سافرت إلى لندن لإلقاء محاضرة عن اكتشافاتى الأثرية بالمتحف البريطانى، وتوقيع كتاب صدر لى مؤخرًا بالإنجليزية بعنوان "الرحلة" السرية فى عالم الآثار.. وبه تجارب حياتى العملية من خلال نظرتى إلى الجمال عند الفراعنة ونظرتهم إلى الحب والأجانب والدين والحياة اليومية والأعياد وقصص عن اكتشافاتى الجديدة فى وادى الملوك.

جاءت هذه الزيارة بعد فترة طويلة من الزمن مرت على آخر زيارة لى إلى عاصمة الضباب، وقد اعتقد صحفيون ومراسلو وسائل الإعلام المختلفة أننى جئت إلى لندن للمطالبة بحجر رشيد الموجود بالمتحف البريطاني، والذى كان جزءًا من اتفاقية عقدها الفرنسيون مع الإنجليز، بعد موقعة أبى قير البحرية، بالقرب من شواطئ الإسكندرية، والتى لقى فيها الأسطول الفرنسى هزيمة اضطرته إلى الرحيل عن مصر التى وقعت فريسة بعدها للنفوذ البريطاني.

وكان ضمن شروط المعاهدة تسليم الآثار التى فى حوزة الفرنسيين إلى الإنجليز، ومن ضمنها حجر يعد مفتاح سر الحضارة الفرعونية القديمة.. عن طريقه تم كشف أسرار اللغة المصرية القديمة على يد العالم الفرنسى شامبليون رغم وجود الحجر فى المتحف البريطانى.

وفى الحقيقة لم تكن لدى أى نية للخوض فى هذه المعركة، وقلت للصحافة إن مصر تطالب بعودة ست قطع أثرية فريدة ومكانها الحقيقى هو موطنها مصر.. هذه القطع هى: رأس الملكة نفرتيتى بمتحف برلين، وحجر رشيد بالمتحف البريطاني، والقبة السماوية أو الزودياك الموجودة بمتحف اللوفر بفرنسا، وتمثال مهندس الهرم الأكبر "حم إيونو" الموجود بمتحف هيلدسهايم بألمانيا، وتمثال مهندس الهرم الثانى عنخ "حاف" الموجود بمتحف الفنون الجميلة ببوسطن بأمريكا، وتمثال الملك رمسيس الثانى بمتحف تورين بإيطاليا.

هذه القطع الأثرية هى من وجهة نظرى علامات للحضارة المصرية القديمة، ولا يوجد لها مثيل، ولذلك فمن حق مصر استعادتها خاصةً بالنظر إلى ظروف خروجها من موطنها الأصلى وأنا من أشد المعارضين لمن يقول أن هذه القطع أصبحت ملك البلاد والمتاحف الموجودة بها لأن ذلك ما هو إلا حلقة من مسلسل متواصل من اغتصاب آثار وادى النيل وتهريبها إلى البلاد المعنية مستغلين فى ذلك الظروف الاقتصادية أو السياسية فى بلاد تمتلك الحضارة والتراث الإنساني، حتى أصبحت متاحف هذه البلاد مكتظة بآثارنا.

وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لينادى أبناء هذه الحضارة العظيمة بعودة آثارهم المنهوبة، وقد لاقى هذا الموضوع معارضة شديدة من رؤساء المتاحف الأجنبية، بل وحاولوا أن يثيروا الرأى العام ضدى بدعوة أننى أطالب بعودة كل الآثار إلى مصر.. والحقيقة أننى أتمنى أن تعود هذه القطع الأثرية الفريدة إلى مصر وأيضًا أى قطعة أثرية سرقت من مصر بعد اتفاقية اليونسكو عام ١٩٧٠.

أما الشيء الغريب حقًا فقد حاولت أن أعرف نية هذه المتاحف وكشفها للرأى العام؛ لذلك فقد قلت بأننا نرغب فى استضافة هذه القطع لمدة ثلاثة شهور، وذلك أثناء افتتاح المتحف المصرى الكبير. أما تمثال "نفرتيتى فطلبنا أن يعرض داخل متحف "إخناتون" زوج الملكة الجميلة وأن يتم افتتاح متحفه باستضافة رأس الزوجة الجميلة.

والغريب أن بعض هذه المتاحف رفضت بطريقة مهذبة مثل متحف بوسطن بحجة أن التمثال لن يتحمل السفر، وأشار متحف اللوفر إلى صعوبة نزع الزودياك من السقف وعرضوا إرسال تمثال آخر. أما المتحف البريطانى فقد أرسل يقول إنهم يودون معرفة نوع أمن المتحف الذى سوف يعرض فيه حجر رشيد لأن القانون الإنجليزى ينص على ذلك!.

وهذا والله رد مضحك جدًا لأن المتحف المصرى الكبير مبنى على أحدث مستوى فى العرض المتحفى فى العالم كله.. وكان هذا الرد هو أحد الأسباب التى جعلتنا نصر على عودة حجر رشيد إلى مصر لأن ذلك حق شرعى لنا وهو جزء من الحضارة المصرية.

لدينا الآن وثيقتان واحدة شعبية أرجو أن نقوم بالتوقيع عليها لأنها تظهر اهتمام المصريين بعودة آثارنا وهى موجودة فى حسابى على انستجرام. وأخرى وثيقة لكى يوقع عليها المصريون الحاصلون على الجنسية الإنجليزية لتغيير القانون عبر البرلمان البريطاني.

زاهى حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين. له مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال.. يكتب مرة أخرى عن ضرورة عودة حجر رشيد وآثار مصرية أخرى، إلى مصر باعتبار ذلك حقًا أساسيًا لموطن الحضارة العريقة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: زاهي حواس حجر رشيد الحضارة الفرعونية عالم الآثار قطع أثرية القبة السماوية هذه القطع حجر رشید إلى مصر

إقرأ أيضاً:

العنقري : من أرض الحضارة العُلا ننطلق نحو الريادة المهنية عالميًا

أكد معالي رئيس الديوان العام للمحاسبة رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين، رئيس الاتحاد العربي لجمعيات المراجعين الداخليين الدكتور حسام بن عبدالمحسن العنقري، أن اختيار العُلا لإقامة المؤتمر جاء لما تحمله المحافظة من إرث تاريخي عريق ممتد لآلاف السنين، مبينًا أن الاجتماع العربي أتى من أرض التاريخ استكمالًا للحراك المهني للوصول إلى الريادة، وسعيًا لقيادة التطوير المهني في المنطقة، وذلك بتضافر الجهود والتعاون المثمر بين الأطراف المهنية العربية، في سبيل دفع عجلة التحول والاستدامة المهنية من خلال الجمعيات الأعضاء للاتحاد العربي لجمعيات المراجعين الداخليين تحقيقًا لأهداف إنشائه.
وأشار في ختام مؤتمر الاتحاد الثاني الذي أقيم في محافظة العُلا تحت شعار “معًا للريادة”، بحضور رؤساء مجالس إدارات الجمعيات الأعضاء في الاتحاد، وباستضافة مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين وإدارته التنفيذية، إلى أن المؤتمر مكمل للخطوات البناءة والاحترافية التي يقوم بها الاتحاد تجاه المهنة التي يجب إيلاؤها الاهتمام ومنحها المكانة المستحقة لاستدامة التنمية والنجاح في الجهات الحكومية والخاصة، حيث أسهم تفعيل دور المراجعة الداخلية في تعزيز عمليات الرقابة وتحقيق الالتزام والشفافية، لا سيما في أنظمة الحوكمة والرقابة وإدارة المخاطر للتحقق من سلامتها وملاءمتها لتحقيق أهداف الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية.
وبيّن أن الاتحاد يعمل على جعل الجمعيات الأعضاء ذات تأثير في المجال من خلال وجودها تحت منظمة مهنية تقودها إلى الريادة الدولية، مما يسهم في دفع عجلة التطوير المستدام للمهنة، وتحقيق الاتحاد للهدف الذي أنشئ من أجله ليصبح منظمة مهنية تمثل المنطقة في المحافل العالمية وتؤكد دور الجمعيات الأعضاء في تطوّر المهنة.
يُذكر أن المؤتمر الثاني للاتحاد أقيم بمشاركة 13 دولة عربية يمثلها رؤساء مجالس إدارات الجمعيات الأعضاء، وبحضور مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين وإدارته التنفيذية ونخبة من المهنيين والمختصين في مجال المراجعة الداخلية.
كما تضمن المؤتمر ثلاث جلسات نوقش خلالها أبرز التحديات والتحديثات على مجال مهنة المراجعة الداخلية على مستوى العالم، والرؤى والمنهجيات الإستراتيجية لمستقبل المهنة في المنطقة، واستعراض أبرز التطورات على سـاحة أعمال المراجعة الداخلية دوليًا من ناحية التقنيات المبتكرة وتحليل البيانات، والحوكمة والمخاطر وارتباطها بأعمال المراجعة الداخلية، بالإضافة إلى السلوك الأخلاقي والمسؤوليات المهنية.

مقالات مشابهة

  • المعلم.. صانع الأجيال وموقد شعلة الحضارة
  • الداخلية تضبط 17 بندقية خلال حملات أمنية فى مركز رشيد بالبحيرة
  • من هو ملك الغابة المصرية القديمة وكيف انقرض؟
  • ناصر عبدالرحمن يكتب: التواطؤ والعشم.. الشخصية المصرية (15)
  • وجود قطع أثرية فى بولندا تحتوى على حديد نيزكى نادر
  • مـا هـي الحضـارة الحقيقيـة؟
  • مبادرةُ إحياء العمارة تستقبل زوارها بمتحف عُمان عبر الزمان بولاية منح
  • إلى روح هارون هاشم رشيد
  • انطلاق أولى جلسات الحوار الوطني عن «البكالوريا المصرية» بمدارس القاهرة
  • العنقري : من أرض الحضارة العُلا ننطلق نحو الريادة المهنية عالميًا