المتولي طه يكتب: أين المثقفون العرب؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أين دور المثقفين والفنانين والمفكِّرين العرب، فى هذه الجائحة، الإبادة، والمذبحة الدموية؟ خصوصاً بعد أن أصبح واضحاً أن المشروع الغربى الصهيونى لم يُبقِ أى مساحة للتعاطى معه، أو مع مَن يقف خلفه من الدول الساحقة الماحقة؟ أو مع القوى السياسية العربية والأنظمة، التى باتت على مقاعد المتفرِّجين، بلا حولٍ ولا طول.
لقد تصدع دور المثقف العربى، إذ اعتبر الكثيرون أنهم «مستقلون» أمام ما يجرى، ولا علاقة عضوية بينهم وبين الأحداث المهولة الجارية! ما يجعل المثقف، بقصد أو بغير قصد، مُسخراً ومأجوراً للمؤسسة الرسمية، ويؤدّى دوراً تجميلياً لها! ويترك فراغاً جارحاً.
والغريب هذه الأثناء أن عدداً «مهماً» من المثقفين يتماهى ويتبنى ويقترب، حتى التوحّد، مع مقولات الغرب الاستشراقية والكاذبة والظالمة، بحثاً عن فُتات.. ما يجعل هذا المثقف فارغاً من مضمونه، ومغترباً عن جذوره، وقد ظن هؤلاء أن اعتراف الثقافة المهيمنة بهم سيحقق لهم الحضور! لكنهم يتناسون أن على المثقف أن يكون ضمير شعبه، والمعبر عن تطلعات وأحلام أمته، لأنه ليس مستقلاً أمام المجزرة، وسيفقد فحولته الأخلاقية، وسيسأله التاريخ.
وللأسف فإن معظم المثقفين والكُتَّاب والمفكِّرين يدورون حول أنفهسم، وإن امتلكوا وعى المعرفة فإنهم قد استخدموه تحت ظلال الترميز أو المجاز، أو تحت قوس التلطف، وانهاروا بكاءً وكآبةً أمام الموت المخيف، وكانوا موسميين، أو نزقين، وكتابتهم أقرب لردة الفعل.
وراح الكثير يثرثر فوق السطح، دون أن يتمكن من التقاط الجوهرة العميقة المُشعة، التى هى وقود المقاتل وعبقرية صموده ودافع تضحياته أمام أعتى الأسلحة.. بمعنى أن المثقفين لم يبحثوا فى الجذور التى أقامت هذه الغابة المقاومة، ولم يسألوا: كيف لهذا الفلسطينى أن يحقق كل هذا الثبات؟ وما مكونات رباطه وجسارته، واندفاعاته الأسطورية؟ ما عوامل ذلك؟ أما من «ثقافة» تقف خلف كل ذلك؟ فما هى؟
حتى الدور الثقافى الميدانى الشكلانى الشعبوى للمؤسسات والنقابات الأدبية والفنية والثقافية.. غاب!
أعتقد أن جانباً مهماً من هذا التدهور الثقافى يتعلق بأزمة «النص» أكثر مما يتصل بأزمة «الحرية» أو «التلقِّى الجماهيرى».. لأن النص الحقيقى الصادق المُعبر عن الناس.. يصل بألف طريقة وطريقة.
وثمة قلة من المثقفين مَنْ ظل مشاكساً جسوراً لا يوارب، ويواجه ويشير دون وجل إلى مواطن الخلل والتخلى.. لكنهم لم يشكلوا حالة فكرية قادرة على مواجهة تخريب الوعى الجمعى الممنهج الذى يستخدمه الغرب والاحتلال وأدواتهما.
إن الشهداء والجرحى ليسوا أرقاماً مجردة لا تقوى على البقاء ومسطحة، ولا نفاذ أو أثر لها! بل لكل منهم قصة وحياة عريضة، وذكريات وبيت وأحلام.. وفناؤهم هو نفى فاشى مبرم لكل ذلك، والأرقام تبهت مع الوقت ولا يتبقى منها شىء، لذا فإننا مطالبون بكتابة قصة كل شهيد بعينه.
إننى أتمنى على الدارسين اعتماد تسمية «أدب المذابح أو المجازر» لآلاف المجازر التى ارتكبتها الصهيونية بحقنا، وما كُتب عنها فى تاريخنا المعاصر، مثلما لدينا «أدب السجون» و«أدب المقاومة» و«أدب المنفى».. إلخ، وعلينا أن نُحصى كل حجر هدموه، وكل شلال دم وعرق، وكل صرخة مصوحة، وصاروخ أعمى، وكل نأمة وجنازة وذرة غبار، وكل جرح وحريق، وكل سيارة إسعاف بعثروها بمَن فيها، وكل اغتيال واستهداف مبيت، وكل مئذنة طوحتها الطائرات، وكل كلمة ندت من فم ثاكلٍ أو شيخ أو يتيم، وكل مشفى وجرسية ردموها، واسم مولود مات بعد وضعه بساعات، وكل أيام العتمة وساعات العطش، وسلسلة الغارات التى جعلت القطاع كربلاء ممتدة لا تنتهى، وكل تصريح مسموم أو مشبوه، أو إنسانى، وكل موقف يتفرج، أو مسيرة تتضامن، أو دولة انحازت للشيطان، أو مسئول، على قلّتهم، انتصروا لفلسطين، وكل إحصائية للضحايا والبيوت وأطنان القنابل المحرمة.. لا ينبغى أن ننسى، أو يفوتنا شىء.
باختصار إن ما يجرى من إبادة ما هو إلا محاولة صهيونية فاجرة لإلغاء نتائج الساعة الأولى مما حدث صبيحة يوم السابع من أكتوبر الماضى.
لقد حررت غزة العالم.. كما فتحت قضايا الظلم فى كل القارات، وكلامى عن غزة لا يحررها، لكنه يحررنى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: أرفض الكفاح السلبي !!
في حياتنا السياسية صور غير مرغوب في وجودها أو في إستطراد نموها في المجتمع، وهي سمة تقترب من الأمثال الشعبيه " مش عاجبه العجب ولا الصيام في رجب " !!
يتميز بها أغلبية من مثقفى الأمة، وتجدهم معك في مجال عملك سواء في الجامعة أو في النوادي أو في المنتديات أو من زملاء رحلة أو حتي بعض مجالسيك في المقهي، فهم غير راضون عن السياسات القائمة وغير راضون عن إسلوب كذا، وغير مقتنعين بأفكار فلان أوعلان وكثير من المناقشات التي تزداد سخونة خاصة لوكان هناك من يهتم بالمناقشة بإيجابيه ومحاولة الخروج من الجلسة بفكرة أو أقتراح أو منظور أخر يمكنه ( الناشط أو الإيجابي ) أن يفيد به أو يستفيد منه !!
ولكن تعلوا وتزداد المناقشات وتهبط وتهدأ وتنتهي إلي لا شيء !!
وهذا من وجهة نظري هو "كفاح سلبي" كما هو الموقف السلبي الذي تتخذه فئات كثيرة في المجتمع، بأن تمتنع عن المشاركة الإيجابية فنجد أن الأغلبية لا تحوز بطاقة إنتخابية ونجد أن الأغلبية العظمي أيضًاٍ حينما تدعي للإدلاء برأي في محفل رسمي، فلا تجد أحد منهم، ورغم أن كل مايتشدق به البعض من هؤلاء الصامتون إلا أن كلامهم ( كالزبد) لا جسم له ولا كيان!!.
ولعل ما ينطبق علي غالبية المثقفين المصريين ينطبق أيضًا على أنشطة سياسية إقليمية، فما ينطبق على الفرد ينطبق علي دولة في بعض الأحيان، فنجد مزايدات في وسائط الإعلام لبعض الدول، وممثليها سواء في المنتديات الدولية أو الأقليمية، وتشدق بالمثل العليا، وبأهمية الوحده وأهمية توحيد الكلمه أمام
هدف واحد وتطبيق ذلك عمليًا، إما ماديًا أو تصويتًا في محفل إقليمي أو دولي أو نبذ خلافات دفينة، سرعان ما تظهر حينما يتبدى الموقف أننا في إحتياج للمشاركة الفعلية، فنجد أيضًا ( الزبد ) اللاكيان اللاقوام !!.
وهذا أيضًا ينطبق علي أهم قضايانا الوطنية العربية، وهي قضية الوطن المسلوب "فلسطين"، فنسمع من بعض العواصم العربيه مايحلوا لنا سماعه والغناء به، ولكن تحت كل هذه الملاسنة الجميلة نجد ملاسنة سامه بين الجماعه نفسها بل هي منقسمة علي بعضها، وهي تحمل الخناجر لأطرافها تحت طيات الملابس، بل تقوم بتصفية أعضائها تصفيات جسديه واليوم بدأت فى توجه (حاقد وسافر) ضد (مصر) ونحن الدولة الوحيدة الباقية لهؤلاء الأغبياء مناصرين لهم!!.
ولعل أنهار من "الحقد والكراهية" تصيب التجمع المفترض فيه أنه واحد وأن أهدافه وأمله في الحياه هو التجمع وليس الفرقه، ولكن هذا هو الكفاح السلبي، ونحن نرفضه علي المستوي المحلي والمستوى الإقليمي والمستوي الدولي.
و الأحق بالإهتمام هو ذلك الشق المحلي الذي يجب أن ننتهي منه فورًا !!
خاصة فى مثل هذه الأيام التى نواجه فيها قوى ظلاميه مستترة فى وسط تجمعاتنا الشعبية، وتلتحف بالدين والعباءة واللحية، وأسماء لا أنزل الله بها من سلطان، وكلها رياء وكذب وإفتراء على دين الإسلام وعمل عباد الله والناس اجمعين..
مطلوب إعادة نظر فى كل هذه الأساليب البالية فى حياتنا اليومية !!
[email protected]