عقب تهديد اليمن باستهداف وملاحقة سفن الكيان الصهيوني المجرم
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
شركات تجارية عالمية تلغي معاملاتها مع إسرائيل، خوفاً من قصف سفنها في البحر الأحمر شركات تجارية عالمية تلغي معاملاتها مع إسرائيل، خوفاً من قصف سفنها في البحر الأحمر شركات تأمينية تضاعف أسعار التأمين ١٠ أضعاف على نقل البضائع من وإلى إسرائيل 12% من صادرات إسرائيل ووارداتها تمرُّ عبر باب المندب وبقيمة تقدر بـ 15 مليار دولار سنويّاً أم الرشراش ” إيلات” أحد أسرار الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة لإسرائيل إعطاء الأولوية للطرق البديلة لتجنب المياه اليمنية، واختيار العبور الليلي لتقليل مخاطر التعرف البصري
.
الثورة / أحمد المالكي
تنبع أهميّة مضيق باب المندب من موقعه المتوسط بين الشرق والغرب، إذ يعتبر طريقاً تجاريّاً رئيسيّاً في العالم، ففي عام 2018م مثلاً عبرته أكثر من 21 ألف قطعة بحريّة ، أي ما يُشكّل 7 % من حركة الملاحة البحريّة العالميّة. أمّا بالنسبة للكيان الصهيوني ، فإنّ أهميته تكمن في كونه الممرّ المائيّ الوحيد الذي يربط دولة الاحتلال مع خطوط التجارة في آسيا وأفريقيا ، إذ تمرُّ 12 % من صادراتها ووارداتها عبر المضيق ، أي ما تقدّر قيمته بـ 15 مليار دولار سنويّاً.
ومنذ تأسيسها، تولي دولة الاحتلال اهتماماً مركزيّاً بأمنها البحري ، وبعد أن احتلت أمّ الرشراش، أقصى جنوب فلسطين، عام 1949، بنت فيها ميناء “إيلات” ليكون لها منفذاً نحو البحر الأحمر لاحقاً، وباتت “إسرائيل” تولي أهميةً مضاعفةً لأمر المضائق والممرّات البحريّة في المنطقة ، تحديداً بعد حرب أكتوبر عام 1973، عندما أغلق العربُ مضيقَ باب المندب في وجه الملاحة الإسرائيليّة، إذ انتبهت أنّ بإمكان العرب حصارها بحريّاً في أي معركة قادمة، وقطع الإمدادات النفطيّة وخطوط التجارة عنها، ما يكبدها خسائر كبيرة.
وشكّلت اتفاقية التطبيع مع الإمارات منفذاً مهماً لـ “إسرائيل” لتأمين موقعٍ استراتيجي في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ، والذي أثمر بتوقيع شركة موانئ “دبي العالمية”1 عام 2020 ثلاث مذكرات تفاهم مع شركة “دوفر تاور” الإسرائيلية، تضمن إحداها الحديث عن إنشاء خطٍّ ملاحيّ مباشرٍ بين ميناء “إيلات” وميناء جبل علي على ساحل الخليج العربي ، الأمر الذي يمنح “إسرائيل” تواجداً أكبر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن.
استراتيجية إسرائيلية
ووفق خبراء اقتصاد وجيوساسيين فقد بدأت الاستراتيجية الإسرائيلية حيال البحر الأحمر عام 1949م بعد تأسيس الوجود الإسرائيلي في خليج العقبة وبهدف الاتصال مع العالم الخارجي عن طريقه، ولتحقيق ذلك الهدف بدأ الكيان الصهيوني المحتل بتأسيس وجوده على البحر الأحمر بغية استخدامه لتحقيق مصالحه العسكرية والسياسية والاقتصادية.
ووفقا لخبراء جيوسياسيين واقتصاديين فإن منطقة القرن الأفريقي بالنسبة للكيان الغاصب تمثل خصائص اقتصادية وأمنية وعسكرية، فالاحتلال الإسرائيلي يطل على كل من البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ويسمح له بحُريّة الحركة غرباً في اتجاه الدول الأوروبية إلا أن البحر الذي يقع عليه ميناء إيلات “أم الرشراش” يعتبر المنفذ الرئيسي للكيان الغاصب جنوباً في اتجاه أفريقيا وآسيا وأستراليا، وهذا هو أحد أسرار الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة لإسرائيل، وكان من أهم خطوات الرؤية الاستراتيجية لفك عزلة الكيان الغاصب اختراق الوطن العربي من خلال السيطرة على البحر الأحمر ، حيث سعت إسرائيل خلال الفترة الماضية إلى تشكيل أوضاع جديدة في منطقة الشرق الأوسط بما يتلاءم مع مصالحها ، وينعكس بالضرورة على أمن البحر الأحمر حيث ترى إسرائيل في مشروع الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن أنها ستفتح الباب بكامله أمام التطبيع معها وإقامة شراكة عربية إسرائيلية وأفريقية.
