البوابة نيوز:
2024-09-09@05:41:49 GMT

خالد علي يكتب: أشجار الكراهية

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

أثناء متابعتي للحرب على غزة، وسطوع نجم أسماء مثل (أبوعبيدة، ومحمد الضيف، ويحيي السنوار)، وهم من قادة حماس الميدانيين، تعجبت أن البعض قد اختزل المقاومة الفلسطينية في حماس وقادتها، مستبعدًا دور الشعب الفلسطيني، والمقاومة بكافة فصائلها.. ربما لا يعلم البعض أن  نظرة الشعب المصرى لحركة حماس يشوبها الشك والريبة باعتبارها عدوًا للدولة المصرية، فلا زال المصريون يحتفظون في ذاكرتهم الوطنية ما فعلته حماس إبان أحداث ٢٥ يناير والتي أُطلق عليها زورًا (الربيع العربي) بما جرى فيها من عمليات اختراق للحدود المصرية  واقتحام السجون وتهريب عناصر خطرة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين  وحزب الله اللبناني  عام ٢٠١١، ويدرك المصريون جيدًا أن حماس هي الفرع الفلسطيني لجماعه الإخوان المسلمين التي بدورها خططت لاختلاق الفوضى ومن ثم محاولة قلب نظام الحكم والسيطرة الكلية على عدد من دول المنطقة.

والآن وبسبب العدوان الإسرائيلي الوحشي في تعامله مع الشعب الفلسطيني وقتلهم الممنهج لأهل غزة، وبخاصة النساء والأطفال والشيوخ وامتداده إلى الضفة الغربية، مما أكسب المقاومة تعاطفًا كبيرًا، وأصبح ينظر إلى المقاومة على أنها المخلص والبطل، فما أشد فرحة المواطن العربي عندما يرى شابًا ملثمًا يرتدى ملابس خفيفة ويحمل قاذفة من عيار (الياسين ١٠٥ وهي صناعة فلسطينية خالصة ١٠٠٪)، ويقوم بقنص دبابة ميركافا ٤ (وهي فخر الصناعة الأمريكية – الإسرائيلية) من المسافة صفر، وتسمع ذلك الملثم وهو يتمتم ببضع آيات من القرآن مع التكبير، وإذا بـ(الميركافا) كتلة من النار، وتجد المشاهدين يصيحون بعبارات الثناء والشكر على هذا البطل، فقد أصبحنا نصفق لجنود المقاومة برغم اختلافنا مع حماس في مشروعها العقائدي، وربما يذكرني هذا بحادثة حدثت منذ عقود، فقد أخبرني أحد أصدقاء العائلة المقربين أنه أثناء عرض فيلم المجاهد الليبي عمر المختار (أسد الصحراء) في أحد دور العرض الأوروبية، وكان يحضر ذلك العرض بجانب بعض من أبناء الجالية العربية والأوروبيين، وأثناء مشاهدة الفيلم نجد المخرج السوري مصطفي العقاد استطاع أن يجذب عطف المشاهد الغربي وذلك من خلال المشاهد المتتابعة التي تجسد وحشية المستعمر الإيطالي واغتصابه للأرض والعرض على حد سواء، وصورة القتل الجماعي على الطريقة الرومانية القديمة، حيث يقف الضابط الإيطالي ومن أمامه صف من القرويين الليبيين ووجوههم نحو الجدار، وبيد الضابط سلاحه ويقوم بحصر أعداد القرويين ثم يقوم بإطلاق النار علي صاحب العدد رقم عشرة، ومشهد آخر أكثر بشاعة عندما يجر الجنود الإيطاليون فتيات قاصرات ونساء لاغتصابهن، علاوة على إحراق الطعام وردم الآبار، كما صور المخرج العبقرى المقاومة العربية الليبية في صورة رجل مسن يعلم الصبية القرآن الكريم في أحد الكتاتيب ويقود أفراد المقاومة بأسلحة عتيقة بالية، وقد نجح العقاد في إكساب المقاومة الليبية تعاطفًا كبيرا لدى المشاهد الغربى، فكان الأعجب أن يشاهد صديق العائلة قاعة العرض تضج بالتصفيق من جميع الحاضرين على حدٍ سواء عندما يتم تدمير مدرعة إيطالية أو يُقتل ضابط أو جندى إيطالي، رغم اختلافهم مع عمر المختار في العقيدة وأسلوب المقاومة إلا أنهم صفقوا له ورفعوا له القبعة احترامًا، وفي نهاية الفيلم نجد مقولة لعمر المختار تصبح دستورًا لأى مقاومة وكلمة مأثورة يرددها الجميع حتي اليوم "نحن قوم لا نستسلم، ننتصر أونموت".

وهكذا نرى أن التاريخ يعيد نفسه، فبسبب الغباء السياسي والعربدة الإسرائيلية التي تمارسها حكومة نتنياهو المتطرفة على الشعب الفلسطيني، فإن ما يحدث يمكن أن نسميه بزراعة أشجار الكراهية كل يوم، فلا عجب عندما نجد أن أبا عبيدة أصبح أيقونة للمقاومة ضد أى محتل، ذلك الشخص النحيف الغامض الصارم في لهجته، حوله الاحتلال الإسرائيلي لبطل شعبي، وقد يندهش البعض عندما يعلم أن الأفراح الشعبية في مصر أصبحت تتغني ببطولات أبي عبيدة، وبمقدار ما نجح المخرج العقاد في فيلمه فى اكتساب تعاطف المتلقى الأوروبي لشخصية عمر المختار، فقد خسرت إسرائيل كثيرًا من  تعاطف شعوب العالم الذى انتقل تعاطفه إلى الشعب الفلسطيني وصنع أيقونة جديدة للمقاومة خلفًا لأيقونة عمر المختار.

وهنا يكمن السؤال الكبير: هل استمرار الحرب وقتل المدنيين والاعتداء على المستشفيات وغيرها من الفظائع التى ارتكبت في هذه الحرب الوحشيه، يصب في مصلحة إسرائيل أم في مصلحة فصائل المقاومة الفلسطينية؟ والسؤال الأكبر هو هل هذه الحرب ستخدم عملية السلام وتخدم تحقيق السلام في المنطقه وإمكانية التعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي؟

منذ بداية العدوان على قطاع غزة وتحديد إسرائيل لأهدافها الاستراتيجية التي جعلت من عدوانها (معادلة صفرية)، إلا أنها حققت حتى الآن أمرين إثنين وهما: أنها أخرجت القطاع الصحى الفلسطينى من المشهد والذى كان بدوره يقوم بحصر أرقام الوفيات والجرحى الأمر الذى كان يضعف من الرواية الإسرائيلية ويتسبب في إحراجها على الصعيد الشعبى (داخليًا وخارجيًا).

الأمر الثانى، أنها نجحت فى جعل المقاومة الفلسطينية خاصة (حركة حماس) تكتسب الكثير من التعاطف فى العالم العربي والإسلامي ومنها شعوب الدول التي كانت على عداء مع حركة حماس، مما جعل من حماس تتطور من مجرد كيان محدود داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى فكرة والفكرة لا حدود جغرافية لها ولا مكان محدد، تمامًا مثلما حدث مع تنظيم ما يسمي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فعندما خسر الأراضي التى كان يسيطر عليها تحول إلي فكرة،

وعندما خسر هذا التنظيم الأراضي التي كان يسيطر عليها ظن البعض أن داعش قد اختفى ولكن الجميع اكتشف أن عناصره والتى تسمى بالذئاب المنفردة قد ظهرت، وأصبحت تطارد الدول الأوروبية على أراضيها بعمليات نوعية وفردية ألحقت الكثير من الخسائر البشرية والمادية في تلك الدول، وبات واضحًا أن التنظيم الداعشى أصبح فكرة.

ويفرض المشهد نفسه بسؤال تفرضه المتغيرات التى حدثت وهو: هل من الممكن أن نرى في المستقبل القريب مثل هذا التحول مع  مناصرى حركة حماس من الذئاب المنفردة الجديدة كأحد تداعيات العدوان داخل الدول الداعمة لإسرائيل في عملياتها الوحشية.

وغنى عن البيان أن تلك العمليات الإسرائيلية تعد على صعيد القانون الدولى والإنساني جرائم ضد الإنسانية كما أنها تطهير عرقي للشعب الفلسطيني، الأمر الذى يستوجب المحاكمة والعقاب، كما حدث في محاكمات (نورمبرج) ضد النازيين، ومحاكمات قادة (الصرب) في يوغسلافيا السابقة، وفي تقديري أن تلك الخطوة واجبة النفاذ بحكم القانون وحتى لا نرى تكرار ولادة ذئاب منفردة بعد أن تم تمهيد الأرض لزراعة حقول الكراهية بأشجار تمت بذورها على جثث ودماء عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال على مدار الساعة ليل نهار، وهو أمر سيجعل تنظيمات وعناصر عديدة تنتقم  لكل ما حدث وبهذا تنتشر النيران الحارقة فى ربوع المنطقة ويمتد دخانها فى كثير من عواصم ومدن العالم.. فهل ينتبه العالم لليوم الآتى فى أية لحظة؟.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: خالد علي الحرب على غزة أبوعبيدة يحيي السنوار قادة حماس الشعب الفلسطيني العدوان الإسرائيلي العربدة الإسرائيلية المقاومة الفلسطينية الشعب الفلسطینی عمر المختار

إقرأ أيضاً:

دكتور مصطفي ثابت يكتب.. حكاية أم خالد وضرورة تأهيل وتطوير مؤثري تيك توك

في زيارتي الأخيرة إلى مدينة الإسكندرية، لاحظت أمرًا مثيرًا للاهتمام. بينما كنت أستمتع بجمال المدينة وتاريخها العريق، وجدت أن أولادي قد كوّنوا معرفة عميقة حول تفاصيل المدينة، ليس من الكتب أو المناهج الدراسية، بل من خلال متابعة سيدة تُدعى “أم خالد” عبر منصة تيك توك. أصبحت هذه المؤثرة، دون أن أدري، مصدرًا أساسيًا لمعلوماتهم عن الإسكندرية، بل وقدمت لهم تفاصيل لم أكن أتصور أنهم سيهتمون بها.

