وزير الاتصالات الفلسطينى فى حواره لـ«البوابة نيوز»: الاحتلال لم يتمكن من اختراق أنظمتنا الحكومية.. نحتاج 14 ألف لتر وقود يوميًا.. والمُحتل شرعن كل الأمور المُحرمة دوليًا لنفسه.. شاهد
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
وزير الاتصالات الفلسطينى الدكتور إسحق سدر فى حواره لـ«البوابة نيوز»
نعمل على مدار الساعة لحماية معلوماتنا المُشفرةالاحتلال دمر 70% من شبكاتنا.. و30% فقط لا يزال يقدم الخدمة تلقينا وعودا لدعم الاتصالات.. ولا شىء على أرض الواقعنعرف جيدًا كل نطقة اتصالات بحاجة للوقود وكم يكفيها وعدد اللترات والأيام للتشغيل على علماء اللغة إيجاد مُصطلحات جديدة لوصف بشاعة جرائم الاحتلالالقوانين الدولية مُقتصرة على جهات مُعينة ولا تسري على الاحتلاللم أتلق أي تهديد من الاحتلال.. وأنا لست أفضل من أبناء شعبي الذين يقدمون أرواحهم فداء للوطن
لم تعد الاتصالات في غزة شيئًا مألوفًا أو عاديًا بعد الـ7 من أكتوبر الماضي؛ إذ عمد الاحتلال الإسرائيلي على تدمير نحو 70٪ من شبكات الاتصالات الفلسطينية وتحديدًا في قطاع غزة؛ لتُصبح مركزية العدوان الإسرائيلي الغاشم ضد المدنيين والنساء والأطفال والمرضى في المستشفيات بمعزل عن محط أنظار العالم؛ يأتي ذلك تزامنًا مع قطع الكهرباء واستهداف الصحفيين والإعلاميين لإكمال أركان جرائم طمس الوقائع وتبديل الحقائق وإلصاق التهم بالمدنيين العزل.
ومنذ أكثر من 40 يومًا يعيش الشعب الفلسطيني وتحديدًا الغزاوي؛ أبشع الجرائم التي يُمارسها الاحتلال الإسرائيلي حتى بلغت وحشيته إلى قصف المُستشفيات ومحاصرتها واقتحامها وإخلائها قسرًا من المرضى والنازحين الذين يعانون في الأساس من قصف منازلهم وقتل أسرهم؛ يأتي ذلك وسط صمت دولي ومنع كل الخدمات من الماء والدواء والكهرباء والوقود؛ حتى تحولت غزة لمدينة أشباح؛ لا يُرى فيها سوى الأطلال وجثث الشهداء ودماء المصابين التي طالت كل شبر؛ ولا يُمسع فيها إلا أصوات الغارات والقصف وأنين الجرحى؛ بفعل القصف الذي يواصل الليل بالنهار.
«البوابة» حاورت وزير الاتصالات الفلسطيني وتكنولوجيا المعلومات الدكتور المهندس إسحق سدر لكشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي الذي نفذ أحد أكبر الجرائم والكوارث الإنسانية في العصر الحديث؛ مُحاولًا طمس الحقائق وتزييفها وتصدير روايته الكاذبة للعالم؛ ومنع نشر تفاصيل جرائم الهولوكوست التي يرتكبها ضد المدنيين والأطفال والنساء.. وإلى نص الحوار
■ هل يمكن إطلاعُنا على حجم الأضرار التي لحقت بشبكات الاتصالات والإنترنت فى غزة؟
- بداية؛ الأضرار التي لحقت بشبكات الاتصالات تُقدر بنحو ٧٠٪ وهي حصيلة أولية؛ وهناك ما يقرب من ٣٠٪ من الشبكات لا تزال تُواصل تقديم خدمات الاتصالات.
وقد خرج هذا العدد الكبير من الخدمة بسبب نفاذ الوقود الذي كان يُغذي مُولدات تشغل شبكات الاتصالات في الجنوب والوسط؛ أما مناطق الشمال فقد انقطعت الاتصالات نتيجة الدمار الكبير الذي شهدته وعدم القدرة على الوصول للشبكة الرئيسية.