أهمية حيوية
ويشكل البحر الأحمر -وفق خبراء اقتصاد- أهمية اقتصادية حيوية من خلال إسهامه بشكل كبير في دعم اقتصاديات الدول المتشاطئة عليه، كما لعب دوراً هاماً في حركة التجارة العالمية وخاصة النفط والغاز، وتزداد هذه الأهمية مع ظهور مفهوم الاقتصاد الأزرق الذي يمكن تعريفه على أنه الاستخدام المستدام للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات والنمو الاقتصادي وتحسين سبل المعيشة والوظائف وصحة النظام البيئي وفق الخبراء ، كما يعد البحر الأحمر من الناحية الاستراتيجية ممراً مهماً لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.
خاصرة استراتيجية
وتتخطى أهمية البحر الأحمر لدى إسرائيل البعد الأمني، واعتباره خاصرة استراتيجية لأمنها القومي، بل تقفز أهمية البحر باعتباره إقليما قد يشهد تطور العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدول الخليجية الطامحة لاستقطاب كبرى الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا الفائقة- وفق خبراء اقتصاد .
ارتفاع التأمين
وتؤكد تقارير اقتصادية ارتفاع تأمين الشحن البحري من وإلى إسرائيل إلى 10 أضعاف، بعد إعلان صنعاء المضي في استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر .
وقال خبراء لموقع Commercial Risk أن الشركات بحاجة إلى مضاعفة المخاطر السياسية في سلاسل التوريد الخاصة بها، حيث يهدد الصراع في الشرق الأوسط بتعطيل التجارة والشحن، وذلك بعد إعلان صنعاء إغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية.
وبحسب الموقع يعد كيان العدو الإسرائيلي موردًا مهمًا للسلع والخدمات المتخصصة للشركات الغربية في مجال المواد الكيميائية والأدوية والطاقة والتكنولوجيا، وفقًا لجيم ويتيكامب، الرئيس التنفيذي لشركة ريسكونكت، وهي شركة تقدم حلولاً متكاملة لإدارة المخاطر. وقال إن انقطاع إمدادات هذه المنتجات والخدمات المتخصصة يمكن أن يكون له “تأثير مفاجئ” على سلاسل التوريد.
وفي حديثه لموقع Commercial Risk ، قال ويتيكامب إن عدم اليقين بشأن صراع أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط قد يمثل مشكلة أكبر من التأثير المحلي الحالي للحرب .
وأضاف: “هناك فرق بين واقع تأثير الصراع على سلسلة التوريد واحتمال توسع المخاطر، وهنا يصبح الأمر صعبا.
وبحسب ويتيكامب فـإن “المخاطر الجيوسياسية تشغل أذهان الرؤساء التنفيذيين في الشركات الصناعية الكبرى ، وهم يحاولون الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التقلبات الجيوسياسية ، وأن الكثير من المؤسسات تعمل على زيادة استثماراتها في جميع المجالات لتحديد هذه المخاطر وتأثيرها بشكل أفضل، ووضع هذه التقييمات في عملية صنع القرار الاستراتيجي.
إنسداد
كما أنَّ تأثيرات المخاطر الجيوسياسية على سلاسل التوريد مباشرة، تتمثل في انسداد طرق التوريد ، والأضرار التي تلحق بمرافق الموردين ، والهجمات البحرية وفقًا لأوليفيا كولمان ، المستشار الرئيسي في شركة Verisk Maplecroft. لكن مخاطر سلسلة التوريد قد “تظهر أيضًا بشكل غير مباشر” مثل العقوبات التجارية أو زيادة التدقيق التنظيمي، مما قد يزيد العبء على شركات التوريد. وقال كولمان لموقع Commercial Risk «: بالنظر إلى الصراعات الأخيرة، فإن فهم تعرض سلاسل التوريد للمخاطر الجيوسياسية، بدءًا من الصراع والتوترات بين الدول إلى عدم استقرار النظام، يعد جزءًا لا يتجزأ من تطوير استراتيجيات التوريد المرنة” .
