تحتفل سلطنة عمان باليوم الوطني الخالد، كخلود تاريخها العريق الذي يصادف الثامن عشر من شهر نوفمبر من كل عام، خاصة مع التحولات الجذرية الإيجابية المستمدة من تفاؤل أبناء الوطن بمستقبل وطنهم وبقائدهم الفذ، بل واستمرارا لنهضتها التي آمن بها السلطان الراحل - طيب الله ثراه- وبلور تقدمها المستدام جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله - فراهن على أبناء الوطن، موقنا بشبابها ومتمسكا بتراثها وأصالة الوطن، فأطلت هكذا سلطنة عمان وخلال أيامها هذه معبرة بعيدها وأرضها تقطف الخير المستمر والمشاريع الضخمة التي رافقت نمو عُمان الاقتصادي المطرد.
ففي خطابه الذي افتتح به الدورة الثامنة لمجلس عمان، سلط جلالة السلطان - حفظه الله - الضوء على بعض النقاط المهمة المتعلقة بالتقدم والازدهار الشامل للبلاد، مؤكدا أن المجلس بمثابة العمود الفقري للإطار الهيكلي للدولة، دافعا جلالته إلى مواصلة هذه الشراكة بين جناحي المجلس لما يألوه -رعاه الله - من توقعات كبيرة لدورهم المنشود.
ومن النقاط المهمة الأخرى التي أثارها جلالته خلال كلمته، اقتصاد عمان والتحديات التي يواجهها العالم. وبدا جلالته على علم بالمشاكل الاقتصادية العالمية ولكنه كان سعيدًا وراضيًا عن التقدم الذي تحرزه سلطنة عمان، مع الاهتمام طبعًا بتوسيع الجذور الاقتصادية لعمان. بلا شك أن الخطاب كان طويلًا ومفصلًا للغاية، وتمت مناقشة جميع الأمور المهمة بشكل علني. على سبيل المثال، تحدث جلالته عن خدمات الرعاية الصحية، بالإضافة إلى مرافق الرعاية الصحية المختلفة في ربوع الوطن، وكذلك كيف يساعد قطاعا التعليم والخدمات الناس وأطفالهم على النمو على المستوى الشخصي والمهني.
ولعل ما ميز هذا العيد الوطني، تلك الكلمات الواضحة والدقيقة من لدن المقام السامي، دافعا برؤساء وحدات الدولة، والمسؤولين للنظر إليها والسعي لتحقيقها حسب الوقت المحدد والمرسوم له. وهذا مثل كان جليا مع إيلاء جلالته المزيد من الاهتمام لقطاع التعليم. فعلى سبيل المثال، سيتم تقديم مناهج متقدمة وجديدة وأفضل ومحسنة حتى تتمكن أجيالنا القادمة من الاستعداد لمواجهة تحديات الغد وتعزيز اقتصاد عمان. وقد تتزايد التطورات والفرص الحالية، خاصة وأن سلطان البلاد وأبناء الوطن ينظرون بشكل حثيث للتنافس مع أفضل دول العالم وأكثرها تقدما في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي، أوضح جلالته أن الحكومة ستواصل التزامها بالعالم الرقمي. وسوف تولي اهتماما خاصا لاقتصادها الرقمي لأن هذا سيحدد أحد عناصر تقدم البلاد. ومن المتوقع تقديم برامج جديدة وضمان الاستخدام الحكيم والسليم للذكاء الاصطناعي. وربما جاء هذا الحرص تأكيدا بأن محرك نمو سلطنة عمان وتقدمها ونجاحها وازدهارها وحريتها المالية يعتمد على مدى جودة واحترافية ارتباط البلاد بالعالم الرقمي.
ومن هنا وتحديدا في هذا العيد الوطني الثالث والخمسين لسلطنة عمان، تطلب الحث المستمر للرؤية الشاملة، بل إن الغرض والرسالة لهذا الخطاب هي توضيح أن رؤية عمان الوطنية ٢٠٤٠ كانت واحدة من أهم أولويات جلالته -أيده الله-. ومن هذا المنطلق يبدو أن مستقبل عمان واعد ومشرق- بإذن الله -، ويمكن القول إن كل جزء من البلاد سيشهد نموًا هائلًا خلال الفترات القادمة، وخير دليل ما كان خلال السنوات القليلة الماضية.
ختاما، جميل أن نربط هذا الخطاب لجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- باليوم الوطني لعمان؛ لأنه يخلق وعيًا لدى الناس بما يجري في بلادهم وكيف يمكنهم الاستمرار في جني الخير على امتداد تاريخ هذا الوطن، بمثابرة أبنائه ووعيهم خلف ولي الأمر وسلطان البلاد. فأي بلد ما عندما يكون قويًا اقتصاديًا، يؤدي ذلك قطعا إلى خلق المزيد من فرص العمل، ويحصل مواطنوه على ما يكفي من الرخاء والكثير من الفرص للاحتفال بلحظات مختلفة من الحياة. اليوم الوطني حتما يدور حول الاحتفال، مع وجود ما يكفي من الرخاء المستمر، حتى أننا يمكننا اعتبار كل يوم يومًا وطنيًا؛ لأننا سنكون قادرين على العيش في رخاء وأمان وازدهار حقيقي ليرسم البسمة على وجوهنا وجوه أحبائنا... كل عام وأنتم بخير... كل عام وسلطان البلاد وأرض السلطنة في عز وفخار.
