قراءات في زوال إسرائيل
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
د. سالم بن عبدالله العامري
الوصول للقمة إيذانٌ بالفساد والانهيار إذ "للدول أعمار كما للبشر"، هذه المقولة الخالدة قالها المفكر العربي عبد الرحمن بن خلدون قبل نحو 600 عام؛ حيث بيَّن في "نظرية العمران" أن المجتمعات البشرية إنما تسير وفق قوانين مضبوطة ومحددة، هذه القوانين تفتح المجال للتنبؤ بالمستقبل من حيث تطور الحضارات وانهيارها؛ فالعمران عند ابن خلدون كالإنسان الذي ما يكاد يصل إلى ذروة شبابه وقوته حتى يبدأ بالضعف والذبول.
زوال إسرائيل أمر حتمي لا يعتريه شك للخبر الصادق الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون". إسرائيل ليست استثناء في حركة التاريخ؛ بل انهيارها سيكون دراماتيكيًا بأسرع مما يتصور الكثيرون نتيجة ما يعانيه هذا الكيان من أزمات وصراعات داخلية مستعصية ومستمرة.
فما بين التنبؤات التوراتية والتلمودية، والتفاسير القرآنية، والتحليلات السياسية والاستخباراتية، واستقراء الأحداث للعلماء والمفكرين، والانقسام الداخلي غير المسبوق الذي ينهش في أروقة الكيان الصهيوني، نتطرقُ في هذا المقال لقراءات أشارت بما لا يدع مجال للشك عن زوال إسرائيل من الجغرافيا والوجود.
ففي دراسة مأخوذة من كتاب "زوال إسرائيل عام 2022، نبوءة أم صُدَف رقمية"، للأستاذ الفلسطيني بسام الجرار، الذي فسّر فيه النبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء، والمتعلقة بزوال إسرائيل من الأرض المقدّسة، بواسطة ما يسمى بالتفسير العددي؛ حيث أشار إلى أن السورة تتحدث في مطلعها عن نبوءة أنزلها الله تعالى في التوراة، وتنصّ هذه النبوءة على إفسادين لبني إسرائيل في الأرض المقدسة، فيكون ذلك عن علو واستكبار يقول سبحانه وتعالى: «وَءَاتَينا مُوسَى الكتابَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ أَلا تَتخذوا من دوني وَكيلا، ذُرّيةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إنّهُ كانَ عَبْدًَا شَكُورًا، وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنّ في الأرضِ مرّتين وَلَتَعْلُنّ عُلوًا كبيرا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا، ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا، إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا». أمّا الإفساد الأول فقد مضى قبل الإسلام؛ حيث وقع في منتصف القرن الأول قبل الميلاد من خلال صراع أبناء سليمان عليه السلام على السلطة، فعم الفساد مما دفع نبوخذ نصر الثاني عام 586 (ق.م) لشن حملة أدَّبَ فيها اليهود وقضى عليهم، وسُمي ذلك تاريخيًا بالسبي البابلي. وأمّا الثاني والأخير فإن المعطيات تقول إنه الدّولة التي قامت في فلسطين عام 1948م، فيتوقّع أن يكون عام 2022.
وقد أشارت بعض التقارير الاستخباراتية الأمريكية، وبعض ما نقلته الصحف الغربية ما يؤكد أنّ «إسرائيل» لن تكون موجودة في المستقبل القريب أي أنّه في عام 2022 لن تظل «إسرائيل» على خريطة العالم، وأنها لا يمكن أن تصمد أمام المؤيدين للفلسطينيين. ولعل ما يدعم تقارير هذه الأجهزة الأمنية والدراسات البحثية الغربية توقع مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين (رحمه الله) عام 1998 خلال لقاء تلفزيوني مع قناة الجزيرة ضمن برنامج «شاهد على العصر» تحدث الشيخ أحمد ياسين عن رؤيته لمستقبل دولة إسرائيل بعد خمسين عامًا من قيامها؛ حيث توقع أن تزول إسرائيل قبل حلول عام 2027.
ونشرت صحيفة "هآرتس" العبرية مقالًا للكاتب الصهيوني الشهير آري شبيت تحت عنوان "إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة"، يقول فيه "يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة"، فقد انتهى الأمر.. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس.
ومن المفكرين الذين يتوقعون نهاية قريبة لإسرائيل المفكر المصري عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية)؛ إذ يقول إن المقاومة الفلسطينية ستُنهك إسرائيل إلى أقصى حد، حتى وإن لم تتمكن من هزيمتها؛ مما سيجعلها مُرشَّحة للانهيار خلال بضعة عقود. ويضيف "في حروب التحرير لا يمكن هزيمة العدو وإنما إرهاقه حتى يُسَلِّم بالأمر الواقع"، مضيفًا أن المقاومة في فيتنام لم تهزم الجيش الأمريكي وإنما أرهقته لدرجة اليأس من تحقيق المخططات الأمريكية، وهو ما فعله المجاهدون الجزائريون على مدى ثماني سنوات في حرب تحرير بلدهم من الاستعمار الفرنسي".
وقد توقّع البعض من النخب في قيادات الصهاينة زوال كيان إسرائيل، وأعربوا عن قلقهم من أن إسرائيل قد تختفي من الوجود قبل الذكرى الثمانين لقيامها عام 1948م، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الذي أعلن في عيد العرش في نوفمبر عام 2017 أنه سيجتهد لأن تبلغ إسرائيل عيد ميلادها المائة لكن هذا ليس بديهيًا؛ فالتاريخ يعلمنا أنه لم تعمّر دولة للشعب اليهودي أكثر من ثمانين سنة وهي دولة الحشمونائيم.
وهو ما صرح به كذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت؛ حيث قال في 3 يونيو 2022: "نواجه جميعًا لحظة مصيرية، فقد تفككت إسرائيل مرتين في السابق بسبب الصراعات الداخلية، الأولى عندما كان عمرها 77 عامًا، والثانية 80 عامًا، ونعيش الآن حقبتنا الثالثة، ومع اقترابها من العقد الثامن، تصل إسرائيل لواحدة من أصعب لحظات الانحطاط التي عرفتها على الإطلاق".
كما أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في مقال له في جريدة «يديعوت أحرونوت» بتاريخ 7 مايو 2022، إلى قرب زوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، مستشهدًا في ذلك بـ«التاريخ اليهودي الذي يفيد بأنه لم تُعمَّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلّا في فترتين استثنائيتين، فترة الملك داوود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانتا بداية تفككهما في العقد الثامن، وإن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية هي الثالثة، على وشك دخول عقدها الثامن، وأخشى أن تنزل بها لعنته كما نزلت بسابقتها، ويلمح باراك إلى أن لعنة العقد الثامن قد تتحقق على يدي بن غفير وأمثاله».
وقد أعاد الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في خطاب مصور له بعد عملية طوفان الأقصى "لعنة العقد الثامن" للواجهة، خلال إشارته إليها بعد عملية طوفان الأقصى، حيث قال: "ولعنة العقد الثامن ستحل عليهم وليرجعوا إلى توراتهم وتلمودهم ليقرؤوا ذلك جيدا ولينتظروا أوان ذلتهم بفارغ الصبر".
وأن من أهم الأسباب للاعتقاد بزوال إسرائيل هو الانقسام الداخلي والكراهية المستعرة وانتشار الفساد وانهيار الاقتصاد داخل الكيان الصهيوني علاوة على انخفاض روح التضحية والقتال في صفوف جييش الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي تنمو فيه قوة المقاومة الفلسطينية وتزايد عمليات التنسيق والتعاون بين مختلف الفصائل الفلسطينية، كما يمكن اعتبار التغيرات الديمغرافية في إسرائيل عاملًا آخرَ يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في زوال إسرائيل، خصوصًا إذا استمرت معدلات النمو السكاني للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بمعدلات عالية، فقد يتغير التوازن الديموغرافي بشكل كبير مما يؤدي إلى تفوّق أعداد الفلسطينيين على الإسرائيليين مع مرور الزمن.
لا شك أن كيان إسرائيل زائل في النهاية طال الزمن أو قصر، فإن الوعد الإلهي قادم لا محالة كما بشَّرنا بذلك القرآن الكريم، وهذا وعد الله سبحانه وتعالى للمؤمنين المجاهدين، خصوصًا أن اسرائيل كيان قام على الظلم، والاغتصاب، وكل كيان يقوم على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار والانهيار، ولكن يجب أن يتبع ذلك ضرورة استيفاء شروط النصر من استعداد بكل ما أوتينا من قوة، ووحدة الصف، والرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه، وتطبيق شرع الله في إقامة العدل، ونبذ الظلم، ونصرة المظلوم وهو ما يشير إليه الشيخ محمد الغزالي في نظريته للتحرير؛ إذ يرى أن "تحرير القدس يكون بالدراسة لا بالحماسة وبعودة صادقة إلى الذات تجويدًا وقوة هذا هو القانون الوحيد للتحرير". ويضيف: "سيبقى العرب ينحدرون ما داموا يرفضون الإسلام تربية وثقافة وشريعة وفلسفة وشارة حياة ودعامة مجتمع" قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: زوال إسرائیل العقد الثامن
إقرأ أيضاً:
مسيّرة من لبنان تخترق الحدود صوب إسرائيل للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار
في تطور أمني غير مسبوق، منذ وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل على طرفي حدود جنوب لبنان، أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، اعتراض مُسيّرة لجمع المعلومات أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان، وذلك على وقْع تفجيرات ونسف منازل قام بها الجيش الإسرائيلي في 11 بلدة وقرية لا يزال يحتلها ويرفض عودة السكان إليها.
اقرأ ايضاًميتا تعتزم استثمار 65 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي خلال 2025وعلى الرغم من تكتّم «حزب الله»، وعدم تبنِّيه عملية إطلاق المسيّرة، أكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجسم الجوي يعود للحزب، إذ قال: «اعترض سلاح الجو مُسيّرة جمع معلومات لـ(حزب الله) جرى إطلاقها نحو الأراضي الإسرائيلية، حيث لم يجرِ تفعيل إنذارات، وفق السياسة المتبَعة».
وفي حين كرّر أدرعي تهديداته للبنان بالإشارة إلى «التحرك لإزالة كل تهديد على دولة إسرائيل ومواطنيها»، واصل الجيش الإسرائيلي عملياته في تفجير وتجريف القرى التي لم يخرج منها.
وأفادت مصادر ميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، بأن «القوات الإسرائيلة واصلت أعمال التجريف في حي المفيلحة بميس الجبل، وذلك مقابل نقطة تمركز مستحدَثة للجيش اللبناني». وفي سياق متصل، استهدفت مدفعية الاحتلال منطقة شعب القلب، في أطراف بلدة شبعا، بقذيفتين.
وقامت القوات الإسرائيلية بتدمير عدد من المحالّ التجارية والسيارات في بلدة برج الملوك، كما قامت بإحراق مزرعة لتربية الدواجن وتجميع البيض في منطقة تل النحاس، وأضرمت النيران في قصرٍ بأطراف بلدة طلوسة.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الثلاثاء، قد دعا الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي يرأس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار إلى الضغط على إسرائيل لتطبيق الاتفاق وفقاً للقانون الدولي.
* محاولات دخول متكررة
ويواصل أهالي الجنوب اللبناني، لليوم الخامس على التوالي، محاولة دخول قراهم وبلداتهم التي لا يزال يحتلها الجيش الإسرائيلي، بعد انتهاء المهلة المحددة بـ60 يوماً للانسحاب، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، في حين تُواصل قوات العدو وجودها في بعض المناطق الحدودية بجنوب لبنان، في خرق صريح للاتفاق.
* قتلى وأسرى
اقرأ ايضاًلا أسماء ولا حقائب وزارية.. تأخر إعلان الحكومة اللبنانية الجديدةإلى ذلك، تحدثت معلومات في وسائل إعلام محلية عن توثيق 7 أسرى لـ«حزب الله»، احتجزهم الجيش الإسرائيلي في معارك جنوب لبنان خلال الحرب، أحدهم جرى اقتياده من البترون في شمال لبنان، ضمن عملية كوماندوس بحرية، و6 آخرين في قريتين حدوديتين.
أما عن توثيق عدد القتلى منذ يوم الأحد الماضي، فقد ذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن القوات الإسرائيلية قتلت 24 شخصاً على الأقل، وأصابت 141 في جنوب لبنان، يومي الأحد والاثنين، في الوقت الذي كان آلاف الأشخاص فيه يحاولون العودة إلى منازلهم هناك، في تحدٍّ لأوامر الجيش الإسرائيلي.
ويواصل الجيش اللبناني الانتشار في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية، للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار. كما يتابع مواكبة المواطنين في البلدات الحدودية، كما يواصل العمل على تطبيق القرار 1701 وتنفيذ الإجراءات الميدانية الضرورية في عدة مواقع بمنطقة جنوب الليطاني. وقال، في بيان، الأربعاء، إن عملية الانتشار «تأتي وسط تمادي العدو الإسرائيلي في اعتداءاته، بما في ذلك إطلاق النار على الجيش والمواطنين أثناء الانتشار، إلى جانب الغارتين الأخيرتين على منطقة النبطية».
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند مسيّرة من لبنان تخترق الحدود صوب إسرائيل للمرة الأولى منذ "وقف إطلاق النار" مي العيدان: طليقة زوج أصالة نصري فائقة الجمال.. وتسي لـ نوال الزغبي عبارات لطيفة عن نهاية الأسبوع اتجاهات تنظيم الأعراس لعام 2025 الكشف عن تفاصيل الموسم الثاني من مسلسل MO Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter