إن كنت من سكان حارة فرعون فليس بجديد عليك ما سأقول، وإن كنت من سكان حارات أخرى أو من الزائرين فثمة أشياء كثيرة كانت تجذبك لأنك لست من المقيمين: "حوض الماء الكبير.. اختلاف أشكال الأبنية.. المقاهي والمقابر.. وبائعي الورد والسميط.. والقيم والعادات وصور الذكريات.. والمجاذيب والتكيات والعشرة الدائمة مع مسببات وأسباب الفقر حتى صار بينه وبين سكان الحارة صداقات وأنساب كفت لسنوات مخالبة عنهم فلا هو يقتلهم ولا هم يقتلون أولادهم خشية إملاق، وكأنهم أقاموا فيما بينهم وبينه اتفاقا ووضعوا بنودا وحدودا للستر لا يتخطاه هو ولا هم".
في حارة فرعون ثمة صداقات عدة للمتضادات ففي نفس البيت تجد الفرح والشجون.. الحركة والسكون.. العقل والجنون، شئ واحد رفض النقيض وجار على حسبة جوار التضاد وصفد أوابده، إنه السجن.. في كل مكان، سجن حتى داخل نفوس أهل الحارة.. سجن يضيق ويتسع حسب الحالة المزاجية لشيخ للحارة لكنه لا يزول.
في كل مرة يموت فيها شيخ الحارة يتنفس أهلها الصعداء، ويخرجون ليلقون بعباءة الليل السوداء وحذائه المدجج بالرصاص ونبوته المطعم بالقهر في البحر، ويجلسون على شاطئ الحلم منتظرين الصبح.
مع أول ضوء يعود شيخ الحارة بوجه آخر، لكن بنفس العباءة والحذاء والنبوت، يدهس حلمهم الأخضر ليعبر، يكسر كل المصابيح ويخرص أصوات التسابيح ويعاقب المجاذيب لأنهم فرحوا حين مات وظنوا أنه لن يعود، وها هو قد عاد ليقطف سنوات عمرهم من على الجدران ويعيد ترتيب الأرقام، وينقض عهدهم مع الفقر ويمحو بنود وعقود الستر.
في حارة فرعون لا فرق الآن بين الحياة والموت، فقد ضاع ترتيب الحروف، فالجميع يلقي في بركة الأمل الميتة حجر النرد ومن يكسب يشرب الوهم أنه يعيش.. تعود الداء على طعم الدواء فبات العلاج بلا مفعول.
صمت كل شئ ورفعت أقلام الحكايات وجفت صحفها، ولم يبق سوى إعادة مضغ ما كان كعلقة ذاب سكرها ولم يبق غير مرها..
فيا أيها الزائر لم يبق من حارة فرعون غير اسمها وشيخها الفرعون.. مات فيها كل شئ إلا هو لا يموت.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شيخ الحارة
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي روسي سابق: الأزمة الأوكرانية جزء من إعادة ترتيب الأمن الأوروبي الأطلسي
أكد ألكسندر زاسبكين، الدبلوماسي الروسي السابق، أن الأزمة الأوكرانية لا يمكن فصلها عن الأوضاع الأمنية الأوسع في المنطقة الأورو-أطلسية، مشيرًا إلى أن المفاوضات بين موسكو وواشنطن يجب أن تركز أولًا على إقامة نظام أمني مشترك قبل البحث في القضايا الإقليمية الأخرى.
نفى زاسبكين، خلال مداخلة مع الإعلامية فيروز مكي، ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، وجود أي ترابط بين الحرب الأوكرانية والملف النووي الإيراني، رغم التكهنات التي تشير إلى احتمالية تأثير العلاقات الروسية-الإيرانية على مجريات المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، قائلاً إن كل قضية لها سياقها الخاص، وإن الحديث عن ربط الملفات لا يعكس الواقع الحقيقي للمفاوضات الجارية.
الصراع الأوكراني الروسيأوضح زاسبكين أن الحرب في أوكرانيا هي جزء من الصراع الأكبر حول الأمن في أوروبا، حيث تسعى روسيا إلى إعادة هيكلة الترتيبات الأمنية في المنطقة، وليس فقط حل النزاع الأوكراني بمعزل عن بقية القضايا، مؤكدًا أن الحوار الروسي-الأمريكي يجب أن يبدأ من هذه النقطة الأساسية، لأن الأجندة طويلة ومعقدة، لكنها تعتمد في جوهرها على إعادة التوازن الأمني بين روسيا والغرب.
تطرق زاسبكين إلى الاختلافات بين إدارتي الرئيس دونالد ترامب والرئيس السابق جو بايدن، مشيرًا إلى أن ترامب أقل التزامًا تجاه أوروبا وحلف الناتو، حيث يرى أن العبء الأمني يجب أن تتحمله أوروبا نفسها بدلًا من الاعتماد على واشنطن، بينما قبل ذلك كان هناك بوادر لتحولات في المعسكر الغربي، مما يتطلب من روسيا أن تعيد تقييم استراتيجيتها في مواجهة هذه التغيرات.
اختتم زاسبكين حديثه بالإشارة إلى أن روسيا تراقب التغيرات في مواقف الدول الأوروبية، خاصة مع تصاعد نقاشات داخل أوروبا حول مستقبل العلاقة مع الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن هذه المستجدات قد تؤثر على شكل المفاوضات القادمة، مما يستوجب وضوحًا في الرؤية الروسية حول التعامل مع الغرب خلال المرحلة المقبلة.