د. يوسف بن علي الملا طبيب - مبتكر وكاتب عماني.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تحتضن الحدث الأضخم في الطاقة والاستدامة بالمنطقة
تستعد مسقط لاحتضان أحد أكبر الأحداث المتخصصة في قطاع الطاقة والاستدامة على مستوى المنطقة، حيث يُقام خلال شهر مايو المقبل أسبوع الاستدامة ومعرض ومؤتمر النفط والغاز (OPES)، بمشاركة واسعة من خبراء ومؤسسات دولية ومحلية، تعكس أهمية هذه الفعالية في مسيرة التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي أقيم اليوم بمسقط، حيث ستجمع هاتان الفعاليتان خبراء عالميين وصانعي السياسات وقادة الصناعة لتبادل الخبرات والمناقشات حول تحول الطاقة، والاستدامة، وتنويع الاقتصاد.
ويشارك في الفعاليتين أكثر من 350 شركة عارضة من أكثر من 30 دولة لعرض أحدث منتجاتها وخدماتها، إضافة إلى مشاركة أكثر من 2400 شخص في المؤتمر من أكثر من 30 دولة، وأكثر من 500 متحدث خبير من مختلف أنحاء العالم.
وسيُعقد أسبوع عُمان للاستدامة تحت شعار "التنمية المستدامة: تحقيق التوازن بين التقدم والحفاظ على البيئة"، بينما سيُقام معرض عُمان للبترول والطاقة 2025 بالتوازي تحت شعار "توجيه عملية التحول في مجال الطاقة من خلال الابتكار في قطاع البترول والغاز".
ويأتي الحدث هذا العام بنقلة نوعية، تجمع بين الابتكار في قطاع النفط والغاز والتوجهات العالمية للاستدامة، ليشكل منصة حيوية لتبادل الخبرات، وعرض أحدث التقنيات، ومناقشة التحديات الراهنة في الطاقة والمناخ والاقتصاد، وسط حضور كثيف من الخبراء وصناع القرار والمهتمين من مختلف أنحاء العالم.
حدث متكامل لمستقبل طاقي مستدام
وقال الدكتور علي بن سالم الراجحي، مدير عام التخطيط بوزارة الطاقة والمعادن: إن إقامة "أسبوع الاستدامة" سيكون في مسقط، وذلك خلال الفترة من 12 إلى 15 مايو 2025 في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض. ويأتي الحدث هذا العام بحلة جديدة ومتميزة يشهد فيها دمج مؤتمر النفط والغاز (OPES) ضمن فعالياته، في خطوة تعكس التوجه المتكامل نحو بناء مستقبل طاقي مستدام يجمع بين الابتكار والاستثمار في الحلول الصديقة للبيئة.
وأوضح الراجحي أن أسبوع الاستدامة سيقام برعاية صاحب السمو السيد تيمور بن أسعد آل سعيد، حيث سيتضمن حفل الافتتاح كلمتين رئيسيتين يلقيهما متحدثان بارزان، أحدهما من مركز مارك كاثر في المملكة المتحدة، والآخر رئيس جمعية مهندسي النفط والغاز، ما يعكس البعد الدولي للحدث وأهميته المتزايدة.
وسيركز الأسبوع على مجموعة من المحاور الحيوية، من أبرزها مستقبل الطاقة، وإدارة المياه والنفايات، والاستدامة في القطاعات الاقتصادية والخدمية المختلفة. وتوقع الدكتور الراجحي أن يشهد هذا العام مشاركة واسعة وزخمًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن أكثر من 120 شركة ستشارك ضمن فعاليات أسبوع الاستدامة، إلى جانب العديد من الشراكات المحلية والدولية التي ستكون جزءًا من معرض OPES المصاحب.
وأكد أن النسخ السابقة من الحدث شهدت نجاحًا كبيرًا، وطرحت العديد من المبادرات والابتكارات النوعية في مجال الاستدامة، مشددًا على أن حضور نخبة من الخبراء والمختصين من داخل سلطنة عمان وخارجها كان له دور محوري في طرح حلول عملية تلبي تحديات الاستدامة محليًا وإقليميًا.
وأعرب عن تفاؤله الكبير بنجاح نسخة هذا العام من أسبوع الاستدامة، مؤكدًا أن الفعالية تمثل منصة حيوية لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات، بما يدعم تطلعات سلطنة عمان نحو اقتصاد مستدام وتنمية متوازنة.
