سيناريوهات تحاكي اليوم الأول في غزة بعد الحرب
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
كتب جورج شاهين في"الجمهورية": على الرغم من استمرار العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف تدمير القطاع الصحي ويرتكب المجازر المتنقلة في قطاع غزة، فإنّ جزءاً من المفاوضات الجارية يتناول ما سيكون عليه "اليوم الأول" في غزة بعد الحرب. وهو ما عكسته مشاريع وصيغ متناقضة تحمل في مطاويها كثيراً من التعقيدات الدولية والإقليمية، كما في اسرائيل والأوساط الفلسطينية، وهو ما يعقّد الأمور في اتجاه الصيغة التي يمكن التفاهم على اعتمادها لمستقبل القطاع.
في انتظار تلك اللحظة التي يعلن فيها عن وقف للنار في قطاع غزة إيذاناً بوقف العدوان الذي شنّته اسرائيل وانتهاء الحرب الدائرة فيه، فإنّ مجموعة المبادرات والاتصالات الجارية على اكثر من مستوى في الاقليم والعالم تناولت حتى اليوم اكثر من مشروع واقتراح يحاكي مصير القطاع ما بعد الحرب، بالإضافة الى مجموعة الافكار الخاصة بالهدن الإنسانية وعمليات تبادل الأسرى الموجودين لدى "حماس" والمعتقلين في السجون الاسرائيلية. وهو ما سمّته الإدارة الاميركية في اول خططها المستقبلية "اليوم الأول" ما بعد الحرب، وأرفقته بالشروط الملحقة بالخطوة، بما فيها مجموعة اللاءات التي اطلقها وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن من مؤتمر "مجموعة الدول السبع" في اليابان مطلع الشهر الجاري والتي قالت بـ "لا للاحتلال الاسرائيلي الدائم للقطاع" و"لا لبقاء "حماس" فيه بعد الحرب" ولا "لضمّ القطاع الى الاراضي المحتلة" و"نعم للاحتفاظ به أرضاً فلسطينية".
وتأسيساً على ما تقدّم، فإنّ ما تسبّبت به عملية "طوفان الأقصى" من ترددات كبيرة ومفاجئة، قد شكّل مناسبة لإحياء كثير من المشاريع الاسرائيلية واليهودية المعدّة للقطاع، بما فيها تلك التي جُمّدت منذ عقود، وفي مراحل رافقت الحروب الاسرائيلية ـ العربية والفلسطينية، كما بالنسبة الى تلك التي يمكن تنفيذها بعد الحرب الحالية، إن استطاعت الحكومة الاسرائيلية الى ذلك سبيلاً. فليس كل ما تمنته الحكومة الحالية يمكن تنفيذه.
وفي مواجهة هذه المؤشرات، لا تنفك الديبلوماسية المكوكية التي تقودها الدول المعنية بالوضع في غزة، تعبّر عن مجموعة من السيناريوهات التي تتناول مستقبل القطاع، من دون إغفال تلك التي قالت بها السلطة الفلسطينية. مع الاعتراف بالمزاجية الاسرائيلية التي لم تعّبر صراحة عمّا تريده لمستقبله تحت عناوين أمنية واستراتيجية، بالنظر الى الفروقات الشاسعة بين ما هو مضمر منذ عقود، وتلك التي أطلقها اكثر من مسؤول تعبيراً عن الرؤية المختلفة بين المنظمات اليهودية المتشدّدة ومن يدّعون حرصهم على السلام مع الفلسطينيين، وما فيها من تناقضات ليس من السهل التمييز في ما بينها.
