المنتدى الأدبي.. ومرحلة البحث وإنتاج المعرفة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
14 نوفمبر 2023م.. مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق أعزّه الله يتفضل بافتتاح دور الانعقاد السنوي الأول لمجلس عمان في دورته الثامنة، وفي خطابه السامي الذي ألقاه بهذه المناسبة الوطنية رسم توجهات الدولة للمرحلة القادمة، ومما ورد فيه اهتمامه بالمراكز البحثية: (إننا إذ ننظر إلى المؤسسات التعليمية، والمراكز البحثية والمعرفية بجميع مستوياتها، على أنها أساس بنائنا العلمي والمعرفي، ومستند تقدمنا التقني والصناعي؛ لنؤكد على استمرار نهجنا الداعي إلى تمكين هذا القطاع، وربط مناهج التعليم بمتطلبات النمو الاقتصادي، وتعزيز الفرص لأبنائنا وبناتنا، متسلحين بمناهج التفكير العلمي، والانفتاح على الآفاق الرحبة للعلوم والمعارف، وموجهين طاقاتهم المعرفية والذهنية إلى الإبداع والابتكار والتطوير؛ ليصبحوا أسساً للاستثمار الحقيقي وقادة للتطوير الاقتصادي).
المنتدى الأدبي.. أحد المراكز المعرفية والبحثية التي اهتم بها جلالته منذ عقدين، وهو مستمر في التطور: بناءً على «التوجه الاستراتيجي لرؤية عمان 2040»، كما جاء في «التقرير السنوي.. قطاع الثقافة 2022» لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، بتحديد سمات المجتمع الذي ينشده هذا التوجه، بأنه (مجتمع متمكن من تقييم المعرفة، ونقدها وتوظيفها وإنتاجها ونشرها، مجتمع أفراده يتصفون بالمسؤولية، مدركون لحقوقهم. ومنظومة شراكة مجتمعية مؤسسية تكاملية؛ تعزز الهوية والمواطنة والترابط الاجتماعي). ووفقاً «للاستراتيجية الثقافية 2021-2040م»، التي ركزت على (الإبداع والتطوير الثقافي بتمكين وتعزيز الإنتاج الثقافي المبني على التجدد والإبداع والابتكار في السلطنة، وتنظيم وتطوير وتهيئة البيئة المناسبة للإبداع... وعلى تأصيل الهوية الثقافية الوطنية... وتفعيل دور الدور الثقافي للمؤسسات الأهلية وتشجيع إنشاء مبادرات ثقافية لترسيخ منظومة الشراكة المجتمعية. وتهيئة البيئة المناسبة للحراك الثقافي في مختلف محافظات السلطنة... وعلى التواصل الثقافي بإبراز دور السلطنة في خارطة الثقافة العالمية، وتحقيق الشراكة مع المؤسسات المحلية والدولية في المجالات الثقافية).
المنتدى.. تأسس بأوامر سامية في: 15/ 12/ 1985م، (اهتماماً من جلالة السلطان قابوس-طيّب الله ثراه- بالآداب من شعر وقصة ومقال وغيرها، وتشجيعاً للحركة الأدبية كي تتمكن من مواكبة النهضة التي تشهدها السلطنة في مختلف المجالات، ورغبة في توفير الجو الثقافي المناسب للشعراء والأدباء العمانيين الذي يحفزهم إلى تطوير ملكاتهم وإتاحة فرص الإبداع الأدبي لهم).
مرَّ المنتدى بطوره الأول في عهد السلطان قابوس؛ فأدى رسالته على أكمل وجه، والآن يصنع طوره الثاني في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق أدام الله مجده؛ بروح جديدة تتوثب نحو مستقبل أجمل وعطاء أفضل، مواكباً التحولات الثقافية التي يمر بها العالم في العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، ليصبح بيت خبرة يرفد المؤسسات العلمية والثقافية والباحثين بدراسات علمية موضوعية محكمة.
أخذ المنتدى الأدبي على عاتقه في طوره الثاني ألا ينسى منجزاته السابقة؛ فسلك للحفاظ عليها مسلكين: الأول.. البناء على المشاريع القائمة؛ لاسيما في الجانب البحثي كمشروعَي: «المدن عبر التاريخ» و«قراءات في فكر الأعلام»؛ اللذين أنجز منهما 50 دراسة معمقة عن مدننا العمانية ومنجزاتها الحضارية، وشخصيات علمائنا وما أثّلوه من علم وفكر. الثاني.. توثيق الأعمال العلمية التي قدمت خلال ذلك الطور، وتمكينها للمؤسسات العلمية والثقافية وللباحثين والقراء؛ ورقياً ورقمياً.
