عدن الغد:
2024-11-15@06:57:17 GMT

متى نبدأ في تدريس لغتنا بوصفها مهارات؟

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

متى نبدأ في تدريس لغتنا بوصفها مهارات؟

كتب/ مسعود عمشوش:

من أهم السمات التي يتميّز بها الإنسان عن المخلوقات الأخرى: اللغة. فباللغة يتواصل الإنسان مع الناس، وبها يفكر ويعبّر عن عواطفه وأحاسيسه بها. وبفضل اللغة وصلت إلينا معارف الأمم السابقة وتراثها ومعتقداتها. 

واللغة في الأصل أصوات نستمع إليها وننطقها باللسان ومخارج الصوت الأخرى. ومع الزمن تمكّن الإنسان من توثيق الأصوات اللغوية، أولا بالرموز الكتابية التي تمكنه من التواصل مع من هو بعيد عنه مكانيا أو زمانيا، والعودة إلى استخداماته السابقة للغة.

ثمّ منذ قرن ونصف تقريبا تمكّن الإنسان من توثيق ما يقوله شفهيا بأجهزة التسجيل المختلفة. وهناك كثير من اللغات لم تعرف حتى اليوم أسلوب التوثيق أو التدوين الكتابي.

ومن المعلوم أن علم اللغة قد شهد منذ مطلع القرن الماضي تطورا كبيرا، وأصبح علماء اللغة يميّزون بين (اللغة) بوصفها نظاما عاما له نظمه وقواعده الموجودة في كتب النحو والصرف والمعاجم، وبين الكلام (أو النص) بوصفه تجسيدا أو توظيفا أو استخداما محددا أو فرديا للغة في سياق تواصلي معيّن.

وهناك فرق شاسع بين تعليم النظام اللغوي، أي نظام لغوي، بمكوناته المختلفة (النحو والصرف والمعجم...)، وتعليم التواصل باللغة، أي مهارات التواصل اللغوي الأربع: الاستماع والحديث والقراءة والكتابة. ومن المعلوم أننا نكتسب مهارتي الاستماع والحديث بطريقة تلقائية؛ الأولى منذ يوم ولادتنا والثانية من سنتنا الثانية، وذلك من خلال المحاكاة والممارسة. لكن مهارتي القراءة والكتابة لا نكتسبها إلا بواسطة المدرب أو المعلم.

وفي مناهج جميع الدول يحظى تعليم اللغة الأم (القومية) باهتمام خاص. وعادةً يستمر تعليمها حتى في المستويين الجامعي والعالي. وقد شهدت مناهج تعليم اللغات طفرةً كبيرة خلال النصف الثاني من القرن الماضي. وباتت مناهج تدريس اللغات تركز على إكساب المتعلم مهارات اللغة في سياقات مختلفة، شفهية وكتابية، كما انتقلت بؤرة تدريس اللغة من الارتكاز على النصوص الفنية إلى الارتكاز على النصوص المرتبطة بالحياة اليومية والوظيفية.

ويمكننا القول إن مناهج تدريس اللغة العربية لم تسارع - للأسف- في مواكبة تلك المستجدات التي تمّ تبنيها في مدارس وجامعات معظم الدول المتقدمة، ولا نزال نجهل كثيرا من الطرق الحديثة في تعليم اللغات. ولا تزال كثير من مدارسنا وجامعاتنا تركز على تدريس اللغة بوصفها نظاما عاما، (نحو وصرف)، اعتمادا على نصوص من الأدب العربي فقط. بينما أصبح تعليم اللغات يركز اليوم على تدريس اللغة بوصفها مهارات.

وفي اعتقادي أن أحد أهم أسباب تدني مستوي التعبير الكتابي والشفهي لدى معظم طلبتنا ومدرسينا وموظفينا يكمن في عدم الاستفادة من تجارب الآخرين في تدريس لغاتهم، لاسيما علماء اللغة، وكذلك في عدم تدريسنا للغتنا العربية بالطرق الحديثة، التي تركز على تجليات اللغة في العمليات التواصلية الكلامية أو الكتابية بوصفها مهارات: مهارة الاستماع ومهارة الكلام ومهارة القراءة ومهارة الكتابة بأنواعها.

ولا يعني تعليم اللغة بوصفها مهارات تواصلية في السياقات الحياتية والوظيفية المختلفة الدعوة إلى إهمال الإلمام بالقواعد والقوانين اللغوية، لكن من الخطورة بمكان حصر تدريس اللغة في تكرار تلقين القوانين العامة، وإهمال تجلياتها في الكلام والكتابة، أي في استخدام المهارات المختلفة بشكل صحيح، من خلال تكثيف دور التمارين والتدريبات التطبيقية. فاكتساب المهارة لا يتأتى إلا من خلال التمرين والتدريب والممارسة، وقيام المدرس/المدرب (حتى وأن حصل على الأستاذية) بلفت انتباه المتدرب إلى أوجه الخطأ والصواب في أدائه للمهارات اللغوية الأربع.

وإذا كان هناك من يصر اليوم على حصر تعليم اللغة العربية في تلقين النحو والصرف، فمن الواضح أن واضعي مناهج اللغة العربية في المدارس الأساسية والثانوية بدأوا –منذ نحو عشر سنوات- يضمنون كتب اللغة العربية أسس الكتابة الوظيفية، الملخص والسيرة الذاتية والرسائل الإدارية والتقرير.

والكفاءة في اللغة لا تعني أبدا الإلمام بقواعدها وصرفها فقط، بل تعني قبل ذلك اكتساب مهاراتها الأربع وإتقانها. وفي اعتقادي ليس من المناسب الاعتماد على متخصصي النحو والصرف، الضليعين في رصد الأخطاء النحوية والإملائية، الذين لا يستطيعون كتابة مقال أو ملخص أو محضر، لتدريب المهارات اللغوية. وكذلك من غير المناسب أن يتعامل معلم اللغة العربية مع طلبته بوصفه أستاذا محاضرا، بل عليه أن يعد نفسه مدربا وموجها في المقام الأول.  

كما أن علينا التوقف في حصر تعليم لغتنا العربية في التدريب على مهارة الكتابة. وفي الحقيقة أن الانطلاق من تدريس مهارة الاستماع تعطي نتائج ممتازة في تدريب الطلبة على كتابة الملخصات وتدوين المحاضرات والمحاضر، وتعودهم على التركيز الذهني. وأدعو القائمين على أقسام اللغة العربية في جامعاتنا للإسراع في إضافة الامتحانات الشفهية، المتبعة منذ عقود طويلة في الجامعات المرموقة عربيا ودوليا، في برامجها المختلفة. ومن غير المعقول أن نمتحن الطالب كتابيا لمعرفة مستواه في الإلقاء أو التجويد. ومن غير المعقول أن تظل مادة الصوتيات غائبة في مقررات برامج أقسام اللغة.


 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: اللغة العربیة تدریس اللغة العربیة فی اللغة فی

إقرأ أيضاً:

أزهر الغربية: ختام تصفيات مسابقة "رواد اللغة العربية في الإعراب"

اختتمت اليوم فعاليات التصفيات النهائية لمسابقة "رواد اللغة العربية في الاعراب" وذلك تحت رعاية فضيلة الشيخ عبداللطيف حسن طلحة، رئيس الإدارة المركزية ومدير عام منطقة الغربية الأزهرية .

وقد أقيمت المسابقة على مستوى إدارات المنطقة الأزهرية بالمركز العشر والتي تستهدف الحفاظ على هوية اللغة العربية، وتعزيز إتقان الطلاب لمهارات الإعراب، وتشجيعهم على التمسك بالقواعد النحوية.

وحضر تصفيات المسابقة النهائية الدكتور محمد النشرتي، مدير عام العلوم الثقافية ورعاية الطلاب، وموجهي اللغة العربية، ومنسقي المبادرة بالإدارات التعليمية

وأوضح الدكتور عماد علام منسق عام المبادرة، أن المسابقة تم تنفيذها على مدار ثلاثة أيام، للمراحل التعليمية ( الإبتدائية، الإعدادية والثانوية).
وتم تكريم الطلاب المشاركين وأعضاء لجنة التحكيم فى ختام تصفيات المرحلة الثانوية وسيتم تصعيد الطلاب الفائزين على مستوى الجمهورية.

تقام المسابقة سنوياً والتي تبدأ من المعاهد الأزهرية المنتشرة بقري ومراكز المحافظة ثم تصعيد المتفوقين الي الإدارات الأزهرية التابعة ثم التصعيد من خلال الإدارات ليكون الختام بالمنطقة الأزهرية وتهدف المسابقة اثقال المواهب في  اللغة العربية والاعرب.

مقالات مشابهة

  • ندوة تناقش «هجرة اللغات.. قراءة في نموذج العربية والإسبانية»
  • ختام تصفيات مسابقة "رواد اللغة العربية في الإعراب " بطنطا الأزهرية
  • أزهر الغربية: ختام تصفيات مسابقة "رواد اللغة العربية في الإعراب"
  • أزهر الشرقية: ختام تدريبات الصف الأول الإعدادي لُمعلمي "اللغة الإنجليزية والعلوم"
  • رانيا حسن تكتب.. كلامك بالعربي فخر ليس عيباً ولا حراماً
  • مجمع الملك سلمان للغة العربية يحتفي غدًا بالفائزين في مسابقة "حَرْف"
  • تعليم النواب: إلغاء اللغة الأجنبية الثانية قرار خاطئ.. وتعديل القانون يحتاج لأسس واضحة
  • دارسون جدد بمعهد السُّلطان قابوس لتعليم اللغة العربية
  • «ترك إرثا ثريا».. وزير الشؤون النيابية ينعى رئيس مجمع اللغة العربية
  • وزير المجالس النيابية ينعى رئيس مجمع اللغة العربية