسطاء، بل وتتحدّث عن احتمال توقيع الصفقة قبل نهاية العام الجاري.
أميركا أكثر من يعلم أنّ نتنياهو هو الذي يشكّل العقبة أمام التقدّم نحو إتمام الصفقة وأنه يخترع المزيد من التفاصيل والشروط لتأخير ذلك، ويستغل كل دقيقة لإنجاز «خطة الجنرالات» في شمال القطاع، وتدفيع الفلسطينيين أكبر ثمن ممكن قبل التوقّف الاضطراري.
على أنّ التصريحات التي يدلي بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تنطوي على اعترافات متناقضة، فهو يكرّر رفض بلاده احتلال الدولة العبرية لقطاع غزة، وكان بإمكان إدارته أن تمنع ذلك، وأن ترغمها على وقف الإبادة الجماعية والتجويع التي ألحقت بها وأميركا مخاطر وخسائر ذات أبعاد إستراتيجية.
حين يقول بلينكن إنّ احتلال القطاع سيؤدّي إلى استمرار «حماس» في القتال، فإنّه يعترف بفشل دولة الاحتلال في سحق المقاومة وإنهاء حكم «حماس»، كما جاء في تصريح سابق أعلن خلاله أنّ دولة الاحتلال تمكّنت من إنهاء «حماس» مقاومةً وحكماً.
هو اعتراف بالفشل، ومحاولة بيع نتنياهو وهم تحقيق الانتصار، وأنّ الاستمرار في الحرب واحتلال القطاع لأجلٍ غير مسمّى لا يخدمان مصلحة دولة الاحتلال.
من الواضح أنّ نتنياهو يحاول، قبل أن يقفل ملفّ القطاع، أن يفتح المجال أمام إمكانية متابعة حربه العدوانية في مناطق أخرى، والذرائع إن لم تكن متوفّرة، فهو قادر على اختلاقها.
في الطريق إلى فتح جبهة إيران، صعّدت دولة الاحتلال اعتداءاتها على اليمن، حيث قامت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية بإلقاء أكثر من 60 قنبلة على منشآت مدنية وعسكرية يمنية.
وبالتزامن، قامت الطائرات الحربية الأميركية باستهداف منشآت يمنية تكمل ما قامت به الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتتحدّث المصادر الأميركية عن مواصلة العمل، وتجنيد أطراف أخرى للمشاركة.
دولة الاحتلال الرسمية تتحدّث عن تنسيق مع أميركا لمواصلة استهداف منشآت حيوية عسكرية وأمنية في اليمن، ما يصل إلى حدّ فتح جبهة حرب جديدة على نحوٍ لا يشبه ما جرى خلال الأشهر السابقة من الحرب.
خلق هذا العدوان، الذي يتجّه نحو التصعيد، حالةً من ردّ الفعل القوي والعنيد لدى اليمنيين، الذين أكدّوا ثباتهم على موقف إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، وبالتزامن مع وصول الطائرات المعتدية إلى اليمن أطلق «الحوثيون» صاروخاً على يافا، لم تتمكّن كلّ أنواع الدفاعات الجوّية الإسرائيلية من اعتراضه، بالإضافة إلى عديد المسيّرات التي وصلت إلى أهدافها.
ما تعرّض له اليمن من عدوان إسرائيلي ينطوي على أكثر من رسالة، فهو يحمل معنى «البروفة»، لما قد تتعرّض له إيران، ومحاولة رفع معنويات الإسرائيليين، الذين تدّعي حكومتهم الفاشية أن يدّ جيشها قادرة على الوصول إلى أبعد الأماكن دفاعاً عنهم.
وبالإضافة فإنّ الأمل يحدو نتنياهو بأن يواصل توجيه ضربات موجعة لليمن، لاستكمال فصل الجبهات بعد أن نجح في لبنان وسورية.
إن كان هذا الهدف واقعياً، فإنّ جبهة اليمن ستشهد تصعيداً كبيراً خلال الأيام المقبلة، وأكثر مع اقتراب التوصّل إلى صفقة التبادل، حتى لا تكون هناك فجوة بين وقف الحرب العدوانية على غزّة والحاجة لاستمرارها في المنطقة.
وهذا، أيضاً، يعني أنّ ثمّة ما بعد اليمن، فعلى الطريق إلى إيران باعتبارها الهدف الأسمى لنتنياهو، قد يدفع نحو تأجيج الصراع مع المقاومة في العراق.
إدارتا أميركا، الراحلة والقادمة، إن كانتا تركّزان على وقف الحرب العدوانية على القطاع، فإنّهما لا تريان ضرراً من التصعيد، مع اليمن أو العراق، وحتى مع إيران.
ترامب يحتاج إلى ذلك، فكلّما كانت النيران في المنطقة أكثر اشتعالاً، فإنّ إنجازه بوقف وإطفاء تلك النيران سيكون أكثر أهمية وأكثر استثماراً، لوقف الحروب كما يريد ترامب أثمان ينبغي أن يدفعها أحد، والمرشّح في هذه الحالة هم العرب، الذين قد تتعرّض مصالحهم لأضرار بليغة، في حال تصعيد الحرب ضدها من قبل دولة الاحتلال وأميركا.
المنطقة إذاً مرشّحة لتطوّرات خطيرة خلال الشهر المتبّقي على دخول ترامب البيت الأبيض.
الأيام الفلسطينية