جان برنارد بيناتيل يكتب: صناعة الأسلحة.. هدف إستراتيجي مهم للغاية بالنسبة لروسيا بعد تحول الصراع الأوكرانى إلى حرب استنزاف
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
تواجه أوكرانيا صعوبات متزايدة بسبب اعتمادها على توريد الأسلحة والذخائر الغربية، وهو ما يزيد من تفاقم المشكلة، بسبب إدارة أسطول من المعدات غير المتجانسة (أكثر من عشرة أنواع من المركبات المدرعة، والمدافع، وأنظمة AA، وما إلى ذلك)، والتى يطرح مشكلة تدريب العاملين على صيانتها وتوافر قطع الغيار اللازمة لها.
إضافة إلى ذلك، يعتمد استبدال المعدات الجديدة أو الحصول عليها كليًا على الولايات المتحدة التى تعدل حجم ونوعية ووتيرة العرض حسب رغبتها، كما أعلن فى ١ نوفمبر ٢٠٢٣ لمجلة "الإيكونوميست" رئيس الأركان الأوكرانى الجنرال فاليرى زالوزني.
حيث قال: "من خلال الحد من إمدادات أنظمة الصواريخ بعيدة المدى والدبابات، سمح الغرب لروسيا بإعادة تجميع صفوفها وتعزيز دفاعاتها بعد الاختراق المفاجئ فى منطقة خاركيف فى الشمال وخيرسون فى الجنوب فى نهاية عام ٢٠٢٢. لقد كانت الأكثر أهمية بالنسبة لنا فى العام الماضي، لكنها وصلت هذا العام فقط"، كما يقول.
وبالمثل، فإن طائرات F-١٦، المقرر إطلاقها فى العام المقبل، أصبحت الآن أقل فائدة، كما يشير الجنرال، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن روسيا قامت بتحسين دفاعاتها الجوية، ويحذر: يمكن لنسخة تجريبية من نظام الصواريخ S-٤٠٠ الروسية أن تصل إلى ما هو أبعد من مدينة دنيبرو على الأقل.
وأخيرًا وليس آخرًا، مع قرب نهاية عام ٢٠٢٣، فإن الغرب أفرغ مخزونه من الذخيرة، وخاصة القذائف، ولن يتمكن من إنتاجها بمعدل الاحتياجات الأوكرانية على الأقل حتى عام ٢٠٢٥.
روسيا وصناعة الأسلحة
فى المقابل، أصبحت صناعة الأسلحة الروسية منذ عام ٢٠١٨ هى الثانية فى العالم من حيث صادرات الأسلحة بعد الولايات المتحدة ومتقدمة بفارق كبير عن بريطانيا وفرنسا، خاصةً أن أرقام معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام لا تأخذ فى الاعتبار مبيعات الأسلحة إلى الصين وكوريا الشمالية، بسبب عدم وجود بيانات موثوقة.
خلال هذه الفترة، مثلت مبيعات الأسلحة هذه أكثر من ضعف إجمالى نفقات معدات الجيش الروسى وأنظمة الأسلحة المعنية، خاصة الأسلحة البرية من الجيل الأحدث والأكثر كفاءة من الأسلحة الموجودة فى الخدمة مع القوات البرية فى فبراير ٢٠٢٢.
بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للبلدان التى تقيم موسكو معها علاقات طويلة الأمد مثل الهند والصين اللتين اشترتا ٤٠٪ من الصادرات الروسية خلال هذه الفترة، سُمح للمصنعين الروس بتزويدهم بتراخيص التصنيع. وهذا يتيح لروسيا أن تتمتع بقدرة إنتاجية على أراضيها وبين عملائها أكبر بكثير من احتياجاتها فى وقت السلم. كما يوفر هذا الوضع مزايا حاسمة فى زمن الحرب.
وهكذا، لاستبدال المعدات التى دمرت فى ساحة المعركة، وتزويدها بالذخيرة وتجهيز جيش جديد، الجيش الذى أعاد الروس إنشاءه بفضل تعبئة ٣٠٠ ألف جندى احتياطي، تمكن القادة الروس من الاستفادة من الزيادة فى الإنتاج المخطط لجيشهم من ثلاث روافع أخرى:
١) تأخروا بسبب "القوة القاهرة" فى تسليم المواد المنتجة لعملائهم وأعادوا توجيهها إلى جيشهم؛
٢) قاموا بشراء معدات تم إنتاجها بموجب ترخيص من الدول التى تقيم معها موسكو علاقات استراتيجية طويلة الأمد مثل الهند والصين. وهكذا فى الهند، أكبر مشتر للأسلحة الروسية، أنتجت شركة هندوستان للملاحة الجوية المحدودة (HAL) الهندية بموجب ترخيص أكثر من ٢٠٠ مقاتلة ثقيلة من طراز Su-٣٠MKI منذ عام ٢٠٠٠ باستخدام الألومنيوم والتيتانيوم الذى تزودها به روسيا.
وهذا هو الحال أيضًا بالنسبة لكوريا الشمالية، التى شحنت أكثر من مليون قذيفة إلى روسيا منذ أغسطس الماضي، وفقًا لسيول. وقال البرلمانى يو سانج بوم إن جهاز المخابرات الوطنى يقدر أنه تم إرسال ما يقرب من مليون قذيفة إلى موسكو. وتقوم كوريا الشمالية بتشغيل مصانعها بكامل طاقتها لتلبية الطلب من روسيا.
٣) أعادوا شراء المعدات أو قطع الغيار من عملائهم التى سلموها لهم بالفعل: "سعت روسيا لاستعادة أجزاء من الأنظمة الدفاعية التى صدرتها إلى دول مثل باكستان وبيلاروسيا والبرازيل، فى إطار محاولتها تجديد المخزونات الضخمة من الأسلحة التى أنفقت على الحرب فى أوكرانيا. وفى أبريل، طلب وفد من المسئولين الروس الذين زاروا إحدى هذه الدول من رئيسها إعادة أكثر من ١٠٠ محرك مروحية روسية تحتاجها موسكو للحرب فى أوكرانيا، حسبما قال ثلاثة أشخاص مطلعين على المفاوضات. وأضافوا أن رئيس تلك الدولة وافق، ومن المتوقع أن يبدأ تسليم حوالى ١٥٠ محركًا فى ديسمبر".
وعندما نضيف هذا العامل الحاسم، إلى المزايا الاستراتيجية والتكتيكية التى تتمتع بها روسيا، والبلاء الأخلاقى والشخصى للجيش الأوكراني، والصراع فى الشرق الأوسط الذى بدأ فى ٧ أكتوبر والذى يقسم الاهتمام وكذلك المساعدات المأمولة وفى سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث وصف مرشح جمهورى زيلينسكى بأنه "نازي"، فإن عام ٢٠٢٤ يعد بأن يكون دراماتيكيًا بالنسبة لأوكرانيا.
لذا لا ينبغى لنا أن نطرح السؤال التالي: هل تخاطر أوكرانيا، برفضها التفاوض الآن على أساس المقترحات الروسية، بخسارة المزيد من الأراضى فى عام ٢٠٢٤؟
الجنرال جان برنارد بيناتيل: قائد عسكرى سابق، حاصل على الدكتوراه فى العلوم السياسية، وكانت أطروحته للماجستير فى مجال الفيزياء النووية.. ومؤلف ستة كتب جيوسياسية منها: «تاريخ الإسلام الراديكالى ومن يستخدمه».. يستعرض بخبرته العسكرية وبما لديه من معلومات مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية.. ويخلص إلى أنه قد لا يكون أمام كييف لإنقاذ نفسها، سوى القبول بالمفاوضات على أساس المقترحات الروسية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: صناعة الأسلحة الصراع الأوكراني حرب استنزاف جان برنارد بيناتيل روسيا أکثر من
إقرأ أيضاً:
سوريا بين خرائط “برنارد لويس” وحكومة الجولاني (استطلاع)
يمانيون../
يُوشك الشهر الرابع على الانتهاء منذ سقوط نظام الأسد وسيطرة جماعة الجولاني على زمام الحكم في سوريا، والوضع القاتم في البلد لا زال سيد الموقف.
لا يعرف السوريون أي مصير ينتظرهم في المستقبل، كل ما يؤملونه هو دولة حقيقية ذات تأثير إيجابي المعروف سابقا بدرة الشام، ناهيك عن دورها العروبي والقومي المعروف منذ عقود طويلة من الزمن.