كل ذلك يجري في وقت تعدّدت المواقف الاسرائيلية منذ بدء الغزو البري، والتي تراوحت بين اقامة منطقة عازلة والإستقرار في الشمال حتى تأسيس نظام يضمن خلوه من الأسلحة، لتوفير أمن وسلامة الكيبوتزات في غلافه ما لم تتمكن القوى الغازية من إخلائه ونقل مواطنيه إلى الاراضي المصرية وسيناء تمهيداً لإخلاء الضفة ونقل سكانها إلى الاردن، بعدما اقترح وزير المال الاسرائيلي نقلهم إلى دولة ثالثة. وكلها مشاريع غير
- على المستوى العربي والاسلامي، فقد بُنيت التوقعات بالاضافة الى الثوابت التاريخية السابقة من مشروع الدولتين، على مقررات سلسلة القمم التي استضافتها الرياض، مضافة الى التهديدات المصرية بإجراءات غير متوقعة، كما بالنسبة الى الاردن واحتمال الوصول الى استخدام سلاح النفط في ضوء التفاهمات السعودية ـ الروسية التي أجرت تعديلات وُصفت بأنّها "تحذيرات اولية"، عندما قضت بخفض إنتاجها اليومي من النفط لرفع أسعاره، وربما وصلت الأمور الى تقنين تصدير دول الخليج لنفطها في اتجاه الأسواق العالمية وما يمكن ان تؤدي اليه من انعكاسات لا يتحمّلها العالم، بعد العقوبات المفروضة على روسيا وإيران.
- أما على المستوى الفلسطيني وهو الأكثر خطورة لما يمكن ان يؤدي اليه الإنقسام القائم بين "حماس" وزميلاتها في القطاع من جهة والسلطة الفلسطينية ومعها منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني من جهة اخرى، وخصوصاً بعدما استعادت الاخيرة هذه الصفة من مقررات مجموعة قمم الرياض، فيما لا تتجاهل الطروحات الاميركية التي قدّمها بلينكن للرئيس الفلسطيني محمود عباس حول دور السلطة في إدارة القطاع كمخرج يحدّد هويته ومستقبله. ولعلّ أخطر ما فيها عدم موافقة "حماس" على مبادئ تاريخية وأساسية كرّستها السلطة والمنظمة منذ "اتفاقية أوسلو" الى درجة تتناقض وايّاها. وكيف إن خرجت "حماس" من الحرب اقوى مما كانت عليه ولو من دون أسلحة، للمضي في مطالبتها بمشروع "الدولة الواحدة" التي تلغي السلطة الفلسطينية ومعها "الدولة اليهودية" وهو امر متعذّر ولا يقرّ به لا منطق ولا عقل، سوى إن وضع في خانة تجميد البحث في كثير مما هو مرسوم للقطاع. وإن حصل ذلك فإنّه يعني افتراقاً كبيراً بين دول "محور الممانعة" إن تبنت مشروع "الدولة الواحدة"، والعالم العربي والإسلامي الذي شارك في قمم الرياض، وإن كانت ايران من بينها فهي قادرة على التملّص من موافقتها على النتائج التي انتهت إليها لمجرد تبنّي ما تنادي به "قوى المقاومة" في فلسطين والمنطقة.
على هذه الخلفيات وبمعزل عن مجموعة السيناريوهات المتداولة، فإنّ ما هو متوقع قد يفيض عنها. فباب المفاجآت مفتوح على عدد آخر منها، وخصوصاً إن بقي الضوء الأخضر قائماً أمام آلة التدمير الإسرائيلية، ليصح قول وزير خارجية الاردن ايمن الصفدي الذي سأل أمام "منتدى حوار المنامة" الذي نظّمه "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية": "كيف يمكن لأحد أن يتحدث عن مستقبل غزة، ونحن لا نعرف أي غزة ستبقى بعد انتهاء الوضع الحالي؟".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بعد الحرب تلک التی ما فیها
إقرأ أيضاً:
«الصناعة» تُشكل لجنة لبحث تحديات هيئة الدواء.. خبراء: يعد القطاع أحد أهم الركائز التي تدعم منظومة الصحة والاقتصاد الوطني.. ونجاح المبادرة مرهون بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يمثل قطاع الدواء أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الصحي، حيث يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات المواطنين وضمان توفير الأدوية بأسعار مناسبة وجودة عالية ومع التحديات المتزايدة التي تواجه هذا القطاع في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة وفعالة لإزالة العقبات وتوفير بيئة مواتية للنمو والتطوير.