أكثر حدة
وفقًا لتوربيورن سولتفيدت، المحلل الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة فيريسك مابلكروفت، الذي قال إن التهديد الذي يتعرض له الشحن الدولي سيكون أكثر حدة في خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وذلك لأن “الحوثيين “ حسب وصفه في اليمن لديهم القدرة على استهداف السفن بالصواريخ والطائرات المسيرة في هذه المناطق.
وأوضح سولتفيدت أنه باعتباره رابطًا حيويًا بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، فإن تعطيل الشحن عبر مضيق باب المندب لا يمثل مجرد مصدر قلق لأسواق النفط بل أبعد من ذلك، إذ يعد المضيق نقطة تفتيش محتملة لسلاسل التوريد الزراعية، حيث يمر عبره أكثر من 50 مليون طن من المنتجات الزراعية كل عام.
تغيير المسار
وقال إن الشحن على نطاق أوسع يواجه أيضًا خطر ارتفاع التكاليف إذا أجبرت المخاوف الأمنية المتزايدة شركات الشحن على تغيير مسارها.
ويواجه الشحن من وإلى كيان العدو الإسرائيلي قفزة بمقدار عشرة أضعاف في أقساط مخاطر الحرب منذ اندلاعها وفقًا لرويترز، حيث تم إدراج إسرائيل في قائمة المناطق عالية الخطورة التي حددتها لجنة الحرب المشتركة في سوق لندن فيما يتعلق بحرب السفن والقرصنة والإرهاب والمخاطر ذات الصلة، ويجب على السفن التي تدخل المنطقة إبلاغ شركات التأمين وتخضع لعلاوة مخاطر الحرب الإضافية.
وقال كينير: “لقد ارتفعت أقساط التأمين على السفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وستظل مرتفعة طالما استمرت الأعمال العدائية في قطاع غزة” حسب قوله.
رسالة مشتركة
وعلى نفس الصعيد أصدرت منظمة بناء الأمن البحري الدولي (IMSC) وفرقة عمل التحالف سنتينل (CTF Sentinel) رسالة مشتركة تُعرب عن قلقهما المستمر بشأن زيادة مستوى التهديد على الشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر بالقرب من اليمن.
وأكدت الرسالة “في تذكير صارخ” أن التحديات المحدقة المتزايدة في المنطقة تتطلب تحركاً جاداً للحفاظ على مصالح الشحن، وتأتي الرسالة وسط تهديدات قوات صنعاء باستهداف السفن الإسرائيلية والداعمة لإسرائيل في البحر، على خلفية الحرب الراهنة.
وفي الرسالة ، قدمت لجنة الملاحة البحرية الدولية توصيات بشأن الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.
وشملت التوصيات إعطاء الأولوية للطرق البديلة لتجنب المياه اليمنية، واختيار العبور الليلي لتقليل مخاطر التعرف البصري، والإبلاغ بالتحركات مسبقاً، واستخدام الخطوط الساخنة المخصصة للإبلاغ عن الموقع ومكالمات الطوارئ، والحفاظ على مسار قابل للمناورة في مواجهة أي تهديد محدق.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة فی البحر الأحمر مضیق باب المندب سلاسل التورید الشرق الأوسط من وإلى
إقرأ أيضاً:
معهد واشنطن يدعو لدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي في اليمن والتنسيق مع الرياض وأبوظبي ..ودعم مجلس القيادة الرئاسي
حذّر تقرير صدر عن معهد واشنطن من أن حملات ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران لتعطيل حركة الشحن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تمثل تهديداً مباشراً لقدرة الولايات المتحدة على نشر قواتها بسرعة وتأمين إمداداتها في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.
ويطرح التقرير، الذي أعدّه العقيد جيمس إي. شيبرد، زميل معهد واشنطن للعام 2024-2025، حزمة من الحلول المتكاملة اللوجستية والعسكرية والدبلوماسية لمعالجة هذا الخطر.
وقال الكاتب، إنه "يجب جعل الحوثيين غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة. ويستلزم ذلك تصعيد الحملة الحالية بما يتجاوز الضربات الجوية الأمريكية"، مشددا على أنه من الضروري وجود تهديد موثوق من قبل القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين.
كما شدد على أنه وينبغي دعم مجلس القيادة الرئاسي، وهو كيان حكومي معترف به دولياً من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي أوجدتها الضربات الجوية الأمريكية.
