لجريدة عمان:
2025-04-16@23:59:13 GMT

بايدن وشي يقطفان الثمار الدانية

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

«قِـمة أفضل بين بايدن وشي؟»، كان هذا عنوان تعليق نُـشِـر لي الشهر الماضي، وكان التركيز على علامة الاستفهام. ويرجع هذا إلى سبب وجيه: إذ كانت قمة العام الماضي في بالي فاشلة. فبسبب سوء التحضير والمبالغة في التركيز على الشعارات (وضع «أرضية» للعلاقات الأمريكية الصينية المضطربة)، سرعان ما أُحـبِـطَـت أي محاولة لتخفيف التوترات بعد أن أسقطت الولايات المتحدة بالون المراقبة الصيني في فبراير.

ولم يكن هناك ما قد يضمن توصل الاجتماع في سان فرانسيسكو إلى نتائج أفضل.

النبأ السار هنا هو أن قمة سان فرانسيسكو كانت أفضل حقا مقارنة باجتماع العام الماضي. المهم في الأمر أن الجانبين تعاملا مع التحضيرات بقدر أعظم من الجدية هذه المرة.

لم يقتصر الأمر على استئناف المشاركة الدبلوماسية الرفيعة المستوى في الصيف، مع الزيارات التي قام بها إلى بكين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، ووزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، ووزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو، ومبعوث المناخ جون كيري. بل كان تحديد القضايا الرئيسية التي من الممكن أن يتعاون الرئيسان بشأنها ويتفقان عليها في نهاية المطاف على ذات القدر من الأهمية.

جزء من الأسباب التي دفعتني إلى كتابة تعليقي الأخير كان رغبتي في تقديم إطار يمكن من خلاله تقييم قمة سان فرانسيسكو. يستند حكمي المبدئي في اليوم التالي للقمة إلى مقارنة دقيقة للتصريحات الرسمية الصادرة عن الجانبين، والمؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد القمة، والخطاب الذي ألقاه الرئيس شي جين بينج أمام مجموعة من قادة الأعمال الأمريكيين في مأدبة عشاء في سان فرانسيسكو، والتقارير المتعمقة التي قدمتها منافذ إعلامية كبرى. ليس من المستغرب، وفقا لنموذجي على الأقل، أن يكون معظم التقدم الذي تحقق محصورًا في أهداف واضحة قابلة للتحقق إلى حد ما، أو ما أسميه «الثمار الدانية». ويبرز هنا مجالان: استئناف الاتصالات بين المؤسستين العسكريتين، والجهود المشتركة للتعاون بشأن أزمة الفنتانيل (مستحضر دوائي مسكن). في غياب أي علامات تشير إلى انحسار التوترات في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، لا يملك أي من الطرفين تَـرَف تحمل خطر انقطاع الاتصالات العسكرية مرة أخرى كما حدث أثناء نكبة البالون.

باعتبارهما قوتين عظميين مسؤولتين، لم يكن من الوارد اختيار أي تصرف غير إعادة تأسيس الحوار المنتظم بين وزارتي الدفاع. الواقع أن أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة تتحدث عن نفسها، حيث تشكل الجرعات الزائدة من هذه المادة الأفيونية التخليقية أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الأمريكيين من سن 18 إلى 45 عاما؛ وكان هذا سببا في تسليط ضوء قوي على سلسلة العرض الصينية من المواد الكيميائية الأولية التي يستخرج منها الفنتانيل باعتبارها مصدر نفوذ لا جدال فيه في معالجة أزمة مروعة.

كما قُـطِـفَـت ثمار أخرى أقل أهمية في سان فرانسيسكو. فبالإضافة إلى تعهد مشترك بزيادة الرحلات الجوية المباشرة العام المقبل والاعتراف المشترك بالحاجة إلى توسيع نطاق التبادلات الثقافية والرياضية والتجارية، قال شي إن الصين على استعداد لدعوة خمسين ألف أمريكي شاب إلى البلاد في إطار برامج التبادل والدراسة على مدار السنوات الخمس المقبلة. علاوة على ذلك، كان إعلان شي عن استعداد الصين لاستئناف التعاون مع الولايات المتحدة في مجال الحفاظ على الباندا مفاجأة سارة؛ فبعد رحيل ثلاثة من حيوانات الباندا مؤخرا من واشنطن العاصمة، من الواضح أن هذا الإعلان ضرب على وتر عاطفي لدى عدد كبير من محبي الحيوانات بين الأمريكيين، وأنا منهم.

