عربي21:
2025-04-22@12:51:36 GMT

عندما يُصاب «الغرب» بالمرض الإسرائيلي

تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT

الذي يراقب ما يقوله "الغرب" عن آفاق الحرب الدائرة في قطاع غزة، وعن مرحلة (ما بعد "حماس")، وعن القوى التي سيعهد إليها بإدارة القطاع بعد "انتهاء" هذه الحرب، يصاب بالدوار لكثرة ما هنالك من أفكار وتوقعات، ومن تمنّيات وطموحات، ومن برامج ومخططات!

فمرّة تتجه الأنظار إلى إدارة عربية، ومرّة عربية وإسلامية، ثم دولية "مطعّمة"، وصولاً إلى إدارة فلسطينية، تكون فيها السلطة الفلسطينية بعد "تشذيبها"، وصولاً إلى جهات فلسطينية من خارج السلطة، ومن خارج كل الفصائل، وخصوصاً بعض الجهات "التكنوقراطية" مطعّمة ببعض "الأوساط" الاجتماعية.



ينطلق كل هؤلاء من "التسليم" بالأهداف الإسرائيلية مسبقاً، واعتبار الوصول إلى مرحلة (ما بعد "حماس") وكأنه القدر المحتوم والبديهية التي لا تحتاج إلى أيّ برهان.

سنرى في سياق هذا المقال فيما إذا كانت كل هذه "الرؤى" ممكنة ومحتملة، أو مرجّحة، أو إذا كانت صعبة أو مستحيلة، وسنرى فيما إذا كان كل الأمر يتعلق بخداع أو وهم أم ماذا؟!

لكن دعونا الآن نحاول فهم المعنى والمغزى من الحديث عن مرحلة (ما بعد "حماس") من زاوية الدعم الذي تقدمه هذه "المقولة"، من رخصة مفتوحة للاحتلال في المضيّ قدماً في حرب الإبا§دة التي يشنها على القطاع.

الحديث عن هذه المرحلة من قبل "الغرب"، و"الانجرار" العربي لهذا الركن بالذات منها يعني أن مشكلة "الغرب" أساساً تكمن في كيفية الوصول، وفي الزمن المطلوب لهذا الوصول لتلك المرحلة بدرجات "أقل" من المذابح الجماعية، وبدرجات أفضل قليلاً من واقع حجم "المساعدات الإنسانية".
أقصد أن "الغرب" ما زال يرى أن عدم الوصول إلى تلك المرحلة سيعني أن إسرائيل قد فشلت، وسيعني أن "الغرب" كله قد فشل، وأنّ الثمن الذي سيدفعه "الغرب"، وستدفعه إسرائيل باهظ، وسيكون له من التأثير والتبعات ما يفوق قدرتهم على تصوّره وتحمّل نتائجه.

وفي ضوء ذلك كله، فإن الفرصة مفتوحة، والرخصة كذلك، وعلى أن يتم تحقيق الهدف بأسرع وقتٍ ممكن، وبأقل درجة ممكنة من المجازر الجماعية!

وبما أن تحقيق الهدف الإسرائيلي، هو نفس الهدف "الغربي"، وليس بعيداً عنه الموقف العربي في بعض حالاته على الأقل.. فإن "الغرب"، وحتى بعض العرب بعد أن "أكدوا" معارضتهم للتهجير الخارجي (حتى الآن)، فإنه وكما يبدو ليس لديهم مشكلة في التهجير "الداخلي"، من الشمال إلى الوسط، ومن الوسط إلى الجنوب، ومن الجنوب عودةً إلى الوسط، وربما إلى الشمال من جديد.. دون حماية، ودون مقوّمات الحياة بحدودها الدنيا من كل أدنى، ودون أي ضمانات للبقاء نفسه.

و"الغرب" وبعض العرب يعرفون جيداً أن الوصول إلى مرحلة (ما بعد "حماس") تحتاج إلى شهور وشهور، وتحتاج إلى احتلال فعلي لكل القطاع، وقد تحتاج إلى دخول كل بيت، أو إلى تدميره إذا "تعذّر" هذا الدخول.

وبالنتيجة فإنّ الحديث عن (مرحلة ما بعد "حماس")، والذي يبدو وكأنه من قبيل الترتيبات "السياسية" الضرورية لمرحلة ما بعد الحرب هو في الحقيقة جريمة من أخبث الجرائم وأقذرها، لأنّ الوصول إليها لن يكون ممكناً إلّا إذا وصل الأمر لمئات آلاف المشرّدين وعشرات الآلاف من الضحايا، وأضعافهم من الجرحى والمُعوّقين، وإلى مسح عشرات آلاف المساكن، وتدمير كل ما يمتّ للحياة بصلة في القطاع.
فهل تسير الأمور وفق التصوّر الأميركي و"الغربي" حتماً، أم أنّ هذا التصور بالذات هو أزمة إسرائيل في هذه الحرب، وأزمة "الغرب" الداعم لها، وأزمة بعض العرب فاقدي القدرة بالتمرّد عليها، أو الضغط لوقفها؟

إذا اتفقنا أن الحرب تطول وستطول، فإنّ على إسرائيل، وعلى الولايات المتحدة و"الغرب" كله أن يستعدّ لمرحلة قادمة من "التصدّع" في "حلف الإبادة الجماعية"، وعلى دولة الاحتلال أن تستعد لانهيارات سياسية واجتماعية واقتصادية لم تستعدّ لها، ولن يكون بمقدورها تحمّلها، وعلى "الغرب" أن يستعدّ لقيام حلف من الشعوب العربية والإسلامية، وشعوب العالم لن يقوى "الغرب" كله على إدارة ظهره لهذا الحلف، وقد لا يتمكّن من استكمال طريق "حلف الإبادة الجماعية" ويسقط ويتساقط على هذا الطريق.

وإذا اتفقنا أن حرب الإبادة الطويلة الأمد ستتمكّن من إضعاف المقاومة في القطاع إلى درجة الوصول إلى مشارف مرحلة (ما بعد "حماس") فإنّ الحرب ستنتقل موضوعياً ومنطقياً إلى جبهات أخرى، وأقلّها إلى الجبهة اللبنانية، لأن "حزب الله" لا يستطيع أن يسمح بالوصول إلى تلك "المشارف" دون أن يحاول منعها لأسباب معروفة، لعلّ أهمّها أنّ الحزب يعرف أنّ "حلف الإبادة الجماعية" يسعى، وسيسعى إلى محاولة إخضاع المنطقة، بدءاً من لبنان، ومن وجود "حزب الله" في لبنان مباشرة بعد "الانتهاء" من القطاع.

وإذا صحّ مثل هذا التقدير، وأظنّه صحيح، فإنّ الأمر لن يتوقف عند الساحة اللبنانية، وقد نصل إلى حرب إقليمية شاملة بسماتٍ دولية، ومؤشّرات عالمية عالية.

فهل فعلاً الطريق إلى مرحلة (ما بعد "حماس") نافذة ومفتوحة، وممهّدة حتى يصار إلى وضع "الترتيبات" السياسية للقطاع كما يطرح "الغرب"، وكما يردّد كالببّغاء خلف إسرائيل؟

هذا "الغرب" مصاب بالمرض الإسرائيلي منذ أن تحولت إسرائيل من خط الدفاع الأوّل عن مصالح هذا "الغرب" إلى ثكنةٍ عسكرية، بات "الغرب" مطالباً بالدفاع عنها، وحمايتها، مرّةً من نفسها، ومرّةً من الشعوب العربية، وفي المقدمة منها الشعب الفلسطيني الذي يقود مسيرة مقاومتها منذ أكثر من قرنٍ كامل من الكفاح التحرُّري.

بعض "الغرب"، وبعض العرب مصاب بأعراض هذا المرض، ولكنّ أميركا ومعظم "الغرب" تمكّن منهم المرض الإسرائيلي إلى درجة صعوبة الشفاء، وربما استحالته.

هبّ "الغرب" هبّة رجلٍ واحد، لأنّ إسرائيل لم تعد قادرة على الردع، ولم تعد قادرة على الانتصار، ولأنّ أيّ انتصارٍ لها سيعني مجرّد مرحلة إلى هزيمة أكبر، وربما إلى الهزيمة الكبرى.

هبّ "الغرب" ظنّاً منه أنّ إسرائيل إن سقطت الآن، فهي لن تقوم أبداً طالما أنّنا نتحدث عن مواجهة بحجم فصائل المقاومة في قطاع غزة، وظنّاً منه أنّ "الانتصار" الإسرائيلي هو حاجة حيوية على أعلى درجات الضرورة لـ"الغرب" كلّه، بل أكبر وأهمّ وأخطر من الحاجة لـ"الانتصار" في أوكرانيا، وبذلك فإنّ مؤشّرات هذه الاستماتة دفاعاً عن إسرائيل تعني أنّ هذا "الغرب" يعيش كوابيس الأُفول، وأنّ أمراض هذا "الغرب" الكبيرة مستعصية وباتت مزمنة وبعضها قاتل.

أليس أمام "الغرب" فرصة بديلة؟ فرصة الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وفرصة التعايش السلمي والآمن بدلاً من الحروب؟
ألا يوجد الآن ــ وقد أصبحت إسرائيل عبئاً ــ حلول غير الإبادة الجماعية؟
(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطينية الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة الوصول إلى بعض العرب ما بعد

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحضر لعملية توغل كبرى في غزة

كشفت تقارير عبرية الأحد أن الجيش الإسرائيلي يجهز لعملية توغل كبرى في قطاع غزة، تزامناً مع تعثر محادثات وقف إطلاق النار مع حركة حماس.
وأورد موقع «والا» العبري أن الخطة الإسرائيلية ستقوم على تقسيم مدينة غزة إلى قسمين وخسارة حركة «حماس» 50 % من أراضي القطاع وتتضمن أيضاً إنشاء مراكز توزيع المواد الغذائية مباشرة لسكان غزة من قبل شركات مدنية أمريكية بعيداً عن حماس.
وذكر التقرير أن الاجتياح الواسع سيتطلب تعبئة أعداد كبيرة من قوات الاحتياط الإسرائيلية وجلب القوات النظامية من جبهات أخرى مثل لبنان وسوريا والضفة الغربية، في ظل قناعات حكومة بنيامين نتنياهو أن الضغط العسكري على حماس سيساعد في إطلاق المزيد من الرهائن الباقين في القطاع.
وفي وقت سابق، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش إلى احتلال قطاع غزة بشكل كامل، بل والحكم العسكري من قبل إسرائيل، معتبراً أن هذا هو الطريق الأمثل لإعادة الرهائن، حيث يوجد حالياً 24 رهينة على قيد الحياة و35 جثة لمختطفين في قطاع غزة.
وفي السياق، قال نتنياهو: إن الحرب لن تتوقف «قبل تدمير حماس في غزة، وإعادة كل الرهائن وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديداً لإسرائيل»، في وقت توقفت محادثات تمديد الهدنة، وتعبير الوسطاء عن إحباطهم لبطء وتيرة المحادثات.

مقالات مشابهة

  • قيادي بحماس: وفد من الحركة غادر الدوحة متوجها إلى مصر
  • الكابينيت الإسرائيلي يناقش ملف غزة في ظل مقترح جديد هذه تفاصيله
  • إيران: الغرب يغض الطرف عن ترسانة إسرائيل النووية ونرفض التفاوض العلني
  • إدانة أردنية لمنع إسرائيل مسيحيي القدس من الوصول لكنيسة القيامة
  • العدو الإسرائيلي يواصل استهداف مخيمات قطاع غزة والمقاومة ترد بالمزيد من الكمائن
  • إسرائيل تحضر لعملية توغل كبرى في غزة
  • كان : الوسطاء يضغطون على إسرائيل لقبول عرض حماس
  • عاجل:- حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ترتفع إلى 51،201 شهيد و116،869 مصاب
  • العراق.. تسجيل ثاني حالة وفاة بسبب «الحمى النزفية» خلال 72 ساعة
  • حماس: استشهاد أحد عناصرنا المكلفين بتأمين المحتجز الإسرائيلي عيدان ألكسندر