أوراق فنية متخصصة وفرصة لتبادل الحلول
من جانبه، أكد صالح بن علي العمبوري، مدير عام استكشاف وإنتاج النفط والغاز في وزارة الطاقة، أن هذا الحدث، الذي يُقام في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض خلال الفترة من 12 إلى 14 مايو 2025، يمثل منصة علمية مهمة تُعرض من خلالها أوراق فنية عالية الجودة، تم اختيارها بعناية لضمان تقديم محتوى تقني متخصص يثري قطاع الطاقة.
وأوضح أن عدد الأوراق المقدمة هذا العام كان كبيرًا جدًا، مما استدعى عملية فرز دقيقة لضمان جودة المخرجات، مشيرًا إلى أن المؤتمر يشهد سنويًا إقبالًا واسعًا من الخبراء والمختصين، حيث يحرص المشاركون على التواجد حتى اللحظات الأخيرة، وهو ما يعكس القيمة العلمية الكبيرة لهذا الحدث.
وأضاف إن المؤتمر يتضمن جلسات نقاشية متخصصة (سيشنز) تغطي عدة محاور، أبرزها تحولات الطاقة، والوصول إلى الحياد الصفري، وكفاءة الطاقة، إلى جانب استعراض أحدث الحلول والتقنيات التي من شأنها مواجهة تحديات القطاع.
ولفت العمبوري إلى أن الحدث يشكل فرصة ثمينة لالتقاء الخبراء والفنيين من مختلف دول العالم، إلى جانب الشركات ومزودي التكنولوجيا، بهدف تبادل المعرفة وتقديم حلول واقعية لتحديات قطاع الطاقة، خاصة في ظل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
كما أكد العمبوري أن سلطنة عُمان تمضي قدمًا في تنفيذ برامج واضحة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وأن لديها مبادرات معترفا بها دوليا وموثقة في الأمم المتحدة، ضمن التزامها بتعزيز الاستدامة البيئية، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان تسعى جاهدة لتحقيق التوازن بين زيادة إنتاج النفط والغاز من جهة، وخفض الانبعاثات وتحقيق الاستدامة من جهة أخرى، مؤكدًا أن المؤتمر يمثل فرصة استراتيجية مهمة، ليس فقط لمناقشة التحديات الحالية، بل أيضًا لاستشراف المستقبل عبر تبني الحلول المبتكرة في قطاع الطاقة.
دعم وطني لحدث بمستوى عالمي
من جهة أخرى، أعرب المهندس محمد بن أحمد الغريبي، مدير الشؤون الخارجية والعلاقات الحكومية والاتصالات في شركة تنمية نفط عُمان، عن اعتزاز الشركة باستضافة اثنتين من أبرز الفعاليات في قطاع الطاقة لهذا العام، وهما: مؤتمر ومعرض أسبوع الاستدامة، ومعرض ومؤتمر النفط والغاز (OPES)، واللذان من المقرر أن ينطلقا خلال شهر مايو المقبل في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
وأشار الغريبي إلى أن هذه الفعاليات تحظى بأهمية كبيرة، ليس فقط على مستوى سلطنة عُمان، بل على مستوى المنطقة ككل، نظرًا لما تستقطبه من مشاركات واسعة من خبراء ومهتمين، سواء من خلال الحضور المباشر لجلسات النقاش، أو من خلال المعارض التي تستعرض أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجالات النفط والغاز والاستدامة بمختلف أبعادها البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف: "نحن في شركة تنمية نفط عُمان نرى أن دعم هذا الحدث يُسهم في ترسيخ مكانة سلطنة عمان كمنصة دولية لتبادل الخبرات والتجارب، حيث يتيح البرنامج للمؤتمر فرصًا ثمينة للحوار الفني والتنفيذي، ما يعزز من تبادل المعرفة والخبرات بين المشاركين من مختلف دول العالم".
وكشف الغريبي أن عدد أوراق العمل المسجّلة هذا العام قد شهد نموًا بنسبة 29% مقارنة بالعام الماضي، حيث تم تقديم 1181 ورقة علمية من أكثر من 42 دولة، إلى جانب 23 مؤسسة من داخل وخارج سلطنة عمان، وأشار إلى أن ما يزيد عن ثلث هذه الأوراق كان من داخل سلطنة عُمان، مما يعكس حجم الكفاءات الوطنية والإمكانات الفنية المتقدمة التي يتمتع بها قطاع الطاقة في البلاد.
كما سلط الضوء على الأثر الاقتصادي والسياحي لهذه الفعاليات، مشيرًا إلى أن تأثيرها يتجاوز نطاق قطاع الطاقة، حيث بلغ حجم الأثر الاقتصادي للحدث في نسخة العام الماضي أكثر من مليوني ريال عُماني خلال أيام معدودة، وأضاف إن التقديرات تشير هذا العام إلى تسجيل أكثر من 20 ألف ليلة فندقية، إلى جانب استفادة القطاع السياحي بشكل مباشر، نظرًا لبقاء عدد من الزوار لفترات أطول لاكتشاف المعالم الثقافية والطبيعية لسلطنة عُمان.