أريد أن أوضح، أن الـ ٣٠٪ من الشبكات التي لم تتوقف عن الخدمة لا تزال تعمل على ما تبقى من مخزون الطاقة الكهربائية المتوفر في البطاريات ويكفي هذا المخزون لأقل من ٢٤ ساعة وستكون غزة بمعزل عن العالم؛ بسبب نفاد الوقود وبطاريات التخزين أيضًا.
نحن الآن نكثف من التواصل مع المؤسسات الأممية والدولية لضرورة إدخال الوقود للقطاعات المُختلفة من بينهم قطاع الاتصالات وضرورة إيصاله إلى الإحداثيات حتى تكون هناك مسارات آمنة للأطقم التي ستقوم بتغذية هذه المحطات إما بالوقود أوالإصلاحات اللازمة.
■ كم لترًا من الوقود تحتاجه وزارة الاتصالات الفلسطينية لاستمرار تشغيل ما تبقى من شبكات الاتصالات؟
- الـ ٣٠٪ من شبكات الاتصالات بحاجة يوميًا إلى ١٤.٥٠٠ لتر من الوقود؛ بالإضافة إلى أن شبكات الاتصالات التي تعمل على الطاقة الشمسية إذا لم يصلها الدمار وساعدتها الظروف الجوية؛ فهي مصدر آخر للطاقة واستمرار التشغيل؛ ولكن محطات الاتصالات الرئيسية تحتاج إلى الكهرباء والوقود حتى تواصل عملها.
■ في ظل نقص الوقود وتدمير ٧٠٪ من شبكات الاتصالات.. كيف تمكنتم من استمرار تقديم الخدمة؟
حرصًا على الدقة والمصداقية؛ فإن وزارة الاتصالات الفلسطينية لا تملك شبكات الاتصالات فهي مملوكة لشركات؛ ولكن وزارة الاتصالات الفلسطينية هي الجهة المنظمة لإدارة الأعمال؛ ولا نريد أن نغفل أن غزة تحت حصار ظالم وشديد جدًا منذ ٢٠ عامًا بما فيه الكهرباء؛ ولكن فعليًا على مدار الـ ٢٠ عامًا كان هناك تجهيز مهني عالي من الدقة لتشغيل الشبكات في أضيق الظروف.
فأبراج وعناصر شبكات الاتصالات تعمل على التيار الكهربائي إن توفر؛ وكل عُنصر تشغيل بجانبه مُولد كهربائي وخزان وقود إضافة إلى الطاقة الكهربائي والبطاريات؛ وهو الأمر الذي مُكن الشبكات خلال العدوان مُنذ أكثر من ٤٠ يومًا على الاستمرار في تقديم الخدمات؛ ناهيك أن خطوط الاتصالات الخلوية في الشوارع يصلها خُطوط أخرى من أكثر من مسار؛ حتى إذا تم تدمير مسار يُواصل المسار الآخر تقديم الخدمة.
■ ظل أزمة انقطاع التصالات.. كيف يتم تواصل الوزارات والمؤسسات الفلسطينية مع بعضها ومع المؤسسات الدولية؟
- الاتصالات ما بين المؤسسات المختلفة وخاصة الإغاثية كانت تتم عبر الخدمات الخلوية أوالشبكات الأرضية أوالإنترنت إذا توفرت في المنطقة؛ ولكن منذ الساعات الأولى للعدوان تم تدمير جزء كبير من الشبكات؛ ولكن ظلت بعض خدمات الاتصالات مستمرة وكانت تلبي جزءا صغيرا من خدمات الاتصالات وتواصل المؤسسات.
■ هل لديكم إحصائية أولية بعدد أبراج الاتصالات أومحطات البث التي تم قصفها من قبل الاحتلال؟
- نعم، لدى وزارة الاتصالات إحصائية أولية بعدد الأبراج التي تم قصفها وتدميرها على يد الاحتلال الإسرائيلي ولكن لا نريد التصريح بدقة عن هذه الأعداد في الوقت الحالي؛ لأن هناك عدد من الأبراج والمحطات توقفت عن العمل وليس بالضرورة أن يكون بسبب القصف فمنها المتوقف بسبب انقطاع التيار الكهربائي أو المصادر البديلة مثل البطاريات أو الوقود.
