كل عام وأطفال غزة أحياء بعيدًا عن شعارات الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أثير – مكتب أثير في دمشق
كل عام وأطفال غزة أحياء
بناء عالم أفضل للأطفال، والدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها، هي عناوين وشعارات رفعتها الأمم المتحدة للاحتفال بيوم الطفل العالمي في مثل هذا اليوم من كل عام.
لكن لأطفال غزة رأي آخر وحياة مختلفة، وكأنهم من كوكب بعيد أو عالم موازٍ يُمنع عليهم أن يعيشوا مثل بقية أطفال العالم وكأنهم مجرد أرقام، مجرد أعداد، ليسوا من لحم ودم.
فأطفال غزة لا يكبرون لأنهم يموتون صغاراً ويقتلون بدم بارد.
أطفال غزة حلمهم هو القليل من كل شيء.. قليلٌ من الدفء والأمان، قليلٌ من الماء النظيف والطعام الذي قد يقتلون وهم يضعوه في أفواههم الصغيرة. حلمهم أن يبقوا أحياء دون أن يعيشوا في كلّ ساعةٍ مرارة الفقد والحرمان.
مئات الأطفال في غزة ممن أعطتهم الحياة فرصةً أخرى، باتوا بلا أهل ولا أقارب، أصبحوا يتامى حتى قبل أن يعرفوا ما معنى حنان الأم والأب ودفء العائلة، مئات الأطفال الخدّج تابعهم كل العالم وهم يموتون واحداً تلوَ الآخر دون أن يرفَّ للعالم المتحضر جفن، وكأنهم كانوا دمىً بلا روح.
فالموت حصد حياة أكثر من 5500 طفل قتلوا بلا ذنب في غزة، فقط لأن إسرائيل لم تُشبع لحدّ الآن غريزتها في القتل، ثم القتل، ولا لشيء سوى القتل، وعداد الضحايا يتغير في كل دقيقة وكأنه مشهدٌ من فيلم دموي مخيف، ومن كُتب له النجاة عاشَ مشلولاً أو مقطوع الأرجل والأيدي.
فمآسي أطفال غزة أصبحت تُروى، ويعجز كلُّ مَن يملك ذرّةً من الإنسانية عن تصورها وكأنها حكايات خيالية يصعب تصديقها.
هل سمعتم بتلك الطفلة التي تمنّت لو أنها لحقت بأهلها الذين استشهدوا جميعا، أو صرخةٌ ذلك الطفل الذي كان يقف على بقايا ركام منزله وعائلته جميعها تحت الأنقاض ويصرخ قائلاً “ياليته حلم”.
(ويمكن أن نعد آلاف الصرخات التي ما تزال تتردد في أذن كل من سمعها).
ولكن للأسف ياصغيري هذا ليس حلماً، إنه كابوس يجثم على صدورنا منذ أكثر من خمس وسبعين (ليست سنيناً وإنما وجعاً) نراه في كل جسدٍ طاهرٍ يسقط على أرض القداسة غزة.
ليت خُذلان الأخ والقريب وتعاميه عما يحصل لغزة وأطفالها هو الحلم.
ليتَ كذب العالم المتحضر، الذي ينادي بحقوق الإنسان والحيوان والبيئة والفضاء، وأغمض عينيه وصمَّ أذنيه عن ضجيج وجع الأطفال هو الحلم.
وفي يوم الطفل العالمي،كل عام وأطفال غزة دون خوف ولا قتل ولا دماء.
كلّ عامٍ وهم أحياء فقط.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: کل عام
إقرأ أيضاً:
من ينقذ أطفال غزة؟
في فيلم "One Life" والذي نال إعجاب العالم ويحكي قصة حقيقية جرت في الأيام الأخيرة قبل أن يحتل أدولف هتلر الزعيم الألماني تشيكوسلوفاكيا وقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939م، عندما قرر شاب بريطاني في مبادرة إنسانية المساعدة في نقل مئات الأطفال اليهود إلى بريطانيا لإنقاذ أرواحهم من ويلات الحرب.
والحقيقة أنني قارنت بين أحداث الفيلم الذي لاقى رواجا عالميا وبين صمت العالم المخزي والمذل تجاه أطفال قطاع غزة الذين قتلت وذبحت إسرائيل منهم حتى الآن ما يفوق عشرات الآلاف، وتركت عشرات الآلاف من الجرحى بلا مستشفى، وأيتاما بلا مأوى ولا مأكل ولا مشرب.
فيما قالت منظمة "انقذوا الأطفال البريطانية" إن عدد الأطفال الذين قضوا نحبهم أكثر من 24 ألف طفل، لا نريد من أحد المنة علينا وعليهم ونقل أطفالنا إلى خارج وطنهم، وإنما نريد وقف الحرب والإبادة الجماعية الممنهجة، وإتاحة الفرصة لحماية الأطفال ومساعدتهم لإكمال حياتهم بشكل طبيعي، أن نضمد جراحهم ونجد مأوى لهم ولذويهم، ولاحقا تقديم الدعم النفسي لهم، لا أن تتبرع وزيرة الخارجية الألمانية انالينا بيرلوك وتبرر المجازر الوحشية والإبادة الجماعية للكيان الصهيوني اللقيط.
من عملوا على إنقاذ الأطفال اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، كان شعارهم "أنقذ طفلا تنقذ حياة كاملة" وآنذاك لم يخرج حاكما عربيا أو مسلما ليبرئ ساحة هتلر أو المتعاونين معه، وبالفعل من تم انقاذهم في الحرب العالمية الثانية كانوا أساسا لجيل جديد، من يساعدون الكيان الصهيوني الآن هم دعاة الحرية وحقوق الاإنسان بالغرب هم من طنطنوا رؤوسنا بميثاق الأمم المتحدة بقواعد العدالة.
من هنا نتساءل هل نعمل الآن بما يكفي لإنقاذ حياة أطفال غزة؟ وإذا كان الجواب لا فكيف يمكن أن ننقذهم من يد المجرمين الذين كانوا وما يزالون يدفنون الأحياء تحت ركام المنازل بفعل آلة الحرب الجهنمية التي يصولون ويجولون بها على مرأى ومسمع من شاشات العالم؟ هل نحاول إخراج الجرحى منهم لرعايتهم ومن ثم إعادتهم للحياة؟ لكن لا أحد من هؤلاء قام بجهد حقيقي لإنقاذ طفل واحد من غزة، على العالم أجمع أن يجمع قوانينه ومؤسساته الدولية ويلقي بها في جهنم وبئس المصير، لا حاجة لنا في الأمم المتحدة ولا قوانينها ما دام الأمر هكذا.