وفي هذا السياق، جاءت استجابة الحكومة، ممثلة في الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، للمطلب المقدم من شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، لتؤكد حرص الدولة على دعم الصناعات الدوائية والعمل على إيجاد حلول عملية للمشكلات التي تعترض طريقها ويأتي هذا التحرك يعكس استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز القطاع الصناعي ككل، وجعله أحد المحركات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة.
حيث استجاب الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، لمطلب الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بتشكيل لجنة تضم عددًا من المختصين، من بينهم الدكتور عوف، لدراسة التحديات التي تواجه قطاع الدواء والعمل على إزالة العقبات التي تعرقل تطوره.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن ناشد الدكتور علي عوف الحكومة، عبر بيان رسمي سابق، بضرورة الإسراع في تشكيل لجنة لمناقشة المشكلات التي يعاني منها قطاع الدواء وأشار في بيانه إلى أهمية هذا القطاع الذي يضم أكثر من 2000 شركة ومصنع وموزع، تمثل كيانًا كبيرًا يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلي.
وقد عبرت شعبة الأدوية عن امتنانها لهذه الاستجابة السريعة من الحكومة، حيث أرسلت برقية شكر وتقدير إلى الفريق كامل الوزير وأشادت بالاجتماعات الدورية التي يعقدها الوزير مع المستثمرين لبحث مشكلاتهم والعمل على حلها بفعالية، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الدولة لتعزيز القطاع الصناعي ووضعه ضمن أولويات التنمية.
وأكد الدكتور علي عوف أن تشكيل اللجنة يُعد تطورًا إيجابيًا يعكس اهتمام الحكومة بقطاع الدواء، الذي شهد تحديات كبيرة في الفترة الأخيرة. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير الصناعات الدوائية بما يدعم تحقيق الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الواردات.
استجابة وزير الصناعةوفي هذا السياق يقول محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء، يعتبر قطاع الدواء أحد الركائز الأساسية التي تدعم منظومة الصحة العامة والاقتصاد الوطني ومع تنامي التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي، جاء قرار وزير الصناعة بتشكيل لجنة مختصة بالتعاون مع شعبة الأدوية خطوة هامة لمعالجة الأزمات وتعزيز مكانة الصناعة الدوائية.
وأضاف فؤاد، أن استجابة وزير الصناعة لمطالب شعبة الأدوية التي تتعلق بتحديات تواجه القطاع، مثل نقص المواد الخام وغيرها مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتغيرات التنظيمية خطوة جيدة لدعم القطاع من خلال تبني سياسات تسهم في تخفيف الأعباء على الشركات المصنعة، وتعزيز قدرتها على المنافسة محليًا ودوليًا.
تشكيل لجنة مختصةوفي نفس السياق يقول محمود علي طبيب صيدلي، أن الإعلان عن تشكيل لجنة متخصصة تضم ممثلين عن شعبة الأدوية، وخبراء في الصناعة، ومسؤولين حكوميين بداية الطريق الصحيح لضبط سوق الدواء وطالب علي اللجنة بدراسة المشكلات المطروحة ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ مثل تقييم العقبات التنظيمية والإدارية واقتراح سياسات لدعم المنتجين المحليين إلى جانب تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ووضع آليات لضمان توفير الأدوية بأسعار معقولة.
وأضاف «علي»، رغم أهمية هذه المبادرة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة حيث تحتاج الحكومة إلى توفير الدعم المالي والفني اللازم لضمان تحقيق النتائج بالإضافة إلى أن تشكيل لجنة لبحث تحديات قطاع الدواء خير دليل على الاهتمام الحكومي بصناعة الدواء، التي تعد دعامة أساسية للأمن الصحي والاقتصادي، موضحًا أن التنفيذ الفعال لتوصيات اللجنة، يمكن أن يشهد القطاع نقلة نوعية تسهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية وتحفيز الاستثمار في هذه الصناعة الحيوية.