خلفية
منذ مارس 2023 تصاعدت هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والعسكرية، مستفيدين من دعم إيران وتدريباتها، عبر إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسيّرة باتجاه الممر البحري الحيوي، والذي يمر عبره سنوياً نحو تريليون دولار من البضائع و30% من الحاويات العالمية.
ومن ابرز التوصيات السياسية التي دعا لها معهد واشنطن من أجل الحفاظ على الوصول اللوجستي إلى المنطقة، يجب على واشنطن وشركائها العسكريين اتباع نهج مزدوج يركز على أولاً، تلبية الاحتياجات الفورية من خلال الحلول العاجلة والضغط على الحوثيين، وثانياً، البحث عن حلول طويلة الأمد عبر استراتيجية قابلة للتطبيق لتحييد التهديد. وفيما يلي التوصيات التي تلبي كلا الاحتياجين:
مواصلة الضغط : يجب جعل الحوثيين غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة. ويستلزم ذلك تصعيد الحملة الحالية بما يتجاوز الضربات الجوية الأمريكية. ومن الضروري وجود تهديد موثوق من قبل القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين. وينبغي دعم مجلس القيادة الرئاسي، وهو كيان حكومي معترف به دولياً من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي أوجدتها الضربات الجوية الأمريكية.
تحويل التركيز نحو المنبع: يجب على إدارة ترامب السعي لردع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من خلال عرض تعزيز قدرات القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة مؤخراً. ويمثل النشر الأمامي لقاذفات "بي- 2" ودخول حاملة طائرات أخرى تهديداً كبيراً لكلا الخصمين - وهو تهديد يجب تسليط الضوء عليه في المفاوضات النووية الحالية مع طهران. فعلى سبيل المثال، يمكن للمسؤولين الأمريكيين مطالبة إيران بوقف جميع أشكال الدعم العسكري للحوثيين كأحد الشروط المسبقة للحصول على تخفيف العقوبات.
توسيع التعاون الأمني: يجب على واشنطن تسريع الجهود الدبلوماسية لحشد تحالف من الدول المستعدة للاستفادة من تأمين البحر الأحمر، بما في ذلك الشركاء الإقليميين مثل مصر، وإسرائيل، والأردن، والسعودية. وتُعد قوة "أسبيدس" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي -على الرغم من نقص الموارد - نقطة انطلاق جيدة لتمكين تقاسم الأعباء الدفاعية مع القوات الأمريكية.
استكشاف طرق بديلة: في حين أن تأمين البحر الأحمر وباب المندب يجب أن يبقى الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، يجب على الإدارة الأمريكية أيضاً تسريع الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة في الخدمات اللوجستية في ساحة العمليات وتطوير بدائل برية سريعة وفعالة من حيث التكلفة مثل "خط إمداد إقليمي" و/أو الممر البري بين الإمارات وإسرائيل.
ومن خلال هذه التدابير وغيرها، يمكن للولايات المتحدة وضع استراتيجية شاملة ضرورية للمهمة طويلة الأمد المتمثلة في التصدي للتهديدات الحوثية والإيرانية للخدمات اللوجستية العسكرية والتجارة العالمية بشكل نهائي.
وفي الخامس عشر من آذار/مارس، أطلق الرئيس ترامب حملة عسكرية متواصلة ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، مستهدفاً كبار المسؤولين ومراكز القيادة ومستودعات الأسلحة والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد.
"يتمثل هدف الإدارة الأمريكية في استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث نفذ الحوثيون المدعومون من قبل إيران هجمات متفرقة على مدار سنوات قبل أن يصعدوا من استهدافهم للسفن التجارية والعسكرية مع بدء الحرب على غزة في عام 2023".
إن الدور الحاسم لهذا الممر المائي في التجارة العالمية معروف جيداً - فهو يسهل نقل بضائع بقيمة تريليون دولارسنوياً، إلى جانب 30% من حركة الحاويات في العالم.
ومع ذلك، يعمل هذا الممر أيضا بوصفه طريق عبور رئيسي للخدمات اللوجستية العسكرية المشحونة تجارياً، مما يتيح النشر السريع والفعال للقوات والموارد الأمريكية عبر مسارح عمليات متعددة.
ومن خلال تعطيل كل من هذين الدورين، تمثل هجمات الحوثيين تحدياً مباشراً لما وصفته الولايات المتحدة بأنه "مصلحة وطنية أساسية".
تحدي استراتيجي
ينبع بروز هذا التهديد من الاستراتيجية الأوسع نطاقاً التي تنتهجها إيران، والمتمثلة في تمكين وكلائها من حرمان خصومها من حرية المناورة في المنطقة. فقد تضمنت التعزيزات الضخمة التي قامت بها الولايات المتحدة وقوات التحالف في حملتي 1991 و2003 في العراق استخدام الموانئ في جميع أنحاء الخليج العربي.
ورداً على ذلك، طورت إيران استراتيجية متعددة الطبقات (A2AD)، اعتمدت فيها على الميليشيات الوكيلة، وأنظمة الضربات بعيدة المدى، والصواريخ أرض - جو، والقوات غير التقليدية، بهدف تقييد حرية الوصول إلى الخليج.
وفي اليمن، أتاح دعم طهران وتوجيهها للحوثيين إمكانية تهديد حركة المرور في البحر الأحمر والموانئ السعودية الرئيسية مثل جدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مما يعزز الهدف الإيراني المتمثل في عرقلة الطرق اللوجستية البديلة ويخدم مصالح الحوثيين أيضاً.
وتُعزى تكتيكات الجماعة - التي تشمل الضربات الدقيقة بالمسيرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية - إلى التدريب الإيراني والمعدات وغيرها من أشكال الدعم.
ورداً على هذا التهديد، واصلت السفن العسكرية المتحالفة عبور مضيق باب المندب، غير أن العديد من شركات الشحن التجارية اضطرت إلى سلوك مسار أكثر تكلفة من الناحية المالية والبيئية حول رأس الرجاء الصالح.
وبذلك، فإن قدرات الحوثيين تبطئ وتيرة الدعم اللوجيستي العسكري، مما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الجماعة قد نجحت فعليًّا في "تحييد" واشنطن وشركائها في البحر الأحمر بشكل فعال.
ومن أجل الحفاظ على العمليات القتالية المشتركة في زمن الحرب، تعتمد الولايات المتحدة على الشحن التجاري لنقل ما يصل إلى 80% من العتاد الدفاعي.
وإضافة إلى قدرات النقل البحري الخاصة بالجيش، يمكن لوزارة الدفاع الوصول إلى السفن المملوكة للقطاع الخاص أثناء الأزمات من خلال اتفاقية النقل البحري الطوعي متعدد الوسائط، مما يعزز مرونتها ويخفض التكاليف ويضمن الانتشار السريع في مسارح العمليات البعيدة.
ويتطلب هذا الاعتماد الكبير على النقل البحري التجاري خطوط إمداد آمنة لنقل الخدمات اللوجستية العسكرية دون عوائق خلال عمليات الطوارئ. غير أنه نظراً للموارد المحدودة للبحرية الأمريكية والتزاماتها الواسعة النطاق، لا يمكن حماية كل شحنة غير مسلحة بمرافقة عسكرية.
فضلاً عن ذلك، حتى السفن المرافقة تعرضت للهجوم من حين لآخر في البحر الأحمر، وإن كان ذلك دون جدوى. لذا، فإن التهديد البحري المستمر للحوثيين سيكون له تداعيات خطيرة على أي عمليات طوارئ تكون فيها الخدمات اللوجستية ذات أهمية قصوى.
وللإيضاح: إذا سلكت شحنة نفط من بحر العرب إلى روتردام، الطريق البديل حول رأس الرجاء الصالح، فستحتاج إلى ما يقدر بخمسة عشر يوماً إضافياً وما يصل إلى مليون دولار من الوقود الإضافي، وبالتالي، من المرجح أن تواجهه الشحنات اللوجستية في الاتجاه المعاكس تأخيرات مماثلة (انظر الرسم البياني).
وحتى إذا كانت شركات النقل التجاري مستعدة للمخاطرة لتفادي هذا التأخير بعبور البحر الأحمر، فإن التأمين ضد مخاطر الحرب قد يرفع التكاليف بنسبة تقارب 1 % من قيمة تأمين السفينة.
بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن زيادة وقت العبور حول أفريقيا ستجعل هذا الخيار غير عملي بالنسبة للسيناريوهات التي تتطلب حركة سريعة وآمنة للموارد العسكرية عبر مسارح عمليات واسعة.
أذ تتطلب الطبيعة العالمية للمنافسة بين القوى العظمى من البنتاغون نقل الأصول بين المناطق الأوروبية، والوسطى، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وحتى في الظروف الاعتيادية، سيكون استخدام باب المندب إلزامياً كلما أصبحت هذه التحولات ملحة.
