لجريدة عمان:
2025-02-03@20:51:51 GMT

عرب أمريكا اللاتينية والقضية الفلسطينية

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

أظهرت الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة مواقف الدول الحرة ذات السيادة القادرة على التعبير واتخاذ المواقف السياسية تجاه الكيان الصهيوني، ففي أمريكا اللاتينية التي يهيمن عليها اليسار الجديد قطعت العديد من الدول علاقاتها بإسرائيل وسحبت سفراءها، وهو ما لم نجده في مواقف الدول العربية والإسلامية المُطبعة مع الكيان الغاصب.

تدل مواقف دول أمريكا اللاتينية في بوليفيا وكولومبيا وتشيلي على سيادة تلك الأنظمة وخروجها على الهيمنة الأمريكية التي سُمّيت بجمهوريات الموز نتيجة لتحكم الشركات الأمريكية في دول أمريكيا اللاتينية والسيطرة على ثرواتها الطبيعية، ولكن عصا الطاعة شقته الشعوب التي عانت من الأحزاب التابعة للولايات المتحدة ومن سياساتها المفرطة في التحكم بمصائر المجتمعات وحرياتها.

إن تعاطف الدول اللاتينية مع القضية الفلسطينية لا يرجع إلى وجود الجاليات العربية التي هاجرت إلى الأمريكيتين هربا من تسلط العُثمانيين، بل يرجع الفضل إلى استعادة الشعوب حريتها وعافيتها.

أعادني مواقف بعض الدول اللاتينية إلى سلسلة من الأفلام الوثائقية التي بثتها قناة «الجزيرة» سنة 2006م، إذ أنتجت شركة (هوت سبوت) مجموعة حلقات مكونة من 26 فيلمًا صُورت في الأرجنتين وتشيلي وفنزويلا والإكوادور وبنما وهندوراس وكوستاريـكا، كتب عنها الصحفي أمجد ناصر (1955-2019) في صحيفة القدس العربي «وأنا أشاهد واحدًا من أفضل برامج الجزيرة الوثائقية، عرب أمريكا اللاتينية، في حلقة خُصصت لثلاثة شعراء من أصول عربية، قال شاعر كوستاريكي منحدر من عائلة صوما اللبنانية: إن العرب يشكلون اليوم طليعة القوة البشرية التي تتصدى لأعتى جبروت استعمـاري». اليوم لا يقف الإنسان الفلسطيني أمام أقذر استعمار صهيوني، بل لقد كُشف النفاق الدولي وأكذوبة حقوق الإنسان والقانون الدولي وزيف المواثيق والمعاهدات، فالفلسطيني يتعرض اليوم لإبادة جماعية أمام أنظار العالم وعلى مسمعه، فهل سينتظر إلى أن يفنى آخر فلسطيني حتى تُكتب له الحياة والكرامة؟ وهو الآن، أي الفلسطيني، الإنسان الوحيد المحروم من العودة إلى أرضه ووطنه. يقول مهاجر فلسطيني يعيش في هندوراس وحاول زيارة فلسطين ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تسمح له بالزيارة: «وجع بأحكي لكم يعني وطني وبلدي ومولود فيه وكل شيء ولا أستطيع أروح عليـه». ومع ذلك يحاول الفلسطيني في الغربة التمسك بثقافته العربية، فقد قالت فيكتوريا سليمان العرجا المهاجرة الفلسطينية إلى هندوراس: «أول شيء حافظنا على العادات العربية في عيد الميلاد، إيش نعمل، في العيد الكبير نعمل الكـورال، صاروا الناس يقولون بدنا نروح على الكنيسة العربية، مش يقولوا الكنيسة الأرثوذكسية... العربية».

في هندوراس أيضا تم تأسيس نادٍ للعرب لجمع بقية المهاجرين وليكون مكانَ تعارفٍ بين العائلات. يقول أحد المشاركين في حلقة (عرب هندوراس) «لكي نرفع اسم العرب أسسنا أنا وزوجتي نادي العرب ولدينا تقريبا 1600 شريك في النادي، ومع بعض الخسائر إلا أننا عازمون على بقاء النادي لرفع اسم العرب والعائلة إلى أبد الآبدين».

تشعرنا الروح العربية الحرة في أمريكا اللاتينية بأنها جزء من القرار السياسي المتخذ حيال الجريمة المرتكبة من الصهاينة في غزة، وأن أبناء الأمة العربية في أمريكا الجنوبية يمثلون قوة في القارة تنتصر للحق العربي وتسهم في كشف صورة الاحتلال البغيض للأراضي العربية.

إن خذلان الأنظمة العربية والإسلامية للشعب الفلسطيني عار لا تطهره مياه المحيطات، ولا تمحوه الشعارات المرفوعة من دعاة الاستسلام، فالدم المسفوك يوميا في غزة والأرواح التي تُزهق كل ساعة لم تُحرك أي شعور لدى من يصافح الصهاينة ويثق بهم أكثر من أبناء وطنه وديانته. ومع الضعف والهوان وقلة الحيلة التي نعيشها، نشهد صحوة الضمائر الحرة في كل المدن والشوارع وهي تحاول رفع الظلم عن أهل غزة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أمریکا اللاتینیة

إقرأ أيضاً:

جعل أمريكا عظيمة مجددا عبر الشعب الفلسطيني عرقيا

تعكس تعليقات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول مكالمته مع ملك الأردن واقتراحه بأن تستقبل الأردن الفلسطينيين، جهلا واضحا بطبيعة القضية الفلسطينية والتاريخ السياسي للمنطقة، إذ فشل ترامب في فهم أن الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى الأردن كانوا في الأصل مواطنين أردنيين من الضفة الغربية، التي كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية قبل الاحتلال الإسرائيلي، وعندما حدث الاحتلال، تم تهجيرهم قسرا إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن، التي تُعرف الآن باسم الأردن.

لم تكن تصريحات ترامب مجرد ملاحظة عابرة؛ بل كانت جزءا من استراتيجية أمريكية أوسع لدعم التطهير العرقي الإسرائيلي، التي بدأها سلفه جو بايدن، وهي مهمة فشل الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذها بالكامل عبر القوة العسكرية. وقد أوضح ترامب أنه ناقش الأمر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول استقبال حوالي 1.5 مليون فلسطيني (حوالي 70 في المئة من سكان قطاع غزة)، مما يؤكد أنه كان عازما على تنفيذ هذه الخطة الإجرامية، بغض النظر عن مصالح حلفائه العرب، بل وحتى القانون والمنظمات الدولية. وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة ليست مجرد داعمة لإسرائيل، بل شريكا فاعلا وجريئا في سياساتها التوسعية العدوانية وجرائمها ضد الإنسانية.

هذا يؤكد أن الولايات المتحدة ليست مجرد داعمة لإسرائيل، بل شريكا فاعلا وجريئا في سياساتها التوسعية العدوانية وجرائمها ضد الإنسانية
ومن المفارقات أن ترامب، الذي يتبنى سياسة منع وتقييد الهجرة إلى الولايات المتحدة، رغم أن أمريكا نفسها بلد بُنِيَ على أيدي المهاجرين بما في ذلك عائلته، يريد طرد السكان الفلسطينيين الأصليين من أرض أجدادهم لصالح المهاجرين اليهود والسماح بتوسيع دولتهم الفاشية العنصرية العنصرية الفصلية على هذه الأرض.

ترامب ليس استثناء في هذه الاستراتيجية المجنونة، كما ذكرت سابقا، فمنذ البداية، دعمت الولايات المتحدة إسرائيل دبلوماسيا في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وقانونيا عبر تهديد المحكمة الجنائية الدولية وتجريم أعضائها، واقتصاديا بضخ مليارات الدولارات في إسرائيل (رغم الأزمات الاقتصادية داخل الولايات المتحدة، مثل حرائق كاليفورنيا التي كشفت عن ضعف البنية التحتية للبلاد). وعسكريا، نشرت واشنطن حاملات طائرات وغواصات نووية، وزودت إسرائيل بأحدث الأسلحة الفتاكة، مثل القنابل الذكية التي تزن 2000 رطل، والتي تُستخدم عادة ضد التحصينات العسكرية ولكنها استُخدمت لاستهداف البنية التحتية المدنية، ناهيك عن توفير الدعم الاستخباراتي والإرشاد العسكري.

علاوة على ذلك، لعبت واشنطن دورا رئيسيا في التلاعب الإعلامي، ساعية إلى تشويه الحقائق وإخفاء جرائم إسرائيل، مثل قصف البنية التحتية المدنية والرضع حديثي الولادة، وتبني الدعاية الإسرائيلية بالكامل، سواء عبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو حتى الرئيس بايدن نفسه. وبعد وقف إطلاق النار، ظهرت أدلة واضحة على أن إسرائيل كانت تخطط منذ البداية لطرد سكان غزة قسرا عبر تدمير مستشفياتهم وجامعاتهم وطرقهم وشبكات المياه والكهرباء ومدارسهم وأسواقهم بشكل منهجي دافعة السكان جنوبا، بينما تروج في الوقت نفسه لشراء الأراضي في غزة كما لو كانت المنطقة خالية من سكانها الشرعيين.

