أحمد زكارنة يكتب: عن الثقافة والقضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أعتقد أن الفعل الثقافى العربى والفلسطينى على حد سواء، كان ولا يزال يتجاوز الفعل السياسى فى المنطقة برمتها وبمراحل عديدة، بل ويمكننا الادعاء بأن السياسى لم يعد قادراً على مجاراة الثقافى. وعلى الرغم من ذلك، فنحن جميعاً فى المنطقة العربية نفتقد بشدة وجود مشروع ثقافى سياسى واجتماعى واضح المعالم والتصورات على نحو يدفع الحالة العربية بشكل عام باتجاه إنجاز مهمة التحرير أو التحرر، لأن ما نعيشه تحت مظلة «الدولة الوطنية» لا يحقق الاستقلال الحقيقى والفعلى إلا فى شكله الخارجى وحسب.
وهو ما كتبت حوله قبل عامين من اليوم، تحت عنوان «عن غياب المشروع الثقافى السياسى والبنية الفكرية لهندسة الهوية» هذا العنوان الذى كان يتحدث بشكل خاص عن المشهد الفلسطينى، يمتد بالضرورة فى بعده الفكرى إلى عمقنا العربى، حيث شهدت الحالة الفلسطينية فعلاً ملامح مشروع ثقافى سياسى فى النصف الثانى من القرن العشرين، رسمت خطوطه العامة والعريضة العديد من الأسماء المؤثرة عربياً وفلسطينياً ودولياً فى سياق ما كان يعرف حينذاك بالمد القومى، وهو ما انطلق فعلياً من مصر الناصرية.
إلا أن التحولات الكبرى التى شهدتها المنطقة العربية بشكل عام بعد غياب الزعيم جمال عبدالناصر، ودخول منظمة التحرير بشكل خاص نفق التسوية السلمية الموهومة، شكلت جداراً عازلاً أمام النمو الطبيعى لهذا المشروع الثقافى المقاوم للاستعمار الغربى وتعبيراته الفكرية فى المنطقة.
ولأن «الإنسان، والأرض، والحرية، ثالوث يشكل أعمدة الثقافة الفلسطينية»، على حد تعبير سلمان الناطور، عوضاً عن تمكين كل ضلع من ضلوع هذا الثالوث، بات المتابع لمجريات الأحداث وتجلياتها فى العقدين الأخيرين يلحظ محاولة تشكل بنية فكرية دخيلة على الحالة الفلسطينية، تحاول جاهدة هندسة هوية جديدة للإنسان الفلسطينى لا تربطه علاقة بالضلعين الآخرين «الأرض، والحرية».
سوى شكل العلاقة الاستهلاكية وليست المنتجة، بمعنى أنها علاقة لا ترى فى الأرض والحرية معاً إلا مرتكزين أساسيين، الأول مرهون بشعار التحرير ضمن الممكن والمتاح فى عملية التسوية السياسية، على الرغم من تدمير المستعمر لأى فرصة واضحة لنجاح هذه العملية، والثانى مرهون بسقف حرية الفرد وإن تعارضت مع الجماعة، على أرضية مفاهيم مشوهة وممجوجة حول فكرة الحريات العامة والخاصة فى سياقها الديمقراطى الوافد، والمحدد بسقوف النيوليبرالية فى ظل ثقافة الاستهلاك لا الإنتاج.
ولعل هذا الاختراق على صعيد هندسة الهوية هو ما يضفى المشروعية اللازمة للوقوف أمام مسئوليتنا الجماعية لضرورة رسم ملامح مثل هذا المشروع الثقافى السياسى بأبعاد وطنية تستمد قوة مشروعيتها من قاعدة قانون الضرورة، على نحو يقدم الأرض بوصفها بطلاً، والحرية باعتبارها غاية، والإنسان بما هو إنسانى وليس فقط وسيلة وأداة للتوظيف السياسى فى فلسطين والمنطقة برمتها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة يؤكد أهمية توحيد الجهود للتغلب على أزمة الوعي
الثورة نت/..
أكد وزير الثقافة والسياحة، الدكتور على اليافعي، أهمية توحيد الجهود للتغلب على أزمة الوعي التي أفرزتها مؤامرات قوى الاستكبار العالمي.
وأشار الوزير اليافعي خلال لقاء افتراضي، نظمته الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين لأعضائها اليوم، عبر الدائرة التلفزيونية، إلى أن ترشيد مسارات الخطاب الثقافي وتكثيف الجهود لنشر الوعي، يمثل السبيل الوحيد للانتصار في هذه المعركة.
وشدد على أهمية القراءة التاريخية لواقع المنطقة لمعرفة حقيقة التحديات التي تواجهها، مستشهدا بعدد من الوقائع التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية.
وكان وزير الثقافة والسياحة رحب في مستهل اللقاء برئيس الرابطة الدولية الدكتور محسن صالح والمشاركين من دول محور المقاومة والدول الأخرى، معبرا عن خالص الشكر للرابطة الدولية وللخبراء والمحللين السياسيين على تنفيذ مثل هذه اللقاءات الاستراتيجية.
يذكر أن اللقاء عقد بعنوان “قوة الطوفان وحق المساندة”، لمتابعة الأوضاع الحالية في البلدان التي تحتاج إلى وقفة تاريخية واتخاذ موقف جامع حول ما يجري في المنطقة، وتحديد الخطوات الكفيلة بتجديد عهد الرابطة بالقضايا التي انكبت الدفاععنها، ومناقشة خطة عملها المستقبلية.
وجاءت مشاركة وزير الثقافة والسياحة ضمن فريق ممثلية الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين في اليمن.