الوطن:
2025-03-09@21:41:35 GMT

المتولي طه يكتب: أين المثقفون العرب؟

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

المتولي طه يكتب: أين المثقفون العرب؟

أين دور المثقفين والفنانين والمفكِّرين العرب، فى هذه الجائحة، الإبادة، والمذبحة الدموية؟ خصوصاً بعد أن أصبح واضحاً أن المشروع الغربى الصهيونى لم يُبقِ أى مساحة للتعاطى معه، أو مع مَن يقف خلفه من الدول الساحقة الماحقة؟ أو مع القوى السياسية العربية والأنظمة، التى باتت على مقاعد المتفرِّجين، بلا حولٍ ولا طول.

. بل وتتماهى مع المخرجات التى تنتهجها الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية الوحشية الحاسمة، التى تميزت بقدرة تدميرية فائقة وحداثية على فَرْض الحقائق على الأرض، ووضع مسار حتمى ووحيد يحقق أهدافها وحدها، وللقضايا كلها!

لقد تصدع دور المثقف العربى، إذ اعتبر الكثيرون أنهم «مستقلون» أمام ما يجرى، ولا علاقة عضوية بينهم وبين الأحداث المهولة الجارية! ما يجعل المثقف، بقصد أو بغير قصد، مُسخراً ومأجوراً للمؤسسة الرسمية، ويؤدّى دوراً تجميلياً لها! ويترك فراغاً جارحاً.

والغريب هذه الأثناء أن عدداً «مهماً» من المثقفين يتماهى ويتبنى ويقترب، حتى التوحّد، مع مقولات الغرب الاستشراقية والكاذبة والظالمة، بحثاً عن فُتات.. ما يجعل هذا المثقف فارغاً من مضمونه، ومغترباً عن جذوره، وقد ظن هؤلاء أن اعتراف الثقافة المهيمنة بهم سيحقق لهم الحضور! لكنهم يتناسون أن على المثقف أن يكون ضمير شعبه، والمعبر عن تطلعات وأحلام أمته، لأنه ليس مستقلاً أمام المجزرة، وسيفقد فحولته الأخلاقية، وسيسأله التاريخ.

وللأسف فإن معظم المثقفين والكُتَّاب والمفكِّرين يدورون حول أنفهسم، وإن امتلكوا وعى المعرفة فإنهم قد استخدموه تحت ظلال الترميز أو المجاز، أو تحت قوس التلطف، وانهاروا بكاءً وكآبةً أمام الموت المخيف، وكانوا موسميين، أو نزقين، وكتابتهم أقرب لردة الفعل.

وراح الكثير يثرثر فوق السطح، دون أن يتمكن من التقاط الجوهرة العميقة المُشعة، التى هى وقود المقاتل وعبقرية صموده ودافع تضحياته أمام أعتى الأسلحة.. بمعنى أن المثقفين لم يبحثوا فى الجذور التى أقامت هذه الغابة المقاومة، ولم يسألوا: كيف لهذا الفلسطينى أن يحقق كل هذا الثبات؟ وما مكونات رباطه وجسارته، واندفاعاته الأسطورية؟ ما عوامل ذلك؟ أما من «ثقافة» تقف خلف كل ذلك؟ فما هى؟

حتى الدور الثقافى الميدانى الشكلانى الشعبوى للمؤسسات والنقابات الأدبية والفنية والثقافية.. غاب!

أعتقد أن جانباً مهماً من هذا التدهور الثقافى يتعلق بأزمة «النص» أكثر مما يتصل بأزمة «الحرية» أو «التلقِّى الجماهيرى».. لأن النص الحقيقى الصادق المُعبر عن الناس.. يصل بألف طريقة وطريقة.

وثمة قلة من المثقفين مَنْ ظل مشاكساً جسوراً لا يوارب، ويواجه ويشير دون وجل إلى مواطن الخلل والتخلى.. لكنهم لم يشكلوا حالة فكرية قادرة على مواجهة تخريب الوعى الجمعى الممنهج الذى يستخدمه الغرب والاحتلال وأدواتهما.

إن الشهداء والجرحى ليسوا أرقاماً مجردة لا تقوى على البقاء ومسطحة، ولا نفاذ أو أثر لها! بل لكل منهم قصة وحياة عريضة، وذكريات وبيت وأحلام.. وفناؤهم هو نفى فاشى مبرم لكل ذلك، والأرقام تبهت مع الوقت ولا يتبقى منها شىء، لذا فإننا مطالبون بكتابة قصة كل شهيد بعينه.