اليوم، لم يعد التهجير القسري للفلسطينيين مجرد نظرية مؤامرة، بل سياسة إسرائيلية أمريكية صريحة تتناقض صراحة مع القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. وهذا يكشف عن ازدواجية المعايير التي تعرضت لها الولايات المتحدة وحلفاؤها لانتقادات عالمية
لم يكن هذا مجرد وهم تروجه الصهيونية المتطرفة، بل سياسة رسمية مدعومة من إدارة ترامب، التي تعاملت مع القضية الفلسطينية على أنها مجرد صفقة عقارية. ولم تكن صفقة ترامب المزعومة (صفقة القرن) سوى تحقيق لأحلام نتنياهو الفاشية، محاولة ابتزاز الدول العربية لتمويل الازدهار الاقتصادي للفلسطينيين مقابل تخليهم عن تطلعاتهم الوطنية. وقد تم الترويج لهذه الفكرة بقوة من قبل السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل ديفيد فريدمان وصهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي صرح علنا بأن الفلسطينيين غير قادرين على حكم أنفسهم.

شجعت مثل هذه السياسات المتطرفين اليهود على تصعيد هجماتهم على المسجد الأقصى وتوسيع المستوطنات غير القانونية، مستهدفين السكان الفلسطينيين المحليين في الضفة الغربية، مما أثار مقاومة فلسطينية. وفي الوقت نفسه، واجهت الدول العربية والإسلامية ضغوطا أمريكية هائلة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، متجاهلة تماما مبادرة السلام العربية ومعززة شعور الفلسطينيين بالتخلي عنهم دون حلول سياسية مجدية.

كل هذه العوامل أدت إلى أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر؛ وهي نتيجة مباشرة للسياسات التي دافع عنها ترامب. فسياساته، على عكس معتقداته، لا تُطفئ الحروب بل تخلق الفوضى والاضطرابات السياسية والحروب الإقليمية.

اليوم، لم يعد التهجير القسري للفلسطينيين مجرد نظرية مؤامرة، بل سياسة إسرائيلية أمريكية صريحة تتناقض صراحة مع القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. وهذا يكشف عن ازدواجية المعايير التي تعرضت لها الولايات المتحدة وحلفاؤها لانتقادات عالمية، مما أضر بمصداقيتهم ومكانتهم الدولية.

وهكذا، بينما تفاخر ترامب بـ"جعل أمريكا عظيمة مجددا"، فإن أفعاله ساهمت في الواقع في تشويه صورتها وسمعتها. ومع ذلك، فإن الشعب الفلسطيني -الذي صمد أمام المذابح والاحتلال- لن يتأثر بتصريحات ترامب الجوفاء. وسيظل صموده شهادة على أن السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية لم تضر الفلسطينيين فحسب، بل كانت كارثية على مكانة أمريكا نفسها في العالم.

(تمت ترجمة المقال من اللغة الإنجليزية عن موقع ميدل إيست مونيتر)

مقالات مشابهة

  • جعل أمريكا عظيمة مجددا عبر الشعب الفلسطيني عرقيا
  • الجامعة العربية تبحث مكافحة التجنيد الإرهابي للأطفال بالألعاب الإلكترونية
  • رئيس كوبا : الضغط الأمريكي على المكسيك يهدد استقرار أمريكا اللاتينية
  • مقررة أممية مصدومة من قلة تدخل الدول العربية في القضية الفلسطينية
  • مقررة اممية “مصدومة” من قلة تدخل الدول العربية في القضية الفلسطينية
  • مفررة اممية مصدومة من قلة تدخل الدول العربية في القضية الفلسطينية
  • بمشاركة 15 دولة.. "المرشدين العرب" يعقد مؤتمره السنوي "الوعي والهوية العربية"
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: مصر والقضية الفلسطينية .. موقف ثابت في مواجهة التحديات
  • برلماني: بيان وزراء الخارجية يعكس حرص الدول العربية على دعم الشعب الفلسطيني
  • بيان عربي مشترك: لا لتهجير الشعب الفلسطيني.. وتأكيد قيام الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني