قبل بضع سنوات من النكبة، وتحديداً فى 1941، وُلد الشاعر محمود درويش، أحد أهم رموز المقاومة الفلسطينية، والصوت الأبرز فى التعبير عن القضية، منذ مطلع الستينات، وحتى بعد 15 عاماً على رحيله، لتبقى أشعاره حية فى وجه الدبابة والبندقية.
«أزمات طاحنة ومنافى ومعتقلات وخيام تشرد» تنقّل بينها «لاعب النرد» منذ طفولته، إذ تعرّض فى عمر الـ6 سنوات للتهجير القسرى مع أسرته إلى لبنان، تاركاً شوارع قريته وحقولها، وتعود الأسرة بعد عام، لتجد البيت والقرية مُدمّرة بالكامل، بفعل نكبة 48، وهكذا يتغير اسمه من طفل إلى لاجئ فى بلاده، بعد مصادرة أملاك الأسرة، وقطع مصدر رزقها، ليتعرّف على معنى كلمة احتلال مبكراً.
فى سنوات التحول فى التاريخ والجغرافيا، يتعرّف «درويش» على مفردات جديدة ومعنى كلمة احتلال، يستهويه الشعر مبكراً ويتبلور طموحه فى أن يكون شاعراً، رغبة فى الثأر ممن سرقوا طفولته، ويدرك أيضاً أنهم «عابرون فوق الكلمات»، وأن «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، يناضل بالمواقف والكلمة، فيتعرّض للاعتقال مراراً من قِبل قوات الاحتلال، ابتداءً من عام 1961، بسبب نشاطه السياسى، وهكذا يتشكّل وعيه السياسى ووعيه بذاته من أجل إثبات هويته التى يحاول المحتل العبث بها.
يفشل العدو الصهيونى فى تكبيل أحلام الشاب «محمود»، وتطلعاته للحرية، فيثور بالقصائد والكلمات من أجل توصيل معاناة «أم البدايات» إلى العالم، ويبدأ مراسلة الصحف العربية، لنشر أشعاره، فى الفترة التى لم تكن فيها الدول العربية على دراية كافية بما يدور داخل الأرض المحتلة، ولا بخطورة المستعمر الصهيونى.
تنبع قوة كلمات الشاعر من إيمانه بقضيته، وبصوته الذى أراد له أن يصل إلى العالم، فيبدأ فى مراسلة الصحافة العربية، وكان من بين القصائد التى نشرها فى 1966 قصيدة بعنوان «عن الأمنيات» فى إحدى الصحف الجزائرية، وهى القصيدة التى كانت بداية تعرّف الناقد الكبير رجاء النقاش على أشعار الشاعر الفلسطينى الشاب، مما دفعه إلى تقديم عنه بعنوان «محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة»، ليتحول الشاعر الشاب إلى نجم فى مصر قبل مجيئه فى 1971، قادماً من الاتحاد السوفيتى الذى توجّه إليه فى مطلع السبعينات للدراسة.
اتسمت أشعار «درويش» بالصوت الثورى من أجل مقاومة المحتل الغاشم، مُستخدماً مفردات لها خصوصية أسماء مدن فلسطين ومنحدراتها وطيورها وفواكهها وقهوتها ومقاهيها، «هذا البحر لى.. هذا الهواء الرطب لى»، «فى القدس قتلونى.. ونسيت أن أموت»، إلى أن يرحل فى 2008، فى الولايات المتحدة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة
إقرأ أيضاً:
مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
فى حضرة الشاشة الكبيرة تجوب الأنفس أرجاء العالم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حيث تتلاقى الثقافات والفنون والعادات والتقاليد من مختلف دول العالم فى مهرجان القاهرة السينمائى بدورته الـ45، التى تحمل تنوعاً وثراءً فنياً واضحاً من جميع الدول، فى رحلة لا منتهية من السعادة والمتعة، فمن بين الأعمال السينمائية المشاركة والتى تعرض لأول مرة ضمن فعاليات المهرجان، الفيلم المغربى «أنا مش أنا»، والسورى «سلمى»، كل منهما يحمل قصة ورسالة مختلفة بقضية إنسانية تلمس الوجدان.
«أنا مش أنا» فيلم مغربى مدبلج باللهجة المصريةوقال هشام الجبارى، مخرج ومؤلف الفيلم المغربى «أنا مش أنا»، الذى جرى عرضه باللهجة المصرية بعد دبلجته، إن الفيلم يعد خطوة فى مسار تعزيز التبادل الفنى بين المغرب ومصر، وبخاصة أن اللهجة المغربية صعبة الفهم، لذا تمت دبلجة الفيلم لكسر الحاجز بين الشعوب العربية حتى يتمكنوا من فهم أحداث العمل.
والأمر نفسه أكده بطل العمل عزيز داداس، الذى أعرب عن فخره وسعادته بمشاركته فى مهرجان القاهرة، قائلاً: «شرف كبير لى عرض الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى الأهم والأعرق فى المنطقة العربية، وسعيد بدبلجته إلى اللهجة المصرية».
وشهدت قاعة العرض حالة كبيرة من التصفيق والتفاعل مع الحضور فور انتهاء عرض الفيلم، الذى حرص عدد من نجوم الفن والرياضة المغاربة على دعمه بمشاهدته بالمهرجان، حيث رفع الفيلم شعار كامل العدد قبل أيام من انطلاقه بدور العرض المصرية.
فيلم «أنا مش أنا» من تأليف وإخراج هشام الجبارى، بطولة عزيز داداس، مجدولين الإدريسى، دنيا بوطازوت، وسكينة درابيل، ووِصال بيريز، وإنتاج فاطنة بنكران.
يأتى ذلك كجزء من مبادرة مهرجان القاهرة السينمائى لدعم التجارب السينمائية التى تعزز التواصل الثقافى بين الشعوب، إذ يمكن الجمهور المصرى من التفاعل مع إنتاجات دول أخرى خارج الدائرة المعتادة للسينما العالمية.
وذكر مهرجان القاهرة السينمائى، فى بيان، أنه فخور بهذه التجربة التى تسعى إلى تقديم صورة جديدة للإبداع السينمائى، من خلال التفاعل بين الصورة والصوت والتجارب الثقافية المختلفة، وهو ما يعكس التزامه بدعم التنوع السينمائى عالمياً.
«سلمى» يسلط الضوء على معاناة الشعب السورىأما الفيلم السورى «سلمى»، الذى يشارك فى مسابقة آفاق للسينما العربية، فهو من بطولة الفنانة السورية سولاف فواخرجى، التى أعربت عن سعادتها بالعرض العالمى الأول لفيلمها بمهرجان القاهرة السينمائى، موضحة فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن الفيلم يتناول قضية إنسانية رغم المآسى التى يتطرق إليها وتعبر عن واقع الشعب السورى إلا أنها حاولت أن يكون الفيلم رسالة قوية للقدرة على المواصلة فى تجاوز الصعاب بالإرادة.
«سولاف»: رسالة لتجاوز الصعاب بالإرادةوقال جود سعيد، مخرج «سلمى»، الذى يشارك فى فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى للمرة السادسة، منذ عام 2009، إنه كان يشعر بالحزن عندما لا يشارك بأفلامه ضمن المهرجان، مشدداً على رفضه لفكرة حمل الفيلم رسالة محددة، وأن كل مشاهد هو صانع العمل بعينه ويراه حسبما يشاء تبعاً لثقافته وما يشعر به.
وأضاف «سعيد» أنه مهووس بالقصص والحكايات الحقيقية وتحويلها لعمل فنى يتفاعل ويستمتع معه الجمهور، لافتاً إلى أنه تجمعه علاقة صداقة قوية مع «سولاف»، أفضت إلى مزيد من التعاون بينهما وحالة من الشراكة انعكست على الشاشة.
من جانبه، أعرب الفنان السورى ورد، الذى يجسد دور شقيق بطلة العمل «سولاف» بالأحداث، أن مشاركة «سلمى» بالمهرجان حلم بالنسبة له وطموح لكل من يعمل فى صناعة السينما، معرباً عن فخره بفكرة الفيلم التى تنتمى إلى الكوميديا السوداء.