أكد الدكتور عبدالواحد النبوى، وزير الثقافة الأسبق، أن مصر كانت ولا تزال، حائط الصد القوى ضد كل المحاولات الشرسة والخبيثة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم. وقال فى حوار لـ«الوطن»، إن فلسطين قضية مركزية ولها حضور طاغٍ فى السياسة والأدب، وأتمنى أن تتبنى جهة بحثية كبيرة مشروعاً ثقافياً يرصد الدور المصرى كبؤرة إشعاع للتعريف بالقضية الفلسطينية وتوثيق ورصد الإنتاج الضخم، ليكون ركيزة للأجيال القادمة.

ما تقييمك للموقف المصرى من القضية الفلسطينية؟

- موقف مصر من القضية الفلسطينية متصل اتصالاً وثيقاً بالتواصل بين الشعبين المصرى والفلسطينى، بحكم الجغرافيا، والتاريخ، مما أدى إلى الاختلاط والتجانس وتبادل النشاط الاقتصادى والزيارات بسبب التزاوج، فضلاً عن وحدة اللغة والأديان والمقدسات فى البلدين، وما مر بالبلدين عبر الزمن، مثل دخول المغول، حيث كانت مصر أكثر قرباً ونصراً للفلسطينيين بقيادة «قطز»، الذى كان يحكم من مصر، وقبلها عندما جاء الصليبيون وسيطروا على بيت المقدس، كانت مصر الأكثر قرباً على يد صلاح الدين، لذا الارتباط عضوى وتاريخى ومستمر، وخلق نوعاً من اللُحمة، والارتباط كان وما زال قوياً.

كيف تطورت هذه العلاقة فى ظل العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية؟

- التطور حدث بعد وعد بلفور فى 1917، ودعم الغرب للوجود الصهيونى فى المنطقة، كان وما زال هناك همّ مصرى بهذه القضية، من 1918، حين بدأ تنفيذ الوعد المشؤوم والسماح بالهجرات اليهودية إلى فلسطين، وما تضمّنه من عدوان على الأراضى الفلسطينية، وحصول اليهود على السلاح وتضخّم نفوذهم، وقتها بدأ الفلسطينيون يبحثون عن داعم، فكانت مصر التى بدأت تحتضن الزعماء الفلسطينيين، مثل أمين الحسينى (مفتى القدس وكان زعيم المقاومة)، ومجموعة من القادة، وبدأت الصحف المصرية آنذاك فى الكتابة عما يحدث فى فلسطين.

وكان هناك 365 صحيفة ونشرة فى مصر آنذاك، وكان دور هذه الصحافة التعريف بما يحدث فى فلسطين، والنقل عن طريق الاحتكاك المباشر بفعل سهولة التنقل بين البلدين وتبادل الزيارات عبر خطوط النقل البرى، بما فيها القطار، وهو ما خلق نوعاً من الهمّ المشترك، لأن البيئتين كانتا مؤهلتين لذلك، فكلتاهما تستند على حضارة موغلة فى القدم.

ما موضع القضية الفلسطينية فى الوجدان المصرى؟

- قوة الترابط بين البلدين على جميع المستويات جعلت مصر أكبر مُشارك فى حرب 1948، التى اندلعت إثر قرار تقسيم فلسطين فى 29 نوفمبر 1947، فقد كان آخر يوم لبريطانيا داخل الأراضى الفلسطينية 14 مايو 1948، وفى عصر اليوم نفسه أعلن اليهود قيام دولة إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية وعاصمتها تل أبيب ونال القرار اعتراف عدد من الدول العظمى، لكن هذا القرار كان صادما.

وتدخّلت الدول العربية مُوحّدة، وكان لمصر العدد الأكبر والسلاح والجيش الأكبر، وقامت الحرب من أجل رفض تنفيذ هذا القرار حفاظاً للفلسطينيين على أراضيهم، ورفض ما يتعرّض له الشعب الفلسطينى من تهجير وإبادة ومجازر وسلب أراضيهم، وهكذا وقعت النكبة، وهذه الحرب كانت أول تغيير سياسى جذرى فى أنظمة الحكم بالمنطقة، وأصبحت القضية الفلسطينية قضية مركزية فى السياسة، وأصبح لها حضور فى الثقافة المصرية.

ما أبرز أشكال حضور القضية؟

- لا توجد دولة فى المنطقة ارتبطت واهتمت بما يحدث فى فلسطين مثل مصر، رسمياً وشعبياً، خصوصاً من بعد ثورة 1952، وحتى وقتنا الحالى ومصر نافذة قوية ومهمة لنشر المعرفة بفلسطين وما يحدث فيها، فنجد سلسلة «اعرف عدوك» التى تم عملها فى مصر للتعريف بالعدو والانتباه إلى خطورته، وجمال عبدالناصر كان يرى أنها قضية عربية لن تُحل إلا باتحاد العرب.

واستمر هذا الموقف الداعم فى عهد الرئيس السادات ثم مبارك وحالياً الرئيس السيسى، وبالتالى صارت القضية حاضرة بقوة فى الأنشطة الثقافية والمناهج التعليمية المصرية، ومنها كتب التاريخ والتربية القومية التى كانت فلسطين جزءاً منها، وهناك إنتاج ضخم ومهم من الإبداع والمعرفة فى مصر من أجل دعم القضية الفلسطينية.

