باتت الدكتورة حنان عشراوى أبرز الشخصيات النسائية فى الوطن العربى، بل تخطى نضالها المألوف، بمخاطبتها العالم أجمع بصوتها الجهورى الصادح بالحق، شخصية وطنية وسياسية ونسوية فلسطينية رائدة، كما أنها تولت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى للسلطة الفلسطينية سابقاً.
منحت «عشراوى» القضية الفلسطينية الأولوية فى حياتها، إذ ظلت وما زالت تناضل من أجلها بالعلم والقلم، بما قدّمته من مؤلفات كثيرة، أبرزها «الأدب الفلسطينى المعاصر تحت الاحتلال»، و«القصة القصيرة فى الأرض المحتلة»، ومعظم أعمالها تُرجمت إلى الكثير من لغات العالم، تفضح من خلالها انتهاكات الاحتلال فى فلسطين.
أسهمت بشكل فاعل فى تطوير المجتمع المدنى الفلسطينى، وتعزيز حقوق الإنسان، وإيصال الصوت الفلسطينى إلى العالم، حيث إنها أديبة ومبدعة، تملك الكثير من المؤلفات والأعمال الأدبية.
وُلدت الأديبة المناضلة فى نابلس عام 1946 لعائلة مسيحية من رام الله، تلقت تعليمها فى مدارس الفرندز للبنات فى رام الله، ثم انتقلت إلى بيروت عام 1964 لدراسة الأدب الإنجليزى فى الجامعة الأمريكية، وانضمت إلى فرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين فى الجامعة، وأصبحت الناطقة باسمه، كما انضمت إلى فرع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وشاركت فى نشاط عدد من الجمعيات.
بعد حصولها على شهادة البكالوريوس والماجستير فى الأدب الإنجليزى من الجامعة الأمريكية فى بيروت، سافرت إلى الولايات المتحدة عام 1969، حيث التحقت بجامعة فيرجينيا لدراسة الدكتوراه فى الأدب المقارَن، وأدب العصور الوسطى، لكنها عادت إلى فلسطين عام 1973، قبل أن تُنهى أطروحة الدكتوراه.
بعد عودتها إلى فلسطين عملت فى جامعة بيرزيت، وفى عام 1987، انضمت «عشراوى» إلى اللجنة السياسية للانتفاضة الشعبية الأولى، ثم أصبحت ناطقة رسمية باسم الوفد الفلسطينى فى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وعضواً فى لجنته التوجيهية.
وانتُخبت لعضوية المجلس التشريعى الفلسطينى عام 1996، وتولت رئاسة اللجنة السياسية فيه، كما شغلت منصب وزيرة التعليم العالى والبحث العلمى بين عامى 1996 و1998، فضلاً عن انتخابها عضواً فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 2009، وترأست دائرة الثقافة والإعلام فيها.
تُعد الأديبة حنان عشراوى واحدة من أهم القامات المدنية والثقافية فى فلسطين والوطن العربى، إذ أسّست وترأست الكثير من الهيئات والمؤسسات، ونالت الكثير من الجوائز والأوسمة، منها: جائزة المرأة العربية المتميزة للتدخّل السياسى، وأولف بالم، وسيدنى للسلام، والمهاتما غاندى التى تقدمها منظمة «يونيسكو»، ووسام الاستحقاق الوطنى برتبة ضابط فرنسى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة الکثیر من
إقرأ أيضاً:
الرواية السودانية- رحلة تطور وتنوع في الأدب العربي والأفريقي
عند منتصف ليلة البارحة، بدأت حديثي مع أخي زهجان وبعض الاخوة والاخوات الكرام حول الرواية السودانية، وما تناوله النقاد من تفكيك وتحليل لأهم الكتابات والأقلام التي أثرت في هذا الفن الأدبي. لقد توصلوا إلى أن لدينا سبعة من أبرز كتّاب الرواية السودانية الذين يعتبرون الأهم في هذا المجال وهم: منصور الصويم، وبركة ساكن، وأمير تاج السر، وعماد البليك، وهشام آدم، وحامد الناظر، وحمور زيادة. على الرغم من أن هذه الأسماء تعد من أبرز المساهمين، إلا أن هناك أكثر من خمسة عشر كاتبًا آخر لهم إنتاج كبير مثل أحمد ضحية، وطارق الطيب، والمعز عبد المتعال، والسفير جمال محمد إبراهيم، وأشراقة مصطفى، وليلى أبو العلا.
ولقد أهداني صديقي موفق معلوف رواية أثارت إعجابي بشدة وهي باللغة الإنجليزية، من تأليف الكاتبة السودانية صفية الهيلو. الرواية تحمل عنوان Home Is Not a Country (2021)، وهي رواية شعرية تحكي قصة نيما، فتاة مراهقة تعيش في الولايات المتحدة مع والدتها المهاجرة من بلد عربي غير محدد. تتناول الرواية مواضيع الهوية والانتماء، وتعكس رحلة نيما في اكتشاف نفسها عبر لقاءها بياسمين، الفتاة التي كانت ستكون لو وُلدت من قبل والدتها. تُحاكي الرواية قضايا الحنين والفقد باستخدام أسلوب سردي يمزج بين الشعر والخيال والواقعية السحرية، مما يجعلها من الأعمال الأدبية المؤثرة والمليئة بالصور الشعرية الرائعة.