وإذا أردنا أن نتحدث عن ذلك بمهنية؛ لابد أن يكون هناك مسارات آمنة حتى تتمكن شركات الاتصالات من مُعاينة الأبراج ومحطات البث والتقوية؛ ولكن الاحصائيات الأولية تحتفظ بها وزارة الاتصالات وقد وضعت على خارطة تفاعلية وتم تجهيزها أيضًا لتقديمها للمؤسسات الدولية، وفي أي لحظة يتم إدخال الوقود والتنسيق الآمن فنحن كسلطة مسئولة عن الاتصالات نعرف جيدًا كل نطقة اتصالات بحاجة إلى الوقود وكم يكفيها من الوقود للتشغيل وعدد اللترات وأيام التشغيل.
■ هل تلقيتم أي دعم بشأن الانترنت وأبراج اتصالات وتقوية الشبكات في ظل العدوان على غزة؟
- تلقينا وعودا وكلاما جميلا جدًا من مؤسسات عربية ودولية؛ ولكن على أرض الواقع حتى الآن لم نرى أي دعم؛ ولكن الموضوع لم يتوقف التواصل بشأنه ونأمل أن يكون هناك استجابة وخصوصًا في ظل الأوضع الصعبة التي يعيشها قطاع غزة جراء العدوان الاسرائيلي.
■ هل تمكن الاحتلال من اختراق شبكات الاتصالات للمؤسسات الحكومية الفلسطينية؟
- على وجه العموم لا توجد أي تكنولوجيا محصنة بشكل دائم وأبدي؛ وكل شيء وارد ليس في فلسطين فقط ولكن بأي مكان في العالم؛ ومُلاحظتي خلال الفترة الآخيرة أن كثير من مجموعات تطبيق "الواتس آب" اخترقها ضباط من المخابرات الإسرائيلية ولدينا ما يثبت ذلك؛ فالأمور المُحرمة دوليًا الاحتلال شرعنتها لنفسه في زمن العدوان.
واعتقد أن المُحرمات التي ارتكمها الاحتلال يجعلنا نطالب علماء اللغات بضرورة إيجاد مًصطلحات جديدة لوصف جرائم الاحتلال؛ لأن المصطلحات الحالية باتت غير مُناسبة لوصف صف جرائم الاحتلال. فما يحدث في غزة من قبل العدوان الإسرائيلي المحتل؛ غير مسبوق على الإطلاق ضاربين كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان عرض الحائط.. وأعتقد أن هذه القوانين مُقتصرة على جهات مُعينة ولا تسري على الاحتلال الاسرائيلي.
■ بدوركم كمسئول في الحكومة الفلسطينية.. كم هجمة سيبرانية وقعت على المؤسسات الفلسطينية؟
- نحن لا تتوقف الهجمات السبرانية ضدنا؛ ولكن بالنادر جدًا أن تتمكن هذه الهجمات السيبرانية من اختراق مؤسساتنا الحكومية؛ وإذا تم اختراق شيء فيكون الاختراق "على الفاضي" فنحن كدولة فلسطين مُشفرين بياناتنا بالشكل السليم؛ ولكن آخر فترة تكثيف الهجمات ضد المؤسسات الحكومية؛ ولكن أيضًا الكادر الذي يعمل على تصدي هذه الخدمات يعملون ٢٤ على مدار ٧ أيام في الأسبوع من المكاتب والبيوت والشوارع لا ينامون؛ وشبه يومي تردني التقارير عن كل الهجمات السبرانية؛ ولكن سنظل صامدون إلى الأبد.
وأنا أؤكد أن ٩٠٪ من صمودنا مبني على قدرتنا البشرية والقدرات العلمية المتوفرة لدى الشعب الفلسطيني؛ بالإضافة إلى الأمور التكنولوجية والذكاء الاصطناعي والعديد من المسارات المُختلفة لحماية البيانات.
وأنا مسؤول بالحكومة الفلسطينية أقولها بملء الفم: لم يتمكن أحد من اختراق أنظمتنا الحكومية؛ ولكن عن مُحاولات الاختراق "حدث ولا حرج".