ولن نجد إقليماً أنتج ثقافة ومعرفة عما يحدث فى فلسطين مثل المصريين، وظهرت سلاسل النشر مثل «رسالة للجندى»، وهى كتيبات صغيرة للتوعية من أجل رفع الوعى الشعبى بالقضية وعلى نطاق واسع، من أجل أن تصبح فلسطين فى بؤرة الحدث.

وكيف تأصّلت هذه القضية لدى الشعب المصرى؟

- عبدالناصر كان يرى أن النصر فى هذه القضية يتطلب تنشئة جيل واعٍ بالقضية وبأبعادها، وفتحت مصر الباب للكتّاب الفلسطينيين بشكل كبير، سواء السياسيون أو الكتاب، واحتضنت ياسر عرفات، ومحمود درويش، وغيرهما، وتم تأسيس مكاتب فلسطينية فى القاهرة، ومصر كانت تنتج كمية من المعرفة والثقافة عن فلسطين، عن طريق المنظمات السياسية الفلسطينية، التى أصبح لها وجود ونشاط فى مصر وفُتح لها باب الإذاعة بشكل كبير جداً، وهناك كميات مهولة من المقالات والأفلام والمسرحيات، وإنتاج ضخم من الكتب والأبحاث والدراسات والأغانى والأفلام عن فلسطين.

قضية فلسطين من ثوابت ومرتكزات السياسة المصرية، من أجل عودة الدولة الفلسطينية إلى حدود ما قبل 5 يونيو 67، ومصر كانت وما زالت حائط صد لجميع المحاولات الشرسة والخبيثة لتهجير الفلسطينيين، وأتمنى أن تتبنّى جهة بحثية كبيرة عمل مشروع ثقافى يرصد كيف كانت مصر بؤرة إشعاع للتعريف بالقضية الفلسطينية وما يدور فيها، من أجل توثيق ورصد هذا الإنتاج الضخم، ليكون ركيزة للأجيال القادمة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة الأراضى الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة کانت مصر من أجل فى مصر

إقرأ أيضاً:

المؤتمر: المساعدات الإنسانية لغزة تعكس التزام مصر التاريخي لدعم القضية الفلسطينية

ثمن الربان وليد جودة، أمين مساعد حزب المؤتمر، الدور الرائد الذي تقوم به الدولة المصرية في دعم الأشقاء في غزة، مؤكدًا على التزام القيادة السياسية بتقديم الدعم الإنساني المستمر للشعب الفلسطيني في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها، خصوصًا مع دخول فصل الشتاء.

وقال جودة، في بيان له، إن حزم المساعدات المتتالية التي تم إرسالها إلى قطاع غزة تأتي كجزء من الجهود المصرية المستمرة لتخفيف معاناة المدنيين وتعزيز صمودهم في مواجهة التحديات الإنسانية.

وأضاف أمين مساعد حزب المؤتمر، أن المساعدات المصرية تشمل إمدادات غذائية وطبية ومواد إغاثية أساسية، لضمان حصول الشعب الفلسطيني على الدعم اللازم لمواجهة صعوبة الأوضاع المعيشية خلال فصل الشتاء.

وأكد الربان وليد جودة، أن هذه الجهود تعكس التزام مصر التاريخي بدعم القضية الفلسطينية، ودورها الفاعل في تحقيق الاستقرار الإقليمي وحماية حقوق الإنسان.

وحذر أمين مساعد حزب المؤتمر، من خطورة الشائعات التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار الدول، مشيرًا إلى أن الشائعات تُعد من أخطر الأسلحة المستخدمة في التأثير على الروح المعنوية للمواطنين، وزرع الفتنة والتوتر بين الشعوب والحكومات.

وطالب أمين مساعد حزب المؤتمر، المواطنين بتوخي الحذر وعدم الانسياق وراء الأخبار المضللة التي تنتشر عبر وسائل الإعلام غير الموثوقة، مؤكدًا أهمية التحلي بالوعي الوطني والحصول على المعلومات من المصادر الرسمية.

مقالات مشابهة

  • المشهداني يؤكد لعقل موقف العراق الثابت تجاه القضية الفلسطينية
  • القضية الفلسطينية أمام مخاطرالتصفية.. قراءة في كتاب
  • تباث الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية
  • «عائلة أبو نصر».. «حائط الصد» ضد همجية وتنكيل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين
  • الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية
  • المؤتمر: المساعدات الإنسانية لغزة تعكس التزام مصر التاريخي لدعم القضية الفلسطينية
  • عبد المهدي مطاوع: الحكم على ترامب بشأن القضية الفلسطينية لا يزال مبكرا
  • وزير الخارجية العراقي: ندعم القضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة
  • تباث الموقف اليمني.. تجاه القضية الفلسطينية
  • منظمة قانون من أجل فلسطين: الهجمات على الأونروا هدفها تقويض القضية الفلسطينية