ومن الجدير بالذكر أن النقل البحري هو وسيلة النقل الأكثر فعالية من حيث التكلفة المتاحة للخدمات اللوجستية العسكرية. أما النقل الجوي فهو أكثر تكلفة وأكثر طلباً، لكن البنتاغون سيستمر في استخدامه لإعادة التموضع الاستراتيجي الفوري للقدرات ذات القيمة العالية.
ويستعرض القسم التالي كيف يمكن للجيش الاستفادة بشكل أكبر من النقل البري كخيار ثالث.
خيار النقل البري؟
بالنظر إلى قدراتهم في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ، يمكن للحوثيين استهداف سفن الشحن في مختلف أنحاء البحر الأحمر وجزء كبير من بحر العرب وشمال المحيط الهندي، وذلك على الرغم من أن إصابة السفن المتحركةمن مسافة بعيدة تُعد مهمة صعبة.
وتكون السفن أكثر عرضةً للخطر أثناء تفريغ حمولتها في الموانئ، إلا أنه بمجرد نقل الشحنة إلى الشاحنات أو الطائرات أو غيرها من وسائل النقل داخل الميناء، تنخفض احتمالات اعتراضها.
وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل بالإضافة إلى باب المندب يمكن أن يساعد في التخفيف من التهديد الحوثي.
وتقترح شبكة النقل عبر البحر العربي (TAN)، التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إنشاء 300 مركز لوجستي يشمل المطارات، الموانئ البحرية، والمحاور البرية - في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية بهدف تنويع خيارات الشحن.
فعلى سبيل المثال، يمكن لبعض السفن أن تتجاوز المضيق وترسو في جدة، ثم تنقل حمولتها بعد ذلك جواً أو براً.
وكما ذُكر سابقاً، تقع جدة ضمن نطاق استهداف الحوثيين، غير أن إدخال هذا المسار وغيره من المسارات البديلة من شأنه أن يربك حسابات الجماعة ويوفر قدراً أكبر من المرونة في اتخاذ القرارات الأمريكية الرامية إلى تعزيز السلامة والجاهزية بشكل عام.
وقد تم اختبار نظام (TAN) ، إلا أنه لم يتم تفعيله بشكل كامل بعد. وتشير تجارب القيادة المركزية الأمريكية، التي بدأت عام 2015، إلى التوصل لنتائج واعدة، إلا أن التأخيرات الجمركية لا تزال قائمة بسبب عدم توحيد اللوائح، كما أن الاشتراطات المسبقة للتخليص الجمركي تُعيق الكفاءة.
من الناحية النظرية، يمكن أن يتعامل الممر الجمركي مع آلاف الأطنان يومياً إذا تم تفعيله بالكامل وتطبيق الاتفاقيات الجمركية كافة، مما قد يجعله منافساً لحجم التجارة اليومية عبر مضيق هرمز في الخليج العربي.
غير أن هذا الممر ما يزال مقيداً بمشكلات تتعلق بالمقاولين، وحدود الشحنات العسكرية، وضعف التكامل بين وسائل النقل، فضلاً عن أن جهود تحسين العمليات لم تكتمل.
ومن بين الخيارات المطروحة أيضاً الممر البري بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي، مروراً بالأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين، وصولاً إلى الإمارات، ليربط الخليج العربي مع تجاوز البحر الأحمر بالكامل.
وتنشط شركتا نقل - شركة "تراك نت" الإسرائيلية وشركة "بيور ترانس" الإماراتية - بالفعل على طول هذا الطريق، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي.
وقد جرى تجهيز هذا الممر حالياً لاستقبال ما يصل إلى 350 شاحنة يومياً، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز الممر الذي يعمل بكامل طاقته.
أياً كانت الخيارات التي تعتمدها واشنطن، فإن إيجاد بدائل متعددة ومرنة سيكون ضرورياً طالما ظل الشحن البحري تحت التهديد.
ومع المزيد من الاستثمار في الاستكشاف واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة، كتعزيز الدفاعات الجوية في موانئ التفريغ، يمكن لكل من ممر النقل البحري والممر الإماراتي الإسرائيلي تلبية هذه المتطلبات، ودعم عمليات النقل العسكري في مسرح الشرق الأوسط، وربما أيضاً تقليص أوقات التسليم إلى وجهات مثل الأردن، والكويت، والسعودية، والإمارات.
المصدر : معهد واشنطن