في كتابي الأخير «صراع المصادفة»، ركزت على أهمية إيجاد أرضية مشتركة نستطيع إعادة بناء الثقة عليها. كنا نفتقر بشدة إلى أجندة مشتركة في هذا العصر الذي يتسم بتصاعد الصراع الصيني الأمريكي. وعلى الرغم من عدم وجود وصفة بسيطة لتبديد الشكوك المتبادلة، وخاصة بعد العداوة التي دامت طوال السنوات الخمس ونصف السنة الأخيرة، فإن قطف الثمار الدانية في سان فرانسيسكو يمثل خطوات صغيرة مهمة على الطرق إلى حل الصراع.

أتمنى لو كان بوسعي أن أقول الكلام ذاته عن بابين آخرين من أبواب حل الصراع التي تناولتها في تعليقي السابق: التهديدات الوجودية (تغير المناخ والصحة العالمية) التي يواجهها البلدان والتحسينات التي أُدخِـلَـت على بنية المشاركة. كان الاستثناء الوحيد الملحوظ ما يسمى اتفاق سونيلاندز، الذي أُبـرِم عشية قمة سان فرانسيسكو، والذي يَـعِـد بتأسيس فريق عمل جديد يسعى إلى دفع عجلة التعاون المناخي قبيل مؤتمر الأمم المتحدة المقبل المعني بتغير المناخ (مؤتمر الأطراف 28 COP28) في دبي.

على النقيض من هذا، لم نشهد أي تقدم ملموس في إدارة الذكاء الاصطناعي، باستثناء الاتفاق على الحاجة إلى إجراء محادثات ثنائية للحد من المخاطر التي تفرضها أنظمة الذكاء الاصطناعي. كما لم يحدث أي تقدم في مجال الأمن السيبراني، أو حقوق الإنسان، أو الاحتكاكات الإقليمية ــ وجميعها قضايا لها تاريخ طويل من المحادثات بين القوتين العظميين. في ما يتصل ببنية المشاركة، كان كل شيء يدور حول الدبلوماسية وأقل القليل كان مرتبطا بالتحول إلى نموذج مؤسسي لتعميق وإدامة الروابط المشتركة والعلاقات. مع تولي الدبلوماسيين على الجانبين قيادة الاجتماع، لم تكن هذه نتيجة مفاجئة. ولكن في ضوء قمة العام الماضي الفاشلة في بالي، يصيبني هذا بالحيرة. فبرغم أنني أنسب إلى الدبلوماسية الماهرة الفضل في إشعال شرارة التحول نحو العودة إلى المشاركة، والتعاون، وبناء الثقة، فإن هذه المهارات لا تضمن إقامة علاقة صامدة قادرة على تحمل اضطرابات غير متوقعة. في عامنا هذا، كان بالون المراقبة الصيني ــ فمن يدري ماذا قد يأتي لاحقا؟ في هذا العصر الذي يديره زعماء غير مخضرمين ومقيدون سياسيا، ما زلت أعتقد أن حل النزاعات بين القوتين العظميين يتطلب أكثر من مجرد دبلوماسية شخصية. وتظل الحجة مُـقـنِـعة لصالح الطابع المؤسسي كمكمل لحل الصراع الدبلوماسي. ورغم أنها لم تحقق النجاح المنتظر في سان فرانسيسكو، فإن الأمانة العامة الصينية الأمريكية تظل خياري المفضل لتعزيز الأدوات اللازمة لنزع فتيل الصراعات وإصلاح العلاقات الثنائية. صحيح أن قمة سان فرانسيسكو تجاوزت المستوى المتواضع الذي تحقق في بالي. ولكن تظل تساؤلات عميقة بشأن ملامح الصراع الصيني الأمريكي قائمة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية التي حفزت هذا الصراع. الواقع أن هذه القضايا نالت قدرا ضئيلا إلى حد مدهش من الاهتمام في بيانات وتصريحات القمة التي دامت أربع ساعات. في نهاية المطاف، كان من الأسهل كثيرا على بايدن وشي قطف الثمار الدانية.

ستيفن س. روتش عضو هيئة التدريس في جامعة ييل ومؤلف كتاب «غير متوازن: الاعتماد المتبادل بين أمريكا والصين» والصراع العرضي: أمريكا والصين وصراع القوى. روايات كاذبة.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قمة سان فرانسیسکو فی سان فرانسیسکو

إقرأ أيضاً:

بايدن: لم نشهد انقساما داخليا بهذا العمق من قبل

وجه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، اليوم الأربعاء، انتقادات حادة لإدارة دونالد ترامب، محذرا من "تفكيك الضمان الاجتماعي" واتساع الانقسام في البلاد. وذلك في أول خطاب علني له منذ خسارة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية العام الماضي.