■ في ظل العدوان الإسرائيلي.. ما هي أبرز الأولويات التي تعمل عليها وزارة الاتصالات؟
- بشكل عام.. فإن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وفتح ممرات آمنه للإغاثة هي أبرز أولويات الحكومة الفلسطينية؛ لأن الناس جعات وفقدت المياه والكهرباء والأدوية وغيرها؛ أما واجبي كوزيرًا للاتصالات في الحكومة الفلسطينية هو أن يظل قطاع الاتصالات يُواصل تقديم الخدمة؛ من أجل ذلك فإن جميع ساعات الليل والنهار تعمل كوادر وزارة الاتصالات والشركات من أجل تحصيل الوقود بكل السبل المُتاحة ودعم البُنى التحتية بجميع القطاعات في الدولة بما فيها غزة.
■ بعد أكثر من ٤٠ يومًا على العدوان.. كيف ترى الأوضاع في غزة؟
- الأوضاع في غزة كارثية جدًا والوقد بات مطلبًا هامًا وضروريًا للحياة؛ حتى الوقود المخصص لمضخات المياه الجوفية والتوزيع نفد؛ وباتت تعمل هذه المضخات في الطوارئ فقط.. ونحن هنا نتحدث عن المناطق التي سماها الإسرائيلين بالمناطق الأمنة في الجنوب؛ والتي هي تقصف أيضًا وتعاني من نُدره المياه والدواء والغذاء.
نُشاهد إبادة جماعية على الأهالي في قطاع غزة؛ ناهيك عن الممارسات التي يرتكبها الاحتلال في محافظات الضفة الغربية؛ «شيء لا يوصف»؛ وأنا أراه «حقد مع رغبة في الانتقام» فالاحتلال يعتدي على الناس وأعراضهم وممتلكاتهم.. إن الوضع الذي نعيشه لا نراه من قبل.
سابقًا كنا نشهد أحيانًا تصرفات شبه فردية من جنود الاحتلال أوالمستوطينين؛ ولكن اليوم نحكي عن كوارث بشعة لم نشهدها منذ ١٩٦٧؛ وأنا أعتقد أن العقد النفسية التي عاشها الاحتلال طول عمرهم تخرج الآن على الفلسطينيين المدنيين؛ ولاعلاقة لهذه العقد بجنس البشر.. أنا بحكي لك بشكل رسمي وأنا مسئول وعمري ٦٠ سنة: هذه العنجهية التي لم نراها من الاحتلال سببها منح إسرائيل الضوء الأخضر من الدول الشريكة في جرائم الاحتلال في غزة أو الضفة الغربية.
■ بصفتك مسؤولا بارزا في الحكومة الفلسطينية.. هل تلقيت أي تهديد من جيش الاحتلال؟
- لم أتلق أي تهديد من إسرائيل.. ولكن للتوضيح الاحتلال لا يُهدد؛ الاحتلال يُخرب يمنع يقطع يُدمر يقتل؛ وأنا شخصيًا أقولها: «يا جبل ما يهزك ريح.. أنا لست أفضل من أبناء شعبي الذين يقدمون أرواحهم شهداء أو جرحى». احنا أصحاب حق.. احنا أصحاب البلد.. سواء بتهديد أو بقتل أو بضرب أو بتخريب لم ولن نتازل عن أرضنا.
بدنا استقلالنا وحقنا؛ وبدنا سريان العمليات السياسية في التوصل للحل العادل والدائم ولدينا ثوابت فلسطينية؛ والحل العسكري لن يجلب الأمن للمحتل وستبقى هذه المنطقة على نار موقدة إذا ظل الحق الفلسطيني منزوع.
■ هل يمكن إطلاعنا على أبرز مناقشات الحكومة الفلسطينية في زمن العدوان؟
- الحكومة تتابع عن كثب وعلى مدار الساعة؛ الأصعدة كافة التي وصلت إليها القطاعات وخاصة الصحية والمياه والكهرباء والاتصالات والعمل على إعادتها للحياة مرة أخرى؛ في ظل العدوان الغاشم الذي يواصل قصف غزة؛ وهي متحملة مسئولياتها في الضفة وفي غزة. وحاليا يتم تجهيز قوافل إغاثات في الضفة لوصولها إلى الأهالي في غزة؛ خاصة وأن المواطني الغزاوي يُعانى منذ أكثر من ١٥ عاما من الحصار الظالم ثم تعرض لحرب الإبادة العرقية التي نشهدها.. قائلًا: «كفى للعالم صمته عن جرائم الاحتلال.. ومن المؤكد أن التاريخ سيجلها وصمة عار على جبين كل من ساند ودعم الاحتلال».