الطور الثاني.. ابتدأ بتوجيه من جلالة السلطان -حفظه الله- عام 2015م؛ بتطوير المنتدى ليكون مؤسسة ثقافية رائدة على مستوى المنطقة، فقدم رؤية متكاملة بهيكلتها وأهدافها واختصاصاتها، مع بُنية مؤسسية شاملة لتحقيق ذلك، ولما استوى جلالته على العرش، وابتدأت عمان نهضتها المتجددة؛ أعيدت هيكلة الجهاز الإداري، فكان نصيب الثقافة وافراً، حيث عُيّن صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم وزيراً للثقافة والرياضة والشباب، فقدم المنتدى رؤية جديدة لم تبتعد عن السابقة كثيراً، وإنما ضبطت صياغتها بما تتوافق مع «رؤية عمان 2040».
الرؤية الجديدة.. تقوم على ديناميكية العمل الثقافي، وتجنب الوقوع في الفتور والتكرار اللذين تصاب عادة بهما المؤسسات، وقد تحددت رسالة المنتدى بأن يكون بيت خبرة وطنيا في الحضارة والثقافة العمانية، من خلال توظيف الإمكانات البشرية والبرامج العلمية والمناهج البحثية، وإعداد جيل مثقف واعٍ بقيمه الوطنية وعمقه الحضاري. والمنتدى.. يركز على ثلاثة عناصر أساسية: الإنتاج العلمي في المجالات الحضارية والثقافية، وإعداد باحثين ومتخصصين فيها، والتطوير المستمر للعمل والنهوض بالموظفين في المنتدى نفسه.
المنتدى الأدبي.. خلال مرحلته الأولى من طوره الثاني عمل على تطوير بُنيته الأساسية، بوضع رؤيته والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، كتأصيل المنهج العلمي في حقول البحوث الحضارية والدراسات الثقافية. وإبراز مكونات الحضارة العمانية بأسلوب منهجي رصين، وحفظها من التعدي والتشويه. وعمل ببلوجرافيا بالإنتاج الحضاري العماني المكتنَز داخل عمان والمتوزع خارجها، وتبويبه وتوصيفه، وعمل الدراسات حوله. والحصول على الاعتماد المؤسسي. والمساهمة في تنشيط الحراك الثقافي الوطني من خلال الفعاليات والمناشط. وإيجاد التوازن بين الإنتاج الثقافي المتزايد والبحوث العلمية الرصينة. وتكوين نخبة من الباحثين العمانيين القادرين على رصد الظواهر الحضارية والثقافية، ودراستها بالمناهج العلمية وتقديم خلاصتها البحثية للجهات المهتمة بذلك. ودعم وتشجيع الباحثين المتمكنين من الأدوات البحثية في مجالات الحضارة والثقافة، وتوفير المناخ الملائم لهم للعطاء والإنتاج. ومد جسور التواصل والتعاون مع المؤسسات البحثية والجامعية والمراكز العلمية ذات الاهتمام المشترك داخل سلطنة عمان وخارجها.
خلال العامين المنصرمين.. أنجز المنتدى أعمالاً نشرت في كتب ودراسات، وقدم ندوات وورشاً علمية، بعضها أقيم فيه، وأغلبها أقيم خارجه؛ في مختلف المحافظات، بالشراكة مع المؤسسات التي تعنى بجوانب الثقافة والحضارة كالجامعات والكليات والمراكز الثقافية والمكتبات. وأسند إليه إصدار مجلة «ثقافة»؛ فشهدت تطوراً ملحوظاً؛ وأصبحت تعنى بالثقافة؛ رصداً وتحليلاً وترجمة. ويكتب فيها كُتّاب متخصصون؛ عمانيون وعرب، وعلى رغم صغر عمرها إلا أنها أصبحت مصدراً معرفياً مقصوداً من الباحثين والمهتمين بالثقافة؛ محلياً وعربياً.
المنتدى الأدبي.. يستعد لمرحلته الثانية بتهيئة أربعة ملفات أساسية:
ملف المبنى: يأتي في سياق إعداد الخرائط لمجمع عمان الثقافي، وللمنتدى فيه مقر خاص، وقد أشرفت رئاسة المنتدى على وضع المتطلبات اللازمة على خرائط المجمع، بما يتطلع إليه من أدوار يقوم بها تتواكب مع «رؤية عمان 2040».
الملف العلمي: يسعى إلى وضع معجم للمؤلفين والأكاديميين والباحثين المتخصصين في الشأن الثقافي، وإلى ضم نخبة منهم إلى المنتدى، ليتمكن من إنجاز بحوث أكثر عمقاً، وليشارك بهم في المؤتمرات والندوات العملية في السلطنة وخارجها. ويسعى إلى الاعتماد الأكاديمي لتكون أعماله محكَّمة، وفي خطته المستقبلية إصدار: مجلة محكمة للبحوث الثقافية والحضارية، ومجلة لمصادر المعلومات الحضارية.
