إسباغ الوضوء في شدة البرد.. أحكامه وكيفيته وهل تجوز الصلاة بجوار المدفأة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
إسباغ الوضوء في شدة البرد، من الأمور التي يكثر البحث عنها خاصة مع الطقس الشتوي البارد، حيث تعد الصلوات الخمس المكتوبة فرائض عظيمة يثاب المرء على أدائها في أوقاتها، وإسباغ الوضوء وتحسينه لها.
إسباغ الوضوء في شدة البردالوضوء شرط من شروط صحة الصلاة، وقد بين سيدنا النبي ﷺ فضل إسباغ الوضوء على المكاره، أي: المواضع التي يكره المرء إيصال الماء إليها؛ لشدة البرد مثلًا؛ فيقول ﷺ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».
ولا يجوز التيمم مع القدرة على استعمال الماء؛ وإن كان باردًا، إلا إذا خيف وقوع الضرر عند استخدامه، وتعذر تسخينه، فيباح التيمم للضرورة التي تُقدَّر بقدرها، كما فعل سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأقره سيدنا النبي ﷺ على ذلك.
كما يجب غَسل الرأس في الغُسل الواجب بإيصال الماء لفروته، وهذا عام للرجال والنساء، دون اشتراط فك المرأة لضفائرها فيه، ولا يجزئ المسح على أكمام الذراعين الضيقة عند الوضوء، بل تجب إسالة الماء على اليدين إلى المرفقين.
ولا حرج في تسخين الماء البارد؛ ليسهل استعماله في الوضوء؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. [الحج: 78]
كما أنه لا حرج في تجفيف مواضع الوضوء بعد غسلها، خاصة عند شدة البرد.
ومن يسر الشريعة الإسلامية أن شرعت مسح شعر الرأس في الوضوء لا غَسله، لطول بقاء أثر الماء على الشعر بخلاف باقي الأعضاء، ومع وجوب مسح الرأس في الوضوء؛ لم يشترط جمهور الفقهاء مسحه بالكلية؛ بل يجزئ الوضوء عندهم بمسح جزء من الرأس، كما يجوز استكمال المسح على عمامةٍ أو خمارٍ بعد مسح جزء من الرأس على المفتى به.
ومما رخَّص فيه الشرع الشريف المسح على الخفين وما شابههما عند الوضوء؛ تخفيفًا على المكلفين، بشروط وضوابط.
النشرة الدينية.. آية الاستجابة في القرآن ذا النون.. هل يجوز للفتاة الزواج من تارك الصلاة؟ هل يجوز للفتاة الزواج من تارك الصلاة؟.. أزهري يجيب حكم الصلاة قرب المدفأةكما ينبغي على المسلم أن يُقبل على أداء الفريضة في خشوع وسكينة، وأن يتخذ من الأسباب ما يعينه على ذلك.
ومن أوقد نارًا بغرض التدفئة، وكان مَوقِدُ النار في جهة قبلته، وصلى؛ صحت الصلاة دون حرج، على قول جماهير العلماء، إلا أن بعض الفقهاء كرهوا أن يجعلها المصلي أمامه؛ لأن أناسًا اتخذوها من دون الله؛ قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: (ويكره أن يصلى إلى نار). [المغني]، والاحتياط للعبادة أولى. إن كان للمسلم حاجة في وضع موقد النار أمامه كمراقبة النار واتقاء أذاها، أو نشر الدفء؛ سيما الذين يعملون في الحراسات ليلًا؛ فعلة الكراهة منتفية في هذه الحالة.
كما أن المدفأة الكهربائية ليست نارًا ولا يَصْدُق عليها كلام بعض الفقهاء عن حكم الكراهة المذكور، ويجوز للمسلم أن يُصلي واضعًا المدفأة الكهربائية أمامه في حال البرد الشديد دون حرج؛ سيّما إذا كان هذا أدعى لتحصيل الخشوع والاطمئنان في الصلاة.
شروط المسح على الخفين في الشتاءوفي أيام الشتاء الباردة يمكن للمسلم إذا ارتدى خُفَّين أن يمسح على رجليه في الوضوء بدل غَسلهما، وإذا أراد المسلم المسح على خُفَّين في الوضوء عليه مراعاة الشروط الآتية:
- أن يرتدي خفَّيه بعد وضوء كامل، غَسل فيه رجليه إلى الكعبين.
- أن يكون الخفَّان طاهرين خاليين من النجاسة.
- أن يكونا مُباحين فلا يصح المسح على خفٍّ مسروق أو مصنوع من حرير للرجل مثلًا.
- أن يكونا ساترين لمحل الفرض، أي: لا بد أن يُغطيا الكعبين، وعليه؛ فإن ارتدى المسلم خُفًّا قصيرًا لا يُغطي عظمة قدمه البارزة لم يصح المسح عليه.
- أن يكونا سميكين لا يوصلان الماء إلى بشرة جلد القدمين. يُلحق بالخفين ما اتصف بصفتهما، وتوافرت فيه شروط المسح المذكورة، مثل: الجورب السميك، وحذاء «البوت» ونحوه. إذا كان الجورب أو الحذاء قصيرًا لا يغطي موضع الوضوء من القدم؛ فلا يجوز المسح عليه.
وإذا أراد المسلم المسح على الخفين أصاب من الماء بيديه، ثم مسح بيده اليمنى ظاهر قدمه اليمنى، من الأصابع إلى الساق مرة واحدة، دون أن يمسح على باطنها أو عقبها، ثم فعل بيده اليسرى على قدمه اليسرى مثل ذلك.
وللمقيم (أي غير المُسافر) أن يمسح على خفيه يومًا بليلة، ويبدأ حساب المدة من أول حدث بعد الوضوء الذي غسل فيه رجليه، وينتهي في الميعاد نفسه من اليوم التالي.
ويرخص للمسافر أن يمسح ثلاثة أيام بلياليهن، وتبدأ مدة المسح من أول حدث إلى الميعاد نفسه من اليوم الرابع، فقد «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ». [أخرجه مسلم] يبطل المسح إذا تمت مدته المحددة شرعًا، أو إذا أصابت المسلمَ جنابة مُوجِبة للغسل.
ولا يُنقض الوضوء بنزع الخفين أو الحذاء الممسوح عليهما -على المُفتى به-، لكن لا يجوز لبسه والمسح عليه مرة أخرى إلا بعد غَسل القدمين؛ لأن نزعه يبطل المسح لا الوضوء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسح على الخفين المسح على شدة البرد فی الوضوء ی الوضوء
إقرأ أيضاً:
5 حلول عملية للمداومة على الصلاة
في بث مباشر عبر صفحتها الرسمية، أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال من أحد المتابعين حول صعوبة الانتظام في الصلاة، حيث أشار السائل إلى أنه أحيانًا يؤديها بانتظام وأحيانًا يتركها تمامًا.
أهمية الصلاة وعظمتهارد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، مؤكدًا أن الصلاة هي عماد الدين، وتركها يعد من أعظم الكبائر.
وأوضح أن الشعور بحلاوة الصلاة يبدأ من استشعار عظمة الوقوف بين يدي الله، مشيرًا إلى أن الصلاة ليست مجرد أداء واجب بل هي وسيلة للتقرب من الله وتجديد الروح.
واستشهد بقول الإمام أبو يزيد البسطامي: "إنكم عبدتم العبادة، ولو عبدتم الله لوجدتم لذة العبادة"، مؤكدًا أن الحل يكمن في تغيير النظرة إلى الصلاة من واجب شكلي إلى عبادة حقيقية تُعزز العلاقة بالله.
الصلاة في أول وقتهاأشار مجمع البحوث الإسلامية إلى أهمية أداء الصلاة في وقتها، مستشهدًا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاة على أول وقتها"، موضحًا أن الالتزام بمواقيت الصلاة يعزز الانتظام بها ويحولها إلى عادة راسخة.
خطوات عملية للمداومة على الصلاةقدمت دار الإفتاء مجموعة نصائح للمساعدة على الالتزام بالصلاة:التجاوب مع الأذان فور سماعه: الاستعداد للصلاة فور سماع الأذان دون تأجيل.الربط بين الصلاة والراحة النفسية: تعميق الشعور بالطمأنينة الناتجة عن أداء الصلاة، وتحويلها إلى دافع دائم.متابعة البرامج الدينية: متابعة محتوى ديني يحفز على أهمية الصلاة وفضلها، لتجديد العزيمة.غرس حب الصلاة في الأبناء: تشجيع الأطفال على الصلاة منذ الصغر ليعتادوا عليها كجزء أساسي من حياتهم.اختيار الصحبة الصالحة: مرافقة أصدقاء ملتزمين بالصلاة يساعد على الاستمرار، عكس صحبة تاركيها.التوبة والانتظام في الصلاةأكدت دار الإفتاء أن الانتظام في الصلاة لا يقتصر على كونه فرضًا دينيًا، بل هو علاقة روحية خاصة تمنح التوازن لحياة المسلم. ودعت إلى التوبة الصادقة والاجتهاد في أداء الصلاة بخشوع لتصبح مصدرًا للراحة والسعادة في الحياة.
عجائب قيام الليل ودعائه في الشتاء.. فرصة لا تتركها
مع انخفاض درجات الحرارة تبرز روعة قيام الليل وصلاة الفجر في هذا البرد الشديد كعبادة عظيمة وفضل لا يُدركه إلا العابدون، نستعرض في التالي ما ورد عن فضل هذه الأوقات، حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ينادي عباده ويستجيب لدعائهم حتى يؤذن للفجر، فتُرفع أعمال المصلين إليه.
قيام الليل في ليالي الشتاء الباردة
وصف النبي ﷺ الشتاء بأنه "ربيع المؤمن". فقد ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: "الشتاء ربيع المؤمن" (رواه البيهقي). وفي حديث آخر عن الترمذي، قال النبي ﷺ: "الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة".
أما عن فضل قيام الليل في هذا البرد القارس، فقد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إن الله ليضحك إلى رجلين: رجلٌ قام في ليلةٍ باردة من فراشه ولحافه فتوضأ، ثم قام إلى الصلاة. فيقول الله عز وجل لملائكته: ما حمل عبدي هذا على ما صنع؟ فيقولون: ربنا! رجاء ما عندك، وشفقةً مما عندك. فيقول: فإني قد أعطيته ما رجا وأمنته مما يخاف".
فضائل قيام الليل في الشتاء
قيام الليل عبادة عظيمة حثّ عليها الإسلام، كما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا). وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".
ويقول الحافظ ابن رجب: "الليل الطويل في الشتاء يمنح الإنسان وقتًا كافيًا للنوم والقيام معًا. فيمكن للمصلي أن يقرأ ورده من القرآن كاملًا بعدما أخذ حظه من الراحة."
أقوال السلف عن الشتاء وقيام الليل
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "مرحبًا بالشتاء؛ تنزل فيه البركة، يطول ليله للقيام، ويقصر نهاره للصيام."
وقال الحسن البصري: "نِعَم زمان المؤمن الشتاء؛ ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه."
وكان عبيد بن عمير يقول عند دخول الشتاء: "يا أهل القرآن، طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا."
رأي العلماء في فضل الصلاة في البرد الشديد
أوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الاستمرار على صلاة الفجر وقيام الليل في البرد القارس يمثل ثباتًا على الطاعة وشعورًا بلذة العبادة. وأضاف خلال حديثه في برنامج لعلهم يفقهون أن الطاعة في جميع فصول السنة هي تعبير عن الالتزام، حيث يقول الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
وأكد أن العبادة تُثبت المؤمن وتمنحه السعادة، بغض النظر عن الأحوال الجوية. فكما نصوم شهر رمضان في جميع فصول السنة، كذلك نقوم الليل في كل الظروف، في إشارة إلى استمرارية الإخلاص والطاعة لله دون الالتفات للعوامل الخارجية.
استثمر ليالي الشتاء الطويلة، واجعل قيام الليل وصلاة الفجر زادًا لك في الدنيا والآخرة، فهذه هي الغنيمة الباردة التي ينالها المؤمن بقليل من الجهد، لكنها تعود عليه بفضل عظيم وأجر كبير.