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: طوفان الأقصى وزير الاتصالات الفلسطيني غزة القدس وزير اتصالات فلسطين قطع الاتصالات غزة تحت القصف قصف فلسطين قصف غزة إسرائيل الاحتلال شبكات فلسطين اتصالات فلسطين شبكة مصر الى غزة قصف غزة 2023 حرب غزة العدوان على غزة الصحة في غزة وزارة الصحة الفلسطينية حقوق الإنسان القدس عربية فلسطين عربية التصعيد حرب غزة 2023 حرب أوكرانيا الصحة مستشفيات مجمع الشفاء مجمع القدس أبو عبيدة القسام حماس اتصالات غزة قطاع غزة الاتصالات الفلسطینیة الاتصالات الفلسطینی العدوان الإسرائیلی الحکومة الفلسطینیة من شبکات الاتصالات وزارة الاتصالات وزیر الاتصالات جرائم الاحتلال الاتصالات ا ا الاحتلال من اختراق على مدار أکثر من فی غزة التی ی
إقرأ أيضاً:
تبون عن ادعاء وجود مساعادات فرنسية إلى الجزائر.. لا نحتاج إلا لله (شاهد)
أعرب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن استغرابه مما يتم تداوله في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، على خلفية الأزمة الأخيرة بين البلدين، حول مزاعم تتعلق بتلقي الجزائر أموالاً ومساعدات فرنسية والتهديد بوقفها، واصفاً ذلك بأنه "جهل بالجزائر".
وأكد تبون، خلال كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح الجلسات الوطنية للسينما، أن "الجزائر لا تحتاج إلا إلى الله عز وجل وأبنائها فقط"، مضيفاً: "أصدقاؤنا نضمهم ونحبهم، ومن أراد معاداتنا فذاك شأنه". وأشار إلى أن ما يتم تداوله من تصريحات يظهر "جهلاً بالجزائر"، لافتاً إلى أن هناك من يدّعي أن فرنسا تقدم للجزائر مساعدات مالية، وهو أمر غير صحيح.
وجاءت تصريحات الرئيس الجزائري رداً على تهديدات مسؤولين فرنسيين، موجهة أساساً إلى الرأي العام الفرنسي، بوقف ما يزعمون أنها مساعدات تنمية تُقدّم للجزائر، حيث ادعى اليمين المتطرف الفرنسي أن هذه المساعدات تصل إلى 800 مليون يورو. إلا أن هذه المزاعم تم تفنيدها حتى من قبل وسائل إعلام فرنسية قامت بالتحقيق في الموضوع.
الجزائر ليست في حاجة إلا لله وأبنائها"
خطاب الرئيس #عبد_المجيد_تبون كاملاً pic.twitter.com/fho3KEzMp5 — بوابة الجزائر - Algeria Gate (@algatedz) January 19, 2025
من جانبها، نفت وكالة الأنباء الجزائرية، التي تعبّر عن التوجه الرسمي، وجود أي مساعدات فرنسية للجزائر، واعتبرت أن هذه الادعاءات محاولة للضغط على الجزائر، خاصة من قبل اليمين المتطرف الفرنسي. وأوضحت الوكالة أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تتمثل في الصادرات الفرنسية إلى الجزائر، التي بلغت 3.2 مليار دولار في عام 2023، والاستثمارات الفرنسية التي لم تتجاوز 2.5 مليار دولار، وهو رقم وصفته بالضئيل مقارنةً باستثمارات دول أخرى مثل تركيا والولايات المتحدة وقطر.
أما فيما يتعلق بما يُطلق عليه "مساعدات التنمية"، فقد كشفت وكالة الأنباء الجزائرية أن إحصائيات المفوضية الأوروبية لعام 2022 تُظهر أن القيمة الإجمالية لهذه المساعدات لا تتجاوز 130 مليون يورو. وأشارت الوكالة إلى أن 80% من هذه الأموال تُنفق داخل فرنسا لدعم مؤسساتها التعليمية التي تستقبل طلبة جزائريين، وذلك وفقاً لأولوياتها الاقتصادية. أما النسبة المتبقية، فتُوجّه لدعم أنشطة تخدم المصالح الفرنسية في الجزائر، مثل الترويج للغة والثقافة الفرنسيتين.
وأكدت الوكالة أن ما يُسمى "مساعدات" لا يعدو كونه عملية تدوير للأموال داخل فرنسا ولصالحها، حيث لا تشارك الجزائر في تحديد أولويات هذه الأموال أو توجيهها. وبالتالي، لا يمكن اعتبارها مساعدات حقيقية أو ذات تأثير على التنمية الاقتصادية في الجزائر. وأضافت أن الجزائر تبني نهضتها الاقتصادية والاجتماعية اعتماداً على إمكانياتها الذاتية، بعيداً عن أي شكل من أشكال التبعية أو الوصاية الخارجية.
واختتمت الوكالة تصريحاتها بتعليق ساخر، قائلة: "في حال وجود هذه المساعدات فعلياً، فإن الجزائر مستعدة للتخلي عنها وبصدر رحب".
برونو لورو يجدد الأزمة
في خضم الأزمة الحالية بين الجزائر وفرنسا، أعاد وزير الداخلية الفرنسي برونو لورو، المعروف بتوجهاته اليمينية المتشددة تجاه الجزائر، تأكيد اعتباره الأحداث الأخيرة "إهانة" لبلاده، متوعداً بالرد.
وقال لورو في تصريح لقناة "بي إف إم تي في" الإخبارية الفرنسية إن باريس "أُهينت" من قبل الجزائر عندما رفضت الأخيرة استقبال مؤثر جزائري تم ترحيله من فرنسا إلى وطنه قبل فترة وجيزة.
وأضاف الوزير الفرنسي أن "الجزائر لم تحترم القانون الدولي عندما رفضت دخول هذا المؤثر، الذي كان يحمل جواز سفر بيومترياً يثبت جنسيته، إلى أراضيها".
كما تطرق لورو إلى قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الموقوف في بلده الأم، قائلاً إنه "يجب على فرنسا أن تختار سبل الرد على الجزائر". وأكد أن هذا الرد يجب أن يكون "حازماً"، منتقداً ما وصفه بـ"عدوانية الجزائر تجاه باريس"، مشيراً إلى أن فرنسا بذلت جهوداً كبيرة على طريق المصالحة، لكنها لم تتلقَ سوى "إشارات عدوانية" من الجانب الجزائري.
واختتم بالقول إن "كبرياء فرنسا جُرح بسبب الإساءة التي وجهتها الجزائر".
إلغاء اتفاقية 1968
كما أثار الوزير الفرنسي مسألة اتفاقية 1968 الموقعة بين البلدين، معرباً عن رغبته في إنهاء العمل بها. وتنص هذه الاتفاقية، التي وُقعت في 27 كانون الأول/ ديسمبر 1968، على منح الجزائريين مزايا خاصة تتعلق بالسفر إلى فرنسا والإقامة والعمل فيها.
وقد جاءت الاتفاقية في وقت كانت فرنسا فيه بحاجة ماسة إلى اليد العاملة الجزائرية، حيث تتيح للجزائريين دخول فرنسا دون الحاجة إلى تأشيرة إقامة طويلة، والإقامة بحرية لممارسة الأنشطة التجارية أو المهن المستقلة، فضلاً عن منحهم أولوية في الحصول على تصاريح إقامة لمدة 10 سنوات مقارنة بمواطني دول أخرى.
غير أن هذه الاتفاقية، التي خضعت لأربع تعديلات على مدار السنوات، فقدت الكثير من مزاياها الأصلية، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى عائق أمام تسوية الأوضاع القانونية للجزائريين في فرنسا.
وقد كشفت جمعية المحامين الجزائريين الفرنسيين، في بيان مفصل، عن حقيقة تطبيق هذه الاتفاقية على أرض الواقع، مؤكدة أن الامتيازات التي يتم الترويج لها قد تضخمت بشكل كبير، بينما الواقع يشير إلى عكس ذلك.