وبالرغم من الإقرار الدولي السريع للحكومة الجديدة المعبرة عن ما يعرف بـ”تحرير الشام” بقيادة أحمد الشرع الذي سارع لإجراء تغييرات شاملة في غضون فترة وجيزة تصب كلها في خدمة الجماعات التكفيرية، وبالرغم من الزيارات الدولية من وإلى سوريا، غير أن توغل العدو الصهيوني في المحافظات السورية وبالتحديد القنيطرة وبعض من أجزاء محافظة درعا وريف دمشق يضع العديد من الاستفهامات؛ فلماذا الصمت المريب من الجماعات الحاكمة السورية إزاء التوغل الصهيوني!؟
وأمام تمادي العدو الصهيوني في الاعتداء على سوريا، وتعمده استهداف مخازن أسلحة الجيش. لم تتخذ الإدارة الجديدة أي خطوات ملموسة لمواجهة الخطر الداهم على سوريا بالرغم من تحرك تلك الإدارة بشكل نشط ومكثف لتامين الحدود مع لبنان لقطع الإمدادات عن حزب الله، الأمر الذي يكشف حقيقة الدور المناطق بها.
مخططات القضاء على المقاومة
في هذا السياق يؤكد الناشط السياسي عبد العزيز أبو طالب أن إسقاط النظام السوري وتغييره أتى كمخطط صهيوني دولي كبير بهدف القضاء على بيئة المقاومة.
ويوضح -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن الأحداث الغوغائية والفوضى التي تحدث في سوريا أتت كجزاء عقابي لموقفها الثابت في دعم المقاومة ورفضها التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ويبين أن العدو الصهيوني وحلفاءه أعدوا حربا عالمية على النظام السوري منذ ما يقارب 14عاماً بهدف القضاء على النظام السوري المقاوم، موضحا أن ما يسمى بالجماعات الثورية في سوريا كانت تبعث الرسائل تلو الرسائل التطمينية للكيان الصهيوني والتي تهنئه في مختلف مناسباته.
ما نشرته وسائل الإعلام العبرية وبعض وسائل الإعلام المحسوبة على الفصائل الثورية المعارضة للنظام السوري من مشاهد لتلقّي بعض ما يسمى بالثوار للعلاجات داخل مستشفيات العدو الصهيوني، وزيارة نتنياهو وعدد من مسؤولين صهاينة للجرحى “الثوار” أثناء المعارك السورية حجة دامغة على اندماج ما يسمى بالثوار مع الكيان الصهيوني، وتطبيعهم العلني المسبق معه.
يعزز تلك الأدلة تصريحات المجرم نتنياهو أثناء إعلان وقف إطلاق النار مع لبنان، والتي أقر خلالها أن سقوط نظام بشار بات وشيكا جدا لتتحرك على ضوئها مختلف الجماعات المسلحة بالرغم من جمودها في أمكان سيطرتها لأربعة أعوام من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
ويوضح أبو طالب أن رئيس حكومة العدو الصهيوني المجرم نتنياهو أعطى إشارة البدء للجماعات المسلحة بالتحرك صوب دمشق وإسقاط نظام بشار، وهو ما حدث خلال أسبوع فقط.
ويشير إلى أن تصريحات الجولاني أنه لا يعتبر نفسه في عداء مع الكيان الصهيوني ثم بدء العدو باستهداف الجيش والمخازن العسكرية والأهداف الإستراتيجية للقوات السورية دليل قاطع على أن ما يسمى بالجولاني جزء لا يتجزأ من مؤامرة استهداف المقاومة، ولا يستطيع أن يخالف الدور المرسوم له، معتبرا صمت الشرع وحكومته أمام التوغل الصهيوني في الأراضي السورية دليل إضافي على عمالة الحكومة للكيان الصهيوني.
ويلفت إلى أن مخطط تقسيم سوريا يمشي على قدم وساق، وأن أدوات العدو الصهيوني في الداخل والإقليم تقوم بالمشاركة في جريمة التقسيم وإدخال البلاد في أتون الصراعات الطائفية والعرقية؛ كما هو مخطط لها في ما تسمى خرائط برنارد لويس لتقسيم الدول العربية وإضعافها لتتمكن “إسرائيل” من احتلال الأراضي العربية لإقامة ما تسميها “إسرائيل الكبرى”.
التوسع الصهيوني في سوريا
عشية سقوط نظام بشار الأسد قامت “الحكومة” الصهيونية بإصدار قرار ضم الجولان السوري إلى الكيان الصهيوني وإلى الأبد، وهي مؤشرات توحي بأن العدو الصهيوني بات يدرك جيدا تغير الوضع في سوريا، وأن النظام المقاوم الذي طالب طيلة عقود من الزمن بعودة الجولان المحتل تغير، وأصبح نظام اليوم غير الأمس.
وفي هذا السياق يؤكد أستاذ الوعي السياسي بهيئة الحشد الشعبي العراقي قاسم العبودي أن العدو الصهيوني لم يكتفِ بالإعلان الرسمي لضم الجولان السوري وحسب، وإنما وسع احتلاله للأراضي السورية ليشمل مناطق واسعة في السويداء والقنيطرة وجعلها غلافا أمنيا لحدود فلسطين المحتلة.
ويقول -في تصريح خاص لموقع أنصار الله- “الاعتداءات الصهيونية على سوريا تزامنت مع صمت مطبق من قبل ما تسمى بحكومة الشرع، والأنظمة العربية التي دفنت رأسها في رمال الخزي والعار كما دفنتها أيام طوفان الأقصى المبارك”.
ووفق العبودي فإن قيام قوات العدو الصهيوني بتدمير أسلحة الجيش السوري من الدبابات والطائرات المقاتلة الجاثمة في المطارات السورية، وكذلك السفن التجارية الراسية في الموانئ بحجة تهديدها للأمن القومي الصهيوني على مسمع ومرأى من الحكومة الجديدة يعطي دلالات واضحة وجلية عن عمالة الحكومة الجديدة وتواطؤها مع الكيان الصهيوني.
ويؤكد أن إصرار الدول العربية والخليجية على مباركة استلام الجولاني لزمام إدارة الملف الحكومي في سوريا هو وجه آخر من وجوه التطبيع مع الكيان الصهيوني الإرهابي.
ويرى العبودي أن الفشل الكبير بإبرام صفقات التطبيع مع الدول الخليجية والذي قطعها طوفان الأقصى تم إحياؤه بطريقة أخرى عبر تأييد النظام الجديد في سوريا من قبل الأنظمة العربية التي ضغطت واشنطن عليها من أجل مباركة التنظيم الإرهابي لأحمد الشرع في سوريا.
ويعُدُّ العبودي صمت الجولاني على احتلال الأراضي السورية من قبل الكيان الصهيوني أمرا طبيعيا جداً، معتبرا الجولاني إحدى أدوات العدو الصهيوني وأكثرها إخلاصاً في المنطقة.
هروب صهيوني من فشل طوفان الأقصى
في معركة طوفان الأقصى مُني العدو الصهيوني بهزيمة مدوية وتاريخية لم يشهد لها مثيل، وهو ما دفع العدو الصهيوني إلى تعويض هزيمته المدوية وفشله الكبير في سوريا.
وحول هذه الجزئية يقول العبودي “ما عجز عنه الكيان الصهيوني في طوفان الأقصى سيحققهُ لهم الشرع. في قادم الأيام نرى بأن الاستراتيجية الجديدة للكيان الصهيوني تقوم على الاحتواء المبرمج الناعم عبر أدواتها”.
ويضيف “الشرع الآن أهم أداة من هذه الأدوات بعد الأنظمة الخليجية في تطبيق استراتيجية الاحتواء المبرمج. إن دخول الأنظمة الخليجية فضلاً عن واشنطن وأنقرة يمهد الطريق للجولاني بأن يكون عراب التقسيم السوري للأراضي السورية التي كانت -مجازاً- جزءاً من محور المقاومة”.
ويلفت إلى أن الفشل الذي نالته “إسرائيل” من قبل المحور المقاوم اليمني واللبناني والفلسطيني والعراقي جعل “تل أبيب” وواشنطن تغيران من سياستهما بالتعاطي مع المحور، وكان أول هذا التغيير ابتلاع الأراضي السورية ومن ثم تقسيمها إلى أقاليم مرتبطة بأجندات خارجية.
ويختتم العبودي حديثه بالقول ” حدود فلسطين المحتلة ستكون مع العراق وليس مع سوريا، باعتبار أن الجيش الصهيوني سيتمدد باتجاه الحدود العراقية التي ذهب وفدها الرسمي لمباركة الجولاني للأسف الشديد”.
ويضيف “لكن عزاءنا أن هذه الحكومة غير ممثلة للشعب العراقي بالمطلق، وأنها ستتغير عبر صناديق الاقتراع قريباً جداً. أكررها مرة أخرى أن الجولاني أو أحمد الشرع هو جنرال الكيان الصهيوني في دمشق، ولا أستبعد قيام معاهدة تطبيع سوري-إسرائيلي بالمدى القريب.
وأمام المتغيرات في سوريا والتي تخدم بلا شك العدو الصهيوني وتحقق مشروعه المتمثل في ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى” فإن صحوة الشعب السوري وتحركه وفق فصائل مقاومة كفيل بإفشال المخطط الصهيوني، وهو ما يتوقع العديد من السياسيين حدوثه مستقبلا.
موقع أنصار الله – محمد المطري