أما عن النقد الأدبي للرواية السودانية، فقد أشار العديد من النقاد إلى أن الرواية السودانية المعاصرة، التي ظهرت منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين، قد شهدت تطورًا ملحوظًا في الكم والنوعية. ففي الفترة بين 1948 و1989، تم نشر حوالي 90 رواية سودانية، بينما ازداد هذا العدد ليصل إلى حوالي 500 رواية من 1990 إلى 2020. وقد شهدت هذه الفترة تطورات هامة في الطرح الروائي، والتي تميزت بالتموضع الجدلي مع الواقع السوداني، وخاصة في ظل النظام الإسلامي الذي حكم السودان من 1989 إلى 2019، حيث فرض سياسات قمعية وأيديولوجية على الشعب السوداني.
كما استفاد الكتاب السودانيون من تقنيات السرد المختلفة مثل السيرة الذاتية والتاريخ والواقعية السحرية والتجريبية، مما أضاف بعدًا غنيًا لأعمالهم الأدبية. تركز الرواية السودانية أيضًا على الهمش والمهمشين، مثل النساء والأقليات والمهاجرين، حيث برز الصوت النسوي السردي الذي تحدى الوصاية الذكورية وسرد تجارب النساء السودانيات بكل جرأة. كما تم استخدام الشعر في السرد الروائي لإضفاء جماليات وعمق على النصوص.
البدايات والتطور في الرواية السودانية
تعود بدايات الرواية السودانية إلى الحكايات الشعبية السودانية التي كانت جزءًا من التراث الشفهي، ويُعد الطيب صالح من رواد الرواية السودانية الحديثة، حيث قدم روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" (1966)، التي اعتُبرت علامة فارقة في الأدب العربي. الرواية ناقشت العلاقة بين الشرق والغرب بأسلوب سردي محكم وواقعي، مما جعلها من أبرز الأعمال الأدبية العربية. ومن بعدها، ظهرت أسماء أخرى ساهمت في بناء الهوية الروائية السودانية، مثل إبراهيم إسحق الذي تناول الحياة في دارفور، وعبد العزيز بركة ساكن الذي كسر المحظورات الاجتماعية في أعماله.
اتجاهات الرواية السودانية
يمكن تصنيف الرواية السودانية إلى عدة تيارات رئيسية حسب الموضوعات والأسلوب:
الواقعية الاجتماعية والتاريخية: مثل روايات إبراهيم إسحق وحامد الناظر، اللتين تناولتا حياة المجتمعات السودانية المهمشة والنزوح والصراعات القبلية.
الرواية التجريبية والمسكوت عنه: مثل أعمال عبد العزيز بركة ساكن، التي تميزت بأسلوب سردي مكثف وصادم، كما في رواية "الجنقو مسامير الأرض"، التي تعرض معاناة المهمشين.
أدب الهوية والاغتراب: حيث كتب بعض الكتاب السودانيين بالإنجليزية لتسليط الضوء على قضايا الهوية السودانية في الشتات، مثل ليلى أبو العلا التي تناولت مسائل الهوية الثقافية والدين.
الواقعية السحرية والأسطورة: مثل أعمال منصور الصويم وطالب الطيب، التي مزجت بين الفانتازيا والواقع، لتسرد قصصًا تحمل دلالات ثقافية عميقة.
أبرز الأسماء في الرواية السودانية
هناك العديد من الكتاب الذين قدموا مساهمات هامة في هذا المجال، مثل أحمد الملك الذي يتميز بأسلوبه البسيط والعميق، وأبكر آدم إسماعيل الذي دمج النظريات السياسية في السرد، وعماد البليك الذي تناول قضايا فلسفية وتاريخية، بالإضافة إلى أسماء مثل جمال محجوب وآن الصافي ورانيا مأمون.
الرواية السودانية في الأدب العربي
على الرغم من أن الرواية السودانية لم تحظ بنفس الانتشار مثل الروايات المصرية أو المغاربية، إلا أنها أصبحت واحدة من أهم الفنون الأدبية في العالم العربي. حازت أعمال مثل شوق الدرويش والجنقو مسامير الأرض على جوائز مرموقة، وساهمت ترجمات أعمال الكتاب السودانيين في تعزيز حضور الرواية السودانية على المستوى العالمي.
تواصل الرواية السودانية اليوم تطورها ونضوجها، حيث تسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية مهمة، وتقدم أصواتًا جديدة ومختلفة تعكس تحولات المجتمع السوداني. ومع تزايد الاهتمام النقدي والإعلامي بها، من المتوقع أن تستمر في إثراء المشهد الأدبي العربي والعالمي
zuhair.osman@aol.com