 

هذا الموقف أثار في ذهني تساؤلات حول الدور الذي يلعبه مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل وعي الأجيال الجديدة. ومع تزايد تأثير هؤلاء المؤثرين، أصبح من الضروري التفكير في كيفية ضمان جودة ودقة المعلومات التي يطرحونها. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هؤلاء المؤثرين، لا يمكننا إنكار أنهم أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من الواقع الاجتماعي والثقافي الذي نعيشه.

 

دور المؤثرين في تشكيل وعي الشباب

 

اليوم، يُعتبر المؤثرون على منصات مثل تيك توك وإنستغرام ويوتيوب مصادر رئيسية للمعلومات والترفيه للعديد من الشباب. هؤلاء المؤثرون لديهم ملايين المتابعين، ويؤثرون بشكل مباشر في اختياراتهم، أفكارهم، وحتى أسلوب حياتهم. ومع هذا التأثير الكبير، يبرز تساؤل حول مدى استعداد هؤلاء المؤثرين لتحمل مسؤولية الدور الذي يلعبونه.

 

أهمية دقة المعلومات وجودتها

 

من خلال تجربة أولادي مع “أم خالد”، أدركت مدى خطورة الاعتماد الكلي على المحتوى الذي يُقدمه المؤثرون. فبينما قد يكون هناك محتوى ذا قيمة ومفيد، فإن هناك أيضًا محتوى قد يكون غير دقيق أو غير مسؤول. لذلك، يجب أن نضع ضوابط ومعايير تضمن أن يكون المحتوى المقدم على هذه المنصات يتمتع بالجودة والمصداقية، خصوصًا أن تأثيره قد يصل إلى شريحة واسعة من الشباب.

 

مقترح إنشاء الأكاديمية الوطنية للمؤثرين

 

من هنا، أرى ضرورة ملحة لإنشاء أكاديمية وطنية تُعنى بتأهيل وتطوير مؤثري تيك توك وبقية منصات التواصل الاجتماعي. هذه الأكاديمية ستكون بمثابة مركز لتدريب المؤثرين على مجموعة من المهارات والمعايير التي تضمن تقديم محتوى مسؤول وهادف. يمكن أن تشمل برامج الأكاديمية:

  • التدريب على الإعلام الرقمي: حيث يتعلم المؤثرون أساسيات التحرير الإعلامي، والتأكد من دقة المعلومات التي يقدمونها.

  • المسؤولية الاجتماعية: تعلم المؤثرين كيفية تقديم محتوى يعكس القيم الاجتماعية الإيجابية ويدعم المبادرات المجتمعية.

   •  دراسات الجمهور: فهم طبيعة الجمهور المستهدف واحتياجاته لضمان تقديم محتوى يلبي هذه الاحتياجات بشكل دقيق وفعّال.

 

التأثير الإيجابي المتوقع

 

من خلال هذه الأكاديمية، يمكن للمحتوى الذي يقدمه المؤثرون أن يتحول إلى أداة قوية لبناء وعي ثقافي وتعليمي واجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم الأكاديمية في تطوير معايير مهنية تضع المؤثرين في موقف يكونون فيه قادرين على تقديم محتوى لا يعزز فقط معرفتهم الشخصية، بل يسهم أيضًا في تثقيف وتوجيه متابعيهم بشكل صحيح.

 

في الختام، فإن تأثير المؤثرين على تيك توك وغيرها من المنصات الرقمية لا يمكن إنكاره. ومع هذا التأثير، تأتي مسؤولية كبيرة. إنشاء أكاديمية وطنية لتأهيل هؤلاء المؤثرين هو خطوة ضرورية لضمان أن يكون المحتوى الذي يقدمونه مسؤولًا، دقيقًا، ويعكس القيم المجتمعية والثقافية التي نرغب في ترسيخها لدى أجيالنا القادمة.

مقالات مشابهة

  • حمدان: الضيف بخير ولا زال على رأس عمله يمارس دوره كقائد للمقاومة
  • كيف اختير السنوار رئيسا لحماس وما التغييرات التي شهدتها الحركة؟
  • أسامة حمدان: الاحتلال تنتظره مفاجآت في الضفة والمفاوضات لا تحتاج مبادرات جديدة
  • خالد ميري يكتب: في صدارة القوة الناعمة
  • خالد ناجح يكتب: كلام مصري
  • حماس تؤكد: نتنياهو هو من يعطل الصفقة وهو من يتحمل مسؤولية قتل الأسرى
  • دكتور مصطفي ثابت يكتب.. حكاية أم خالد وضرورة تأهيل وتطوير مؤثري تيك توك
  • مسيرات جماهيرية في المحويت تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بجرائم العدو الصهيوني في غزة
  • 12 مسيرة جماهيرية حاشدة في تعز تضامناً مع الشعب الفلسطيني ونصرةُ لغزة
  • حجة تشهد 50 مسيرة حاشدة وفاءاً للرسول الأعظم وتضامناً مع الشعب الفلسطيني