وألقى بايدن كلمته في مؤتمر "المدافعون والمستشارون وممثلو ذوي الإعاقة" في مدينة شيكاغو، حيث قدّم نفسه كمدافع عن الفئات الضعيفة والبرامج الاجتماعية التي تخدم ملايين الأميركيين، في مواجهة ما وصفه بـ"النهج المدمر" للإدارة الجديدة.

وقال بايدن "لا يمكننا الاستمرار كأمة منقسمة بهذا الشكل. لم نشهد انقساما بهذا العمق من قبل.. لا نريد أن نفقد أميركا التي نؤمن بها، أميركا العدالة والمساواة".

وأضاف أن الأضرار التي لحقت بالمؤسسات الحكومية في أقل من 100 يوم "مذهلة"، متهما إدارة ترامب بتطبيق "عقلية شركات التكنولوجيا الناشئة" التي تعتمد على شعار "تحرك بسرعة وحطم الأشياء".

حملة التسريحات

كذلك، اتهم بايدن الإدارة الجديدة بإحداث اضطرابات كبيرة داخل وكالة الضمان الاجتماعي، حيث تم تسريح نحو 7 آلاف موظف حكومي، مما تسبب في تعطيل الخدمات بما في ذلك الموقع الإلكتروني للضمان الاجتماعي.

وتابع أن "عشرات الآلاف من الأميركيين لا يستطيعون تسجيل الدخول إلى حساباتهم، والسبب؟ تقليص عدد الموظفين في قسم تكنولوجيا المعلومات إلى النصف".

إعلان

وشدد بايدن على أهمية حماية الضمان الاجتماعي، واصفا إياه بأنه "وعد مقدس". وأضاف "لأول مرة في التاريخ، يشعر الناس بالخوف من احتمال تأخير أو وقف صرف مستحقاتهم".

كما اتهم الجمهوريين بالسعي لتفكيك الوكالة بغرض الاستيلاء على أموالها لتمويل التخفيضات الضريبية التي تعود بالنفع على الأثرياء والشركات الكبرى، وقال: "يريدون تدمير الصندوق حتى يتمكنوا من سرقته. إنهم يسعون لجعل التخفيضات الضريبية لعام 2017 دائمة، والتي ستكلفنا 5 تريليونات دولار. ومن أين ينوون تغطية هذه التكلفة؟ من أموال المتقاعدين والمعاقين".

وأكد الرئيس الأميركي السابق أن الضمان الاجتماعي يستحق الحماية لصالح الأمة بأكملها، مضيفا: "الأمر لا يتعلق بالمعاشات التقاعدية فحسب، بل باحترام رابطة الثقة الجوهرية بين الدولة والشعب". وشدد على أن ضرب هذه الثقة يقوّض أسس المجتمع الأميركي ويزعزع استقراره الاجتماعي.

من جهتها، سارعت إدارة الضمان الاجتماعي إلى الرد على تصريحات بايدن، ووصفتها بـ"الكاذبة" عبر منشورات على منصة "إكس". وأكدت الوكالة أن ترامب "أكد مرارا التزامه بحماية الضمان الاجتماعي"، وأنها استثمرت 16.5 مليون دولار في تحديث خدماتها التكنولوجية.

كما نفت الوكالة تسريح نصف طاقم قسم التكنولوجيا، وأشارت إلى أن التحقيقات كشفت عن مدفوعات غير سليمة بقيمة 72 مليار دولار خلال الفترة من 2015 إلى 2022، وأن أكثر من مليوني مهاجر حصلوا على أرقام ضمان اجتماعي دون الحصول على تصريح عمل.

ويتزامن خطاب بايدن مع انطلاق حملة ديمقراطية وطنية للاحتجاج على التخفيضات المحتملة في الضمان الاجتماعي، حيث نُظمت مظاهرات في عدة ولايات أميركية للمطالبة بحماية البرنامج.

مقالات مشابهة

  • بايدن في أول ظهور علني: إدارة ترامب سببت أضرارا فادحة في أقل من 100 يوم
  • بايدن يهاجم ترامب في أول خطاب له منذ مغادرته البيت الأبيض
  • انتقادات واسعة لـ بايدن بسبب مصطلح عن الأطفال
  • بايدن يهاجم ترامب في أول خطاب له منذ مغادرته السلطة
  • بايدن يهاجم ترامب في أول خطاب منذ مغادرته السلطة
  • بايدن: لم نشهد انقساما داخليا بهذا العمق من قبل
  • في أول خطاب له منذ رحيله .. بايدن ينتقد إدارة ترامب
  • ترامب: بايدن وزيلينسكي السبب في اندلاع الحرب بأوكرانيا
  • ترامب: اللوم يقع على بايدن وزيلينسكي وبوتين في حرب أوكرانيا
  • ترامب يحمل بايدن وزيلينسكي وبوتين مسؤولية حرب أوكرانيا