الملف الرقمي والإعلامي: يُعنى بوضع بُنية رقمية، قائمة على الاستفادة من العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، لتوثيق أعماله، ووضع تطبيقات رقمية لذلك، بقصد حفظها وتمكينها للبحث العلمي، وللباحثين والمتخصصين، وتشييد ملف إعلامي مقتدر لبث أعمال المنتدى، وتمكينها للإعلام الرقمي.
ملف الاستثمار: كما طوّر المنتدى بُنيته في الإنتاج العلمي؛ فإنه كذلك أخذ في حسبانه أن يكون له مصدر مالي يوسع به أنشطته في المستقبل، بل ويعمل على الاستثمار في المعرفة والاقتصاد البنفسجي من خلال منظومة العالم الرقمي وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وهذا من أهم أولوياته.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المنتدى الأدبی جلالة السلطان
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره الماليزي تعزيز التعاون في البحث العلمي والابتكار
استقبل الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مساء أمس، الدكتور زامبري عبد القدير وزير التعليم العالي في دولة ماليزيا، والسفير محمد تريد سفيان السفير الماليزي بالقاهرة، والوفد المرافق لهما، وذلك بمبنى التعليم الخاص بالقاهرة الجديدة، في إطار زيارة وزير التعليم العالي الماليزي لمصر للمشاركة في القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي التي تُعقد في العاصمة الإدارية الجديدة.
التعاون بين مؤسسات التعليم العالي المصرية والماليزيةوأكد الدكتور أيمن عاشور عمق العلاقات التي تجمع بين مصر وماليزيا، خاصة في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرا إلى أن هذه العلاقات تتميز بالطابع الإيجابي والتعاون المثمر، ما يجعلها ركيزة أساسية للعلاقات الثنائية بين البلدين، لافتًا إلى أن اللقاء يُعد فرصة هامة لبحث سُبل التعاون بين مؤسسات التعليم العالي المصرية والماليزية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي والابتكار، بما يسهم في تحقيق تطلعات البلدين نحو التقدم والتطور في هذه المجالات.
وأشار إلى دعم الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، موضحًا الإنجازات التي تحققت مؤخرًا، مثل التوسع في الإتاحة، وتطوير البنية التحتية، وتحديث البرامج الدراسية لتناسب سوق العمل، كما لفت إلى تنوع منظومة التعليم العالي بين الجامعات الحكومية، والخاصة، والأهلية، وأفرع الجامعات الدولية، مع التركيز على التعليم الفني والتكنولوجي من خلال الجامعات التكنولوجية لتلبية احتياجات سوق العمل، مشيرًا إلى جهود مصر في دعم الابتكار والبحث العلمي لخدمة الاقتصاد الوطني عبر المبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية».
خدمات مميزة للطلاب الوافدينوأضاف أن الوزارة تقدم خدمات متميزة للطلاب الوافدين عبر منصة «ادرس في مصر»، مع حرصها على تذليل كل الصعوبات أمام الطلاب الماليزيين في الجامعات المصرية.
كما أشار إلى المبادرة الرئاسية «بنك المعرفة المصري» ودوره البارز في تعزيز البحث العلمي في مصر، والارتقاء بتصنيف الجامعات والمؤسسات البحثية المصرية على المستويين الإقليمي والدولي، بفضل احتوائه على مصادر ثقافية ومعرفية وبحثية تدعم التعليم والبحث العلمي، مؤكدًا أهمية البنك في دعم الجهود البحثية المشتركة بين مصر وماليزيا، معربًا عن تطلعه لتعزيز التعاون مع ماليزيا، والاستفادة من الخبرات المتوفرة لديها في مجال إتاحة وتصدير المعرفة، وبناء الكوادر، وتوفير خدمات المعرفة.
وخلال الاجتماع، تم بحث سبل تعزيز التعاون بين مصر وماليزيا في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، بما في ذلك زيادة أعداد الطلاب الماليزيين الدارسين في الجامعات المصرية، وتعزيز التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية في البلدين، كما تم مناقشة مستجدات إنشاء فرع لجامعة الإسكندرية في ماليزيا، بالإضافة إلى زيادة التبادل العلمي في مجالات التعليم التكنولوجي والطبي ومد الشراكات البحثية بين الدولتين.
كما تم مناقشة إمكانية توقيع بروتوكول تعاون لإنشاء مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في ماليزيا بالتعاون مع الأزهر الشريف، وتعزيز التعاون في الاستثمار بالتعليم العالي، ومنح الدرجات العلمية المشتركة، فضلاً عن تطوير برامج دراسية تدريبية تلبي احتياجات سوق العمل، وتشجيع تبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
تبادل الخبرات والممارسات المثلىكما تناول اللقاء أهمية تبادل الخبرات والممارسات المثلى في تعظيم الدور الاقتصادي للجامعات والمراكز البحثية من خلال تقوية الروابط مع الصناعة ورواد الأعمال لنقل التكنولوجيا وتحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات تجارية تنافسية.