إننى أتمنى على الدارسين اعتماد تسمية «أدب المذابح أو المجازر» لآلاف المجازر التى ارتكبتها الصهيونية بحقنا، وما كُتب عنها فى تاريخنا المعاصر، مثلما لدينا «أدب السجون» و«أدب المقاومة» و«أدب المنفى».. إلخ، وعلينا أن نُحصى كل حجر هدموه، وكل شلال دم وعرق، وكل صرخة مصوحة، وصاروخ أعمى، وكل نأمة وجنازة وذرة غبار، وكل جرح وحريق، وكل سيارة إسعاف بعثروها بمَن فيها، وكل اغتيال واستهداف مبيت، وكل مئذنة طوحتها الطائرات، وكل كلمة ندت من فم ثاكلٍ أو شيخ أو يتيم، وكل مشفى وجرسية ردموها، واسم مولود مات بعد وضعه بساعات، وكل أيام العتمة وساعات العطش، وسلسلة الغارات التى جعلت القطاع كربلاء ممتدة لا تنتهى، وكل تصريح مسموم أو مشبوه، أو إنسانى، وكل موقف يتفرج، أو مسيرة تتضامن، أو دولة انحازت للشيطان، أو مسئول، على قلّتهم، انتصروا لفلسطين، وكل إحصائية للضحايا والبيوت وأطنان القنابل المحرمة.. لا ينبغى أن ننسى، أو يفوتنا شىء.

باختصار إن ما يجرى من إبادة ما هو إلا محاولة صهيونية فاجرة لإلغاء نتائج الساعة الأولى مما حدث صبيحة يوم السابع من أكتوبر الماضى.

لقد حررت غزة العالم.. كما فتحت قضايا الظلم فى كل القارات، وكلامى عن غزة لا يحررها، لكنه يحررنى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة

إقرأ أيضاً:

أحمد نجم يكتب: في ذكرى استشهاد الجنرال الذهبي

يحمل شهر مارس وخاصة اليوم التاسع منه ذكري عزيزة لإحدي ملامح الوطنية المصرية التي برزت معالمها في التاريخ العسكري لتكون أضواء أنارت طريق التحرر من العدوان الإسرائيلي الغاشم علي مصر و إحتلاله جزء من ترابها المقدس.

 كانت خيوط المؤامرة علي مصر عقب العدوان الثلاثي قد بدت تأخذ محاور تنفيذ السيطرة و القضاء علي مصر وخاصة بعد بناء السد العالي وسيطرة مصر علي قناة السويس و التصدي للهجمات البربرية للصهيونية ، وكانت القيادة المصرية برئاسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تعي تماما تلك المخططات وتمهد لتكوين تعاون عربي مشترك ،

 وعندما حل  مايو 1967 حضر ملك الأردن الراحل الملك حسين لمصر لكي يتم توقيع  إتفاقية الدفاع المشترك وتم تعيين الفريق أول عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان نظرأ لتاريخه النضالي المشرف ويقوم بتشكيل مركز قيادة عربية في عمان و أصبح قائد عام للجبهة الأردنية .

وعقب نكسه 1967بدأت القيادة المصرية علي الفور إعادة تشكيل وتنظيم قدرتها العسكرية وتم استدعائه ليتولي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة وبدأ في شحن معنويات الجنود بزياراته المتكررة لخطوط المواجهه و التواجد بين القوات المسلحة وكانت العمليات الصغيرة التي قام بها الجيش المصري ضد العدو الصهيوامريكي دافعأ وحافزا  لإستعادة الثقة مرة أخري بالإضافه لوجوده الدائم بين جنوده في تلك المعارك  . 

 بالفعل تحققت  إنتصارات عسكرية بارزة ضد العدو كانت من أهمها معركة رأس العش التي منعت فيها قوة عسكرية محدوده من سلاح المشاه سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد الواقعة على قناة السويس و تم تنفيذ عملية وطنية كبيرة بتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في أكتوبر 1967 بخلاف تدمير بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية و تدمير حوالي 50 % من تحصينات العدو الإسرائيلي لخط بارليف

كان رئيس الأركان دائم التواجد على الجبهة لمتابعة حالة الجنود و متابعة التدريب علي تنفيذ خطة كاملة لتدمير خط بارليف وقام بزيارة موقع في الإسماعيلية يسمي المعدية 6 لتحفيز قوات الموقع بعد تكبدهم للعدو خسائر عسكرية ومعنوية  وكان الموقع يبعد عن خط المواجهه بحوالي 250 مترا وقامت المدفعية المصرية بشن هجمات علي المواقع الإسرائيلية التي ردت بوابل من النيران ولمدة ساعة كان رئيس الأركان وسط جنوده يتصدي ويقاوم معهم و إستشعر العدو الإسرائيلي وجود قيادة عسكرية كبيرة وإستعان بدعم إليات كبيرة وإنهالت القذائف علي الموقع المصري ليستشهد الفريق أول عبد المنعم رياض وسط جنوده ..

 إستشهد الجنرال الذهبي الذي حمل هذه الصفة عندما كان في بعثة تعليمية للإتحاد السوفيتي لحضور دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها عام 1959 بتقدير إمتياز فلقبوه بالجنرال الذهبي نظرأ لتفوقه الباهر في العلوم العسكرية .

 كان إستشهاد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية دافعا للقوات المسلحة أن تأخذ بالثأر وبدأت علي الفور عمليات المواجهة وتم التجهيز لعملية كبري عرفت بإسم لسان التمساح ، وهو موقع حصين لخط برليف الذي لا تجدي معه نيران الدبابات ولا الصواريخ لكن رجال الصاعقة المصرية كانوا عناوين الشجاعة  .

 وقام المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة بوضع خطة المواجهة مع العدو وكان حينها قائدا للجيش الثاني الميداني  وتم توجيه ضربات لعدة مواقع إسرائيلية في المساء وكانت تمويه للعملية الكبري  وبدأت القوات المصرية العبور تحت وابل من نيران العدو  ووصلت لموقع لسان التمساح  وتحصن جنود العدو في الملاجئ  بأبوابها الفولاذية الصعبة التدمير وكانت الملاجئ لها فتحات تهوية من أعلي فتم  القاء قنابل دخان داخلها ، ليهرع جنود العدو مذعورين للخارج حيث كانت في إنتظارهم القوات المصرية التي أجهزت عليهم تماما .

وكانت أبرز ملامح الفخر للثأر عبور كتيبة كاملة من القوات المصرية مكونة من 3 سرايا بالإضافة لقوات الدعم ،وقدرت القوات بحوالي ألف جندي في ذكري  الـ 40 لوفاة الفريق أول عبدالمنعم رياض حتي وصلت لموقع إغتياله  ليتم تدميره بالكامل علي القوات الموجوده .وعادت الكتيبة دون خسائر .

 وبدأت عمليات الثأر حتي تم النصر الكبير في أكتوبر 1973 . بفضل شجاعة رجالنا أبطال القوات المسلحة المصرية

 و يتم الإحتفال بيوم الشهيد في 9 مارس من كل عام وهو ذكري إستشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة ، الجنرال الذهبي إبن قرية سبرباي مركز طنطا الإبن الثاني لأسرة مكونة من خمسه أشقاء غيره . عاش لوطنه وتناسي أن يكون زوجا وأبا وظل طوال 32 عاما يرتدي الملابس العسكرية واضعا هدفا نبيلا أمامه وهو تحرير تراب مصر من ٱي إحتلال .

وأصبح  يوم 9 مارس 1969 تاريخا حاسماً في الصراع المصري الإسرائيلي بل  العربي الإسرائيلي والذي بدأ بحروب 48 ، 56، 67 ثم حرب الاستنزاف التي كانت باكورة تحقيق نصر أكتوبر 73 وكان الفريق أول عبد المنعم رياض رمزأ نضاليا لهذه الحقبة فقد شارك في الحرب العالمية الثانية  عام 1941 ثم حرب فلسطين عام 1948 والعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967 ، ومن أبرز مهامه النضالية  إشرافه على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الإستنزاف ، 

الشهيد البطل نال العديد من الأوسمة والأنواط العسكرية مثل ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ووسام نجمة الشرف ووسام الجدارة الذهبي ووسام الأرز الوطني بدرجة ضابط كبير من لبنان ووسام الكوكب الأردني من الطبقة الأولى، كما تم تخليد  اسمه على بعض الميادين العامة والشوارع فى مصر والدول العربية تكريما له.

  ولم تنسي مصر أبنائها الأبرار الذين ضحوا بحياتهم من أجل أرضها الطاهرة لذلك تواظب الدولة والقوات المسلحة على الإحتفال بـيوم الشهيد لتكريم أبطالها الشهداء في صورة أسرهم وكذلك رعاية المصابين وتوفير كافة الخدمات لهم ، تقديرا لتاريخهم المشرف وتضحياتهم بحياتهم من أجل الحفاظ علي إستقلال وطن يضمنا جميعا الأن في سلام و أمان دون تمييز بين ديانة وأخرى ..

مقالات مشابهة

  • مشاركة 32 فريقا في مسابقة "المثقف الأول" بالعوابي
  • سولسكاير يكتب التاريخ في بيشكتاش
  • العودة إلى جلقني.. تواطؤ المثقف وتعلقاته
  • المثقف في العصر الرقمي .. بين الضياع والبحث عن دور
  • أحمد نجم يكتب: في ذكرى استشهاد الجنرال الذهبي
  • وزير الري: تنفيذ 561 منشأً متنوعًا للحماية من السيول بشمال وجنوب سيناء
  • بعد العاصفة المطيرة.. وزير الري يتابع استقرار الأوضاع فى سيناء
  • اليوم .. بيراميدز يخشى مفاجآت كأس مصر أمام المقاولون العرب
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: الفكر تحت سلطة الحرف
  • اليمن يكتب نهاية أسطورة الطائرات الأمريكية بدون طيار